المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٦

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(13) كتاب النكاح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب النظر إلى المخطوبة وبيان العورات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الولى فى النكاح واستئذان المرأة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب إعلان النكاح والخطبة والشرط

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب المحرمات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب المباشرة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌7 - باب الصداق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الوليمة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب القسم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب عشرة النساء وما لكل واحدة من الحقوق

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الخلع والطلاق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌13 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌14 - باب اللعان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب العدة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الاستبراء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب النفقات وحق المملوك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب بلوغ الصغير وحضانته في الصغر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(14) كتاب العتق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب إعتاق العبد المشترك وشراء القريب والعتق في المرض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلَ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(15) كتاب الأيمان والنذور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب في النذور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(16) كتاب القصاص

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الديات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب ما لا يضمن من الجنايات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌3 - باب القسامة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب قتل أهل الردة والسعاة بالفساد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(17) كتاب الحدود

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب قطع السرقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الشفاعة في الحدود

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌3 - باب حد الخمر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب ما لا يدعى على المحدود

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌5 - باب التعزير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌6 - باب بيان الخمر ووعيد شاربها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(18) كتاب الإمارة والقضاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما على الولاة من التيسير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب العمل في القضاء والخوف منه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب رزق الولاة وهداياهم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الأقضية والشهادات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِى:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(19) كتاب الجهاد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب إعداد آلة الجهاد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب آداب السفر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب الكتاب إلى الكفار ودعائهم إلى الإسلام

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثاني:

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

3540 -

[8] عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحُثُّنَا عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2667].

3541 -

[9] وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسٍ. [ن: 4047].

ــ

فإنهم ارتدُّوا، وسفكوا الدماء، وقطعوا الطريق، وأخذوا الأموال، وللإمام أن يجمع بين العقوبات في مثله سياسةً، وقيل: كان هذا قبل نزول الحدود وآية المحاربة في قطّاع الطريق، وأما النهي عن المُثْلة فهو منسوخ، وقيل: منهي نهي تنزيه.

وأما عدم السقي مع الاستسقاء، فقيل: كان ذلك أيضًا قصاصًا، وقيل: لم يأمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما فعلوا من عندهم، وأجمعوا على أن من وجب عليه القتل لا يمنع الماء إذا استسقى، فسبحان من خلقَه ضحوكًا قَتولًا رحيمًا غضوبًا لينال حُسنًا جامعًا بين الجلال والجمال، والقهر واللطف، والعفو والبطش، مشتملًا على صفات الكمال، وكان فعله كله بوحي اللَّه تعالى وأمره، والمولى يفعل في ملكه ما يشاء، والكل لانتظام الأمور وصلاح الأحوال.

الفصل الثاني

3540، 3541 - [8، 9](عمران بن حصين، وأنس) قوله: (وينهانا عن المثلة) في (القاموس)(1): مثل بفلان مثلًا ومثلة: نكل، كمثَّل تمثيلًا، وهي الْمُثْلة بضم الثاء وسكونها، والجمع مُثُولات ومَثْلَات، وفي (مختصر النهاية) (2): مثَّلتُ بالقتيل: جدَعتُ أنفَه أو أُذنَه أو مَذاكيرَه أو شيئًا من أطرافه، والاسمُ المُثْلةُ، ونهى أن

(1)"القاموس المحيط"(ص: 974).

(2)

"الدر النثير"(2/ 936).

ص: 351

3542 -

[10] وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتِ الْحُمَّرَةُ، فَجَعَلَتْ تَفْرُشُ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَنْ فَجَّعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ . . . . .

ــ

يمثل بالدواب، أي: تنصب فترمى، أو يقطع أطرافها وهي حية، انتهى. والنهي عن المثلة قيل: للتحريم، وقيل: للتنزيه، والأول أصح وأرجح.

