المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٦

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(13) كتاب النكاح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب النظر إلى المخطوبة وبيان العورات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الولى فى النكاح واستئذان المرأة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب إعلان النكاح والخطبة والشرط

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب المحرمات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب المباشرة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌7 - باب الصداق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الوليمة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب القسم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب عشرة النساء وما لكل واحدة من الحقوق

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الخلع والطلاق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌13 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌14 - باب اللعان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب العدة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الاستبراء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب النفقات وحق المملوك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب بلوغ الصغير وحضانته في الصغر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(14) كتاب العتق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب إعتاق العبد المشترك وشراء القريب والعتق في المرض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلَ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(15) كتاب الأيمان والنذور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب في النذور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(16) كتاب القصاص

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الديات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب ما لا يضمن من الجنايات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌3 - باب القسامة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب قتل أهل الردة والسعاة بالفساد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(17) كتاب الحدود

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب قطع السرقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الشفاعة في الحدود

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌3 - باب حد الخمر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب ما لا يدعى على المحدود

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌5 - باب التعزير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌6 - باب بيان الخمر ووعيد شاربها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(18) كتاب الإمارة والقضاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما على الولاة من التيسير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب العمل في القضاء والخوف منه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب رزق الولاة وهداياهم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الأقضية والشهادات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِى:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(19) كتاب الجهاد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب إعداد آلة الجهاد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب آداب السفر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب الكتاب إلى الكفار ودعائهم إلى الإسلام

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثاني:

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

3872 -

[2] عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ، وَالرَّامِيَ بِهِ، وَمُنَبِّلَهُ، وَارْمُوا (1) وَارْكَبُوا،

ــ

كه نخست دربار ونشست آمده باشد، وجاء في المثل: اتَّخذوه قَعِيدَ الحاجاتِ.

الفصل الثاني

3872 -

[2](عقبة بن عامر) قوله: (ومنبله) النبل بمفتوحة وساكنة: السهام العربية ولا واحد لها، ولا يقال نبلة، وإنما يقال: سهم ونشابة، وقيل: النبل واحد وهي مؤنثة وجمعها نبال وأنبال ونبلان، والنبَّال بالتشديد صاحبه، ويقال: نابل، والأول هو القياس مثل جعَّاب وقوَّاس.

وفي (القاموس)(2): نبَّلَه: رماه به وأعطاه النَّبلَ، كأنبَلَه، انتهى. ومن هنا روي (منبله) بالتشديد بلفظ اسم الفاعل من التفعيل، ومن الإفعال، يقال: نبَّلتُ الرجل بالتشديد وأنبَلتُه: ناولتُه النبلَ للرمي، ومناولتُه أعمُّ من أن يناولها ابتداء قبل الرمي أو يردها على الرامي من الهدف، وفي حديث آخر:(إن سعدًا كان يرمي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد والنبي ينبله) روي على الوجهين بالتشديد وعدمه، وغلَّطَ الثانيَ ابنُ قتيبة من النقلة لأن معناه رميته بالنبل، وصححه أبو عمرو الزاهد، ونقل عنه نبَلتُه بالتخفيف أنبُلُه بضم الباء من نصر ينصر أيضًا.

وقوله: (فارموا واركبوا) أراد بالركوب الطعن بالرمح فيكون معنى قوله:

(1) في نسخة: "فارموا".

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 978).

ص: 604

وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا، كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ بَاطِلٌ إِلَّا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارِمِيُّ:"وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَمَا عَلِمَهُ رَغْبَةً عَنْهُ فَإِنَّهُ نِعْمَةٌ تَرَكَهَا" أَوْ قَالَ: "كَفَرَهَا". [ت: 1637، جه: 2811، د: 2513، دي: 2/ 204 - 205].

3873 -

[13] وَعَنْ أَبِي نَجيحٍ السُّلَميِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: . . . . .

