الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآخر منكوحا، ولا اشتراك في هذا الباب، فبطل الإيجاب. ولنا: أنه سمى ما لا يصلح صداقا فيصح العقد ويجب مهر المثل، كما إذا سمى الخمر والخنزير، ولا شركة بدون الاستحقاق.
وإن
تزوج حر امرأة على خدمته إياها سنة، أو على تعليم القرآن
فلها مهر مثلها. وقال محمد: لها قيمة خدمته سنة، وإن تزوج عبد امرأة
ــ
[البناية]
(وقال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: يبطل العقدان) ش: وبه قال مالك وأحمد، واحتجوا بالحديث، وأجبناه عن قريب، وبقوله قال عطاء، وعمرو بن دينار، ومكحول، والزهري، والثوري. وقال الأوزاعي: إن كان دخلا بهما فلهما مهر مثلهما، وقبل الدخول يفسخ ويفسد العقد، وقال عطاء: المشاغران يقران على نكاحهما، ويؤخذ لكل واحدة صداق وبه يبطل تشاغرهما، ولم يستدل المصنف للشافعي في هذا بالحديث، بل استدل له بالمعقول حيث قال.
م: (لأنه) ش: أي لأن الرجل الذي زوج بنته على أن يزوجه الرجل بنته م: (جعل نصف البضع) ش: من كل واحدة منهما م: (صداقاً، والنصف الآخر منكوحاً، ولا اشتراك في هذا الباب) ش: أي في باب النكاح؛ لأن البضع الواحد لا يكون مشتركاً بين شخصين، كما إذا زوجت المرأة نفسها من رجلين، وإذا لم يصح الاشتراك م:(فبطل الإيجاب) ش: وإذا بطل الإيجاب بطل العقد.
م: (ولنا أنه سمى ما لا يصلح صداقاً، فيصح العقد ويجب مهر المثل، كما إذا سمى الخمر والخنزير) ش: بأن تزوجها على خمر أو خنزير م: (ولا شركة بدون الاستحقاق) ش: هذا جواب الخصم، وبيانه أن البضع لما لم يصلح صداقاً لم يتحقق الاشتراك؛ لأن منافع بضع المرأة لا تصلح أن تكون مملوكة لامرأة أخرى، فبقي هذا شرطاً فاسداً، والنكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة.
[تزوج حر امرأة على خدمته إياها سنة أو على تعليم القرآن]
م: (وإن تزوج حر امرأة على خدمته إياها سنة، أو على تعليم القرآن) ش: أي تزوجها على أن يعلمها القرآن صح النكاح م: (فلها مهر مثلها) ش: في الصورتين، وبصورة تعليم القرآن، مثل قولنا قال مكحول، والليث، ومالك، وإسحاق، وأحمد في رواية، واختاره أبو بكر من الحنابلة، وابن الجوزي في " التحقيق "؛ لأنه عبادة وليس بمال، وشرع النكاح بالمال، فصار كالصوم والصلاة وتعليم الإيمان، ومعنى حديث الواهبة نفسها وقوله عليه السلام:«زوجتكها بما معك من القرآن» ، أي من أجل أنك من أهل القرآن، أو ببركة ما معك من القرآن، كتزوج أبي طلحة على إسلامه.
م: (وقال محمد: لها قيمة خدمته سنة) ش: والمسألة من مسائل القدوري، ولكنه ذكرها على الاتفاق، ولم يذكر خلاف محمد، والمصنف ذكره اتباعاً لرواية " الجامع الصغير "، فإنه قال فيه: محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في رجل تزوج امرأة على خدمته سنة، قال: إن كان حراً فلها
حرة بإذن مولاه على خدمته سنة جاز، ولها خدمته سنة، وقال الشافعي رحمه الله: لها تعليم القرآن والخدمة في الوجهين، لأن ما يصلح أخذ العوض عنه بالشرط يصلح مهرا عنده؛ لأن بذلك تتحقق المعاوضة، فصار كما إذا تزوجها على خدمة حر آخر برضاها أو على رعي الزوج غنمها. ولنا أن المشروع إنما هو الابتغاء بالمال، والتعليم ليس بمال، وكذلك المنافع على أصلنا، وخدمة العبد ابتغاء بالمال لتضمنه تسليم رقبته، ولا كذلك الحر، ولأن خدمة الزوج الحر لا يجوز استحقاقها بعقد النكاح؛ لما فيه من قلب الموضوع بخلاف خدمة
ــ
[البناية]
مهر مثلها، وإن كان عبداً فلها خدمة سنة.