3542 -

[10](عبد الرحمن بن عبد اللَّه) قوله: (حمرة) بضم الحاء المهملة وتشديد الميم المفتوحة، وقد يخفف: طائر صغير كالعصفور.

وقوله: (تفرش) بفتح التاء وضم الراء، من فرش الطائر: إذا بسط جناحيه، وبفتحها وتشديد الراء، أي: تتفرَّشُ، فحذف إحدى التائين، أي: ترفرفت بجناحيها وتقربت من الأرض، وقال التُّورِبِشْتِي (1): هو في (كتاب أبي داود) بالفاء والعين المهملة: تفرش أو تعرش بضم حرف المضارع من التفريش والتعريش، وذكر الخطابي في كتاب (المعالم) (2): أن التفريش مأخوذ من فرش الجناح وبسطه، والتعريش أن يرتفع فوقهما أو يظلل عليهما، يعني على الفرخين، ولا أرى الصواب فيه إلا تَفرَّشُ على بناء المضارع، حذف تاؤه لاجتماع التائين، انتهى. وفي (القاموس) (3): فرّش الطائر تفريشًا: رفرف على الشيء، كتفرش.

وقوله: (من فجع هذه) بالتشديد، أي: وجعه، والفجيعة: الرزيئة، تفجع:

(1)"كتاب الميسر"(3/ 829).

(2)

"معالم السنن"(2/ 283).

(3)

"القاموس"(ص: 556).

ص: 352

رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا" وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا قَالَ: "مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ؟ " فَقُلْنَا: نَحْنُ قَالَ: "إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا ربُّ النَّار". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2675].

3543 -

[11] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "سَيَكُونُ فِي أُمَّتى اخْتِلَافٌ وَفُرْقَةٌ، قَوْمٌ يُحسِنونَ القِيلَ ويُسيئونَ الفِعلَ، يَقْرَؤُوْنَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُروقَ السَّهمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَا يَرْجِعُونَ حَتَّى يَرْتَدَّ السَّهْمُ عَلَى فُوقِهِ. . . . .

ــ

توجع للمصيبة.

وقوله: (قرية نمل) أي: موضعها.

وقوله: (لا ينبغي أن يعذب بالنار) قالوا: إنما منع التعذيب بالنار لأنه أشدّ العذاب، قال في (مطالب المؤمنين): سئل محمد بن سلمة في قتل النملة، فقال: إن ابتدأك فاقتله وإلا فلا، وبه نأخذ، ولا يحرق بيوت النمل لنملة واحدة، كذا في (جوامع الفقه)، وكره إيقاعه في الماء، وروي أن نملة قرصت نبيًّا، فأحرق النمل، فأوحى اللَّه تعالى إليه: فهذا نملة واحدة، أي: فهلا قتلت تلك خاصة، كذا في (الحاوي).

3543 -

[11](أبو سعيد وأنس) قوله: (لا يجاوز تراقيهم) جمع تَرقُوةَ، وهي عظم بين ثُغْرة النحر والعاتق من الجانبين، يقال لها بالفارسية: جنبر كَردن.

وقوله: (لا يرجعون) أي: إلى الدين.

وقوله: (حتى يرتد السهم على فوقه) الفوق بضم الفاء: موضعُ الوَتَر من السَّهم، وهذا تعليق بالمُحال، فإن ارتداد السهم على الفوق محال، فرجوعهم إلى الدِّين

ص: 353

هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، طُوبَى لِمَنْ قتلَهُمْ وَقَتَلُوهُ، يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَلَيْسُوا منَّا فِي شَيءٍ، مَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْهُمْ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: "التَّحْلِيقُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4775].

ــ

أيضًا مُحالٌ على حدِّ قوله تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، وهذا تأكيد ومبالغة في عدم إمكان رجوعهم لتوغُّلهم في الغَيِّ والجهالة والضلالة والإضلال مع اعتقادهم أنهم على الحق والهداية.