ــ

(وأن ترموا أحب إليّ من أن تركبوا) أن الرمي بالسهم أحب من الطعن بالرمح، كذا ذكر الطيبي (1)، واستشهد بقول الشاعر:

عرضُكَ على الفارسِ والراجلِ

ضيقٌ على الرامحِ والنابلِ

وقال فيه لف ونشر، يعني أن المراد بالفارس الرامح، وبالراجل النابل.

وقوله: (وتأديبه فرسه) أي: تعليمه إياه الركض والجولان على نية الغزو، فيه تنبيه على أنه ينبغي أن تكون النية في ركض الفرس وإجالته هو تأديبَه وتعليمَه لا مجردَ اللهو.

وقوله: (فإنهن) أي: هذه الثلاثَ (من الحق) فلا يكون لهوًا في الحقيقة.

3873 -

[13](أبو نجيح السلمي) قوله: (عن أبي نجيح) بفتح النون وكسر الميم وبالمهملة، كذا في (جامع الأصول)(2)، وتصحيحه بضم النون وفتح الجيم كما في بعض (شروح المصابيح) لا يساعده نقل، وهو كنية عمرو بن عبسة، كذا نقل

(1)"شرح الطيبي"(7/ 319).

(2)

"جامع الأصول"(9/ 490).

ص: 605

"مَنْ بَلَغَ بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ لَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ لَهُ عِدْلُ مُحَرَّرٍ، وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ" وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الْفَصْلَ الأَوَّلَ، وَالنَّسَائِيُّ الأَوَّلَ وَالثَّانِيَ، وَالتِّرْمِذِيُّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَفِي رِوَايَتِهِمَا:"مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ" بدَلَ "فِي الإِسْلَام". [شعب: 8/ 386، د: 3965، ن: 3142، ت: 1638].

3874 -

[14] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا سَبَقَ إِلَّا. . . . .

ــ

عن (شرح السنة).

وقوله: (من بلغ بسهم في سبيل اللَّه) أي: أوصلَه إلى كافر، فالباء للتعدية فيكون معنى قوله:(ومن رمى بسهم) أنه رماه أوصله أو لم يوصل، ويحتمل أن يكون الباء للمصاحبة، أي: بلغ مكان الغزو مع سهم إن لم يرمِ، فعلى الأول يكون في قوله:(ومن رمى) تنزُّلًا من الأعلى إلى الأدنى، والمراد درجة عظيمة على من يحصل من التحرير، وعلى الثاني يكون ترقِّيًا من الأدنى إلى الأعلى، فيكون المراد درجة ما، وثواب التحرير أعظم، وما يحصل به من الدرجة عظيم، واللَّه أعلم.

وقوله: (من شاب شيبة في الإسلام) قيل: المراد بالإسلام الجهاد لأنه عمود الإسلام وذروة سنامه كما تدل عليه رواية (في سبيل اللَّه)، فيكون مآلُ الروايتين واحدًا.

وقوله: (وفي روايتهما) صريح في أن النسائي روى الثالث أيضًا مع أن قوله (والنسائي الأول والثاني) يدل على خلافه إلا أن تكون للنسائي روايتان.

3874 -

[14](أبو هريرة) قوله: (لا سبق) هو بالتحريك اسم للمال المشروط

ص: 606

فِي نصلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. [ت: 170، د: 2564، ن: 3585].

ــ

للسابق على سبقه، وبالسكون مصدر سبَقْتُ، وصحح الفتح، و (النصل) بفتح النون وسكون الصاد المهملة: حديدة السهم والرمح والسيف ما لم يكن له مقبض، والجمع أَنصُل ونِصَال ونُصُول، كذا في (القاموس)(1) والمراد هنا السِّهام.