وقال محمد: لها خدمة سنة إن كان حراً، قال فخر الإسلام البزدوي في " شرح الجامع الصغير ": قال الفقيه أبو جعفر: ينبغي أن يكون قول أبي يوسف مثل قول محمد، وقال بعض مشايخنا: إن قوله مثل قول أبي حنيفة.
م: (وإن تزوج عبد امرأة حرة بإذن مولاه على خدمته سنة جاز، ولها خدمته سنة) ش: لما فيه من تسليم رقبته والعبد من الأموال يباع في الأسواق، ويعرض عرض الدواب، وقد سلبت عنه كرامات البشر.
م: (وقال الشافعي: لها تعليم القرآن والخدمة في الوجهين) ش: أي في الحر والعبد، وبه قال مالك وأحمد، وكذا الخلاف لو تزوجها وجعل مهرها طلاق الغير، أو العفو عن القصاص، فعندنا يجب مهر المثل، وعندهم المسمى م:(لأن ما يصلح أخذ العوض عنه بالشرط يصلح مهراً عنده) ش: أي عند الشافعي، لأن المقصود تحقق المعاوضة.
م: (لأن بذلك تتحقق المعاوضة، فصار كما إذا تزوجها على خدمة حر آخر برضاها، أو على رعي الزوج غنمها) ش: أي أو تزوجها على أن يرعى غنمها سنة فلا، وكذا إذا تزوجها على أن يزرع أرضها سنة.
م: (ولنا أن المشروع) ش: أي في عقد النكاح م: (إنما هو الابتغاء بالمال) ش: أي الطلب بالمال لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24](النساء: الآية 24)، م:(والتعليم ليس بمال) ش: أي تعليم القرآن ليس بمال، فضلاً أن يكون متقوماً.
م: (وكذلك المنافع) ش: غير متقومة م: (على أصلنا) ش: لأنها أعراض لا تبقى زمانين، وتقومها في العقد على خلاف القياس م:(وخدمة العبد ابتغاء بالمال لتضمنه تسليم رقبته) ش: أي رقبة العبد، كما في الإجارة م:(ولا كذلك الحر) ش: لأنه يتضمن تسليم رقبته، وعلى هذه النكتة يقع جواز النكاح على خدمة آخر، ورعي الغنم، قاله الأكمل.
وفي " المحيط ": ولو تزوجها على خدمة حر آخر فالصحيح صحته، ويرجع على الزوج
حر آخر برضاه، لأنه لا مناقضة فيه، وبخلاف خدمة العبد؛ لأنه يخدم مولاه معنى حيث يخدمها بإذنه وبأمره بالنكاح، وبخلاف رعي الأغنام؛ لأنه من باب القيام بأمور الزوجية، فلا مناقضة على أنه ممنوع في رواية، ثم على قول محمد رحمه الله تجب قيمة الخدمة؛ لأن المسمى مال إلا أنه عجز عن التسليم لمكان المناقضة
ــ
[البناية]
بقيمة حرمته وعلى رعي غنمها وزراعة أرضها يجوز في رواية، ولا يجوز في رواية.
وفي " المرغيناني " روايتان: ولو تزوج العبد على رقبته بإذن مولاه أمة أو مدبرة أو أم ولد جاز، ولو تزوج عليها حرة أو مكاتبة لا يجوز، ولا ينفذ بقيمته؛ لأن المنع من جهة الشرع، لا من جهة المال، بخلاف عبد الغير، حيث يصح النكاح، وتجب قيمته.
م: (ولأن خدمة الزوج الحر لا يجوز استحقاقها بعقد النكاح لما فيه) ش: أي لما في استحقاق خدمة الزوج الحر م: (من قلب الموضوع) ش: لأن موضوع النكاح أن يكون الزوج مالكاً، قال الله تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34](النساء: الآية 34) .
والمراد بالقوامة المالكية، ومقتضى النكاح أن تكون المرأة خادمة، والزوج مخدوماً لقوله عليه السلام:«النكاح رق» ، وفي جعله خدمته مهراً كان الرجل خادماً، والمرأة مخدومة، وهذا خلاف موضوع النكاح بلا خلاف.