وقوله: (هم شر الخلق والخليقة) في (القاموس)(1): الخليقة: الناس كالخلق البهائم، فعلى المعنى الأول هو تأكيد وعلى الثاني تأسيس، وقد يحمل الخليقة على من خلق، والخلق على من يخلق، ولعل المراد بالخلق المسلمون، واللَّه أعلم.

وقوله: (وليسوا منا في شيء) مقتضى ظاهر الكلام أن يقول: وليسوا من كتاب اللَّه في شيء، ولكن لما كان مآلُ كونهم من المسلمين وكونهم من كتاب اللَّه واحدًا ذكر هكذا إشارة إلى هذا الاتحاد، ومع ما فيه من المبالغة في نفي الإسلام وكونهم من عِدَاد المسلمين.

وقوله: (من قاتلهم كان أولى باللَّه) أي: أقرب إلى اللَّه وأحرى برحمته وفضله كما في قوله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: 68]، والضمير في (منهم) للأمة، والمعنى مَن قاتَلَهم من أمتي كان أَولى باللَّه من باقي أمتي، ويجوز أن يكون الضمير للفرقة الباطلة، والأول أَحرى وأجود وأفيد من حيث المعنى، فافهم.

وقوله: (ما سيماهم؟ قال: التحليق) أي: حلق الرأس، وذكر التحليق للمبالغة والتكثير، أي: مبالغون فيه ويكثرون منه، ولعله إنما ذكره لأنه لم يكن متعارفًا في

(1)"القاموس المحيط"(ص: 811).

ص: 354

3544 -

[12] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ! إِلَّا بإِحْدَى ثَلَاثٍ: زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ فإِنَّهُ يُرجَمُ، وَرَجُلٌ خرَجَ مُحارِبًا للَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ أَوْ يُنْفَى مِنَ الأَرْضِ، أَوْ يَقْتُلُ نَفْسًا فَيُقْتَلُ بِهَا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4353].

ــ

ذلك الزمان في العرب؛ فإن سِيماهم إرسال الشعر، وليس ذلك لذمِّ الحلق؛ فإنه من شعائر اللَّه ونُسُكه وسَمْت عباده الصالحين، هذا وقد يراد به تحليق القوم وإجلاسُهم حِلَقًا حِلَقًا، واللَّه أعلم.

3544 -

[12](عائشة) قوله: (مسلم يشهد) إشارة إلى أنه يكفي في ذلك مجرد الشهادتين من غير عمل زائد.

وقوله: (ورجل خرج محاربًا) أي: محاربة رجل، يريد به قاطع الطريق، (فإنه يقتل) إن قتل نفسًا بلا أخذ مال، (أو يصلب) بتشديد اللام إن قتل وأخذ المال، وللفقهاء خلاف في أنه يقتل ويصلب، أو يصلب حيًّا ويترك، أو يطعن حتى يموت، (أو ينفى من الأرض) أي: ينفى من بلد إلى بلد بحيث لا يتمكَّن من القرار في موضع، وقيل: من بلده، وهذا إذا أخاف المارَّة، ولم يقتل ولم يأخذ المال، وفسر أبو حنيفة رحمه الله النفي بالحبس، وإيراد كلمة (أو) على هذا التفصيل، وقيل: إنه للتخيير، والإمام مخير في هذه العقوبات في كل قاطع طريق من غير تفصيل، كذا في التفسير.

وقوله: (أو يقتل نفسًا) أي: رجل يقتل نفسًا، وهذا أحد الثلاث الذي يحل دماؤهم، فـ (أو) بمعنى الواو.

ص: 355

3545 -

[13] وَعَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْرُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إلَى حَبْلٍ مَعَه، فَأَخَذَهُ، فَفَزِعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 5004].