و(الخف) بالضم: مجمع فِرْسِن البعير، وقد يكون للنَّعام، أو الخف لا يكون إلا لهما، والمراد هنا البعير، و (الحافر) أحد حوافر الدابة، وفي (الصراح) (2): حافر: سم ستور، والمراد هنا الفرس، والمعنى لا يحل أخذ المال بالمسابقة إلا في هذه الثلاثة، وألحق جماعة من الفقهاء ما كان في معناها، ويكون عدة للقتال كالبغال والحمير في معنى الخيل، والفيل في معنى الإبل لأنه أغنى من الإبل في القتال، وفي شرط المال على السَّبق بما هو عدَّة للقتال، وبذل الجُعل عليها ترغيبٌ في الجهاد بخلاف ما لم يكن عدةً للقتال كالطير والحمام لا يجوز السبق فيها وأخذ المال عليه، وألحق بعضهم المسابقة على الأقدام، وبعضهم ألحق المسابقة بالحجارة أيضًا لكونها في معنى السهام، وفي (مشارق الأنوار) (3): وكان ابن عمر يخص الرهان بالخيل.

ثم اعلم أن في المشارطة في السباق معنى القمار لما فيه من المخاطرة في المِلْك والتردُّد بين الغُرْم والغُنْم، فإن كان المال مشروطًا من جهة الإمام أو من غيره من أحد من الناس بأن قيل: مَن سبقَ فله عليَّ كذا، أو من أحد الجانبين من المسابقين بأن يقول: إن سبقتَني فلكَ عليَّ كذا، وإن سبقتُكَ فلا شيءَ عليكَ فهو جائز، وإن

(1)"القاموس المحيط"(ص: 907).

(2)

"الصراح"(ص: 172).

(3)

"مشارق الأنوار"(1/ 480).

ص: 607

3875 -

[15] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَينِ فَإِنْ كَانَ يُؤْمَنُ أَنْ يُسْبَقَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُسْبَقَ فَلَا بَأْسَ بِهِ". رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ" وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: قَالَ: "مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ يَعْنِي وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُسْبَقَ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ، وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يُسْبَقَ فَهُوَ قِمَارٌ". [شرح السنة: 10/ 396، د: 2579].

ــ

كان من جانبين بأن قال: إن سبقتُكَ فلي عليكَ كذا، وإن سبقتني فلك عليَّ كذا لم يجز؛ لأنه يكون قمارًا حقيقة إلا بدخول المحلِّل بينهما كما يجيء في الحديث الآتي، والمحلِّل مَن يدخل فرسًا بين فرسَي المخرجين بشرط أنه إن سبق فرس المحلل أخذ السبقين وإن سُبِق فلا شيء عليه، سمي محلِّلًا؛ لأنه يحلل للسابق أخذ المال فبالمحلِّل يخرج العقد عن أن يكون قمارًا؛ لأن القمار أن يكون الرجل متردِّدًا بين الغرم والغنم هكذا قالوا، ومعناه أن المشارطة التي كانت بين المتسابقين من الجانبين قد سقط اعتبارها بوجود المحلل وصارت به من جانب واحد وهو جانبه بأنه إن سبق أحد السبقين، وإن سُبِقَ فلا شيء عليه كما كان في صورة الشرط من أحد الجانبين، فافهم.

3875 -

[15](وعنه) قوله: (من أدخل فرسًا بين فرسين) هذا هو صورة التحليل.

وقوله: (فإن كان يؤمن) بلفظ المجهول من الأَمْنِ، و (أن يسبق) أيضًا بلفظ المجهول، أي: يعلم أن هذا الفرس الداخل سابق غير مسبوق، (فلا خير فيه) يعثي لا يحصل به التحليل، أو يحصل ولكن يبقى فيه شيء من الكراهة، وهذا هو الظاهر من عبارة (لا خيرَ فِيه)، و (لا بأسَ به)، (وإن كان لا يؤمن أن يسبق) أي: لا يعلم أنه سابق البتةَ (فلا بأس) ولعل السبب في ذلك أنه إذا علم أنه سابق أخذ السبقين البتة، فكأنه يبقى المشارطة من الجانبين بحالها وهو غير جائز، وإن كان سبقُه وعدمُ سبقِه

ص: 608

3876 -

[16] وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ" زَادَ يَحْيَى فِي حَدِيثِهِ: "فِي الرِّهَانِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِ الْغَضَبِ. [د: 2581، ن: 3591، ت: 1123].