م: (بخلاف خدمة حر آخر برضاه؛ لأنه) ش: يصلح أن يكون مهراً؛ لأنه مسلم من رقبته كالمستأجر م: (لا مناقضة فيه، وبخلاف خدمة العبد؛ لأنه يخدم مولاه معنى) ش: يعني من حيث المعنى.
م: (حيث يخدمها بإذنه وبأمره بالنكاح، وبخلاف رعي الأغنام؛ لأنه من باب القيام بأمور الزوجية) ش: وليس من باب الخدمة، لأنهما يشتركان في منافع أموالهما فلم تتمحض الخدمة، ألا ترى أن الابن إذا استأجر أباه للخدمة لا يجوز، ولو استأجره لرعي الغنم والزراعة وغيرها يجوز، وكيف وقد وقع التنصيص في قصة شعيب عليه السلام، وشريعة من قبلنا تلزمنا، إذا نص الله ورسوله بلا إنكار.
م: (فلا مناقضة على أنه ممنوع في رواية) ش: وهي رواية الأصل " الجامع " وهو الأصح، ويجوز على رواية ابن سماعة، وعللها بقوله لأنه من باب القيام بأمور الزوجية م:(ثم على قول محمد تجب قيمة الخدمة؛ لأن المسمى) ش: وهي الخدمة م: (مال) ش: يرد العقد عليها إذ المنفعة تصير مالاً بإيراد العقد عليها.
م: (إلا أنه عجز عن التسليم) ش: أي عن تسليم الخدمة م: (لمكان المناقضة) ش: وهي كون
فصار كالتزوج على عبد الغير. وعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - يجب مهر المثل؛ لأن الخدمة ليست بمال، إذ لا تستحق فيه بحال، فصار كتسمية الخمر والخنزير، وهذا لأن تقومه بالعقد للضرورة، فإذا لم يجب تسليمه في العقد لم يظهر تقومه فيبقى الحكم على الأصل وهو مهر المثل، فإن تزوجها على ألف فقبضتها ووهبتها له ثم طلقها قبل الدخول بها رجع عليها بخمسمائة؛ لأنه لم يصل إليه بالهبة عين ما يستوجبه؛ لأن الدراهم والدنانير لا تتعينان في العقود والفسوخ،
ــ
[البناية]
المخدوم خادماً، والخادم مخدوماً وهي ممنوعة عن استخدام الزوج شرعاً فتكون لها قيمة المسمى م:(فصار كالتزوج على عبد الغير) ش: فاستحق، فلزم قيمته. م:(وعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف يجب مهر المثل؛ لأن الخدمة) ش: أي خدمة الحر م: (ليست بمال إذ لا تستحق فيه) ش: أي لا تستحق الخدمة في النكاح، قال الرازي: سماعاً في هذا الموضع بكلمة أو التي هي موضوعة لأحد الشيئين على أن تكون هذه الجملة دليلاً ثانيا، بيانه أن مهر المثل إنما وجب لأحد الأمرين، إما لأن خدمة الزوج الحر ليست بمال، أو لأن خدمته لها لا تعتبر مستحقة في النكاح. م:(بحال) ش: يعني أصلاً، لأن المنافع ليست بمال متقوم حقيقة، لعدم الإحراز وتقومها المعقود للضرورة شرعاً، بخلاف القياس، وإذا منعنا الشرع عن تسليم هذه المنفعة لمكان المناقضة لم يثبت تقومها لما ذكرنا أن فيه قلب الموضوع، م:(فصار كتسمية الخمر والخنزير) ش: إذا عقد، وسماهما، أو إحداهما، فإنه يجب مهر المثل.
م: (وهذا لأن تقومه بالعقد للضرورة، فإذا لم يجب تسليمه) ش: أي تسليم ما ليس بمال م: (في العقد لم يظهر تقومه، فيبقى الحكم على الأصل وهو مهر المثل) ش: إذ مهر المثل هو الأصل في النكاح.
