الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنها عوامل في حقائقها والشرط تعيين أحد نوعي البينونة دون الطلاق وانتقاص العدد لثبوت الطلاق بناء على زوال الوصلة، وإنما تصح نية الثلاث فيها لتنوع البينونة إلى غليظة وخفيفة، وعند انعدام النية يثبت الأدنى، ولا تصح نية الثنتين عندنا، خلافا لزفر رحمه الله؛ لأنه عدد، وقد بيناه من قبل،
وإن قال لها: اعتدي اعتدي اعتدي، وقال: نويت بالأولى طلاقا، وبالباقي حيضا دين في القضاء.
ــ
[البناية]
نفسها، فلما زال ذلك الاستتار بينة الطلاق عملت في حقائقها وهو معنى قوله م:(لأنها) ش: أي لأن الكنايات م: (عوامل في حقائقها) ش: لانعدام مضي التردد بنية الطلاق، فاللفظ هو عامل في حقيقة موجبته حتى تحصل به الحرمة والبينونة.
م: (والشرط تعيين أحد نوعي البينونة دون الطلاق) ش: هذا جواب عن قوله ولهذا تشترط النية، أي نية الطلاق، تقرير اشتراط النية لو كان لأجل الطلاق كان دليلًا على ما ذكرتم، وليس كذلك، بل هو لتعيين أحد نوعي البينونة الغليظة والخفيفة لا للطلاق، يعني النية شرط للطلاق البائن لا للطلاق المجرد م:(وانتقاص العدد) ش: جواب عن قول الشافعي وينتقص به العدد، تقرير أن انتقاص العدد من الطلاق م:(لثبوت الطلاق) ش: في ضمن البينونة م: (بناء على زوال الوصلة) ش: أي على وصلة النكاح. ومنه يلزم وقوع الطلاق ولا منافاة بين نقص العدد والطلاق البائن، فكان النقص من حيث كونه طلاقًا بائنًا م:(وإنما تصح نية الثلاث) ش: هذا جواب عما يقال إن البائن لو كان عاملًا بنفسه ينبغي أن لا تصح نية الثلاث.
م: (وإنما تصح نية الثلاث) ش: أي ثلاث تطليقات م: (فيها) ش: أي في الكنايات م: (لتنوع البينونة إلى غليظة وخفيفة) ش: فالخفيفة هي الطلقة الواحدة البائنة والغليظة هي الطلقات الثلاث م: (وعند انعدام النية) ش: أي نية الثلاث م: (يثبت الأدنى) ش: وهي الواحدة البائنة لأنها متيقنة م: (ولا تصح نية الثنتين) ش: أي الطلقتين م: (عندنا خلافًا لزفر) ش: وبه قال الشافعي ومالك وأحمد في الكنايات الخفيفة م: (لأنه عدد) ش: أي لأن الثنتين عدد، وإنما ذكر الضمير باعتبار المذكور، أو باعتبار لفظ الخبر وهذا دليلنا، لأن الثنتين عدد في حق الحرة.
وقوله: أنت بائن لا يحتمل العدد، لأنه فرد إلا إذا كانت المرأة أمة لأنه جنس طلاقها م:(وقد بيناه من قبل) ش: يعني في أوائل باب إيقاع الطلاق، وهو وقوله ونحن نقول نية الثلاث إنما صحت لكونها جنسًا إلى آخره.
[قال الرجل لامرأته اعتدي ثلاث مرات]
م: (وإن قال لها اعتدي اعتدي اعتدي) ش: أي قال الرجل لامرأته اعتدي ثلاث مرات م: (وقال نويت بالأولى) ش: أي باللفظة الأولى من قوله اعتدي ثلاث مرات م: (طلاقًا وبالباقي) ش: وهو الثنتان الباقيان م: (حيضًا دين في القضاء) ش: يعني يصدق في قوله في الحكم، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد م:(لأنه نوى حقيقة كلامه) ش: مثل اللفظة الثانية والثالثة، ونوى محتمل
لأنه نوى حقيقة كلامه، ولأنه يأمر امرأته في العادة بالاعتداد بعد الطلاق، وكان الظاهر شاهدا له، وإن قال: لم أنو بالباقيتين شيئا فهي ثلاث؛ لأنه لما نوى بالأولى الطلاق صار الحال حال مذاكرة الطلاق، فتعين الباقيتان للطلاق بهذه الدلالة فلا يصدق في نفي النية، بخلاف ما إذا قال: لم أنو بالكل الطلاق حيث لا يقع شيء، لأنه لا ظاهر يكذبه، وبخلاف ما إذا قال: نويت بالثالثة الطلاق دون الأوليين حيث لا يقع إلا واحدة ولأن الحال عند الأوليين لم تكن حال مذاكرة الطلاق،
ــ
[البناية]
كلامه بالأولى، لأن لفظة اعتدي تحتمل معنيين، أحدهما اعتدي لا في طلقتك، والأخرى اعتدي نعمي عليك أو نعم الله تعالى عليك، أو اعتدي خباياتك تهديدًا لها.