ــ

محتملين فيأخذ السبقَين إن سبقَ، وإن لم يسبِقْ فلا شيءَ عليه، فيكون الشرط من أحد الجانبين، ولم يبق المشارطة من الجانبين، فتأمل، هذا غاية ما تصورنا في توجيه هذا المقام من الكلام.

وعبارة الطيبي لا يخلو من الخفاء، وأما ما قال السيد في شرح هذه العبارة: أن يكون المحلِّل بحيث يحتمل أن يكون سابقًا بأن يكون فرسُه جوادًا فيسبق ويأخذ المالين معًا، وإن كان مما لا يحتمل كونه سابقًا فلا فائدةَ فِيه، فظاهر في عكس المراد من عبارة الحديث، ولكن يكون وجه التحليل ظاهرًا، فافهم.

3876 -

[16](عمران بن حصين) قوله: (لا جلب ولا جنب) كلاهما بالتحريك، وهما يكونان في الزكاة وفي السِّباق، فالجلب في الزكاة أن يأمر المصدِّقُ بجلب الأموال ونقلها من أماكنها ليأخذ صدقاتها، وفي السبق أن يتبع رجلًا فرسه فيزجره ويصيح ليكون أشدّ عدوًا، والجنب في الزكاة أن يجنب رب المال بماله، أي: يبعده عن مواضعه حتى يحتاج العامل إلى الإبعاد في اتِّباعه وطلبه، وفي السباق أن يجنب فرسًا إلى جنب فرسه الذي سابق عليه، فإذا فتر المركوب تحول إلى المجنوب ويركبه، والكل منهي عنه، وقد مرّ بيانه في (باب الزكاة) مفصلًا.

وقوله: (في الرهان) أي: زاد يحيى هذه اللفظة، والرهان بالكسر المخاطرة والمسابقة على الخيل، وفي (مشارق الأنوار) (1): وكان ابن عمر يخص الرهان بالخيل

(1)"مشارق الأنوار"(1/ 480).

ص: 609

3877 -

[17] وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَيْرُ الْخَيْلِ الأَدْهَمُ الأَقْرَحُ الأَرْثَمُ، ثُمَّ الأَقْرَحُ الْمُحَجَّلُ طُلُقُ الْيَمِينِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدْهَمَ فَكُمَيْتٌ عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارِمِيُّ. [ت: 1696، دي: 2/ 212].

ــ

كما مرّ، ويقول: ليس بِرهان الخيل باسٌ.

3877 -

[17](أبو قتادة) قوله: (خير الخيل الأدهم) الدُّهْمة بالضم: السَّواد، والأدهم: الأسود، والقرح في وجه الفرس بياض دون الغرة، والرثم بالمثلثة محركة والرُّثْمة بالضم: بياض في طرف أنف الفرس، أو كل بياض أصاب الجحفلة العليا، أو بياض في الأنف.

والتحجيل بياض في قوائم الفرس كلها أو يكون في رجلين فقط، ولا يكون في اليدين خاصة إلا مع الرجلين، ولا في يد واحدة دون الأخرى إلا مع الرجلين، والفرس محجول ومحجّل، وفرس طُلُقُ اليدِ اليمنى مُطلَقها، ذكرها كلها في (القاموس) (1). ومعنى قوله:(مُطلَقها) أي: ليس فيها تحجيل.

