الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالجماع، لأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالحلف. وإذا
قال لامرأته أنت علي حرام
سئل عن نيته، فإن قال: أردت الكذب فهو كما قال؛ لأنه نوى حقيقة كلامه، قيل لا يصدق في القضاء، لأنه يمين ظاهرا.
ــ
[البناية]
بالجماع، لأنه قدر على الأصل) ش: الذي هو بالجماع م: (قبل حصول المقصود بالحلف) ش: وهو الفيء باللسان، فصار كالمتيمم إذا وجد الماء في خلاله صلاته، ولا خلاف فيه للأئمة الأربعة.
[قال لامرأته أنت علي حرام]
م: (وإذا قال لامرأته أنت علي حرام) ش: هذا كلام مبهم محتمل وجوه، ولا يمتاز البعض عن البعض إلا بالإرادة، ولأجل ذلك قال م:(سئل عن نيته، فإن قال: أردت الكذب فهو كما قال) ش: يعني يكون كذبا م: (لأنه نوى حقيقة كلامه) ش: لأنها حلال له، فلا يقع به طلاق الإيلاء، ولا غير ذلك م:(وقيل: لا يصدق في القضاء؛ لأنه يمين ظاهر) ش: لأنه تحريم الحلال. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فيصدق، وهذا القول منقول عن الطحاوي والكرخي فإنهما قالا في "مختصريهما" إنه لا يصدق في إبطال الإيلاء في القضاء.
وقد اختلف أهل العلم في لفظة الحرام اختلافا شديداً يرتقي إلى خمسة عشر مذهباً:
الأول: أنه سئل عن نيته، وهو قول أبي بكر، وعمر، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وبه قال الحسن البصري، وعطاء، وطاوس، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، ورواية عن أحمد، وسليمان بن يسار، وقتادة، والأوزاعي، وأبو ثور. وكان ابن عباس يقول: هو يمين.
الثاني: أن الحرام ثلاث، روي ذلك عن علي وزيد بن ثابت، وابن عمر، وبه قال الحكم، وابن أبي ليلى، ومالك إلا أنه قال: ينوي في غير المدخول بها.
الثالث: أن فيه كفارة الظهار مروي عن ابن عباس، وبه قال أبو قلابة وأحمد.
الرابع: هو على ما نوى ثنتان فثنتان، هذا قول الزهري، وزفر.
الخامس: أنه تطليقة بائنة لا غير، وهو قول حماد بن أبي سليمان.
السادس: التوقف فيه، روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: ما أنا بمحلها ولا بمحرمها عليك، ولا آمرك أن تتقدم وإن شئت فاختر.
السابع: إذا لم تكن نيته فليس بشيء، روي ذلك رواية أخرى عن النخعي وعند الشافعية فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: مثل الرواية عن النخعي. الثاني: أن فيه الكفارة. والثالث: صريح في حرمة الأمة كناية في حق الحرة. وإن نوى به الطلاق فهي طلقة رجعية، وإن نوى ثنتين أو ثلاثا فهو على ما نوى. وإن نوى ظهارا فهو ظهار، وإن نوى التحريم فليس فيه إلا الكفارة.
وإن قال أردت الطلاق فهي تطليقة بائنة إلا أن ينوي الثلاث، وقد ذكرناه في الكنايات، وإن قال أردت الظهار فهو ظهار،
ــ
[البناية]
الثامن: قاله مسروق والشعبي وهو مثل تحريم بضعة منها ليس بشيء، وبه قال أبو سلمة بن عبد الرحمن.
التاسع: هو على ما نوى في الواحدة بائنة، وإن نوى ثلاثا فثلاث، وإن لم يكن له نية فليس بشيء، وهو مذهب الثوري.
العاشر: أنها تصير حراماً بذلك، ولم يذكروا خلافا، يروى ذلك عن أبي هريرة، وخلاس ابن عمرو، وجابر بن زيد أنهم أجروه باجتنابها فقط.
الحادي عشر: إن نوى واحدة أو لم ينو شيئا فهي واحدة، وإن نوى ثلاثا فثلاث، وإن نوى ثنتين فثنتين، يروى ذلك عن إبراهيم وعليه المتأخرون من مشايخنا إلا في نية الثنتين، فإنه لا يصح عند أئمتنا الثلاثة.
الثاني عشر: هو يمين، لكن كفارته عتق رقبة، روي ذلك عن ابن عباس، وقال المتأخرون: وهو يمين فقط.
والثالث عشر: هو يمين في غير الزوجة، وليس يمين في الزوجة، يروى عن الحسن ووجه للشافعية.
والرابع عشر: ليس بشيء في الأمة، ولا في الزوجة والطعام كالأمة، وبه قال مالك.
