المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثانى: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٦

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(13) كتاب النكاح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب النظر إلى المخطوبة وبيان العورات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الولى فى النكاح واستئذان المرأة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب إعلان النكاح والخطبة والشرط

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب المحرمات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب المباشرة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌7 - باب الصداق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الوليمة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب القسم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب عشرة النساء وما لكل واحدة من الحقوق

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الخلع والطلاق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌13 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌14 - باب اللعان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب العدة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الاستبراء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب النفقات وحق المملوك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب بلوغ الصغير وحضانته في الصغر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(14) كتاب العتق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب إعتاق العبد المشترك وشراء القريب والعتق في المرض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلَ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(15) كتاب الأيمان والنذور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب في النذور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(16) كتاب القصاص

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الديات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب ما لا يضمن من الجنايات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌3 - باب القسامة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب قتل أهل الردة والسعاة بالفساد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(17) كتاب الحدود

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب قطع السرقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الشفاعة في الحدود

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌3 - باب حد الخمر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب ما لا يدعى على المحدود

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌5 - باب التعزير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌6 - باب بيان الخمر ووعيد شاربها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(18) كتاب الإمارة والقضاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما على الولاة من التيسير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب العمل في القضاء والخوف منه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب رزق الولاة وهداياهم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الأقضية والشهادات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِى:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(19) كتاب الجهاد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب إعداد آلة الجهاد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب آداب السفر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب الكتاب إلى الكفار ودعائهم إلى الإسلام

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثانى:

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِى:

3769 -

[12] عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِى وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت 1341].

3770 -

[13] وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ فِي مَوَارِيثَ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ. . . . .

ــ

معها ويقضى له بذلك المتاع، يعني أن المدعى عليه غير منكر، بل يقول: لا أعلم لمن هو، ففي هذه الصورة يحلف أحد المتداعيين الذي خرجت له القرعة، وكان ذلك لكون كل منهما منكرًا لحق الآخر، واللَّه أعلم. قال: وبهذا قال علي رضي الله عنه، وقال الشافعي: يترك في يد الثالث، وعند أبي حنيفة يجعل بين المتداعيين نصفين، وقيل: هذا في قول من الشافعي، وفي القول الآخر لم يقرع، وقول آخر مثل قول أبي حنيفة، والقرعة مذهب مالك أنه يقضي بأعدل البينتين.

الفصل الثاني

3769 -

[12](عمرو بن شعيب) قوله: (واليمين على المدعى عليه) يعني إن طلب المدعي اليمينَ منه، فلو حلَّفَ القاضي بغير طلب المدعي، ثم طلب المدعي التحليف فله أن يحلِّفه، كذا في (الفصول العمادية).

3770 -

[13](أم سلمة) قوله: (اختصما إليه في مواريث) أي: ادعيا في أموال وأمتعة، فقال أحدهما: هذه لي ورثتها من مورِّثي، وقال آخر كذلك.

وقوله: (لم تكن لهما بينة) صفة أخرى لرجلين أو المواريث بحذف العائد، والأول أولى وأوجه.

ص: 514

إِلَّا دَعْوَاهُمَا فَقَالَ: "مَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ"، فَقَالَ الرَّجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! حَقِّي هَذَا لِصَاحِبِي، فَقَالَ:"لَا، وَلَكِنِ اذْهَبَا، فَاقْتَسِمَا، وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ، ثُمَّ اسْتَهِمَا، ثُمَّ لْيُحَلِّلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ" وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: "إِنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا بِرَأْيِي فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3584].

ــ

وقوله: (إلا دعواهما) استثناء منقطع، أو هو من باب التعليق بالمُحَالِ، أي: لا بينة إلا الدعوى، والدعوى ليست ببينة فلا بينة قطعًا.

وقوله: (كل واحد) بدل من الرجلان.

