المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٦

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(13) كتاب النكاح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب النظر إلى المخطوبة وبيان العورات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الولى فى النكاح واستئذان المرأة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب إعلان النكاح والخطبة والشرط

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب المحرمات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب المباشرة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌7 - باب الصداق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الوليمة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب القسم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب عشرة النساء وما لكل واحدة من الحقوق

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الخلع والطلاق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌13 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌14 - باب اللعان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب العدة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الاستبراء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب النفقات وحق المملوك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب بلوغ الصغير وحضانته في الصغر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(14) كتاب العتق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب إعتاق العبد المشترك وشراء القريب والعتق في المرض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلَ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(15) كتاب الأيمان والنذور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب في النذور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(16) كتاب القصاص

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الديات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب ما لا يضمن من الجنايات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌3 - باب القسامة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب قتل أهل الردة والسعاة بالفساد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(17) كتاب الحدود

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب قطع السرقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الشفاعة في الحدود

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌3 - باب حد الخمر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب ما لا يدعى على المحدود

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌5 - باب التعزير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌6 - باب بيان الخمر ووعيد شاربها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(18) كتاب الإمارة والقضاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما على الولاة من التيسير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب العمل في القضاء والخوف منه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب رزق الولاة وهداياهم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الأقضية والشهادات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِى:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(19) كتاب الجهاد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب إعداد آلة الجهاد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب آداب السفر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب الكتاب إلى الكفار ودعائهم إلى الإسلام

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

3304 -

[1] عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: إِنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رجُلًا أَيَقْتُلُهُ فِيَقْتُلُونَهُ؟ أمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا" قَالَ سَهْلٌ: فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِن أَمْسَكْتُهَا. . . . .

ــ

الفصل الأول

3304 -

[1](سهل بن سعد الساعدي) قوله: (إن عويمرًا) بضم العين وفتح الواو وسكون التحتانية وكسر الميم في آخره راء تصغير عامر. (العجلاني) بفتح العين وسكون الجيم، نسبة إلى بني عجلان بطن من الأنصار.

وقوله: (فيقتلونه) أي: أولياءُ المقتول ذلك الرجلَ القاتلَ، وفي بعض النسخ:(فتقتلونه) بتاء الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قاله زين العرب، أي: تحكمون بقتله، واختلفوا في مَن قتل رجلًا وجد مع امرأته قد زنى، قال الجمهور: يقتل إلا أن تقوم بذلك بينة، أو يعترف له ورثة القتيل، ويكون القتيل محصنًا، والبينة أربعة من العدول من الرجال يشهدون على الزنا، وأما فيما بينه وبين اللَّه تعالى فإن كان صادقًا فلا شيء عليه، هذا ما قاله الطيبي (1).

وقوله: (كذبت عليها يا رسول اللَّه إن أمسكتها) كلام مستقل توطئة لتطليقها ثلاثًا، يعني إن أمسكتُ هذه المرأة في نكاحي ولم أطلِّقها يلزم كأني كذبتُ فِيما قذفتُها؛ لأنَّ الإمساك ينافي كونها زانيةً، فلو أمسكت فكأني قلت: هي عفيفة لم تزنِ،

(1)"شرح الطيبي"(6/ 343). قوله: "هذا ما قاله الطيبي" ما ثبت إلا في نسخة (ب) و (ر) فقط.

ص: 157

فَطَلَّقهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "انْظُرُوا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ، أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ، عَظِيمَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَلَا أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا،

ــ

(فطلَّقها ثلاثًا) تصديقًا لقوله: إنه لا يمسكها، وإنما طلقها لأنه ظن أن اللعان لا يحرمها عليه، ولم يقع التفريق من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أيضًا، وهذا يؤيد أن الفرقة باللعان لا يحصل إلا بقضاء القاضي بها بعد التلاعن كما يأتي في الحديث الآتي:(ثم فرّق بينهما)، والجمهور على أنه يقع الفرقة بنفس اللعان، ويحرم عليه نكاحها على التأبيد، نعم يجوز أن يكون عويمرٌ غيرَ عالم بحكم المسألة، فافهم.