والخامس عشر: إن ذلك باطل وكذب، وهي زوجة، وإن زاد كالميتة والدم ولحم الخنزير، ونوى بذلك حكم الطلاق أو لم ينو، ذكره ابن حزم في " المحلى "، وزعم أنه مذهب ابن عباس، والشعبي، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبي سليمان الخطابي، وجميع الظاهرية.
م: (وإن قال: أردت الطلاق فهي تطليقة بائنة، إلا أن ينوي الثلاث) ش: لأنه من ألفاظ الكنايات يقع على الأدنى مع احتمال الكل، وإذا نوى ثنتين كانت واحدة بائنة عندنا، إلا أن اللفظ لا يحتمل العدد، خلافا لزفر، إلا إذا كانت المرأة أمة فحينئذ يقع الثنتان، لأن ذلك جنس طلاقها.
م: (وقد ذكرناه في الكنايات) ش: أشار به إلى أنه تقدم البحث في الكنايات.
م: (وإن قال: أردت الظهار فهو ظهار) ش: هكذا ذكره القدوري، ولكنه ليس بظاهر الرواية عن أصحابنا، ولهذا لم يذكر الطحاوي والحاكم الشهيد في مختصريهما حكم ما إذا نوى الظهار، وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله ناقلاً عن " النوادر " أنه ينوي ظهارا عند أبي
وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -. وقال محمد رحمه الله: ليس بظهار لانعدام التشبيه بالمحرمة، وهو الركن فيه. ولهما أنه أطلق الحرمة، وفي الظهار نوع حرمة، والمطلق يحتمل المقيد.
وإن قال أردت التحريم أو لم أرد به شيئا فهو يمين يصير به موليا؛ لأن الأصل في تحريم الحلال إنما هو اليمين عندنا وسنذكره في الأيمان إن شاء الله. ومن المشايخ من يصرف لفظة التحريم إلى الطلاق من غير نية بحكم العرف، والله أعلم بالصواب.
ــ
[البناية]
حنيفة وأبي يوسف، أشار إليه المصنف بقوله م:(وهذا) ش: أي كونه ظهاراً م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: ليس بظهار لانعدام التشبيه بالمحرمة) ش: ولم يوجد التشبيه لعدم حرف التشبيه وهو الكاف، فلم تصح نيته م:(وهو الركن فيه) ش: أي التشبيه المذكور هو الركن في الظهار.
م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة وأبي يوسف م: (أنه) ش: أي القائل بقوله: أنت علي حرام م: (أطلق الحرمة) ش: حيث لم يقيدها بشيء، والمرأة تارة تكون محرمة بالطلاق، وتارة بالظهار، ومطلق الحرمة يحتمل المقيد م:(وفي الظهار نوع حرمة) ش: لأنه إذا قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي، فقد حرمت عليه حتى يكفر عن ظهاره م:(والمطلق يحتمل المقيد) ش: ومن نوى محتمل كلامه صدق.
م: (وإن قال: أردت التحريم أو لم أرد به) ش: أي قال: لم أرد به م: (شيئا فهو يمين يصير به موليا) ش: حتى إذا قربها كفر عن يمينه. وإن لم يقربها حتى مضت أربعة أشهر بانت بالإيلاء، أما إذا أراد التحريم فإنما يكون يمينا، لأن تحريم المباح يمين، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] إلى قَوْله تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] أول التحريم، وأما إذا لم يرد شيئا فلأن الحرمة الثابتة باليمين أدنى الحرمات، لأن في الإيلاء الوطء حلال قبل الكفارة، وفي الظهار ليس كذلك، وإذا أريد به الطلاق وقع بائنا، ويحرم الوطء، والإيلاء لا يحرم الوطء، فلما كانت حرمة اليمين أدنى الحرمات تعينت لتيقنها م:(لأن الأصل في تحريم الحلال إنما هو اليمين عندنا) ش: لأن تحريم الحلال ليس من العبد بل من الله تعالى، لأنه قلب المشروع، لكن العبد يمنع نفسه عن ذلك الشيء، فإذا باشره فعليه الكفارة م:(وسنذكره في الأيمان إن شاء الله تعالى) ش: أي سنذكر هذا الفصل في كتاب الأيمان إن شاء الله عز وجل.
