الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله عليه السلام «النكاح إلى العصبات» من غير فصل
و
الترتيب في العصبات في ولاية النكاح
كالترتيب في الإرث
ــ
[البناية]
الصغير والصغيرة إذا زوجهما الولي م: (قوله عليه السلام) ش: أي قول النبي صلى الله عليه وسلم: م: «النكاح إلى العصبات» ش: ذكر هذا الحديث شمس الأئمة السرخسي، وسبط بن الجوزي، ولم يخرجه أحد من الجماعة، ولا يثبت، مع أن الأئمة الأربعة اتفقوا على العمل به في حق البالغة.
وقال السروجي: روي عن علي _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ موقوفا ومرفوعا: «الإنكاح إلى العصبات» ، ويروى: النكاح إلى العصبات م: (من غير فصل) ش: يعني بين عصبة وعصبة، فيعمل بإطلاقه.
وقال أبو الفرج في " التحقيق " عن أحمد: يجوز تزويج الصغير والصغيرة لجميع العصبات، وإن كانا سمين، ويثبت لهما الخيار إذا بلغا في رواية عنه، ومذهبنا في غير الأب والجد قول عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، والعبادلة، وأبي هريرة _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - _ وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامة بنت حمزة بن أبي سلمة وكانت صغيرة، والنبي صلى الله عليه وسلم ابن عمها وقال:«لها الخيار إذا بلغت» ، وإنما زوجها بالعصوبة لا بالنبوة بوجهين:
أحدهما: أنه صلى الله عليه وسلم لم يزوج صغيرة ولا كبيرة ممن كان لها ولي، ولو كان تزويجها بالنبوة لم يتقدم عليه ولي.
والوجه الثاني: أنه أثبت لها الخيار، كما لو زوجها غير الأب والجد، والولي والنبوة أعظم من ذلك؛ ولا قصور فيها، والعباس _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ وإن كان عمها يحتمل أنه كان غائبا، أو متأدبا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل الأمر إليه، ذكره سبط بن الجوزي وغيره.
[الترتيب في العصبات في ولاية النكاح]
م: (والترتيب في العصبات في ولاية النكاح كالترتيب في الإرث) ش:، فأقرب الأولياء الابن، ثم ابنه وإن سفل، ثم الأب، ثم الجد وإن علا. وفي " الذخيرة " و" الأسبيجابي ": الولاية للأب، ثم الجد أب الأب وإن علا، [ثم] لأخ لأب وأم، ثم لأب، ثم لأولادهما على الترتيب ثم لمولى العتاقة، يستوي فيه الذكر والأنثى، ثم ذوي الأرحام الأقرب فالأقرب، ثم مولى الموالاة في قول أبي حنيفة، كما ذكر في الميراث، وعند محمد: ليس لذوي الأرحام إنكاح، ثم القاضي ومن نصبه القاضي. وعند زفر: الأخ لأب وأم، والأخ لأب سواء، ثم مولى العتاقة بعد العصبات النسبية، ثم عصبته، ثم ذوو الأرحام الأقرب فالأقرب عند أبي حنيفة استحسانا، وأبي يوسف في أكثر الروايات، وذكر الكرخي مع محمد، والأول أصح، ثم مولى الموالاة، ثم السلطان، ثم القاضي ومن نصبه القاضي.
والأبعد محجوب بالأقرب. قال: فإن زوجهما الأب أو الجد. يعني الصغير والصغيرة. فلا خيار لهما بعد بلوغهما لأنهما كاملا الرأي وافرا الشفقة فيلزم العقد بمباشرتهما كما إذا باشراه برضاهما بعد البلوغ وإن زوجهما غير الأب والجد فلكل واحد منهما الخيار إذا بلغ إن شاء أقام على النكاح، وإن شاء فسخ، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد _ رحمهما الله _. وقال أبو يوسف _ رحمه الله _ لا خيار لهما اعتبارا بالأب والجد، ولهما أن قرابة الأخ ناقصة،
ــ
[البناية]
وفي " قاضي خان ": الابن مقدم على الأب عند أبي حنيفة وأبي يوسف، ثم ابنه وإن سفل ثم الأب ثم الجد، وذكر الكرخي: أن الأخ مع الجد ويشتركان عند أبي يوسف ومحمد كالميراث عندهما.
والأصح أن النكاح للجد عند الكل، وفي " المبسوط ": وهو ظاهر الرواية وهو الأصح، وقال شمس الأئمة الحلواني في " شرحه ": الأصح عندي أن الجد أولى بالنكاح عند الكل، وشفقة الجد كشفقة الأب، ولهذا يثبت خيار البلوغ في الجد كالأب بخلاف الأخ، وفي " المحيط " والمختلف: هما سواء.
