الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لهما أن المعقود عليه كله قد صار مسلما إليه بالوطأة الواحدة، أو بالخلوة، ولهذا يتأكد بهما جميع المهر فلم يبق لها حق الحبس كالبائع إذا سلم المبيع. وله أنها منعت منه ما قابل بالبدل، لأن كل وطأة تصرف في البضع المحترم، فلا يخلى عن العوض إبانة لحظره، والتأكيد بالواحدة لجهالة ما وراءها، فلا يصلح مزاحما للمعلوم، ثم إذا وجد آخر، وصار معلوما تحققت المزاحمة، وصار المهر مقابلا بالكل كالعبد إذا جنى جناية يدفع كله بها، ثم إذا جنى أخرى وأخرى يدفع بجميعها.
وإذا أوفاها مهرها نقلها إلى حيث شاء، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6]
ــ
[البناية]
المنع بقول أبي يوسف، ومحمد، وفي السفر بقول أبي حنيفة، قال: وهذا أحسن في الفتيا، يعني بعد الدخول لا تمنع نفسها بطلب المهر، فإذا امتنعت لا تسقط نفقتها، كما هو مذهب أبي حنيفة.
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف، ومحمد م:(أن المعقود عليه) ش: وهو البضع م: (كله قد صار مسلما إليه) ش: أي إلى الزوج م: (بالوطأة الواحدة وبالخلوة، ولهذا) ش: أي ولأجل كون المعقود عليه مسلما بالوطأة الواحدة، وبالخلوة م:(يتأكد بهما) ش: أي بالوطأة الواحدة وبالخلوة م: (جميع المهر) ش: فإذا كان الأمر كذلك م: (فلم يبق لها حق الحبس كالبائع إذا سلم المبيع) ش: أي باختياره قبل قبض الثمن.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أنها) ش: أي أن المرأة م: (منعت منه) ش: أي من الزوج م: (ما قابله البدل) ش: وهو البضع م: (لأن كل وطأة تصرف في البضع المحترم، فلا يخلى) ش: على صيغة المجهول الخلاء على البضع المحترم م: (عن العوض) ش: يعني لا يجوز إخلاؤه عن العوض م: (إبانة لحظره) ش: أي لأجل الإبانة بحظر الذي هو المحل المحترم م: (والتأكيد بالواحدة) ش: هذا جواب عن قولهما: ولهذا يتأكد بها جميع المهر، تقديره أن التأكيد بالواحدة، أي تأكد المهر بالوطأة الواحدة م:(لجهالة ما وراءها) ش: أي لأجل جهالة ما وراء الوطأة الواحدة م: (فلا يصلح مزاحماً للمعلوم) ش: لأن المجهول لا يزاحم المعلوم.
م: (ثم إذا وجد آخر) ش: أي وطء آخر م: (وصار معلوما تحققت المزاحمة) ش: فيزاحم الأول لكونه معلوما يصير المهر مقابلا له، وبالأول، وإذا وجد آخر فكذلك م:(وصار المهر مقابلا بالكل) ش: أي بكل الوطآت، ويظهر ذلك بقوله: م: (كالعبد إذا جنى جناية يدفع كله بها) ش: أي بهذه الجناية م: (ثم إذا جنى أخرى) ش: أي جناية أخرى م: (وأخرى) ش: أي وجناية أخرى إلى ما لا يتناهى م: (يدفع لجميعها) ش: أي لجميع الجنايات.
[الزوج إذا أراد أن يخرج المرأة إلى بلد أخرى وقد أوفى لها مهرها]
م: (وإذا أوفاها مهرها نقلها إلى حيث شاء) ش: أي إذا أوفى الرجل امرأته مهرها المعجل، كذا قيده الكاكي، نقلها إلى حيث شاء من البلاد م: (لقوله عز وجل: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6]
(الطلاق: الآية 6)، وقيل: لا يخرجها إلى بلد غير بلدها؛ لأن الغريب يؤذى، وفي قرى المصر القريبة لا تتحقق الغربة. قال: ومن تزوج امرأة ثم اختلفا في المهر، فالقول قول المرأة إلى تمام مهر مثلها، والقول قول الزوج فيما زاد على مهر المثل.
ــ
[البناية]
(الطلاق: الآية: 6) ش: وبه قال الشافعي، ومالك، وأحمد، وأصحابهم.