وقوله: (إن جاءت) أي: امرأةُ عويمرٍ بالولد (أسحم) أي أسود، والسحم بفتحتين، والسحمة بالضم، والسحام بالضم: السواد.

وقوله: (أدعج العينين) الدَّعَج بفتحتين، والدُّعجة بالضم: شدة سواد العين مع سعتها. (عظيم الأليتين) تثنية ألية بفتح الهمزة وسكون اللام: العجيزة، أو ما رَكِبَ العجز من شحم ولحم، كذا في (القاموس)(1).

(خدلج الساقين) بفتح المعجمة والدال وتشديد اللام: الممتلئ الساقين، أي: عظيمهما، وفي (القاموس) (2): الخدلجة مشددة اللام: المرأة الممتلئة الذراعين والساقين، وكان الرجل الذي نسب إلى الزنا بهذه الصفة، ولهذا قال:(فلا أحسب عويمرًا إلا قد صدق عليها)، قيل: وفيه جواز الاستدلال بالشبه، ويؤول إلى مسألة الحكم بالقيافة، وسيأتي.

(1)"القاموس"(ص: 1159).

(2)

"القاموس"(ص: 183).

ص: 158

وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلَا أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا"، فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَصْدِيقِ عُوَيْمِرٍ، فَكَانَ بَعْدُ يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6745، م: 1492].

3305 -

[2] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ فَانْتَفى مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5315، م: 1494].

وَفِي حَدِيثِهِ لَهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ وَأَخْبَرَهُ: أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ، ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا وَأَخْبَرَهَا: أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ.

3306 -

[3] وَعَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: "حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا". . . . .

ــ

وقوله: (وإن جاءت به أحيمر) تصغير أحمر، (والوحرة) بفتحات: دويبة حمراء يلزق بالأرض، وفي (القاموس) (1): وزغة كسام أبرص، وكان عويمر كذلك.

3305 -

[2](ابن عمر) قوله: (فانتفى من ولدها) الفاء للسببية، أي: انتفى الرجلُ من ولدها بسبب الملاعنة.

وقوله: (وعظه وذكره) لئلا يجترئ على الكذب.

3306 -

[3](ابن عمر) قوله: (لا سبيل لك عليها) أي: لا تسلُّطَ لك عليها،

(1)"القاموس"(ص: 457).

ص: 159

قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَالِي قَالَ: "لَا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَاكَ أَبْعَدُ وَأَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5350، 1493].

3307 -

[4] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "الْبَيِّنَةَ. . . . .

ــ

ولا تملك منها حِلَّها، أي: حرمت عليك أبدًا، قال الطيبي (1): هذا يدل على أن الفرقة تحصل بنفس الملاعنة، وليس بواضح؛ لأنه يجوز أن يكون قوله هذا بعد التفريق، أي: فرَّقَ وقال: لا يحل لك أبدًا، واللَّه أعلم.

وقوله: (مالي) أي: ما شأن مالي، أو تقديره: أيذهب مالي، أي: المهرُ الذي أعطيتُها إياه.

وقوله: (فهو) أي: المالُ بدل ما استحللت بها، أي: استمتعت بها وجعلتها حلالًا لنفسك، وهذا بعد الدخول متفق عليه، وأما قبل الدخول فعند أبي حنيفة ومالك والشافعي رحمهم اللَّه تعالى لهذا نصف المهر، واختلفت الروايات عن أحمد.

وقوله: (فذلك) أي: عَودُ المهرِ (أبعد وأبعد) تكرير للتأكيد لوجود الاستحلال مع اتهامها وإيحاشها بالقذف.

3307 -

[4](ابن عباس) قوله: (بشريك) بفتح الشين (ابن سحماء) على وزن حمراء بالسين المهملة وتقديم الحاء المهملة على الميم.

