الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن ما وجب كفاية لا يتقدر شرعا في نفسه.
وإن امتنعت من تسليم نفسها حتى يعطيها مهرها، فلها النفقة؛ لأنه منع بحق، فكان فوت الاحتباس لمعنى من قبله، فيجعل كالأموات.
ــ
[البناية]
وقال الخصاف: ويجعل لها ما تنام عليه مثل الفراش والمضربة والمرفقة في الشتاء ولحافا يتغطى به.
قال شمس الأئمة السرخسي في شرح كتاب "النفقات ": ذكر لها كتابا على حدة ولم يكتف بفراش واحد، لأنها ربما تنعزل عنه في أيام الحيض أو في زمان مرضها.
وقال الحاكم الشهيد: وقال محمد: لا ينبغي أن يوقت النفقة على الدراهم، لأن السعر يغلو ويرخص، ولكن يجعل النفقة على الكفاية في كل زمان، فينظر قيمته، فيفرض لها عليه دراهم شهرًا بشهر.
قال السرخسي: وهذا بناء على عادتهم، وبعض المتأخرين من مشايخنا، قالوا: يعتبر في ذلك حال الرجل فإنه إن كان محترفا يفرض عليه النفقة يومًا يوما؛ لأنه يتعذر عليه أداء نفقة شهر دفعة واحدة. وإن كان من التجار يفرض عليه الأداء شهرًا، وإن كان من الدهاقين يفرض عليه النفقة دراهم على الكفاية في كل زمان، فينظر قيمة ذلك، فيفرض لها عليه دراهم شهرٍ بشهرٍ لتيسير الأداء عليه.
كذلك عند إدراك الغلة واتخاذ غلة الحوانيت، أما الكسوة فيفرض في السنة مرتين.
م: (لأن ما وجب كفاية لا يتقدر شرعا في نفسه) ش: لأنها مما يختلف فيها أحوال الناس بحسب الشباب والمهرم، وبحسب الأوقات والأماكن، ففي التقدير قد يكون إضرارا بأحدهما وفي " المبسوط ": وكل جواب عرفته من اعتبار حاله أو حالها في فرض النفقة فهو الجواب في كسوة.
[نفقة من امتنعت من تسليم نفسها حتى يعطيها ممهرها]
م: (وإن امتنعت من تسليم نفسها حتى يعطيها مهرها فلها النفقة؛ لأنه منع بحق، فكان فوت الاحتباس لمعنى من قبله فيجعل كالأموات) ش: المراد من المهر هو العاجل، وبه صرح في " شرح الطحاوي " فقال: ولو أنها منعت نفسها لأجل مهرها العاجل، فلها النفقة لأن هذا منع بحق. وقال في " التحفة ": وإن كان الامتناع بغير حق، بأن أوفاها الزوج المهر مؤجلا، فإنه يسقط النفقة لأنه وجد النشوز منها، لكن ينبغي لك أن تعرف أن الامتناع لطلب المهر إذا كان قبل الدخول لا يزيل النفقة اتفاقا لأنه منع بحق وكذلك بعد الدخول إذا كان برضاها عند أبي حنيفة. وقالا: لا نفقة لها، كذا في " المختلف "، وفي " فتاوى قاضي خان ": ولو كان الزوج ساكنا معها في منزلها فمنعت زوجها من الدخول عليها كانت ناشزة إلا إذا منعت لتحولها إلى منزله أو ليكتري لها منزلًا، فحينئذ تكون ناشزة ولو كانت مقيمة في منزله، ولم تمكنه من الوطء لا تكون ناشزة.
وإن نشزت فلا نفقة لها حتى تعود إلى منزله؛ لأن فوت الاحتباس منها، وإذا عادت جاء الاحتباس، فتجب النفقة، بخلاف ما إذا امتنعت من التمكين في بيت الزوج؛ لأن الاحتباس قائم، والزوج يقدر على الوطء كرها. وإن كانت صغيرة لا يستمتع بها، فلا نفقة لها؛ لأن امتناع الاستمتاع لمعنى فيها، والاحتباس الموجب ما يكون وسيلة إلى مقصود مستحق بالنكاح، ولم يوجد، بخلاف المريضة على ما نبين. وقال الشافعي رحمه الله: لها النفقة؛ لأنها عوض عن الملك عنده؛ كما في المملوكة بملك اليمين. ولنا أن المهر عوض عن الملك،
ــ
[البناية]
م: (وإن نشزت فلا نفقة لها حتى تعود إلى منزله؛ لأن فوت الاحتباس منها) ش: تفسير الناشزة والناشصة هي المانعة نفسها عن زوجها بغير حق، وقيل لشريح: هل للناشزة من نفقة؟ فقال: نعم، فقيل: كم؟ فقال: جراب من تراب، معناه: لا نفقة لها، وإذا كان الرجل يسكن في الأرض المغصوبة، فخرجت المرأة لأجل أن لا تسكن في الغصوبة، لا تكون ناشزة لأنها محقة.