م: (وقيل) ش: قاله الفقيه أبو الليث - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وقال الأترازي: هو محمد بن سلمة. قلت: لا يضر ذلك؛ لأن كلا من أبي الليث، ومحمد بن سلمة قائل بذلك م:(لا يخرجها إلى بلد غير بلدها، لأن الغريب يؤذى) ش: وذكر في " فصول الأستروشي ": الزوج إذا أراد أن يخرج المرأة إلى بلد أخرى وقد أوفى لها مهرها ليس له ذلك، هكذا اختاره أبو الليث - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وقال ظهير الدين المرغيناني: في الأخذ بقول الله عز وجل أولى من الأخذ بقول الفقيه، قال الله تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] وذكر في " التجنيس ": والفتوى على أن للزوج أن يسافر بها إذا أوفاها المعجل؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ} [الطلاق: 6] الآية (الطلاق: الآية 6) ، ولأن الغريب يؤذى) .
ش: فإن قيل: هذا التعليل معارض بقوله: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] ، فلا يقبل.
قلنا: قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] مقيد بالنص بترك الإضرار، بدليل سياق الآية، وهو قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تُضَارُّوهُنَّ} [الطلاق: 6](الطلاق: الآية 6) ، وفي النقل إلى بلد آخر مضارة، ولهذا جاز الإخراج برضاها. وفي " المحيط ": المختار لمشايخنا أن لا يخرجها من بلدها، وجواز النقل ظاهر الرواية. وقال صاحب " ملتقى البحار " وأفتى بأنه يتمكن من نقلها إذا أوفاها المعجل، ومن المؤجل.
م: (وفي قرى المصر القريبة) ش: أي ما دون مدة السفر م: (لا تتحقق الغربة) ش: لقرب المسافة، بخلاف مدة السفر وما فوقها. وسئل أبو القاسم الصفار عمن يخرجها من المدينة إلى القرية، ومن القرية إلى المدينة، فقال: ذلك بيتوتة وليس بسفر، وإخراجها من بلد إلى بلد سفر وليس ببيتوتة.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن تزوج امرأة، ثم اختلفا في المهر) ش: أي الزوجان اختلفا في المهر تسميته، بأن قال الرجل: تزوجتك بألف، وقالت المرأة: بألفين م: (فالقول قول المرأة إلى تمام مهر مثلها، والقول قول الزوج فيما زاد على مهر المثل) ش: وعند الشافعي يتحالفا، كما في البيع، ولا يفسخ النكاح، سواء كان الاختلاف قبل الدخول أو بعده، ويجب مهر المثل. وقال مالك: إن كان الاختلاف بعد الدخول فالقول قول الزوج، وكذا لو كان بعد موتهما، وإن كان قبل الدخول يتحالفان، ويفسخ النكاح بناء على أصله أن
وإن طلقها قبل الدخول بها فالقول قوله في نصف المهر، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -. وقال أبو يوسف: القول قوله قبل الطلاق وبعده،
ــ
[البناية]
فساد الصداق يوجب فساد النكاح، وهذه المسألة على وجوه ذكرت هنا.
منها ما إذا قال الزوج: ألف، وقالت المرأة: ألفان، وكان هذا بعد الدخول، قبل الطلاق، أو بعده بحكم مهر المثل، حتى لو كان مهر المثل ألفا أو أقل، فالقول قول الزوج، مع إنكاره الزيادة بالله ما تزوجها على ألفين، وإن نكل أعطاها الألفين على سبيل التسمية دراهم لا خيار للزوج فيها، وإن حلف لا يثبت الفضل، وأيهما أقام البينة قبلت بينته، فإن أقاما البينة جميعا كانت بينة المرأة أولى، لأنها كانت أكثر إثباتا، كالبائع والمشتري أقاما البينة على مقدار الثمن تكون بينة البائع أولى لما قلنا، هذا إذا كان مهر المثل ألفا أو أقل. فإذا كان ألفين أو أكثر فالقول قولها مع اليمين ما رضيت بألف؛ لأنها تنكر للحط الذي يدعيه الزوج، فإن نكلت يجب لها الألف باعتبار التسمية، وإن حلف ثبت لها الألفان، ألف منها باعتبار التسمية، وألف آخر باعتبار تحكيم مهر المثل، وللزوج خيار في هذه الألف إن شاء أعطاها دراهم كما سماها، وإن شاء أعطاها من الدنانير ما يساوي ألف درهم، فأيهما أقام البينة على دعواه قبلت بينته؛ لأن كل واحد منهما مدع ظاهرا، وإذا أقاما جميعا فبينة الزوج أولى وهو الصحيح.
فإذا كان مهر مثلها ألفا وخمسمائة يجب التحالف، ويبدأ التحالف بالمقرعة، ولم يتعرض له المصنف، فإن نكل الزوج ثبت الألفان [
…
] ، وإن نكلت المرأة ثبت الألف، وإن حلفا جميعا ألف وخمسمائة الألف باعتبار التسمية، والخمسمائة باعتبار تحكيم مهر المثل، وللزوج خيار فيها، وأيهما أقام البينة قبلت بينته، وإن أقاما جميعا تهاترت البينتان للتعارض، ووجب مهر المثل ويخير الزوج فيها.