3546 -

[14] وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَخَذَ أَرْضًا بِجِزْيَتِهَا فَقَدِ اسْتَقَالَ هِجْرَتَهُ، وَمَنْ نزَعَ صَغَارَ كَافِرٍ مِنْ عُنُقِهِ فَجَعَلَهُ فِي عُنُقِهِ فَقَدْ وَلّى الإِسْلَامَ ظَهْرَهُ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3082].

ــ

3545 -

[13](ابن أبي ليلى) قوله: (كانوا يسرون) بفتح الياء وسكون السين وضم الراء، من السُّرَى، وهو السير بالليل، وفي بعض النسخ:(يسيرون) من السير، و (معه) أي: مع الرجل النائم، وكذا الضمير في (فزع) للرجل، و (يروع) بالتشديد، أي: يخوِّف.

3546 -

[14](أبو الدرداء) قوله: (من أخذ أرضًا بجزيتها) يحتمل أن يكون صفة لـ (أرضًا) أي: ملتبسةً بجزيتها، ويحتمل أن يكون حالًا من الفاعل، والمراد بالجزية هنا الخراجُ؛ لأنه يجري في الموضوع على الأرض المتروكة في أيدي أهل الذمة مجراها فيما يؤخذ من رؤوسهم، يعني أن المسلم إذا اشترى أرضًا خراجية من كافر؛ فإن الخراج لا يسقط عنه، وهو مذهب أبي حنيفة، فإذا أقام نفسه مقام الذمي في أداء ما يلزمه من الخراج صار كالمستقيل، أي: كالطالب لإقالة الهجرة وحكمها، والمراد النهي عن هذا الفعل.

وقوله: (ومن نزع صغار كافر. . . إلخ)، والمعنى أن من جعل ذل الكفر في عنقه بعد أن خرج عنه؛ فقد ألقى الإسلام في جانب ظهره وتركه، وهذا تتميم وتأكيد

ص: 356

3547 -

[15] وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً إِلَى خَثْعَمَ، فَاعْتَصَمَ ناسٌ مِنْهُمْ بِالسُّجُودِ، فَأَسْرَعَ فِيهِمُ الْقَتْلَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ لَهُمْ بِنِصْفِ الْعَقْلِ، وَقَالَ:"أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ؟ قَالَ: "لَا تَتَرَاءَى نارَاهُمَا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2645].

ــ

لما قبله، والصغار بالفتح: الذل والهوان، وهو لازم للكفر كالعزة للإسلام، وقيل: المراد به العلاقة التي تجعل في عنق الكافر للامتياز، وقد حصل هذا في زمن عمر رضي الله عنه، كأنه رضي الله عنه كان سمعه منه صلى الله عليه وسلم أن يفصل ذلك بالكفار أو أخبر بالغيب، واللَّه أعلم.

3547 -

[15](جرير بن عبد اللَّه) قوله: (إلى خثعم) اسم قبيلة، وفي (القاموس) (1): خثعم: جبل، وأهله خَثعَميُّون.

وقوله: (فاعتصم ناس منهم بالسجود) وكانوا مسلمين، أي: لما رأوا الجيش أسرعوا بالسجود، كذا في "الحواشي".

وقوله: (فأسرع فيهم القتل) أي: قتلهم الجيش ولم يُبالوا بسجودهم.

وقوله: (فأمر لهم بنصف العقل) قالوا: وإنما لم يكمل الدية صلى الله عليه وسلم بعد علمه بإسلامهم؛ لأنهم أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين الكفار كما قال صلى الله عليه وسلم بقوله: (أنا بريء. . . إلخ).

وقوله: (لا تتراءى ناراهما)، إسناد الترائي إلى النار مجاز، والمعنى يتباعد منزلاهما بحيث إذا وقدت فيهما ناران لم تلج إحداهما للأخرى، وذكر الطيبي (2) فيه

(1)"القاموس المحيط"(ص: 1014).

(2)

انظر: "شرح الطيبي"(7/ 110).

ص: 357

3548 -

[16] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الإِيمَانُ قَيَّدَ الْفَتْكَ لَا يَفْتِكُ مُؤمنٌ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2769].

