الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
3711 -
[51] عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَنِ السَّابِقُونَ إِلَى ظِلِّ اللَّهِ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ، وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ، وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ".
3712 -
[52] وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "ثَلَاثَة أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي: الِاسْتِسْقَاءُ بِالأَنْوَاءِ، وَحَيْفُ السُّلْطَانِ، وَتَكْذِيبٌ بِالْقَدَرِ".
ــ
الفصل الثالث
3711 -
[51](عائشة) قوله: (إذا أعطوا الحق قبلوه) أي: سابقوهم الأئمة العدول الذين إذا نصحهم ناصح بكلمة حق في العدل بين الرعية قبلوها، وإذا سئلوا الحق بذلوه لأهله.
3712 -
[52](جابر بن سمرة) قوله: (ثلاثة) أي: ثلاث خصال، و (الأنواء) جمع نَوْء وهو منزلة القمر، وللقمر ثمان وعشرون منزلًا، ينزل القمر كلَّ ليلة في واحد منها، وكانت العرب ينسبون المطر إليها، ويقولون: مُطِرنا بنَوءِ كذا، فنهوا عن ذلك، والنوء في الأصل بمعنى النهوض والسقوط، ضد، وإذا غرب سقط الساقط منها بالمغرب، فالطالع بالمشرق ينوء، أي: ينهض ويطلع، وفي (القاموس) (2): ناء
(1) في نسخة: "النبي".
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 64).
3713 -
[53] وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَيَّامٍ: "اعْقِلْ يَا أَبَا ذَرٍّ! مَا يُقَالُ لَكَ بَعْدُ"، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ السَّابِعُ قَالَ:"أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي سِرِّ أَمْرِكَ وَعَلَانِيَتِهِ، وَإِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ، وَلَا تَسْأَلَنَّ أَحَدًا شَيْئًا وَإِنْ سَقَطَ سَوْطُكَ، وَلَا تَقْبِضْ أَمَانَةً، وَلَا تَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ".
ــ
ينوء نوءًا: نهض، والنوء: النجم إذا مال للغروب، وفي الحديث منع إسناد الحوادث إلى النجوم.
3713 -
[53](أبو ذر) قوله: (قال: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ستة أيام: اعقل يا أبا ذر! ما يقال لك بعد)(اعقل) مقول القول، و (ستةَ أيام) ظرف القول، أي: تفكَّرْ وتأمَّلْ واعمل بمقتضى ما أقول، وهذا تنبيه منه صلى الله عليه وسلم لأبي ذر على أن ما يقوله بعدُ معنًى يجب تلقِّيه بالقبول والقيامُ بحقه، وفي (الحواشي):(ستةَ أيام) ظرفُ (اعقل)، والأول هو الأظهر.
وقوله: (في سرّ أمرك وعلانيته) أي: في خلوتك وعند الناس أو في ظاهرك وباطنك، أي: تنزَّه عما شغل سرَّك عن الحق، واعمل في ظاهرك بما أمرك، وهذا هو أعلى مراتب التقوى، (وإذا أسأت) أي: بمقتضى الجِبلَّة البشرية (فأحسن) كقوله: (أتبعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها).
وقوله: (وإن سقط سوطك) مبالغة وتأكيد لعدم السؤال، (ولا تقبض أمانة) لثقل حملها وصعوبة أدائها.
وقوله: (ولا تقض) أي: لا تحكم بين اثنين، أي: لا تكن حاكمًا وأميرًا على الناس لما مرّ في الفصل الأول: أن أبا ذر طلب الإمارة، فقال صلى الله عليه وسلم:(يا أبا ذرٍّ إني أراكَ ضَعيفًا)، الحديثَ.
3714 -
[54] عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "مَا مِنْ رَجُلٍ يَلِي أمرَ عَشَرَةٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَّا أَتَاهُ اللَّهَ عز وجل مَغْلُولًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ فَكَّهُ بِرُّهُ، أَوْ أَوْبَقَهُ إِثْمُهُ، أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ، وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةٌ، وَآخِرُهَا خِزْيٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
3715 -
[55] وَعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا مُعَاوِيَةُ! إِنْ وُلِّيتَ أَمْرًا فَاتَّقِ اللَّهَ وَاعْدِلْ" قَالَ: فَمَا زِلْتُ أَظُنُّ أَنِّي مُبْتَلًى بِعَمَلٍ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ابْتُلِيتُ.
3716 -
[56] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ رَأْسِ السَّبْعِينَ وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ". . . . .
ــ
3714 -
[54](أبو أمامة) قوله: (إلا أتى مغلولًا) وفي بعض النسخ: (إلا أتاه اللَّه)، أي: أمرُ اللَّه أو ملائكتُه، وعلى هذه النسخة يكون (مغلولًا) حالًا من المفعول.
وقوله: (فكه بره، أو أوبقه إثمه) وهذا كما مرّ في الفصل الثاني من حديث أبي هريرة: (حتَّى يفكَّ عنه العدلُ، أو يوبقَه الجَورُ).
3715 -
[55](معاوية) قوله: (فما زلت أظن) لما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكلمة الشك والتردد لكفايته فيما هو المقصود من الوصية والتقوى جعله معاوية سببًا لظنه بذلك، ولما استبعد وجود التقوى والعدل من نفسه ظن أنه يقع في عمل يكون سببًا لابتلائه بذلك، وقيل: قد يستعمل (إنْ) في مقام الجزم، وكأنه أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يولي لكونه واقعًا، والظن بمعنى اليقين.
3716 -
[56](أبو هريرة) قوله: (من رأس السبعين) الظاهر أن المراد من عام الهجرة ليتناول إمارة يزيد بن معاوية، ويؤيده ما روي عن أبي هريرة أنه كان يتعوذ
رَوَى الأَحَادِيثَ السِّتَّةَ أَحْمَدُ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ". [حم: 6/ 77، 5/ 89، 5/ 181، 5/ 267، 4/ 101، 2/ 326، دلائل النبوة: 6/ 446].
