الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا بلفظ الإباحة والإحلال والإعارة لما قلنا، ولا بلفظ الوصية لأنها توجب الملك مضافا إلى ما بعد الموت. قال: ولا ينعقد نكاح المسلمين إلا بحضور شاهدين حرين عاقلين بالغين مسلمين رجلين، أو رجل وامرأتين عدولا كانوا أو غير عدول أو محدودين في القذف. قال _ رضي الله عنه _: اعلم أن الشهادة شرط في باب النكاح لقوله عليه السلام: «لا نكاح إلا بشهود» .
ــ
[البناية]
[الشهادة في النكاح]
م: (ولا بلفظ الإباحة) ش: أي ولا ينعقد النكاح أيضا بلفظ الإباحة م: (والإحلال والإعارة لما قلنا) ش: أنه ليس سببا للملك، أما الإباحة، والإحلال، فإن من أحل، أو أباح طعاما لغيره لا يملكه، وإنما يتلفه على ملك المبيح.
وأما الإعارة إنها تملك المنفعة بغير عوض، فلا توجب ملكا يستفاد به ملك المتعة م:(ولا بلفظ الوصية) ش: أي ولا ينعقد أيضا بلفظ الوصية بأن يقول الأب أوصيت لك بابنتي م: (لأنها) ش: أي لأن الوصية م: (توجب الملك مضافا إلى ما بعد الموت) ش: فلا مناسبة بينهما، فلا تصح الاستعارة.
وعن الكرخي لو قال: أوصيت لك بابنتي الآن، فإنه ينعقد أو قال أوصيت لك بضع جاريتي في الحال بكذا لو قبل الآخر ينعقد النكاح. واعلم أن الاعتبار لهذه الألفاظ ينعقد بشبهة فيسقط به الحد، ويجب به أقل من المسمى ومن مهر المثل عند الدخول، كذا في " المبسوط ".
م: (قال: ولا ينعقد نكاح المسلمين إلا بحضور شاهدين) ش: الشهادة في النكاح شرط عندنا، وهو مذهب سعيد بن المسيب وجابر بن زيد والحسن البصري وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري والأوزاعي وقتادة والشافعي وأحمد، حكاه ابن المنذر في " الأشراف ".
وقال عبد الرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون وعبد الله بن الحسن وأبو ثور يجوز من غير شهادة [
…
] ، وكذا فعل الحسن بن علي وابن زيد _ رضي الله عنهما _.
وبه قال ابن أبي ليلى وعثمان البتي ذكره السرخسي، وقالت طائفة: يجوز بغير شهود إذا أعلنوه وهو قول الزهري ومالك وأهل المدينة، ثم إنه قيد شهادة الشاهدين بتوصيفهما بقوله: م: (حرين عاقلين بالغين مسلمين رجلين، أو رجل وامرأتين، سواء كانوا عدولا أو غير عدول أو محدودين) ش: أي وكان الشاهدان محدودين م: (في القذف) ش: ثم يذكر ما في هذه الأوصاف للشهود بما فيه الخلاف والتعليل.
م: (قال) ش: أي في المصنف: م: (_ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - _: اعلم أن الشهادة شرط في باب النكاح لقوله صلى الله عليه وسلم:) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «لا نكاح إلا بشهود» ش: هذا غريب بهذا اللفظ، وينبغي أن يستدل بما رواه ابن حبان في " صحيحه " من حديث الزهري عن عروة عن عائشة _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - _ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وما كان من
وهو حجة على مالك _ رحمه الله _ في اشتراط الإعلان دون الشهادة. ولا بد من اعتبار الحرية فيهما؛ لأن العبد لا شهادة له لعدم الولاية، ولا بد من اعتبار العقل والبلوغ، لأنه لا ولاية
ــ
[البناية]
النكاح على غير ذلك فهو باطل، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» .
قال: ولا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا الخبر، وقال الأكمل: واعترض بأنه خبر واحد فلا يجوز تخصيص قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3](النساء: الآية 3) ، وغيره من الآيات وأجاب الإمام فخر الإسلام بأن هذا حديث مشهور تلقته الأمة بالقبول فيجوز الزيادة على كتاب الله.
قلت: هذا فيه نظر لا يخفى م: (وهو) ش: أي الحديث المشهور م: (حجة على مالك في اشتراط الإعلان دون الإشهاد) ش: هذا الحديث لم يثبت بهذا اللفظ، فكيف يكون حجة على مالك. نعم حديث عائشة المذكور حجة عليه.
واحتج مالك بما رواه الترمذي: حدثنا أحمد بن منيع عن يزيد بن هارون عن عيسى بن ميمون عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعلنوا النكاح، واضربوا عليه بالغربال» وقال: حسن غريب وعيسى بن ميمون ضعيف في الحديث، وإن سلمنا صحة هذا الحديث فنقول: الإعلان يحصل بحضور الشاهدين، ولو شرط كتمان العقد مع حضور شاهدين صح العقد عندنا، وبه قال الشافعي، والخطابي وابن المنذر والظاهرية. وقال مالك: يفرق بينهما.
م: (ولا بد من اعتبار الحرية فيهما) ش: أي في الشاهدين م: (لأن العبد لا شهادة له لعدم الولاية) ش: والشهادة من باب الولاية.
واعترض بأن الولاية عبارة عن نفاذ القول على الغير شرعا لو أبى، وذلك إنما يحتاج عند الأداء، وكلامنا في حالة الانعقاد، فكما ينعقد بشهادة المحدودين في القذف ينعقد بشهادة العبدين؛ إذ الولاية لا مدخل في هذا الحال.
وأجيب: بأن الأداء يحتاج إلى ولاية متعدية وليست بمراد هنا، وإنما المراد بها الولاية القاصرة تعظيما لأمر النكاح، كاشتراط أصل الشهادة.