م: (والأبعد محجوب بالأقرب) ش: منهم وهو ظاهر فيما تقدم م: (قال: فإن زوجهما الأب أو الجد _ يعني الصغير والصغيرة _ فلا خيار لهما بعد بلوغهما) ش: به قال الشافعي، ومالك في الأب، في حق الصغيرة وأحمد في رواية، وغير الأب والجد من الأولياء لا يملكون تزويجهما عندهم م:(لأنهما) ش: لأن الأب والجد م: (كاملا الرأي وافرا الشفقة) ش: وأصلهما كاملان الرأي وافران الشفقة فسقطت النون منهما للإضافة م: (فيلزم العقد بمباشرتهما كما إذا باشراه) ش: أي العقد م: (برضاهما بعد البلوغ) ش: أي بعد بلوغهما.
م: (وإن زوجهما) ش: أي الصغير والصغيرة م: (غير الأب والجد فلكل واحد منهما الخيار إذا بلغ، إن شاء أقام على النكاح، وإن شاء فسخ) ش: أي النكاح.
م: (وهذا) ش: أي كون كل واحد منهما مخيرا بعد البلوغ م: (عند أبي حنيفة ومحمد) ش: وهو قول أبي يوسف أولا، وهو قول ابن عمر وأبي هريرة _ رضي الله عنهم _.
م: (وقال أبو يوسف _ رحمه الله _: لا خيار لهما اعتبارا بالأب والجد) ش: وهو قول عروة بن الزبير، وإنما اعتبره أبو يوسف بالأب والجد؛ لأنه عقد بولاية مستحقة بالقرابة، فلا يثبت فيه الخيار، وإذ القرابة سبب كامل لاستحقاق الولاية، والولاية لم تشرع في غير موضع النظر صيانة عن الإفضاء إلى الضرر، وإذا صح النظر قام عقد الولي مقام عقد نفسها لو كانت بالغة، كما أن الوصي يقوم مقام الأب، فيكون عقده كعقد الأب.
م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة ومحمد م: (أن قرابة الأخ ناقصة) ش: يعني أن التزويج
والنقصان يشعر بقصور الشفقة، فيتطرق الخلل إلى المقاصد
عسى، والتدارك ممكن بخيار الإدراك وإطلاق الجواب في غير الأب والجد يتناول الأم والقاضي وهو الصحيح من الرواية لقصور الرأي في أحدهما ونقصان الشفقة في الآخر
ــ
[البناية]
صدر من قاصر الشفقة، فلهما الخيار لتدارك الخلل في المقاصد، إذا ملكت أمرها، كذا قاله الكاكي.
ولكن التركيب لا يساعد هذا التقرير؛ لأنه ليس معنى قوله: _ قرابة الأخ ناقصة _ فإنه نسب النقصان إلى القرابة لا إلى الشفقة، ألا ترى كيف قال: م: (والنقصان يشعر بقصور الشفقة) ش: أي النقصان في القرابة يشعر بأن شفقة الأم قاصرة.
فحينئذ يكون معنى نقصان قرابة الأخ بالنسبة إلى قرابة الأب والابن، فهذا التفريع هو الذي يشعر بحصول الشفقة، فإذا كان كذلك م:(فيتطرق الخلل إلى المقاصد) ش: قال تاج الشريعة _ رحمه الله _:
يعني أن ما وراء الكفاءة والمهر مقاصد أخر في النكاح من سوء الخلق وحسنه [و] لطافة العشيرة وغليظها وكرم الصحبة ولؤمها، وتوسيع النفقة وتعسيرها، قال: وإنما عين الأخ، لأنه أقرب بعد الأب والجد من سائر الأولياء، فلما ثبت الحكم فيه مع قربته ثبت في غيره بالطريق الأولى.
م: (عسى والتدارك ممكن بخيار الإدراك) ش: أي رأيهما التدارك يحصل بخيار الإدراك، أي بخيار البلوغ، ولم يتعرض أحد من الشراح لمعنى عسى، والذي يليق به ها هنا بمعنى الترجي.
م: (وإطلاق الجواب في غير الأب والجد) ش: أي إطلاق جواب كتاب القدروي في غير الأب والجد بقوله: ولكل واحد منهما الخيار _ يدل على أن الأم أو القاضي إذا زوج الصغير أو الصغيرة كان لكل واحد منهما الخيار في نكاح الأم والقاضي إذا أدركا قوله _ وإطلاق الجواب _ مبتدأ وخبره هو قوله: م: (يتناول الأم والقاضي) ش: يعني في إثبات الخيار عند البلوغ.
م: (وهو الصحيح من الرواية) ش: احترز عما روى خالد بن صبيح المروزي عن أبي حنيفة أنه لا يثبت الخيار لليتيمة إذا زوجتها الأم أو القاضي؛ لأن للقاضي ولاية تامة تثبت في المال والنفس جميعا، فتكون ولاية القاضي كولاية الأب، وشفقة الأم فوق شفقة الأب، فكانت كالأب وجه ظاهر الرواية وهو المختار.
وأشار إليه بقوله: م: (لقصور الرأي في أحدهما) ش: وهو الأم م: (ونقصان الشفقة في الآخر) ش: وهو القاضي؛ لأن ولايتهما متأخرة عن ولاية الأخ والعم، فإذا ثبت الخيار في