وقوله: (البينةَ) أي: أقِمِ البينةَ.

(1)"شرح الطيبي"(6/ 345).

ص: 160

أَوْ حَدًّا فِي ظَهْرِكَ" فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْبَيِّنَةَ، وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ" فَقَالَ هِلَالٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الْحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9]، فَجَاءَ هِلَالٌ فَشَهِدَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ ". . . . .

ــ

وقوله: (أو حدًّا) بالنصب، أي: تُحَدُّ حد القذف.

وقوله: (ينطلق) بحذف همزة الاستفهام للإنكار، وهو جواب (إذا).

وقوله: (وإلا حد) الرواية هنا بالرفع، أي: وإلا ثبت حدٌّ في ظهرك.

وقوله: (فلينزلن) بلام التأكيد جوابًا للقسم. و (ما يبرئ) بالتشديد من التبرئة.

وقوله: (وأنزل عليه) بلفظ المجهول والمعلوم، وهو نص في أن نزول الآية في هلال، وقوله صلى الله عليه وسلم لعويمر:(قد أنزل فيك) ظاهر في أن النزول في عويمر، والصحيح هو الأول؛ لأنه قد جاء في رواية مسلم في قصة هلال، وكان أول رجل لاعن في الإِسلام، وقوله لعويمر:(قد أنزل فيك) لا يعارضه لأن معناه نزل في شأنك ما نزل في هلال؛ لأن ذلك شامل لجميع الناس، ويحتمل تكرار النزول، كذا قال النووي (1)، واللَّه أعلم.

وقوله: (فشهد) أي: لاعن.

وقوله: (فهل منكما تائب) قيل: الظاهر أنه قال بعد فراغهما من اللعان، وقيل:

(1) انظر: "شرح صحيح مسلم"(5/ 387).

ص: 161

ثُمَّ قَامَتْ، فَشَهِدَتْ فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَفُوهَا، وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَتْ: لَا أَفْضَحُ قَوْمِي. . . . . .

ــ

قاله قبل تحذيرًا لهما، والظاهر من العبارة أنه قال بعد فراغ هلال وقبل فراغ امرأته.

وقوله: (عند الخامسة) أي: عند الشهادة المشار إليها بقوله تعالى: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9].

وقوله: (وقفوها) أي: حبسوها ومنعوها عن المضي فيها وهدَّدوها، وقيل: معنى (وقفوها) أطلعوها على حكم الخامسة، ولعل هذا القائل قرأه بالتشديد، ولكن المصحح في النسخ: وقفوها بالتخفيف، قال في (القاموس) (1): وقَفَ يقِفُ وُقوفًا: دام قائمًا، ووقَفتُه أنا وَقْفًا: فعَلتُ به ما وقف، كَوَقَّفْتُه وأَوْقَفْتُه، واللَّه أعلم.

وقوله: (إنها موجبة) أي: للتفريق بينكما؛ لأنه يتم به اللعان وبعده التفريق، أو إنها موجبة للعن ومؤدية إلى العذاب إن كانت كاذبة.

وقوله: (فتلكأت) أي: تبطأت ووقفت، في (القاموس) (2): تلكأ عليه: اعتلَّ، وعنه: أبطأ. (ونكصت) أي: رجعت، في (القاموس) (3): نكص عن الأمر نَكْصًا ونُكُوصًا: تكَأكَأَ وأحجَمَ، وعلى عقبه: رجع عما كان عليه من خير، خاصٌّ بالرجوع عن الخير، ووهم الجوهوي في إطلاقه، أو في الشر نادر، انتهى.

ولا يخفى أنه استعمل هنا في الرجوع عن الشر، وكفى به للجوهوي تمسكًا

(1)"القاموس"(ص: 794).

(2)

"القاموس"(ص: 61).

(3)

"القاموس"(ص: 584).

ص: 162

سَائِرَ الْيَوْمِ، فَمَضَتْ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ، سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ" فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: . . . . . .

ــ

في الإطلاق، ولذلك رجع صاحب (القاموس) إلى القول بأنه نادر.