قال التُّورِبِشْتِي (2): طلقٌ بضم الطاء واللام: إذا لم يكن في إحدى قوائمه تحجيل، و (الكميت) بلفظ التصغير: الذي خالط حمرته قُنوء، أي: شدةُ حمرةٍ، وقال التُّورِبِشْتِي: الكميت من الخيل يستوي فيه المذكر والمؤنث، والمصدر الكُمْتَةُ، وهي حمرة يدخلها قترة. وقال الخليل: وإنما صُغِّر لأنه بين السواد والحمرة لم يخلص له واحد منهما، فأرادوا بالتصغير أنه قريب منهما.

وقوله: (على هذه الشية) بكسر الشين وفتح الياء، أي: العلامة، و (هذه) إشارة

(1)"القاموس المحيط"(ص: 904).

(2)

"كتاب الميسر"(3/ 888).

ص: 610

3878 -

[18] وَعَنْ أَبِي وَهَبٍ الْجُشَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُمْ بِكُلِّ كُمَيْتٍ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ، أَوْ أَشْقَرَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ، أَوْ أَدْهَمَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. [د: 2553، ن: 3565].

3879 -

[19] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُمْنُ الْخَيْلِ فِي الشُّقْرِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [ت: 1695، د: 2545].

ــ

إلى القرح والرثم، كذا في الحواشي.

وقال التُّورِبِشْتِي: الشِّيَةُ كلُّ لونٍ يخالفُ معظمَ لون الفرس، فالتاء عوض عن الواو الذاهبة من أوله، وهمزها خطأ، وقال في (القاموس) (1): شية الفرس كعدة: لونه، قال البيضاوي (2) في قوله تعالى:{لَا شِيَةَ فِيهَا} [البقرة: 71]: لا لونَ فِيها يخالفُ لونَ جِلدِها، وهي في الأصل مصدر، وشاه وَشْيًا وشِيَةً: إذا خلط بلونه لون آخر.

3878 -

[18](أبو وهب الجشمي) قوله: (وعن أبي وهب الجشمي) بضم الجيم وفتح الشين المعجمة.

وقوله: (أو أشقر) قال التُّورِبِشْتِي (3): الفرق بين الكميت والأشقر بالعرف والذنب، فإن كانا أحمرين فهو أشقر، وإن كانا أسودين فهو كميت، وفي (القاموس) (4): الأشقر من الدواب: الأحمر، يحمرُّ منها الغرْفُ والأنفُ، ومن الناس مَن يعلو بياضَه حُمرةٌ.

3879 -

[19](ابن عباس) قوله: (في الشقر) بضم الشين وسكون القاف

(1)"القاموس المحيط"(ص: 1232).

(2)

"تفسير البيضاوي"(1/ 69).

(3)

"كتاب الميسر"(3/ 889).

(4)

"القاموس المحيط"(ص: 390).

ص: 611

3880 -

[20] وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلميِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تَقُصُّوا نَوَاصِيَ الْخَيْلِ وَلَا مَعَارِفَهَا وَلَا أَذْنَابَهَا، فَإِنَّ أَذْنَابَهَا مَذَابُّهَا، وَمَعَارِفَهَا دِفاؤُها، وَنَوَاصِيهَا مَعْقُودٌ فِيهَا الْخَيْرُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2542].

3881 -

[21] وَعَنْ أَبِي وَهَبٍ الْجُشَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ارْتَبِطُوا الْخَيْلَ وَامْسَحُوا بِنَواصِيهَا وَأَعْجَازِهَا. . . . .

ــ

جمع أشقر كحمر جمع أحمر.

3880 -

[20](عتبة بن عبد السلمي) قوله: (وعن عتبة) بضم العين وسكون الفوقية وبموحدة (ابن عبد) ضد الحر.

وقوله: (لا تقصوا) أي: لا تقطعوا، من قصَّ الشاربَ: إذا قطَعَه، (ولا معارفها) قيل: هو جمع عرف على غير القياس كمَحَاسِن جمع حُسْن، وقيل: جمع معرفة بمعنى موضع العُرْفِ، أطلق على العرف مجازًا، وعرف الفرس بالضم: شعرُ عُنقِه.