3549 -

[17] وَعَنْ جَرِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا أَبَقَ الْعَبْدُ إِلَى الشِّرْكِ فَقَدْ حلَّ دَمُهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3460].

3550 -

[18] وَعَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ يَهُودِيَّةً كَانَتْ تَشْتِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَتَقَعُ فِيهِ، فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى مَاتَتْ، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَمَهَا". . . . .

ــ

وجوهًا آخر لا يخلو عن بعد.

3548 -

[16](أبو هريرة) قوله: (الإيمان قيد الفتك) الفتك مثلثة: القتل غافلًا، وفي (القاموس) (1) فتَكَ به: انتهَزَ منه فرصةً فقتلَه، والمراد بالتقييد المنعُ من باب ذكر الملزوم وإرادة اللازم، فإن القيد يمنع الشخصَ عن التصرُّف.

وقوله: (لا يفتك) بالرفع، ويروى بالجزم بلفظ المعلوم والمجهول، وأما قتل كعب بن الأشرف وغيره بطريق الفتك بأمره صلى الله عليه وسلم فكان قبل النهي، أو خص به النبي صلى الله عليه وسلم، أو كان بأمر سماوي لمَّا ظهر منهم الغدرُ والأذى والتحريضُ والإفساد.

3549 -

[17](جرير) قوله: (إذا أبق العبد إلى الشرك) أي: إلى داره، (فقد حل دمه) أي: إذا قتله أحدٌ لم يضمن وإن لم يرتدَّ؛ لدخوله في جوار المشركين، ولم يذكروا وجه تخصيصه بالمملوك فكأنه اتفاقي، واللَّه أعلم.

3550 -

[18](علي رضي الله عنه) قوله: (وتقع فيه) أي: تطعُنُ فِيه.

وقوله: (أبطل دمها) يدل على أن سبَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ينقض الذمة، وهو مذهب

(1)"القاموس المحيط"(ص: 875).

ص: 358

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 1460].

3551 -

[19] وَعَنْ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بالسَّيفِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الْخَوَارِجَ؟ قَالَ: نعم سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأُذُنَيَّ وَرَأَيْتُهُ بِعَيْنَيَّ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَالٍ فقَسَمَهُ، فَأَعْطَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَمَنْ عَنْ شِمَالِهِ، وَلَمْ يُعْطِ مَنْ وَرَاءَهُ شَيْئًا فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ وَرَائِهِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَا عَدَلْتَ فِي الْقِسْمَةِ، رَجُلٌ أَسْوَدُ مَطْمُومُ الشَّعْرِ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ: "وَاللَّهِ لَا تَجِدُونَ بَعْدِي رَجُلًا هُوَ أَعْدَلُ مِنِّي" ثُمَّ قَالَ: "يخرُجُ فِي آخرِ الزَّمانِ قَوْمٌ كَأَنَّ هَذَا مِنْهُم،

ــ

الشافعي، ولنا أن ذلك كفر منه، والكفر المقارن لا يمنعه، فالطارئ لا يرفعه، كذا في (الهداية)(1).

3551 -

[19](جندب) قوله: (ضربة بالسيف) يروى بالتاء والهاء، وعند الشافعي: يقتل إن كان ما يسحر به كفرًا إن لم يتب، وأجمعوا على أن فعل السحر حرام، وقيل: كفر، وأما تعليمه وتعلمه ففيه ثلاثة أقوال: الحرمة، والكراهة، والإباحة، والأول هو الأصح.

وقوله: (مطموم الشعر) يقال طَمَّ شعرَه: جَذَّه واستأصَلَه، والمراد التحليق.

وقوله: (كأن هذا منهم) أي: من شيعتهم وعلى سيرتهم، قاله صلى الله عليه وسلم في صورة

(1)"الهداية"(2/ 405).

ص: 359