الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
3229 -
[1] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُبِضَ عَنْ تِسْعِ نِسْوَةٍ،
ــ
والجزء من الشيء المقسوم، وبالفتحتين بمعنى الحَلِف، والقَسْم يجب للمرأتين وأكثر، فإن ترك وجب قضاؤه للمظلومة، وليس له أن يبيت في نوبةِ واحدةٍ عند أخرى، ولا أن يجمع بين اثنتين في ليلة من غير إرادتهن، وحديث (كان يطوف على نسائه في ليلة) كان قبل أن يجب القسم، أو بإذنهن، والمذهب عند الحنفية أنه لم يكن القسم واجبًا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51]، ورعاية ذلك كان تفضُّلًا لا وجوبًا، واللَّه أعلم.
فإن وهبت واحدة لا يلزم في حق الزوج، بل له أن يدخل على الواهبة، ولا يلزم رضاء الموهوبة، وللواهبة أن ترجع متى شاءت في المستقبل دون الماضي، وإن وهبت للزوج فله أن يجعل نوبتها لمن يشاء، وإن تركت حقها ولم تعيِّن واحدة يُسوِّي بينهن، والقرعة واجبة، وعندنا يُستحب عند السفر، ولا يجب قضاء أيام السفر، ولو خرج بواحدة من غير قوعة يجب القضاء للأخرى، وإن حمل اثنتين بالقرعة فعليه التسوية بينهما، وعماد القسم في حق المقيم الليل، والنهار تبع له، فإن كان الرجل ممن يعمل بالليل فعماده في حقه النهار، وباقي الأحكام والمسائل مذكور في كتب الفقه (1).
الفصل الأول
3229 -
[1](ابن عباس) قوله: (عن تسع نسوة) وهي: عائشة، وحفصة، وأم
(1) في "التقرير": والقسم عند الحنفية في البيتوتة لا الجماع، نعم لو لم يجامع أبدًا يؤاخذ عند اللَّه، وكذا مذاهب الأئمة الثلاثة، كما في "المغني" (8/ 149) قال: لا نعلم خلافًا بين أهل العلم، في أنه لا تجب التسوية بين النساء في الجماع، وهو مذهب مالك والشافعي، انتهى.
وَكَانَ يَقْسِمُ مِنْهُنَّ لِثَمَانٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5067، م: 1465].
3230 -
[2] وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ سَوْدَةَ لَمَّا كَبِرَتْ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ: يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَة. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5212، م: 1463].
3231 -
[3] وَعَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: "أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ ". . . . .
ــ
حبيبة، وسودة، وأم سلمة، وصفية، وميمونة، وزينب بنت جحش، وجويرية رضي اللَّه تعالى عنهن، وقد ذكرناهن وغيرهن من أزواجه صلى الله عليه وسلم، وبعض أحوالهن في (شرح سفر السعادة)(1) فلينظر ثمة.
وقوله: (كان يقسم منهن لثمان) هي المذكورات سوى سودة فإنها وهبت نوبتها لعائشة.
3230 -
[2](عائشة) قوله: (لما كبرت) بكسر الباء من عَلِمَ فِي السن، وبضم الباء من كَرُمَ فِي القدر، وأراد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يطلقها، واتفقت الروايات على إرادة الطلاق، أما وقوعه ففيه خلاف، والأصح عدمه، وسيأتي الكلام فيه في (الفصل الثالث).
3231 -
[3](عائشة) قوله: (أين أنا غدًا؟ ) يريد الاستئذان منهن أن يأذنَّ له أن يكون عند عائشة، (فأذن) بلفظ الواحد المذكر للفصل، وفي بعض النسخ:(فَأَذِنَّ) بلفظ جمع المؤنث من قبيل {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} [طه: 62].
(1)"شرح سفر السعادة"(ص: 441).
يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 5217].
3232 -
[4] وَعَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2688، 277].
3233 -
[5] وَعَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدهَا سَبْعًا. . . . . .
ــ
وقوله: (أن (1) يكون حيث شاء) فيه غاية الامتثال والاسترضاء، وإلا كان الظاهر أن يقال: أن يكون في بيت عائشة.
3232 -
[4](عائشة) قوله: (أقرع بين نسائه) وكان ذاك تفضلًا وتطييبًا لقلوبهن من غير أن يجب ذلك عليه، وهذا مذهبنا كما مر، ومع قطع النظر عن ذلك المسافر مخيَّرٌ، والقرعة أفضل (2).
3233 -
[5](أبو قلابة) قوله: (إن (3) من السنة) أي من جملة السنة هذا الحكم، وهو (إذا تزوج الرجل البكر. . . إلخ) أو يقدر (أنْ) المصدرية قبل قوله:(أقام).
وقوله: (سبعًا)(4) أي: سبعَ ليالٍ.
(1) كذا في النسخ المخطوطة بزيادة "أن".
(2)
في "التقرير": القرعة عند السفر ضروري عند الشافعية دون الحنفية.
(3)
كذا في النسخ المخطوطة بزيادة "إن".
(4)
في "التقرير": قال الشافعي بالتسبيع للبكر، والتثليث للثيب بدون القسم، والحنفية أدخلوا كلها في القسم.
وَقَسَمَ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَسَمَ، قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَلَو شِئْتُ لَقُلْتُ: إِنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5214، م: 1461].
3234 -
[6] وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ وَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ قَالَ لَهَا: "لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ، وَإِنْ شِئْتِ. . . . .
ــ
وقوله: (وقسم) أي: سوَّى بعد ذلك بين القديمة والحديثة.
وقوله: (ثم قسم) لعل إدخال (ثم) ههنا -أعني في الصورة الثانية وهي صورة تزوُّجِ الثيب دون تزوُّجِ البكر- لأن الإقامة عند البكر لما كانت لاستحقاقها ورجحانها ورغبة الزوج عندها فكأنها لم يتراخَ الزمان ولم تمضِ مدة طويلة بخلاف الإقامة عند الثيب، فافهم.
وقوله: (إن أنسًا رفعه) وذلك لأن قول الصحابي: (من السنة كذا) في حكم المرفوع على ما هو المختار؛ لأن السنةَ سنةُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهو المتبادِرُ، وإن كان يطلق أحيانًا على غيرها كقولهم: سنة العُمَرين، وقد عرف في موضعه.
3234 -
[6](أبو بكر بن عبد الرحمن) قوله: (ليس بك) أي: ليس بسببك (على أهلك)، يريد نفسه الكريمة صلى الله عليه وسلم أو قبيلتها، (هوان) أي: مذلة، أي: ليس اقتصاري على الثلاث لهوانك عليّ ولعدم رغبتي فيك، بل لأن حكم الشرع كذلك، وهذا تمهيد للعذر في الاقتصار على التثليث لها.
وقوله: (إن شئت) أي: التسبيع، والتقدير: إن شئت صحبتي ومخالطتي وعزتك وامتيازك عند الناس (سبعت) بتشديد الباء، أي: أقصت عندك سبعةً، وكذلك أقصت سبعًا عندهن، أي: عند سائر النساء، (وإن شئت) أقمتُ عندك ثلاثةً كما هو حكم