وقوله: (فإن أذنابها مذابها) بالفتح جمع مِذَبَّه بالكسر وهي المِروَحة، في (القاموس) (1): الدِّفء بالكسر: نقيض حدَّة البرد، والدِّفاء: ما يدفع به البرد، وفسره الطيبي (2) بقوله: أي: كساها الذي تدفأ به، وقد يسمى الإبل والغنم دِفاءً لأنه يُتَّخذُ من أوبارها وأصوافها ما يُستدفَأُ به، قوله تعالى:{لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} [النحل: 5].

3881 -

[21](أبو وهب الجشمي) قوله: (ارتبطوا الخيل) كناية عن تسمينها للغزو.

وقوله: (وامسحوا بنواصيها وأعجازها) جمع عَجُز وهو الكَفَل بفتحتين،

(1)"القاموس المحيط"(ص: 51).

(2)

"شرح الطيبي"(7/ 323).

ص: 612

أَوْ قَالَ: أَكْفَالِهَا، وَقَلِّدُوهَا وَلَا تُقَلِّدُوهَا الأَوْتَارَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. [د: 2553، ن: 3565].

3882 -

[22] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدًا مَأْمُورًا،

ــ

والمقصود من المسح تنظيفُها من الغبار، وتعرُّفُ حال سِمَنِها، وقد يحصل به الأنس للفرس بصاحبه ويتفرَّس ذلك منه.

وقوله: (وقلدوها) القلادة ما يجعل في العنق، وتقليدُ الخيل حسنٌ لقصد إعلاء الدين.

وقوله: (ولا تقلدوها الأوتار) جمع وِتر بالكسر، وهو الدم وطلب الثأر، أي: لا تركبوها لتطلبوا عليها أوتار الجاهلية، وقيل: معنى تقليدها الأوتار جعلُ الأوتار لازمًا لها في أعناقها لزوم القلائد للأعناق، وقيل: هي جمع وتر القوس، كانوا يعقدون في عنق الخيل أوتار القِسِيِّ لئلا تصيبَه العينُ فنهي عن ذلك تنبيهًا على أنها لا تردُّ شيئًا من القدر، أو لئلا يخنق عنقها بتضييق، وقد مرّ شرحه مفصلًا في (كتاب الطهارة) في (باب آداب الخلاء) في الفصل الثاني في حديث رويفع بن ثابت. والحديث هناك مطلق من ذكر الخيل، فقد يحمل أيضًا على عقد الخرزات في رقاب الولدان لدفع العين، وهو من شعار الجاهلية، وهذا الحديث قرينة على حمله على عقد الأوتار في أعناق الخيل.

3882 -

[22](ابن عباس) قوله: (عبدًا مأمورًا) أي: من عند اللَّه لا يحكم إلا بما جاء من عنده ولا يحكم بشيء بمقتضى ميله من عند نفسه، ولا يخص أحدًا بميل طبعه بما شاء حتى أهل بيته المختصين به، ولا ينافي هذا ما ذهب إليه بعض الأصوليين من أن الأحكام مفوضة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخص من يشاء بما يشاء؛ لأن

ص: 613

مَا اخْتَصَّنَا دُونَ النَّاسِ بِشَيْءٍ إِلَّا بِثَلَاثٍ: أَمَرَنَا أَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ، وَأَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ، وَأَنْ لَا نُنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. [ت: 1701، ن: 3581].

ــ

ذلك باجتهاد منه صلى الله عليه وسلم الذي هو وحي خفي لا بميل طبعه ومقتضى نفسه، والمنفي هو هذا المعنى، فافهم.

وقوله: (ما اختصنا) يريد نفسه وسائر أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (أمرنا) بيان لما اختصهم به من الخصال، أي: حكم علينا.

وقوله: (بأن نسبغ الوضوء) أي: نُتِمَّه ونكمله، وسبق تفسيره في بابه، (وأن لا نأكل الصدقة) أي: الزكاة، فإنها حرام على أهل بيته، وذلك أيضًا مرّ في (باب الزكاة).