ونقل في " خلاصة الفتاوى " عن " فتاوى النسفي ": لو كان الزوج بسمرقند وامرأته بنسف فيبعث إليها أجنبيا ليحملها إلى سمرقند فلم تذهب لعدم المحرم يفرض لها النفقة.
م: (وإذا عادت) ش: أي المرأة إلى منزل الزوج. م: (جاء الاحتباس) ش: فلها. م: (فتجب النفقة) ش: لوجود العلة. م: (بخلاف ما إذا امتنعت) ش: متصل بقوله لأن فوت الاحتباس منها. م: (من التمكين في بيت الزوج؛ لأن الاحتباس قائم والزوج يقدر على الوطء كرهًا) ش: أي من حيث الكره. م: (وإن كانت) ش: أي وإن كانت الزوجة. م: (صغيرة لا يستمتع بها فلا نفقة لها) ش: المراد من الاستمتاع الجماع لأن الحاكم الشهيد قد صرح به في مختصره " الكافي " وكذلك السرخسي في " شرح الكافي " الذي هو "مبسوطه" وعليه جمهور العلماء.
وعند الثوري والظاهرية والشافعي في قول: لها النفقة؛ لأنها مال تجب بالعقد كالمهر، فتستوي الكبيرة والصغيرة، والأصح عند الشافعية وجوبها لو كانت في المهر لإطلاق النص.
م: (لأن امتناع الاستمتاع لمعنى فيها) ش: وهي غير مسلمة نفسها إلى الزوج، فصارت كالناشزة.
م: (والاحتباس الموجب) ش: أي للنفقة. م: (ما يكون وسيلة إلى مقصود مستحق بالنكاح) ش: وهو الجماع أو دواعيه. م: (ولم يوجد) ش: فلا يجب شيء. م: (بخلاف المريضة على ما نبين) ش: أي قريبا من خمسة عشر خطا يعني يجب النفقة في المريضة وإن تعذر الجماع.
م: (وقال الشافعي: لها) ش: أي للصغيرة. م: (النفقة لأنها) ش: أي لأن النفقة. م: (عوض عن الملك عنده) ش: أي عند الشافعي. م: (كما في المملوكة بملك اليمين) ش: حيث تجب نفقتها على المالك. م: (ولنا أن المهر عوض عن الملك) ش: لأن الفرض هو ما يدخل تحت العقد بالتسمية،
ولا يجتمع العوضان عن معوض واحد فلها المهر دون النفقة. وإن كان الزوج صغيرا لا يقدر على الوطء وهي كبيرة، فلها النفقة من ماله؛ لأن التسليم قد تحقق منها، وإنما العجز من قبله، فصار كالمجبوب والعنين.
وإذا حبست المرأة في دين، فلا نفقة لها؛ لأن فوت الاحتباس منها بالمماطلة، وإن لم يكن منها بأن كانت عاجزة فليس منه وكذا إذا غصبها رجل كرها فذهب بها. وعن أبي يوسف رحمه الله أن لها النفقة، والفتوى على الأول؛ لأن فوت الاحتباس ليس منه، ليجعل باقيا تقديرا،
ــ
[البناية]
والداخل تحته هو المهر دون النفقة، فإن كان المهر عوضا لا تكون النفقة عوضا. م:(ولا يجتمع العوضان عن معوض واحد) ش: فلا تجب النفقة لأجله بخلاف المهر، وهو معنى قوله. م:(فلها المهر دون النفقة) ش: كما مر.
م: (وإن كان الزوج صغيرا لا يقدر على الوطء وهي كبيرة) ش: أي والحال أن المرأة كبيرة. م: (فلها النفقة من ماله؛ لأن التسليم قد تحقق منها، وإنما العجز من قبله، فصار كالمجبوب والعنين) ش: حيث يجب عليهما النفقة؛ لأن العجز منهما وعليه الجمهور.
وقال مالك: لا نفقة لها، وإن كانا صغيرين لا يطيقان الجماع لا نفقة لها بالإجماع، لأن المنع جاء من جهتها، كذا قال الكاكي، وقال الأترازي: ولو كانا صغيرين جميعا لم يذكر حكم النفقة لا في الأصل، ولا في الجامع، ولكن يفهم من التعليل المذكور فيما إذا كانت صغيرة والرجل كبيرًا، إذ لا نفقة لها في هذه الصورة لأن تلك العلة وهي عدم تسليم النفس موجود هنا، وقد صرح بما قلنا أي بعدم وجوب النفقة في " الذخيرة " أيضًا.
م: (وإذا حبست المرأة في دين فلا نفقة لها لأن فوت الاحتباس منها بالمماطلة) ش: لأنها لما ماطلت صارت كأنها هي التي حبست نفسها فصارت كالناشزة. م: (وإن لم يكن منها) ش: أي وإن لم يكن الاحتباس من المرأة. م: (بأن كانت عاجزة) ش: عن أداء الدين. م: (فليس منه) ش: أي من الزوج أيضًا فلا يطالب بالنفقة. م: (وكذا) ش: أي وكذا لا نفقة لها. م: (إذا غصبها رجل كرهًا فذهب بها) ش: لفوات الاحتباس.