وقوله: (سائر اليوم) أي: جميعَ الأيام مدَّةَ عمرِهم، أو عمرِ الدنيا، وأما إرادة أبد الدهر فبعيد، بل لا وجه له، أو ما بقي من الأيام، فالسائر يجيء بمعنى الجميع، واشتقاقه من سور البلد المحيط به بالواو، ويجيء بمعنى ما بقي، واشتقاقه حينئذ من سؤر الطعام والشراب بالهمزة بمعنى البقية والفضلة، وهذا هو المشهور، وقد أنكر بعضهم مجيئه بمعنى الجميع، قال في (القاموس) (1): السائر: الباقي لا الجميع كما توهم جماعات، أو قد يستعمل له، واستشهد له بعدة مواضع. ونقل في (مجمع البحار) (2): ويستعملونه بمعنى الجميع، وليس بصحيح، بل كلُّ ما استعمل فيه فهو بمعنى الباقي، غير أنهم فسروه في سائر الأيام بالجميع، أي: جميع الأيام، ومن فسره ببقيتها فليس بمصيب، وفيه نظر، انتهى.

وقوله: (فمضت) أي: أتمت وأنفذت.

وقوله: (أكحل العينين) في (القاموس)(3): الكَحَل محركة: أن يعلو منابتَ الأشفار سوادٌ خِلقةً، أو أن تسودّ مواضع الكحل، كحل كفرح، فهو أكحل، انتهى. والاكتحال والتكحُّل استعمال الكُحْل، ومنه قيل: ليس التكحل كالكحل (سابغ)

(1)"القاموس"(ص: 376).

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(3/ 5).

(3)

"القاموس"(ص: 970).

ص: 163

"لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 4747].

3308 -

[5] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ وَجَدْتُ مَعَ أَهْلِي رَجُلًا لَمْ أَمَسَّهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ" قَالَ: كَلَّا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ كُنْتُ لأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: . . . . . .

ــ

بالغين المعجمة، أي: عظيمهما، درع سابغة: تامة طويلة، وأسبغ اللَّه النعمة: أتمها، والوصف: أبلغه، ويقال للشيء إذا كان تامًا وافيًا وافرًا: إنه سابغ.

وقوله: (لولا ما مضى من كتاب اللَّه) أي: لولا أن القرآن حكم بعدم إقامة الحد أو التعزيز على المتلاعنين لفعلت بها ما فعلت، قالوا: وفي الحديث دليل على أن الحاكم لا يلتفت إلى المظنة والأمارات والقرائن، وإنما يحكم بظاهر ما تقتضيه الحجج والدلائل، ويفهم من كلامهم هذا أن الشبه والقيافة ليست حجة، وإنما هي أمارة ومظنة فلا يحكم بها كما هو مذهبنا.

3308 -

[5](أبو هريرة) قوله: (لم أمسه) بحذف حرف الاستفهام جواب لو، كما ذكرنا في الحديث السابق من قوله:(إذا رأى أحدُنا على امرأته رجلًا ينطلقُ).

وقوله: (كلا. . . أَلخ) ليس ردًّا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ومخالفة لأمره، وإنما حاصل كلامه الإخبار عن حقيقة حاله عند رؤية أحد مع امرأته من استيلاء الغضب ومعاجلته بالسيف أو الطمع في الرخصة (1).

(1) قوله: "أو الطمع في الرخصة" لم يثبت إلا في (ب) و (ر).

ص: 164

"اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ، إِنَّهُ لَغَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1498].

3309 -

[6] وَعَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفِحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ وَاللَّهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ. . . . .

ــ

وقوله صلى الله عليه وسلم: (اسمعوا إلى ما يقول سيدكم. . . إلخ) ليس تقريرًا ومدحًا له على المعاجلة بالسيف وقتله الرجل بدون الشهداء، بل حاصله مدح صفة الغيرة، وأنه من سمت سادات الناس وكرامهم، واعتذار من جانب بأنه إنما صدر منه هذا القول من غاية غيرته وحميته، وأكَّده بقوله:(وأنا أغير منه، واللَّه أغير مني) والغيرة تغيُّرٌ يعتري الإنسانَ عند رؤيته ما يكره على الأهل وما يتعلق به، والغيرة من اللَّه زجر يزجر به عباده عن المعاصي، كما يأتي في الحديث الآتي.