م: (فإن تزوجها على ألف) ش: أي بأن تزوج امرأة، وجعل صداقها ألف درهم م:(فقبضتها) ش: أي فقبضت المرأة الألف الصداق م: (ووهبتها له) ش: أي للزوج م: (ثم طلقها قبل الدخول بها رجع عليها) ش: أي رجع الزوج على المرأة م: (بخمسمائة)، ش: وهي نصف المهر، وبه قال الشافعي. وقال: في الأظهر لا يرجع كما في"العين"، وبه قال مالك وأحمد في رواية م:(لأنه) أي لأن الزوج م: (لم يصل إليها بالهبة) ش: أي هبة الألف التي قبضتها ثم وهبتها له م: (عين ما يستوجبه) أي عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول؛ لأنه يستحق به نصف المهر والمقبوض ليس بمهر، بل هو عوض عنه، وهذا لأن المهر دين في الذمة، والمقبوض عين، فكان مثله لا عينه، فصارت هبة المقبوض كهبة مال آخر، وحقه في سلامة نصف الصداق، فلم يسلم له الرجوع وهذا م:(لأن الدراهم والدنانير لا تتعينان في العقود والفسوخ) ش: عندنا فصار كهبة مال آخر.
وكذا إذا كان المهر مكيلا، أو موزونا أو شيئا آخر في الذمة؛ لعدم تعينها. فإن لم تقبض الألف حتى وهبتها له، ثم طلقها قبل الدخول بها لم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء في قولهم جميعا، وفي القياس يرجع عليها بنصف الصداق، وهو قول زفر رحمه الله؛ لأنه سلم المهر له بالإبراء، فلا تبرأ عما يستحقه بالطلاق قبل الدخول. ووجه الاستحسان أنه وصل إليه عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول، وهو براءة ذمته عن نصف المهر، ولا يبالي باختلاف السبب عند حصول المقصود.
ولو قبضت خمسمائة ثم وهبت الألف كلها المقبوض وغيره، أو وهبت الباقي ثم طلقها قبل
ــ
[البناية]
م: (وكذا) ش: أي وكذا يرجع عليها بالنصف م: (إذا كان المهر مكيلاً، أو موزوناً، أو شيئا آخر في الذمة) ش: كالعدة، وليس في الكثير من النسخ لفظ " أو شيئاً "؛ بل هو " أو موزوناً آخر " بلفظ:" آخر " صفة الموزون.
وقال الأترازي: أو موزوناً آخر غير الدراهم والدنانير - يعني غير مقبوض بأن تزوجها، وجعل مهرها كذا وكذا أكراً من الحنطة، أو الشعير، أو كذا وكذا رطلاً من الأشياء التي توزن، أو شيئاً آخر عين المكيل والموزون، وكل ذلك بلا قبض، وعلل هذا بقوله: م: (لعدم تعينها) ش: أي لعدم تعيين هذه الأشياء عند العقد، ولهذا لم يجب عليها رد عين ما قبضت. م:(فإن لم تقبض الألف) ش: أي فإن لم تقبض المرأة الألف التي أصدقها عليها م: (حتى وهبتها له ثم طلقها قبل الدخول بها لم يرجع واحد منهما) ش: أي من الزوجين م: (على صاحبه بشيء) ش: من ذلك م: (في قولهم جميعاً) ش: أي في قول أبي حنيفة وصاحبيه استحساناً.
م: (وفي القياس يرجع عليها بنصف الصداق وهو قول زفر؛ لأنه) ش: أي لأن الزوج م: (سلم المهر له بالإبراء) ش: وما سلم له بالإبراء غير ما يستحقه بالطلاق وهو براءة ذمته عما عليه من نصف المهر بالطلاق قبل الدخول فالزوج سلم له غير ما يستحقه م: (فلا تبرأ) ش: أي المرأة م: (عما يستحقه) ش: أي الزوج م: (بالطلاق قبل الدخول) ش: فالزوج يسلم له وهو النصف.
م: (ووجه الاستحسان أنه) ش: أي أن الزوج م: (وصل إليه عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول وهو براءة ذمته عن نصف المهر) ش: لكن بسبب آخر وهو الإبراء م: (ولا يبالي باختلاف السبب عند حصول المقصود) ش: وهو براءة ذمة الزوج عن نصف المهر؛ لأن الأسباب غير مطلوبة لذاتها بل لأحكامها، ألا ترى أن من يقول لآخر: لك علي ألف درهم ثمن هذه الجارية التي اشتريتها منك، وقال الآخر: الجارية جاريتك ولي عليك ألف، لزمه المال لحصول المقصود، وإن كذبه في السبب وهو بيع الجارية.
م: (ولو قبضت خمسمائة ثم وهبت الألف كلها المقبوض وغيره، أو وهبت الباقي ثم طلقها قبل