م: (وعن أبي يوسف أن لها النفقة) ش: لأنه لا مانع من جهتها، واختاره السعدي. م:(والفتوى على الأول) ش: أي على ظاهر الرواية، وهو أنه لا نفقة في المغصوبة فيما مضى. م:(لأن فوت الاحتباس ليس منه) ش: يعني من الزوج. م: (ليجعل باقيا تقديرًا) ش: بيانه أن النفقة عوض عن الاحتباس في بيته، فإذا كان الفوات لمعنى من جهة يجعل ذلك الاحتباس باقيًا، فإذا كان الفوات لمعنى من جهة باقيا تقديرًا، فكأنه لم يفت، فتجب النفقة كما إذا منعت نفسها قبل الدخول، لأجل الصداق أو حبس الزوج لأجل دين عليه، أو ارتد وأسلمت هي وأبى الزوج الإسلام، أو طلقها بعد الدخول.
وكذا إذا حجت مع محرم؛ لأن فوت الاحتباس منها. وعن أبي يوسف رحمه الله: أن لها النفقة لأن إقامة الفرض عذر، ولكن تجب عليه نفقة الحضر دون السفر؛ لأنها هي المستحقة عليه. ولو سافر معها الزوج تجب النفقة بالاتفاق؛ لأن الاحتباس قائم لقيامه عليها، وتجب نفقة الحضر دون السفر، ولا يجب الكراء لما قلنا. وإن مرضت في منزل الزوج فلها النفقة. والقياس أن لا نفقة لها إذا مرضت مرضا يمنع من الجماع لفوات الاحتباس للاستمتاع. وجه الاستحسان: أن الاحتباس قائم، فإنه يستأنس بها ويمسها وتحفظ البيت، والمانع بعارض فأشبه الحيض. وعن أبي يوسف رحمه الله أنها إذا سلمت نفسها ثم مرضت تجب النفقة لتحقق التسليم، ولو مرضت ثم سلمت، لا تجب لأن التسليم لم يصح بسبب المرض. قالوا: هذا حسن، وفي لفظ الكتاب ما يشير إليه.
ــ
[البناية]
م: (وكذا إذا حجت مع محرم) ش: أي لا نفقة لها. م: (لأن فوت الاحتباس منها) ش: إلا إذا كان الزوج معها على ما يجيء الآن. م: (وعن أبي يوسف: أن لها النفقة لأن إقامة الفرض عذر) ش: فحينئذ تجب النفقة. وقال محمد: لا نفقة لها، لعدم الاحتباس بحقه والتمكين من الاستمتاع بالجماع ودواعيه. م:(ولكن تجب عليه نفقة الحضر) ش: يعني قيمة الطعام في الحضر ولا يجب عليه على السفر. م: (دون السفر) ش: أي دون نفقة السفر؛ لأنها تزيد على نفقة الحضر. كذا في شرح كتاب النفقات. م: (لأنها هي المستحقة عليه) ش: أي لأن نفقة الحضر هي الواجبة على الزوج، لأن المأمور هو النفقة بالمعروف وهو عبادة عما لا إسراف فيه ولا، تعتبر. وفي النفقة السفر إسراف لغلاء السفر، فلا يكون معروفًا، فلا يجب ذلك.
م: (ولو سافر معها الزوج تجب النفقة بالاتفاق) ش: وبه قال الشافعي. م: (لأن الاحتباس قائم لقيامه عليها) ش: أي لقيام الزوج على المرأة. م: (وتجب نفقة الحضر دون السفر) ش: لما مر. م: (ولا يجب الكراء لما قلنا) ش: أي في قوله لأنها هي المستحقة. م: (وإن مرضت في منزل الزوج فلها النفقة) ش: هذا الموعود من المصنف بقوله قبل هذا، بخلاف المريضة على ما نبين، اعلم أن المريضة مطلقا لها النفقة في ظاهر الرواية، سواء كان مرضا يمنع من الجماع كما في الحيض. م:(والقياس أن لا نفقة لها إذا مرضت مرضا يمنع من الجماع لفوات الاحتباس للاستمتاع. وجه الاستحسان: أن الاحتباس قائم، فإنه) ش: أي فإن الزوج. م: (يستأنس بها ويمسها وتحفظ البيت، والمانع) ش: أي من الجماع. م: (بعارض) ش: أي بسبب عارض وهو المرض. م: (فأشبه الحيض) ش: في كونه مانعا وتجب النفقة.
م: (وعن أبي يوسف: أنها إذا سلمت نفسها ثم مرضت تجب النفقة لتحقق التسليم، ولو مرضت ثم سلمت لا تجب؛ لأن التسليم لم يصح بسبب المرض. قالوا) ش: أي قال مشايخنا. م: (هذا حسن) ش: أي هذا التفصيل حسن. م: (وفي لفظ الكتاب) ش: أي كتاب القدوري. م: (ما يشير إليه) ش: أي إلى ما روي عن أبي يوسف في ظاهر الرواية، لأنه قال: وإن مرضت في منزل الزوج، لأنه يفهم منه