3309 -

[6](المغيرة) قوله: (غير مصفح) الصفح: الجانب، ومنك: جنبك، ومن الوجه والسيف: عرضه، ويضم، فمعنى قوله:(غير مصفح) غير ضارب بصفح السيف، أي: جانبه، بل بحدّه، يقال: أَصفَحَه بالسيف: ضربه بعرضه وجانبه لا بحدّه، فقوله: غير مصفح بكسر الفاء، قيل: وبفتحها أيضًا. وفي (فتح الباري)(1): قال عياض: هو بكسر الفاء وسكون الصاد المهملة، وقد رويناه أيضًا بفتح الفاء، فمن فتح جعله وصفًا للسيف وحالًا منه، ومن كسر جعله وصفًا للضارب وحالًا منه، وزعم ابن

(1)"فتح الباري"(9/ 321).

ص: 165

حَرَّمَ اللَّهُ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُنْذِرِينَ وَالْمُبَشِّرِينَ، وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ". مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. [خ: 7416، م: 1499].

3310 -

[7] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغَارُ، وَإنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ لَا يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5223، م: 2761].

ــ

التين أنه وقع في سائر الأمهات بتشديد الفاء.

وقوله: (حرم اللَّه الفواحش) ورتب عليها العقوبة في الدنيا والآخرة، ويريد أن لا يصيبه مكروه، ولا يبعد من حضرته، ولا يتطرق إليه آفة بارتكاب المعاصي.

وقوله: (ولا أحد أحب إليه العذر) روي أحب بالرفع والنصب، والمراد بالعذر الإعذار، وهو بمعنى إزالة العذر، يعني إنما بعث اللَّه تعالى الرسل ليزيل أعذارهم كما قال {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، كذا قالوا، فتأمل.

وقوله: (ولا أحد أحب إليه المدحة) بكسر الميم، أي: المدح والثناء على ذاته وصفاته وأفعاله، (ومن أجل ذلك وعد اللَّه الجنة) ليفي بوعده، فيشكروه ويمدحوه، أو لأنه لما وعد ورغب فيها كثر سؤال العباد وثناؤهم إياه تعالى.

3310 -

[7](أبو هريرة) قوله: (إن اللَّه تعالى يغار) من باب خاف يخاف.

وقوله: (وغيرة اللَّه أن لا يأتي) أي: لأجل أن لا يأتيَ المؤمنُ ما حرَّمَ اللَّه.

ص: 166

3311 -

[8] وَعَنْهُ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّ امْرَأَتي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، وَإِنِّي أَنْكَرْتُهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: "فَمَا أَلْوَانُهَا؟ " قَالَ: حُمْرٌ قَالَ: "هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ " قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا قَالَ: "فَأَنَّى تُرَى ذَلِكَ جَاءَهَا؟ " قَالَ: عِرْقٌ نَزَعَهَا قَالَ: "فَلَعَلَّ هَذَا عِرْقٌ نزَعَهُ"، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الِانْتِفَاءِ مِنْهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 7314، م: 1500].

3312 -

[9] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ. . . . .

ــ

3311 -

[8](أبو هريرة) قوله: (هل فيها من أورق) أي: أسود، والوُرْقةُ سواد في غُبْرةٍ كلون الرَّماد، ولهذا سميت الحمامة ورقاء، والوُرْق بضم الواو وسكون الراء جمع أورق.