م: (ومن المشايخ من يصرف لفظة التحريم إلى الطلاق) ش: في قوله لها: أنت علي حرام م: (من غير نية بحكم العرف) ش: لأن العادة جرت بين الناس في زماننا هذا أنهم يريدون الطلاق بهذا، وأراد من المشايخ أبا بكر الإسكاف وأبا بكر بن سعيد، والفقيه أبا جعفر الهندواني وهو من كبار علمائنا الماضين ببلخ، فإنهم قالوا: يقع الطلاق. وقال الفقيه أبو الليث: وبه نأخذ، وكذا الجواب في قوله: كل حل علي حرام، وحلال الله علي حرام، أو قال: حلال المسلمين علي حرام.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وفي الذخيرة هذا كله طلاق بائن باتفاق، وإن كان له أربع نسوة وقع على كل واحدة طلقة بائنة. وفي "فتاوى" الأذرجندي والإمام مسعود بن الحسين الكشافي أنه يقع واحدة، والبيان إليه.
قال صاحب الذخيرة: وهو الأظهر والأشبه، وفيه: لو قال: علي حرام ولم تكن له امرأة لم يلزمه شيء، لأنه يمين بالطلاق ولا زوجة له. فإن تزوج امرأة وباشر الشرط اختلفوا فيه، قال أبو جعفر: تبين الزوجة. وقال غيره: لا تبين، وبه أخذ الفقيه أبو الليث، وعليه الفتوى. ولو قال: أنت حرام ألف مرة فهي واحدة. ولو طلق الحرة ثم قال: أنت علي حرام ينوي ثنتين لا تصح نيته، وإن نوى الثلاث صحت ويقع طلقتان أخريان، وإن لم ينو اليمين فهي يمين، لأن تحريم الحلال يمين، واليمين في الزوجات إيلاء، ولو قال: أنتما علي حرام فنوى الثلاث في إحداهما وواحدة في الأخرى كان كما نوى عند أبي حنيفة، ذكره المرغيناني.
ولو قال: أنت معنى في الحرام، ولو قال: أنا عليك حرام، أو قال: حلال، فقالت: أنت معنى أو علي مثل ما أنت على جميع أهل المصر فهي طالق إن نواه. ولو قال: الطلاق يلزمني يقع واحدة، وهذا الكلام ناشئ عن أهل مصر.
فروع: آلى من امرأته ثم قال لأخرى: أشركتك في إيلاء هذه كان باطلاً. ولو قال: أنت علي حرام ثم قال لأخرى: أشركتك معها كان مولياً منهما، وكذا لو قال: إن وطئتك فعبدي هذا حر فمات العبد أو أعتقه بطل الإيلاء، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد. ولو قال: والله لا وطئتك في الدبر، أي فيما دون الفرج لم يصر مولياً، خلافاً لمالك.
ولو قال: والله لا أجامعك إلا جماع سوء، سئل عن نيته، فإن قال: أردت الوطء في الدبر صار مولياً، ولو قال: أردت به جماعا ضعيفا لا يزيد على التقاء الختانين لم يكن موليا، ولو قال: أردت التقاء الختانين فهو مول، كما لو قال: والله لا أطؤك إلا فيما دون، فإن لم يكن له نية فليس بشيء. ولو قال: إن قربتك فعلي أن أمش في السوق لا يكون موليا عند الجمهور، إلا رواية عن أحمد.
ولو قال الذمي: والله لا أقربك فهو مول عند أبي حنيفة، لأنه من أهل الطلاق، وبه قال الشافعي، وكذا ظهاره، وبه قال أحمد وأبو ثور. وقال مالك: يسقط بإسلامه، وقال أبو يوسف ومحمد: إن حلف بالله لا يصير موليا، ولو حلف بالعتق والطلاق يصير مولياً، ولو حلف بالصوم والحج والعمرة والصدقة لا يصير موليا بالطلاق بالاتفاق. ولو آلى مسلم من امرأته ثم أسلم ثم تزوجها يكون موليا عند أبي حنيفة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وروى أبو يوسف عنه يبطل إيلاؤه، ولو قال: ظاهرت ثم ارتد ثم أسلم فهو على ظهاره في قول أبي حنيفة أن ظهاره يبطل عنده. ولو أبانها في مدة الإيلاء ثم قربها بطل إيلاؤه، ولو ظاهر ثم ارتد أسلم فهو على ظهاره في قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وقالا: يسقط، وروى زفر عن أبي حنيفة أن ظهاره يبطل عنده، ولو أبانها في مدة الإيلاء ثم قربها بطل إيلاؤه للحنث، ولو فاء إليها بلسانه وهي مبانة لا يبطل ويقع الطلاق بمضي مدة الإيلاء لعدم صحة الفيء باللسان بعد البينونة، وكذا لا يصح بعد مضي مدة الإيلاء.
وإن اختلفا في الفيء بعد بقاء المدة فالقول للزوج، لأنه يملك الفيء وبعد مضي المدة فالقول لها، لأنه ادعى الفيء في حالة لا يملك فيها الفيء.