م: (وإن طلقها قبل الدخول بها) ش: فلها الزوج م: (فالقول قوله في نصف المهر) ش: هذا وجه آخر من الوجوه المتعلقة بهذه المسألة، صورته: قال الزوج تزوجتك بألف لا بل بألفين قبل الدخول بها فالقول قول الزوج في نصف المهر، ولا يحكم متعة مثلها، هذه على رواية " الجامع الصغير " و" المبسوط ".
وقال في " الجامع الكبير ": يحكم متعة مثلها، فإن شهدت لأحدهما فالقول له مع يمينه إن كانت بين الاثنين حلف كل واحد منهما م:(وهذا عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله تعالى -) ش: أي هذا المذكور من قوله: من تزوج امرأة إلى هنا عند أبي حنيفة ومحمد، وبه قال أحمد في رواية، وإن خصهما بالذكر؛ لأن عند أبي يوسف القول قول الزوج في جميع الصور.
م: (وقال أبو يوسف: القول قوله قبل الطلاق وبعده) ش: لأن القول قول الزوج مع يمينه،
إلا أن يأتي بشيء قليل، ومعناه ما لا يتعارف مهرا لها هو الصحيح. لأبي يوسف رحمه الله: أن المرأة قد تدعي الزيادة، والزوج ينكر، والقول قول المنكر مع يمينه، إلا أن يأتي بشيء يكذبه الظاهر فيه، وهذا لأن تقوم منافع البضع ضروري، فمتى أمكن إيجاب شيء من المسمى لا يصار إليه. ولهما أن القول في الدعاوى قول من يشهد له الظاهر، والظاهر شاهد لمن يشهد له مهر المثل، لأنه هو الموجب الأصلي في باب النكاح، وصار كالصباغ مع رب الثوب إذا اختلفا في مقدار الأجر تحكم فيه قيمة الصبغ،
ــ
[البناية]
وسواء كان الاختلاف قبل الطلاق أو بعده، وبه قال أحمد في رواية م:(إلا أن يأتي بشيء قليل) ش: اختلفوا في معنى الشيء القليل، فقال المصنف م:(ومعناه) ش: أي ومعنى الشيء القليل.
وقال الأترازي: إن معنى قول أبي يوسف إلا أن يأتي بشيء قليل م: (ما لا يتعارف مهرا لها) ش: يعني تفسير القليل أن يذكر الزوج شيئا لا يتزوج مثل تلك المرأة على ذلك المهر عادة. وقيل معناه دون العشرة، لأنه مستنكر شرعا، وروي هذا عن أبي يوسف، وفي " قاضي خان ": تفسير المستنكر عن أبي يوسف روايتان، إحداهما: ما دون العشرة، والثانية: ما لا يتزوج على مثله، وهذه هي الصحيحة، أشار إليه المصنف بقوله: م: (هو الصحيح) ش: وكذا قال في " البدائع " هو الصحيح. وفي " المحيط " و" قاضي خان ": أصح، ويحكى عن أبي الحسن الكرخي.
م: (لأبي يوسف أن المرأة قد تدعي الزيادة، والزوج ينكر، والقول قول المنكر مع يمينه، إلا أن يأتي بشيء يكذبه الظاهر فيه) ش: بأن ذكر أقل من عشرة دراهم؛ لأن ظاهر الشرع ينكره، وظاهر الحال يكذبه م:(وهذا) ش: أي هذا الذي ذكره أبو يوسف م: (لأن تقوم منافع البضع ضروري) ش: لأنه ليس بمال، وإنما يتقوم تعظيماً لخطره.
وقال الأترازي: يعني لضرورة التوالد والتناسل م: (فمتى أمكن إيجاب شيء من المسمى لا يصار إليه) ش: أي: إلى مهر المثل لأن مهر المثل إنما يعتبر عند انعدام التسمية اعتبارا على أصل التسمية فلا نحكم بمهر المثل.
م: (ولهما) ش: أي: ولأبي حنيفة ومحمد م: (أن القول في الدعاوى قول من يشهد له الظاهر) ش: يعني ظاهر الحال م: (والظاهر شاهد لمن يشهد له مهر المثل، لأنه) ش: أي لأن مهر المثل م: (هو الموجب الأصلي في باب النكاح) ش: شرعا م: (وصار كالصباغ مع رب الثوب) ش: أي صار تحكيم مهر المثل في الاختلاف في مقدار المهر كاختلاف الصباغ مع صاحب الثوب، بيانه أن رب الثوب قال صبغته بدرهم، وقال الصباغ: بدرهمين، وهو معنى قوله: م: (إذا اختلفا في مقدار الأجر) ش: أي الأجرة.
م: (تحكم فيه) ش: على صيغة المجهول من التحكيم م: (قيمة الصبغ) ش: ينظر ما زاد