وقوله: (فأنى ترى ذلك؟ ) أي: من أين، أو كيف تظن ذلك؟ وقد يفتح ترى من الرؤية العلمية، فإن قلت: لم لم يعتبر وصف اللون في هذا الحديث، واعتبر الأوصاف في حديث عويمر وشريك؟ قلت: لأنها كانت أظهر في الدلالة والأمارة بخلاف اللون وحده، وأقول: لعله صلى الله عليه وسلم عرف هناك بالوحي دون هنا، واللَّه أعلم.

3312 -

[9](عائشة) قوله: (كان عتبة بن أبي وقاص) قال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين في الصحابة، وقال: وعتبة هو الذي شجَّ وجهَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكسر رباعيته يوم أحد، وما علمت له إسلامًا، ولم يذكره أحد من المتقدمين من الصحابة، كذا في (أسد الغابة)(1).

(1)"أسد الغابة"(2/ 244).

ص: 167

إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ فَقَالَ: إِنَّهُ ابْنُ أَخِي، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي، فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَخِي كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ ولِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ" ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: "احْتَجِبِي مِنْهُ" لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: "هُوَ أَخُوكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمَعَةَ" مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2745، م: 1456].

ــ

وقوله: (ابن وليدة زمعة) أي: جاريته، وزمعة بسكون الميم وفتحها هو والد سودة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، يعني أنه كان وطئَ هذه الجارية، وولدت ابنًا، فظن عتبة أن نسب ولد الزنا ثابت عن الزاني إذا استلحقه، على ما هو عادة الجاهلية، فأوصى بأخيه سعد بن أبي وقاص، وأمره بأن يقبض ذلك الابن إلى نفسه.

وقوله: (وقال عبد بن زمعة: أخي) لأنه كان يطؤها بملك اليمين، وقد ولدت على فراشه، وكان حكم الجاهلية أنه إذا استلحق الولدَ أحدٌ من الزاني والسيد فذاك، وإن استلحقه كلُّ واحد منهما وتنازعا فيه عُرِض على القائف.

وقوله: (فتساوقا) أي: ذهبا وترافعا، أي: عتبةُ وعبدٌ.

وقوله: (وللعاهر) أي: الزاني (الحجر) كناية عن الحرمان، والمراد الرجم.

وقوله: (شبهه) الرواية بفتحتين.

وقوله: (من أجل) متعلق بـ (قال)، وهو حكايةٌ من الراوي.

ص: 168

3313 -

[10] وَعَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مَسْرُورٌ فَقَالَ: "أَيْ عَائِشَةُ! أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ، فَلَمَّا رَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قطيفةٌ قَدْ غَطَّيَا رُؤُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعضٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6771، م: 1459].

3314 -

[11] وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبِي بَكْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ [أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ] فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ". . . . . .

ــ

3313 -

[10](عنها) قوله: (أن مجزِّزًا) بضم الميم وفتح الجيم وبالزايين المنقوطتين الأولى منهما مشددة مكسورة، وهو من بني مدلج بضم الميم وسكون الدال وكسر اللام في آخره جيم.

وقوله: (رأى أسامة وزيدًا) وهما نائمان في المسجد، وكان المنافقون يقدحون في نسب أسامة لكونه أسود، وكان زيد أبيض، وإن كانت أم أسامة وهي أم أيمن سوداء، فلما حكم هذا القائف بإلحاق نسبه يزيد، وكانت العرب تعتمد قول القائف فرح النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكونه زاجرًا لهم عن الطعن في نسبه، ولا يلزم من هذا اعتبارُ قول القائف في إثبات النسب في الشرع، وإنما المقصد إلزام الكفار في الطعن في نسبه، وهو المذهب عندنا، والشافعي وغيره يعتبرون القيافة، كما إذا جاءت جارية بولد بين شريكين ودعاه كل واحد منهما، وعندنا يجعل ولدًا لكل منهما في حكم الشرع.

3314 -

[11](سعد بن أبي وقاص) قوله: (من ادعى إلى غير أبيه) أي: نسب نفسه إلى غير أبيه.

وقوله: (فالجنة عليه حرام) تغليظ وتشديد، أو المراد المستحلُّ، أو لا يدخل

ص: 169