الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو قال لها اختاري نفسك فقالت اخترت تقع واحدة بائنة، لأن كلامه مفسر، وكلامها خرج جوابا له فيتضمن إعادته. وكذا لو قال اختاري اختيارة فقالت قد اخترت، لأن الهاء في الاختيارة تنبئ عن الاتحاد، والانفراد واختيارها نفسها هو الذي يتحد مرة ويتعدد أخرى فصار مفسرا من جانبه. ولو قال لها اختاري فقالت اخترت نفسي يقع الطلاق إذا نوى الزوج، لأن كلامها مفسر، وما نواه الزوج من محتملات كلامه. ولو قال اختاري فقالت أنا أختار نفسي فهي طالق، والقياس أن لا تطلق، لأن هذا مجرد وعد ويحتمله،
ــ
[البناية]
للسابق. وإن قالت أو زوجي أو عمي بطل. ولو قال لها اختاري فقالت طلقت نفسي تقع بائنة. وفي البدائع قال لها اختاري فقالت اخترت الطلاق يقع واحدة رجعية.
[قال لها اختاري نفسك فقالت قد اخترت]
م: (ولو قال لها اختاري نفسك فقالت قد اخترت يقع واحدة بائنة، لأن كلامه مفسر، وكلامها خرج جوابًا له) ش: أي لكلام الزوج م: (فيتضمن إعادته) ش: أي يتضمن كلام المرأة إعادة كلام الزوج، لأن الجواب يتضمن إعادة ما في السؤال م:(وكذا) ش: أي وكذا تقع واحدة بائنة.
م: (ولو قال) ش: لامرأته م: (اختاري اختيارة فقالت قد اخترت، لأن الهاء) ش: أي الهاء سماها لتصورها بصورة الهاء، ولكونها عند الوقف م:(في الاختيارة تنبئ عن الاتحاد والانفراد) ش: أما الاتحاد فإنما يكون في اختيارها م: (واختيارها نفسها هو الذي يتحد مرة) ش: بأن قال لها اختاري نفسك بتطليقة م: (ويتعدد أخرى) ش: بأن قال لها اختاري نفسك ما شئت أو بثلاث، وأما الانفراد فلكونها للمرأة م:(فصار مفسرًا من جانبه) ش: بخلاف خيارها الزوج، فإنه لا يتعدد لكونه عبارة عن إيقاع النكاح وهو غير متعدد.
وادعى الأترازي أن في كلام المصنف تناقضًا، لأنه ذكر قبل هذا بقوله - لأن الاختيار لا يتنوع - وهاهنا يشعر كلامه بأنه يتنوع، وأجاب بعضهم بأن لا تناقض، لأن الاختيار هنا غير الاختيار ثمة، لأن الاختيار هنا اختيارها نفسها، وثمة يجوز أن يكون اختيارها زوجها، وحط الأترازي على هذا المجيب بأن الاختيار في الموضعين هو اختيارها نفسها، فالتناقض باق والسياق لهذا المجيب أن يكون مراده في اختياره الذي لا يتنوع مطلق الاختيار، وأما المقيد من أحد الجانبين فيتعدد.
م: (ولو قال لها اختاري، فقالت اخترت نفسي يقع الطلاق إذا نوى الزوج، لأن كلامها مفسر، وما نواه الزوج) ش: أي الذي نواه الزوج وهو الطلاق م: (من محتملات كلامه) ش: أي كلام الزوج، لأن كلامه وهو قوله - اختاري - يحتمل الطلاق بأن يكون مراده النفس.
م: (ولو قال لها اختاري فقالت أنا أختار نفسي فهي طالق، والقياس أن لا تطلق، لأن هذا) ش: أي قول المرأة أختار نفسي م: (مجرد وعد) ش: إن كان مرادها بهذا الاستقبال م: (أو يحتمله) ش: أي أو يحتمل الوعد، لأن الصيغة مشتركة بين الحال والاستقبال، ولا يقع الطلاق بالوعد
فصار كما إذا قال لها طلقي نفسك فقالت أنا أطلق نفسي، وجه الاستحسان حديث عائشة رضي الله عنها، فإنها قلت لا بل أختار الله ورسوله، واعتبره النبي عليه السلام جوابا منها ولأن هذه الصيغة حقيقة في الحال، وتجوز في الاستقبال كما في كلمة الشهادة وفي أداء الشهادة، بخلاف قولها أطلق نفسي لأنه تعذر حمله على الحال؛
ــ
[البناية]
والاحتمال م: (فصار هذا كما إذا قال لها طلقي نفسك، فقالت أنا أطلق نفسي) ش: أي فلا يقع الطلاق قياسًا واستحسانًا، وبه قال الشافعي إلا إذا قال أردت إنشاء الطلاق، فحينئذ يقع.
م: (وجه الاستحسان حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، فإنها قالت لا بل أختار الله ورسوله، واعتبره رسول الله صلى الله عليه وسلم جوابًا منها) ش: هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم عن ابن شهاب عن أبي سلمة «عن عائشة قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك، وقد علم أن أبواي يأمراني بفراقه، قال إن الله تعالى قال {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ} [الأحزاب: 28] إلى قوله {أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 29] (الأحزاب: الآية 28) ، فقلت ففي هذا أستأمر أبواي، فإني أريد رسول الله صلى الله عليه وسلم والدار الآخرة، ثم فعل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي فعلت» . وفي لفظ لمسلم «بل أختار الله ورسوله» . وروى الأئمة الستة في كتبهم عن مسروق «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قالت خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعدده علينا شيئًا» . وفي لفظ لهما فلم يعد ذلك طلاقًا.
م: (ولأن هذه الصيغة حقيقة في الحال، ويجوز في الاستقبال) ش: قال الأترازي فيه نظر، لأن أهل اللغة قالوا إن صيغة المضارع مشتركة بين الحال والاستقبال، وكلامهم فيما يتعلق بالوضع والمشترك يدل على المعنيين جميعًا بسبيل الحقيقة، لكن يترجح أحد المعنيين بالدليل، وقد دل على إرادة الحال فيما نحن فيه انتهى.
قلت: إطلاق النظر فيه غير مسلم، لأن فيه خلافًا، منهم من قال مثل قول المصنف، ومنهم من قال بالعكس، ومنهم من قال بالاشتراك، وهو قول مرجوح، لأن اللفظ إذا دار بين الاشتراك والمجاز، فالمجاز أولى، لأن الاشتراك مخل بالفهم. ومعنى قول المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حقيقة في الحال يعني بحسب استعمال الشرع والعرف، ويقال فلان يختار كذا، وأنا أختار كذا، ويقال أنا أملك كذا من العبيد وغيرها، والمراد الحال، وأشار إلى ذلك بقوله. م:(كما في كلمة الشهادة، وفي أداء الشهادة) ش: أي يدل على الحال لفظ أشهد في كلمة الشهادة، وفي أداء الشهادة فإن لفظ أشهد فيها يدلان على الحال شرعًا، فإن الرجل إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، يعتبر ذلك منه إيمانًا، لا وعدًا بالإيمان. وكذا الشهادة إذا قال شهد بكذا فلا يعاد إلى المجاز م:(بخلاف قولها) ش: أي قول المرأة م: (أنا أطلق نفسي) ش: في الجواب عن قول الزوج اختاري م: (لأنه تعذر حمله على الحال) ش: لأنه الطلاق ليس من عمل