3717 -
[57] وَعَنْ يَحْيَى بْنِ هَاشِمٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَمَا تَكُونُونَ كَذَلِكَ يُؤَمَّرُ عَلَيْكُمْ".
3718 -
[58] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ السُّلْطَانَ ظِلُّ اللَّهِ فِي الأَرْضِ،
ــ
باللَّه من إمارة الستين، فالمراد بالصبيان يزيد وأولاد مروان، وهم المراد من أغيلمة قريش الذين رآهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يلعبون على منبره، والمذكورون في حديث:(يكون هلاك أمتي على يدي أغيلمة من قريش)(1).
3717 -
[57](يحيى بن هاشم) قوله: (كما تكونون كذلك يؤمر عليكم) ويروى: (كما تكونوا يولَّ عليكم)، وللنحاة كلام في سقوط النون في (كما تكونوا)، والمقصود المنع من ذم الأمراء والصبر على أذاهم، وإسناد التقصير إلى أنفسهم، فافهم.
3718 -
[58](ابن عمر) قوله: (إن السلطان ظل اللَّه) قد يسبق إلى الأفهام أن المراد كونه متصفًا بما يشبه صفاته تعالى وتقدس من اللطف والرأفة والقهر والعزة وأمثال ذلك على سبيل المجاز، لكنهم قالوا: إن المراد تشبيهه بالظل وإضافته إلى اللَّه تعالى للتشريف، كما في بيت اللَّه وروح اللَّه، وإيذان بأنه ظل ليس كسائر الظلال
(1) أخرجه البخاري في "صحيحه"(3605).
يَأْوِي إِلَيْهِ كُلُّ مَظْلُومٍ مِنْ عِبَادِهِ، فَإِذَا عَدَلَ، كَانَ لَهُ الأَجْرُ وَعَلَى الرَّعِيَّةِ الشُّكْرُ، وَإِذَا جَارَ كَانَ عَلَيْهِ الإصْرُ، وَعَلَى الرَّعِيَّةِ الصَّبْرُ".
3719 -
[59] وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِمَامٌ عَادِلٌ رَفيقٌ، وَإِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِمَامٌ جَائِز خَرِقٌ".
3720 -
[60] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَظَرَ إِلَى أَخِيهِ نظرَةً يُخِيفُهُ أَخَافَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ! . . . . .
ــ
التي خلقها اللَّه بل له شأن عظيم، ومزيد اختصاص بالحضرة الإلهية لما جعله خليفة له في أرضه.
وقوله: (يأوي إليه كل مظلوم) لبيان وجه الشبه، فكما أن الناس يستريحون إلى برد الظل من حر الشمس، كذلك يستريحون إلى برد عدله من حر الظلم، وقد يجيء الظل بمعنى الملجأ والملاذ، يقال: في ظله، أي: كَنَفِه.
وقوله: (فإذا عدل) يعني كما هو شأنه ومقتضى كونه ظلًّا يؤوى إليه.
وقوله: (إذا جار) يعني خرج عما من شأنه أن يكون كذلك، وليس هذا تقسيمًا لكونه ظلًّا كما توهم، فافهم.
3719 -
[59](عمر بن الخطاب) قوله: (خرق) بكسر الراء صفة مشبهة من الخرق وهو ضد الرفق.
3720 -
[60](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (من نظر إلى أخيه) يشمل الرعية بالنسبة إلى الإمام أيضًا لثبوت أخوة الإسلام، و (يخيفه) من الإخافة وهو تنبيه على التزام
رَوَى الأَحَادِيثَ الأَرْبَعَةَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ" وَقَالَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى: هَذَا مُنْقَطِعٌ، وَرِوَايَتُهُ ضَعِيفٌ. [شعب: 6/ 22، 6/ 16، 6/ 16، 6/ 50].
3721 -
[61] وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا مَالِكُ الْمُلُوكِ، وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، قُلُوبُ الْمُلُوكِ فِي يَدِي، وإِنَّ الْعِبَادَ إِذَا أَطَاعُونِي، حَوَّلْتُ قُلُوبَ مُلُوكِهِمْ عَلَيْهِمْ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ، وإِنَّ الْعِبَادَ إِذَا عَصَوْنِي، حَوَّلْتُ قُلُوبَهُمْ بِالسُّخْطَةِ وَالنِّقْمَةِ، فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ فَلَا تَشْغَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِالدُّعَاءِ عَلَى الْمُلُوكِ، وَلَكِنِ اشْغَلُوا أَنْفُسَكُمْ. . . . .
ــ
الرفق، كما في الحديث السابق.
3721 -
[61](أبو الدرداء) قوله: (والنقمة) في (القاموس)(1): النقمة بالفتح والكسر: المكافأة بالعقوبة، والجمع نقم ككَلِمٍ وعنب وكلماتٍ.
وقوله: (فساموهم) على وزن قاموهم، والسَّومُ فِي الأصل عرضُ السلعة على المشتري، أي: عرض الملوك العباد على سوء العذاب وأذاقوهم إياه، وفي (القاموس) (2): سام فلانًا الأمرَ: كلَّفَه إياه، أو أولاه إياه، كسَوَّمَه، وأكثر ما يستعمل في العذاب والشر.
وقوله: (ولكن اشغلوا أنفسكم) بفتح الغين ووصل الهمزة، ويجوز بقطعها، في (القاموس) (3): الشغل بضمتين وبالضم وبالفتح وبفتحتين: ضد الفراغ، والجمع
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1073).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 1036).
(3)
"القاموس المحيط"(ص: 937).