وفي اللفظ المحتمل لا يتعين الطلاق إلا بالنية أو بما يدل عليه من غضب أو مذاكرة الطلاق، وهاهنا قد صرح بأنه نوى الطلاق باللفظة الأولى وبالباقيتين الحيض فيصدق لما ذكرنا م:(ولأنه) ش: دليل آخر لتصديقه، أي ولأن الرجل م:(يأمر امرأته في العادة بالاعتداد بعد الطلاق وكان الظاهر) ش: أي ظاهر الحال م: (شاهدًا له) ش: فيما يقول.
م: (وإن قال لم أنو بالباقيتين شيئًا فهي ثلاث) ش: أي ثلاث طلقات م: (لأنه لما نوى بالأولى) ش: أي باللفظة الأولى م: (الطلاق صار الحال حال مذاكرة الطلاق، فتعين الباقيتان للطلاق بهذه الدلالة ش: أي بدلالة الحال لأنها حال مذاكرة الطلاق م: (فلا يصدق في نفي النية) ش: أي في قوله لم أنو بالباقي شيئًا م: (بخلاف ما إذا قال لم أنو بالكل الطلاق حيث لا يقع شيء لأنه لا ظاهر بكذبه، وبخلاف ما إذا قال نويت بالثالثة الطلاق دون الأولين حيث لا يقع إلا واحدة؛ لأن الحال عند الأوليين لم تكن حالة مذاكرة الطلاق) .
ش: قال الإمام السرخسي وقاضي خان المسألة على اثني عشر وجهًا، أحدها: أن يقول: لم أنو الطلاق بشيء، فالقول قوله مع اليمين، وبه قال الشافعي وأحمد.
والثاني: قال نويت بالأولى ولم أنو بالباقي شيئًا فهي ثلاث.
الثالث: قال لم أنو بالثالثة شيئًا فهي ثلاث، وفيه خلاف زفر والشافعي ومالك، فعندهم واحدة.
الرابع: قال: نويت بكلها الطلاق فهي ثلاث بالإجماع.
الخامس: قال: نويت بالأولى والثانية الطلاق، وبالثالثة الحيض فهو يدين قضاء أيضًا بالإجماع. (....
....
) .
والسابع: قال: نويت بالأولى الطلاق، وبالثالثة الحيض، ولم أنو بالثانية شيئًا فإنها تطلق ثنتين، وبه قال أحمد، وعن الشافعي ومالك وزفر واحدة.
وفي كل موضع يصدق الزوج على نفي النية إنما يصدق مع اليمين لأنه أمين في الإخبار عما في ضميره والقول قول الأمين مع اليمين
ــ
[البناية]
والثامن: من قال: نويت بالأولى الطلاق وبالثانية ولم أنو بالثالثة شيئًا فإنها تطلق طلقتين أيضًا.
والتاسع: أن يقول: لم أنو بالأولى والثانية شيئًا، ونويت بالثالثة الطلاق يقع واحدة بالإجماع.
والعاشر: قال: لم أنو بالأولى شيئًا، ونويت بالثانية طلاقًا وبالثالثة حيضًا فهي طلقة واحدة.
الحادي عشر: قال: لم أنو الأولى شيئًا ونويت بالثانية الطلاق ولم أنو بالثالثة شيئًا فهو ثنتان عندنا وعند أحمد وزفر والشافعي ومالك يقع واحدة.
والثاني عشر: لو قال: اعتدي ثلاثًا، وقال: نويت بقولي اعتدي طلاقًا وبالثلاث ثلاث حيض فهو كما قال بالإجماع.
وزاد السرخسي الثالثة عشر: قال: اعتدي اعتدي اعتدي فنوى واحدة فهي كذلك ديانة ولا يصدق قضاء. وفي " المبسوط " قال لها: اعتدي فاعتدي أو اعتدي واعتدي، أو قال اعتدي اعتدي ونوى به الطلاق يقع ثنتان في القضاء.
وقال زفر: تعمل نية الواحدة في القضاء. وعن أبي يوسف في قوله: اعتدي فاعتدي كذلك، بخلاف الواو، لأن الفاء للوصل، فيكون معناه فاعتدي بذلك الإيقاع، والواو للعطف، فكان الثاني غير الأول، وفي " مصنف " ابن أبي شيبة أن اعتدي طلقة عند ابن مسعود وعطاء ومكحول والنخعي والأوزاعي، وقال أبو حنيفة: واحدة رجعية إذا نوى الطلاق، وبه قال الشعبي والثوري وأحمد. وقال الحسن والشعبي هو على ما نوى إلا أن يقول لم أنو شيئًا فهي واحدة. وإن قال اعتدي اعتدي اعتدي قال قتادة: ثلاث، وبه قال الحسن والشعبي. وقال أحمد والحكم هي واحدة. ولو قالت أنت طالق يقع واحدة رجعية، فإن قال: واعتدي، ثنتان عندنا.
م: (ثم في كل موضع يصدق الزوج على نفي النية) ش: أي يصدق م: (وإنما يصدق مع اليمين لأنه أمين في الإخبار عما في ضميره، والقول قول الأمين مع اليمين) ش: لنفي التهمة عنه، وبه قال الشافعي، وقال مالك وأحمد في الكنايات الخفية كذلك لا في الظاهر، واشتراط اليمين لأن في قوله إلزامًا على الغير وفيه ضعف، فاحتيج إلى المؤكد وهو اليمين.