وقوله: (وتوخيا) أي: اعدلا في القسمة واقصدا الحق فيها، أمر من التوخي التفعُّل من الوخي، وهو السير القصد لا بطيئًا ولا سريعًا، ويجيء بمعنى القصد، يقال: وخَيْتُ وَخْيَكَ، أي: قصدتُ قصدَكَ، كذا في (الصحاح)(1)، وفي (النهاية) (2): توخَّيتُ الشيءَ أتوخَّاه: إذا قصدتَ إليه وتعمَّدتَ فعلَه وتحرَّيتَ فِيه، وقيل: أمرهما بالتحري في معرفة مقدار الحق، ولما كان التوخي والتحري من باب الظن أمرهما بالاستهام، أي: الاقتراع ليكون كالبينة، والقرعة بحكم الشرع أقوى من التحري كأنها يفيد اليقين، وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال حين أقرع عند تنازع رجلين:(اللهم أنت الحكَمُ بينهما)، وفي رواية قال:(اللهم أنت تقضي بين عبادك بالحق)، ثم أمر بالتحليل لتحصل البراءة يقينًا.

(1)"الصحاح"(6/ 252).

(2)

"النهاية"(5/ 165).

ص: 515

3771 -

[14] وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا دابَّةً، فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ. . . . .

ــ

3771 -

[14](جابر بن عبد اللَّه) قوله: (تداعيا دابة، فأقام كل واحد منهما البينة) حمل الطيبي (1) الحديث على أنه إذا أقام رجل خارج وذو اليد كلاهما البينةَ ترجح بينة ذي اليد، وهو مذهب الشافعي، اعلم أن لتداعي الرجلين وإقامتهما البينة صورًا شتى، وتنحصر في صورتين: إما بأن يكون المدَّعَى في يدِ ثالثٍ، أو يكون في يد أحدهما، فإن كان في يد ثالث فحكمه ما مرَّ في آخر الفصل الأول من حديث أبي هريرة، وإن كان في يد أحدهما، وعليه حمل الطيبي الحديث، وذكر أنه يترجح حينئذ بينة ذي اليد.

وعندنا إن أقام الخارجُ البينةَ على ملكٍ مؤرخ، وصاحبُ اليد بينةً على ملك أقدم تاريخًا، كان بينة ذي اليد أولى عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وهو رواية عن محمد، وعنه أنه لا يقبل بينة ذي اليد رجع إليه، ولو أقام الخارج وذو اليد البينة على ملك مطلق، ووقَّت إحداهما دون الأخرى، فعلى قول أبي حنيفة ومحمد بينة الخارج أولى، وقال أبو يوسف وهو رواية عن أبي حينفة: صاحب الوقت أولى سواء كان الخارجَ أو ذا اليد، وإن أقام الخارج وصاحب اليد كلُّ واحد منهما بينة بالنِّتاج فصاحب اليد أولى؛ لأن البينة قامت على ما لا يدل عليه اليد فاستوتا، وترجحت بينة ذي اليد باليد فيقضى له، ومثل هذا مذهب الإمام أحمد في المشهور من الروايات، والمختار عند الأصحاب كما ذكر تفصيله في (شرح كتاب الخرقي)(2).

(1)"شرح الطيبي"(7/ 254).

(2)

انظر: "شرح الزركشي على مختصر الخرقي"(7/ 401).

ص: 516

أَنَّهَا دابَّتُهُ نَتَجَهَا، فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِي فِي يَدِهِ. رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [شرح السنة: 10/ 106].

3772 -

[15] وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا بَعِيرًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ، فَقَسَّمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَللنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ: أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا بَعِيرًا لَيْسَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنةٌ، فَجَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا. [د: 3613، ن: 5424، جه: 2330].

ــ

وبالجملة ههنا صور تكون بينةُ صاحب اليد فيها أولى، وأخرى تكون بينةُ الخارج أولى، وليس مذهبه عدم قبول بينة ذي اليد إلا في صورة التنازع، وهو ما إذا ادعى كل واحد أن هذه الدابة ملكه نتجها كما نقل الطيبي، وتفصيل ذلك في (الهداية)(1)، ومعنى (نتجها)(2) أنه ولّدها من التوليد، نتج الناقة: إذا تولى نتاجها فهو ناتج، والناقة منتوجة، والناتج للإبل كالقابلة للنساء، وقد سبق تحقيق معناه في موضعه.

3772 -

[15](أبو موسى الأشعري) قوله: (ادعيا بعيرًا) وفي بعض النسخ: (تداعيا).

وقوله: (فبعث) أي أقام.