وقوله: (وأن لا ننزي حمارًا على فرس) أي: نثيب (1) ونحمل عليها لتحصل منه البغلة، ويشكل الاختصاص في الإسباغ والإنزاء، فإن الأول مستحب أمر به كل أحد، والثاني مكروه نهي عنه كل أحد، نعم حرمة أكل الصدقة مخصوص بأهل البيت، ويجاب بأن المراد الإيجاب وهو مختص به، أو المراد الحث على المبالغة والتأكيد في ذلك.

وقيل: هذا كقول علي رضي الله عنه: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهمًا يعطى رجل في كتابه وما في هذه الصحيفة، كما مر في الفصل الأول من (كتاب القصاص)، فالمقصود نفي الاختصاص والاستئثار بشيء من الأحكام، فإن هذه الأشياء ليس بمخصوصة بهم، فالكلام وارد على طريق المدح بما يشبه الذم.

(1) الظاهر "وثب".

ص: 614

3883 -

[23] وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَغْلَةٌ فركِبَهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَوْ حَمَلْنَا الْحَمِيرَ عَلَى الْخَيْلِ فَكَانَتْ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. [د: 2565، ن: 3580].

3884 -

[24] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فِضَّةٍ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ. [ت: 1691، د: 2583، ن: 5374، دي: 2/ 221].

ــ

قالوا: وفي هذا ردٌّ على الشيعة الذين يزعمون أن أهل البيت مخصوصون بعلوم وأحكام ليست لغيرهم، ولعل المراد نفي الاختصاص بالأحكام الشرعية وإلا لو خُضُّوا بعلوم وحقائق وأسرار وأخبار من بين سائر الناس لم يبعد ولا يلزم منه شيء، واللَّه أعلم.

3883 -

[23](علي) قوله: (فكانت لنا مثل هذه) عطف على (حملنا)، وجواب (لو) محذوف، وليس هو جوابها، فإن الفاء لا تدخل في جواب (لو)، هذا إن جعل (لو) شرطية، وإن حملت على التمني فلا يحتاج إلى الجواب، والحديث يدل على النهي عن إنزاء الحمار على الفرس، وقالوا: هو للكراهة.

وقوله: (الذين لا يعلمون) أي: أحكامَ الشريعة وما هو الأولى والأنسب بالحكمة.

3884 -

[24](أنس) قوله: (كانت قبيعة سيف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) في (القاموس)(1): قبيعة السيف كسفينة: ما على طرف مَقْبِضِه من فضة أو حديد،

(1)"القاموس المحيط"(ص: 691).

ص: 615

3885 -

[25] وَعَنْ هُودِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جدِّهِ مَزِيدَةَ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 1690].

3886 -

[26] وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ دِرْعَانِ قَدْ ظَاهَرَ بَيْنَهُمَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 2590، جه: 2806].

ــ

وفي (مختصر النهاية)(1): هي التي تكون على رأس قائم السيف، وقيل: ما تحت شاربي السيف، وفي (الصراح) (2): قبيعة بند شمشير وكارد، وفي الحواشي: هي بالفارسية ملحق، ويقول له بعضهم: كلاه.

3885 -

[25](هود بن عبد اللَّه) قوله: (وعن هود) هود سَمِيُّ النبي عليه السلام، وفي بعض نسخ (المصابيح): هوذة بفتح الهاء والذال المعجمة، وليس كذلك، كذا نقل من (الأزهار). (عن جده مزيدة) بفتح الميم وكسر الزاي وسكون التحتانية.

وقوله: (وعلى سيفه ذهب وفضة) قيل: في هذا الحديث ضعف، ليس إسناده بالقوي، والتحلية بالذهب حرام، كذا في شرح مولانا محمد الحنفي على (الشمائل).