وقوله: (فقسمه [النبي صلى الله عليه وسلم] بينهما نصفين) يوافق مذهبنا كما عرفت، وقال

(1)"الهداية"(3/ 166 - 167).

(2)

به قال الحنفية في دعوى النتاج، وأما في غيرها فرجحوا شهادة غير ذي اليد، قاله في "التقرير".

ص: 517

3773 -

[16] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي دابَّةِ، وَلَيْسَ لَهُمَا بَيِّنةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"اسْتَهِمَا عَلَى الْيَمِينِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 3618، جه: 2346].

3774 -

[17] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ حَلَّفَهُ: "احْلِفْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، مَا لَهُ عِنْدَكَ شَيْءٌ" يَعْنِي لِلْمُدَّعِي. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3620].

3775 -

[18] وَعَنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ، فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"أَلَكَ بَيِّنةٌ؟ " قُلْتُ: لَا قَالَ لِلْيَهُودِيِّ: "احْلِفْ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِذَنْ يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآيَةَ [آل عمران: 77]. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 3621، جه: 2422].

ــ

الطيبي (1): هذا مطلق يحمل على المقيد الذي بينه في قوله: (استهما على اليمين).

3773 -

[16](أبو هريرة) قوله: (استهما على اليمين) أي: اقتَرِعا، وهذا مثل ما تقدم من حديث أبي هريرة في آخر الفصل الأول.

3774 -

[17](ابن عباس) قوله: (حلّفه) بتشديد اللام، أي: أراد تحليفه.

3775 -

[18](الأشعث بن قيس) قوله: (فأنزل اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} الآية) أي: ليس إلا تحليفه، فإن كذب فعليه وباله.

(1)"شرح الطيبي"(7/ 254).

ص: 518

3776 -

[19] وَعَنْهُ: أَنْ رَجُلًا مَنْ كِنْدَةَ، وَرَجُلًا مِنْ حَضْرَمَوْتَ، اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَرْضٍ مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَرْضِي اغْتَصَبَنِيْهَا أَبُو هَذَا، وَهِيَ فِي يَدِهِ، قَالَ:"هَلْ لَكَ بَيِّنةٌ؟ " قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أُحَلِّفُهُ، وَاللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا أَرْضِي اغْتَصَبَنِيهَا أَبُوه فتهَيَّأَ الْكِنْدِيُّ لِلْيَمِينِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا يَقْطَعُ أَحَدٌ مَالًا بِيَمِينٍ، إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ أَجْذَمُ"، فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضُهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3622].

3777 -

[20] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ الشِّرْكَ بِاللَّهِ، وَعُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ، وَالْيَمِينَ الْغَمُوسَ، وَمَا حَلَفَ حَالِفٌ بِاللَّهِ يَمِينَ صَبْرٍ، فَأَدْخَلَ فِيهَا مِثْلَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ،

ــ

3776 -

[19](عنه) قوله: (ولكن أحلفه واللَّه ما يعلم) هذا اللفظ المحلوف به، و (الأجذم) أي: مقطوع البركة، والمراد أجذم الحجة، أي: لا حجة له عند اللَّه.

3777 -

[20](عبد اللَّه بن أنيس) قوله: (وعن عبد اللَّه بن أنيس) بلفظ التصغير.

وقوله: (واليمن الغموس) قال أصحابنا: هي الحلف على أمر ماضٍ يتعمَّد فيه الكذبَ، وليس لها عندنا كفارة إلا التوبة والاستغفار، وقد ورد فيها وعيد بدخول النار، ولذلك سميت بالغموس؛ لأنه يغمس صاحبها في النار، والتي تقع في الأقضية ويقتطع بها أموال الناس من هذا القَبيل، فهي أعمُّ من يمينِ الصبرِ، ويمين الصبر مر تفسيره في الفصل الأول.

وقوله: (فأدخَلَ فِيها) أي: في تلك اليمين (جناحَ بعوضة) أي: شيئًا قليلًا من الكذب، ومما يخالف ظاهره باطنه من التأويل؛ لأن اليمين على نية المستحلف فكيف إذا كان كذبًا محضًا.

ص: 519

إِلَّا جُعِلَتْ نُكْتَةً فِي قَلْبِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيامَةِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 3020].