وقال التُّورِبِشْتِي (3): حديث مزيدة لا يقوم به حجة إذ ليس له سند يعتد به، وقيل: يمكن أن تكون الفضة مموَّهة بالذهب، وهذا ليس بحرام، وتفصيله في كتب الفقه.

3886 -

[26](السائب بن يزيد) قوله: (قد ظاهر بينهما) أي: جمع بينهما،

(1)"الدر النثير"(2/ 815).

(2)

"الصراح"(ص: 323).

(3)

"كتاب الميسر"(3/ 890).

ص: 616

3887 -

[27] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ رَايَةُ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَوْدَاءَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 1681، جه: 2818].

ــ

ولبِسَ إحداهما فوق الأخرى، كأنه جعل إحداهما ظهارة، والأخرى بطانة. وفي (القاموس) (1): ظاهر بينهما: طابق، وهذا من غاية الشجاعة، فإن أشجع الناس أكثرهم سلاحًا واستعدادًا للحرب، ومنه يعلم أن مباشرة الأسباب لا ينافي التوكل إذا كان عن يقين، وفي الحديث حين سئل عن التُّقَاة هل ترد من قدرة اللَّه شيئًا؟ قال:(ذلك أيضًا من قَدَرِ اللَّه).

3887 -

[27](ابن عباس) قوله: (كانت راية نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض) في (القاموس)(2): الراية: العلم، وقال: اللواء بالمد: العلم، والجمع ألوية، ولم يتعرض للفرق بينهما، وقال في (الصحاح) (3): اللواء: العلم الصغير، ولم يذكر الراية، والحديث صريح في الفرق بين الراية واللواء، فقيل: الراية العلم الضخم، واللواء دون الراية وهو شقة ثوب تُلوَى وتُشَدُّ إلى عُود الرُّمح، والراية على الجيش يسمى أم الحرب وهو فوق اللواء، كذا نقل الطيبي (4).

وفي بعض الشروح: الراية العلم الكبير، واللواء دونه، وقيل: على العكس، وقيل: الراية العلم الذي لوي عليه ثوب ولم ينشر، وقيل: الراية هي التي تولاها صاحب الحرب، واللواء علامة موضع الأمير، انتهى. والراية غير مهموز وهو من روي لا من

(1)"القاموس المحيط"(ص: 405).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 1187).

(3)

"الصحاح"(2/ 582).

(4)

"شرح الطيبي"(7/ 328).

ص: 617

3888 -

[28] وَعَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: بَعَثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِم إِلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ يَسْأَلُهُ عَنْ رَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: كَانَتْ سَوْدَاءَ مُرَبَّعَةً مِنْ نَمِرَةٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [حم: 4/ 297، ت: 1680، د: 2591].

3889 -

[29] وَعَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 1679، د: 2592، جه: 2817].

ــ

رأي، كذا يعلم من (القاموس)(1).

وكان اسم راية النبي صلى الله عليه وسلم العقاب، ثم قيل: المراد بكون الراية سوداء أن غالب لونه سواد بحيث يرى من البعد أسود، لا ما لونه سواد خالص، لأنه قال في الحديث الآخر: وكان من نمرة وهي بردة فيها تخطيط من سواد وبياض كلون النمر الحيوان المشهور، كذا نقل الطيبي (2). ويحتمل أن يكون في بعض الأحيان أسود، وفي بعضها على لون النمرة، لكن يظهر من وصفها بالسوداء في الحالين أن المراد ما ذكره، واللَّه أعلم.

3888 -

[28](موسى بن عبيدة) قوله: (من نمرة) بفتح النون وكسر الميم، في (القاموس) (3): هي شملة فيها خطوط بيض وسود، أو بردة من صوف يلبسها الأعراب.

3889 -

[29](جابر) قوله: (دخل مكة ولواؤه أبيض) أخبر عن لوائه يوم

(1)"القاموس المحيط"(ص: 1187).

(2)

"شرح الطيبي"(7/ 328).

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 453).

ص: 618