3778 -

[21] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ عِنْدَ مِنْبَرِي هَذَا عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ، وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ أَخْضَرَ إِلَّا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، أَوْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ". رَوَاهُ مَالِكٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ. [ط: 2/ 727، د: 3246، جه: 2325].

ــ

وقوله: (إلا جعلت) أي: تلك اليمين (نكتة) أي: سوداء، وقد صرح بها في الحديث الآخر، والنكتة: الأثر، وفي (القاموس) (1): النكتة: النقطة، والنكت: أن تضرب في الأرض بقضيب فيؤثر فيها.

وقوله: (إلى يوم القيامة) أي: يبقى أثرها إلى هذا اليوم، ثم يعاقب بها.

3778 -

[21](جابر) قوله: (عند منبري هذا) يدل على التغليظ في اليمين بحسب المكان، كما يغلظ بحسب الأزمان، مثل بعد صلاة العصر، وقيل: كانت عادتهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم التخاصمَ فِي المسجد عند المنبر، فيقع الحلف عنده، فلذلك خص المنبر بالذكر، والإشارة بقوله:(هذا) للتعظيم يؤيد القول الأول، وهو الأظهر.

وقوله: (آثمة) صيغة النسبة، أي: ذات إثم، وتقييد السواك بالأخضر تحقير له، فإنه خشبة مبتذلة، وبعد اليبوسة يحصل له قدر وقيمة، وقال الطيبي (2): تتميم لمعنى التحقير، فإن العادة أن يستعمل السواك يابسًا.

(1)"القاموس المحيط"(ص: 162).

(2)

"شرح الطيبي"(7/ 257).

ص: 520

3779 -

[22] وَعَنْ خُرَيْم بْنِ فَاتِكٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْح، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَامَ قَائِمًا، فَقَالَ:"عُدِلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بِالإِشْرَاكِ بِاللِه" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قرَأَ:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: 30 - 31] رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 3599، جه: 2372].

3780 -

[23] وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَيْمَنَ بْنِ خُرَيْمِ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ لَمْ يَذْكُرِ الْقِرَاءَةَ. [حم: 4/ 178، ت: 2299].

3781 -

[24] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ، وَلَا خَائِنَةٍ،

ــ

3779، 3780 - [22، 23](خريم بن فاتك، وأيمن بن خريم) قوله: (وعن خريم) بضم الخاء وفتح الراء الغير المنقوطة مصغر (ابن فاتك) بفاء وتاء مثناة فوقية مكسورة.

وقوله: (قام قائمًا) أي: قيامًا.

وقوله: (عدلت) بلفظ المجهول مخففًا (بالإشراك) وذلك من باب شهادة الزور كالتوحيد شهادة الصدق، و (الزور) بالضم: الكَذِب، من الزور وهو الانحراف، يقال: تزاور عنه أي: عدل وانحرف، ومنه قوله تعالى:{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ} [الكهف: 17]، والقول الزور أعم من شهادة الزور، فإذا أمروا بالاجتناب عنه فعن شهادة الزور فيه إتلاف حق الناس بطريق الأولى.

3781 -

[24](عائشة) قوله: (لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة) يحتمل أن يراد به الخيانة في أمانات الناس، ويحتمل أن يراد الأعم الشامل للخيانة في أحكام اللَّه

ص: 521

وَلَا مَجْلودٍ حَدًّا،

ــ

تعالى، وقد جمع الكل قوله سبحانه تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} [الأنفال: 27]، فيكون المراد بالخائن الفاسق، وحينئذ يكون ذكر المجلود والزاني وغيرهما مثلًا بعده، وعطفهما عليه من قبيل عطف الخاص على العام لعظم خيانتهما، فلا يتوجه عليه ما قال الشيخ التُّورِبِشْتِي (1): إنه لو كان الأمر على ما قرره البعض من حمل الخيانة على المعنى الأعم لاستغني بذكر الخيانة عن ذكر الزنا في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، فعلمنا أنه أراد بالخائن الخائنَ الذي يخون في أمانات الناس، نعم ما ذكره من أنا وجدنا استعمال هذا اللفظ في الأكثر والأغلب في اللغة في خيانة أمانات الناس موجَّهٌ.

فإن قلت: الخيانة من جملة الخفيات التي لا يطلع على حقيقتها إلا عالم الأسرار.

قلنا: يعرف بالأمارات والدلائل، فالمراد بالخائن الذي لا يكاد يخفى أمره لاشتهاره بذلك وظهور ذلك عنه كرَّةً بعد أخرى، كذا قالوا، وأقول: لو لم يعم لبقي كثيرٌ من أنواع الفسق خارجًا، فالصواب التعميم، لكن ذكر بعض الفسوق للتخصيص بعد التعميم.

وقوله: (ولا مجلود حدًّا) يتناول الزاني الغير المحصن والقاذف والشارب، لكن المجلود في القذف لا تقبل شهادته عند أبي حنيفة رحمه الله أبدًا وإن تاب، وجعل قوله تعالى:{وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ} في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: 4 - 5]

(1)"كتاب الميسر"(3/ 870).

ص: 522

وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ،

ــ

عطفًا على قوله: فاجلدوا، وجعل عدم قبول الشهادة أبدا من تمام الحد، وجعل الاستثناء من {الْفَاسِقُونَ} ، وتمام تحقيقه في أصول الفقه.

وسائر الأئمة يقولون: القذف من جملة الفسوق، ولا يتعلق بإقامة الحد بل إن تاب قبلت شهادته ثم جلد أو لم يجلد، وإن لم يتب لا تقبل شهادته سواء جلد أو لم يجلد، بل لا يبعد أن يكون إقامة الحد موجبًا لقبول الشهادة لزوال الفسق والإثم، لكن لا يخفى أن ذكر المجلود دون القاذف في الحديث ربما يدل على أن المانع من الشهادة هو إقامةُ الحد دون موجِبه.

وبهذا الوجه قال التُّورِبِشْتِي (1): الأقرب أن يكون المراد بالمجلود هذا الذي جلد في القذف على ما ورد به التنزيل، ثم قال: وإن ذهب ذاهب إلى أن المراد به الفاسق الذي عرف بالفسق، وتبين منه ذلك بما أقيم عليه من الحد فله محمل، والوجه هو الأول، فليتأمل.

وقوله: (ولا ذي غمر) الغمر بالكسر: الحقد والعداوة، أي: لا تقبل شهادة عدو على عدو وتكون العداوة بينهما مشهورة ظاهرة، ولم يذكر المرأة كما في زان وزانية في الحديث الآتي، لأن أكثر ما يكون العداوة في الرجال، وكذا الكلام في الظنين والقانع، فافهم.

وقوله: (على أخيه) قال الطيبي (2): سواء كان أخاه من النسب أو أجنبيًا، وعلى هذا إنما قال:(على أخيه) تليينًا لقلبه وتقبيحًا لصنيعه، انتهى. الأخ يطلق على الأخ

(1)"كتاب الميسر"(3/ 870).

(2)

"شرح الطيبي"(7/ 258).

ص: 523

وَلَا ظَنِينٍ فِي وَلَاءٍ وَلَا قَرَابَةٍ، وَلَا الْقَانِعِ مَعَ أَهْلِ الْبَيْتِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَيَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ الدِّمَشْقِيُّ الرَّاوِي مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. [ت: 2298].

ــ

نسبًا أو دينًا، ولعله أريد هنا المثل من بني النوع، فافهم.

وقوله: (ولا ظنين في ولاء ولا قرابة) الظنين: المتهم، فَعِيل بمعنى مفعُول كما في قوله تعالى:{وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] على القراءة بالظاء المشالة، من الظِّنَّة بالكسر: التُّهمة، يعني من انتمى إلى غير مواليه وقال: أنا عتيق فلان وهو كاذب ومشتهر بكذبه فيه بحيث يتهمه الناس في قوله ويكذبونه، لا تقبل شهادته لأنه فاسق؛ لأن الكذب في الولاء بقطعه عن المعتق وادعائه لمن ليس معتقَه كبيرةٌ، كذا قالوا، وقد ورد فيه وعيد وتشديد، وكذا الحكم في القرابة بأن يدعي أنه ابن فلان أو أخ فلان وهو فيه كاذب ويكذبه الناس فيه، وقد ورد فيه اللعن.

وقوله: (ولا القانع مع أهل البيت) أراد به السائل المقتنع بأدنى قوت، أي من كان في نفقة أحد كالخادم والتابع فإنه لا تقبل شهادته؛ لأنه يجر بشهادته نفعًا لنفسه، فيكون في حكم شهادة الوالد والولد بالاتفاق، وشهادة أحد الزوجين عندنا، وعند الشافعي يقبلُ الأخيرَ.

وقوله: (منكر الحديث) عبارة الترمذي: يضعف في الحديث، وفي (الكاشف) (1): يزيد بن زياد ويقال: ابن أبي زياد، دمشقي، عن الزهري وسليمان بن حبيب، وعنه وكيع وأبو نعيم والوحاظي، أخرج حديثه الترمذي وابن ماجه، وفي الحاشية: قال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن أبي حاتم: منكر الحديث، وقال مرة:

(1)"الكاشف"(2/ 382).

ص: 524

3782 -

[25] وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ، وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا زَانٍ، وَلَا زَانِيَةٍ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ". وَرَدَّ شَهَادَةَ الْقَانِعِ لِأَهْلِ الْبَيَتْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3600، 3601].

3783 -

[26] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَدَوِيٍّ عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 3602، جه: 2366].

ــ

ذاهب الحديث، وقال مرة: ضعيف الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، روى عنه مروان بن معاوية الفزاري.

3782 -

[25](عمرو بن شعيب) قوله: (وردّ) بلفظ الماضي عطف على (قال).

3783 -

[26](أبو هريرة) قوله: (لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية) قيل: لجهله بأحكام الشريعة وكيفية حمل الشهادة وغلبة النسيان، فإن علم منه هذه الصفات تجوز، وتعقب بأنه حينئذ لا يكون لتخصيص أهل القرية فائدة، وقال التُّورِبِشْتِي (1): ذهب إلى ظاهره بعض العلماء، والوجه فيه على قول من يرى بخلاف ذلك أن يقال معنى قوله:(لا تجوز) لا يحسن لحصول التهمة ببعد ما بين الرجلين، ويؤيد ذلك تعديتها بـ (على)، ثم لتعذر الوقوع بالبدوي العدل على القروي، ويؤولون الحديث بما ذكر، ثم قال التُّورِبِشْتِي (2): كل ما وجد في أحاديث الباب غير معمول

(1)"كتاب الميسر"(3/ 871).

(2)

"كتاب الميسر"(3/ 871).

ص: 525

3784 -

[27] وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَمَّا أَدْبَرَ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ ونِعْمَ الْوَكِيلُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3627].

ــ

عند بعض العلماء، فلا يخلو من وهن في الأحاديث، أو ترجيح فيما يخالفه من طرق الرواية، أو احتمال تأويل يستقيم معه الجمع بين المختلف فيه من الروايات، واللَّه أعلم، انتهى. ولعله أراد بالكل الأكثر، واللَّه أعلم.

3784 -

[27](عوف بن مالك) قوله: (حسبي اللَّه، ونعم الوكيل) إشارة به إلى أن المدَّعيَ أخذ مالَه باطلًا.

وقوله: (يلوم على العجز) أي: لا يرضى، والمراد بالعجز هنا ضدُّ الكَيْس، والكيس: التيقظ في الأمور، والاهتداء إلى التدبير، والمصلحة بالنظر إلى الأسباب، واستعمال الفكر في العاقبة في الخصومات وأمثالها، يعني كان ينبغي لك أن تيقظ في معاملتك، ولا تقصِّرَ فِيها قبل إقامة المدعي البينة، ومع ذلك إذا غلبك الخصم قلت: حسبي اللَّه، وأما قبل ذلك فليس بشيء، والمقصود الحث على التيقظ والتدبر في الأمور، واللوم على التهاون، والتقصير في إقامة الحق، والسعي في إثباته بمباشرة الأسباب وذلك حال الأقوياء، كما ورد:(المؤمنُ القويُّ خيرٌ من المؤمن الضعيف)(1)، أو كما قال.

اللهم يا رب المستضعفين نحن الضعفاء، لا نهتدي لأمورنا في الدنيا ولا في الدين، وقونا بقوتك، واهدنا السبيل، ولا حول ولا قوة إلا بك.

(1) أخرجه مسلم في "صحيحه"(2664).

ص: 526