الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
3210 -
[1] عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أثَرَ صُفْرَةٍ فَقَالَ: . . . . .
ــ
(القاموس)(1): الوليمة: طعام العرس أو كل طعام، وسميت وليمة لاجتماع الزوجين، ووليمة الشيء: كماله وجمعه من الالئتام.
والأكثر على أن الوليمة سنة، والتقدير بالشاة لمن أطاقها لا على الحتم، وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم أولم على بعض نسائه بمُدَّين، وعلى الأخرى بسَوِيق وتمرٍ، وعلى أخرى بحَيْس، وورد:(الوليمة حق) أي: سنة ثابت شرعًا، وقيل: مستحبة، وقيل: واجبة، ووقتها بعد الدخول أو وقت العقد أو عندهما.
أقول: واختلف في تكرارها أكثر من يومين، فكرهه طائفة، واستحب مالك كونها أسبوعًا، وفي (مجمع البحار) (2): الضيافة ثمانية: الوليمة للعرس، والخُرْس للولادة، والإعذار للخِتان، والوَكِيرة للبناء، والنَّقيعة لقدوم مسافر من النقع، وهو الغبار، ويصنع المسافر أو يصنع له، والوَضِيمة للمصيبة، والعقيقة لتسمية الولد، والمأدبة طعام متَّخذ للضيافة بلا سبب، وكلها مستحبة إلا الوليمة فإنها تجب عند قوم، قال البغوي: يستحب للمرء أن يحدث شكر اللَّه إذا أحدث نعمة.
الفصل الأول
3210 -
[1](أنس) قوله: (أثر صفرة) أي: تعلق بثوبه أو ببدنه من زعفران من طيب العروس، أو من غير طيب العروس، بل من استعمال الزعفران على قول من يجوِّز للمتزوِّج.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1076).
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(3/ 430).
"مَا هَذَا؟ " قَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ: "بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5148، م: 1427].
3211 -
[2] وَعَنْهُ قَالَ: مَا أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ،
ــ
وقوله: (ما هذا؟ ) سؤال عن السبب بأنه للتزوج فيجوز، أو لغيره فلا يجوز، فأجاب بأنه للتزوج فقرَّره، أو إنكار على ذلك فأجابه بأنه لم يتضمَّخ بل علق به من مخالطة العروس، فافهم.
وقوله: (على وزن نواة) قيل: هي اسم لخمسة دراهم، كذا نقل الطيبي (1) وقال: إن النواة اسم لخمسة دراهم، كما أن النَّشَّ اسم لعشرين درهمًا، والأوقية لأربعين، وقال صاحب (القاموس) (2): والنواة من العدد عشرون، أو عشرة، والأوقية من الذهب أربعون أو أربعة دنانير، أو ما زنته خمسة دراهم، أو ثلاثة دراهم، أو ثلاثة ونصف. وقيل: المراد نواة التمر.
وقوله: (أولم ولو بشاة) ظاهر هذه العبارة أنه للقلة، أي: ولو بشيء قليل كالشاة، وقد يجيء مثل هذه العبارة لبيان التكثير والتبعيد كما في قوله:(ولو بالصين)، وقيل: وهو المراد هنا لأن كون الشاة قليلة لم يعرف في ذلك الزمان، وهو الظاهر من الحديث الآتي، ولو أريد التقليل لم يبعد، أي: ولو بشاة واحدة صغيرة، وقد ثبت كون الوليمة بأقل ذلك كالسَّوِيق والحَيْس والمُدَّين من شعير، واللَّه أعلم.
3211 -
[2](أنس) قوله: (ما أولم) ما نافية، وفي (ما أولم على زينب)
(1)"شرح الطيبي"(6/ 292).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 1230).
أَوْلَمَ بِشَاةٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5168، م: 1428].
3212 -
[3] وَعَنْهُ قَالَ: أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَنَى بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزًا وَلَحْمًا. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 4794].
3213 -
[4] وَعَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَتَزَوَّجَهَا، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِحَيْسٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5169، م: 1365].
3214 -
[5] وَعَنْهُ قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ،
ــ
موصولة، والمضاف محذوف، أي: مثلَ، أو قدرَ ما أولم عليها.
وقوله: (أولم بشاة) يدل على أن الوليمة بشاةٍ كثيرةٌ.
3212 -
[3](أنس) قوله: (حين بنى بزينب) يدل على أن وقت الوليمة بعد العقد بل وبعد الدخول.
3213 -
[4](أنس) قوله: ) (وجعل عتقها صداقها) هذا عندنا محمول على أنها وهبت له صداقها، أو هو من خواصه صلى الله عليه وسلم، والأقرب أن يقال: إنها وهبت له نفسها، فإنه نكاح بلا مهر، وهو في معنى الهبة، وهو أيضًا من خواصه، وعند جماعة يجوز أن يجعل العتق مهرًا. و (الحيس) بفتح الحاء وسكون التحتانية في الأصل بمعنى الخلط، ويطلق على تمر يخلط بسمن وأقط، فيعجن شديدًا، ثم يُندر منه نواه، وربما جعل فيه السويق، كذا في (القاموس)(1).
3214 -
[5](أنس) قوله: (يبنى عليه بصفية) أي: يبنى على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
(1)"القاموس المحيط"(ص: 696).
فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ، وَمَا كَانَ فِيهَا إِلَّا أَنْ أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَأُلْقِيَ عَلَيْهَا التَّمْرُ وَالأَقِطُ وَالسَّمْنُ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 4213].
3215 -
[6] وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ: أَوْلَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 5172].
3216 -
[7] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَليمَةِ فَلْيَأْتِهَا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5173، م: 1429].
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمِ: . . . . .
ــ
خباء مع صفية أو بسببها، كناية عن الزفاف معها، والمشهور من العبارة أن يقال: بنى بصفية أو على صفية، ولعل صيغة المضارع لحكاية الحال الماضي. و (الأنطاع) جمع نطع بالكسر والفتح والسكون وبالتحريك: بساط من الأديم، والمراد السُّفْرةُ المبسوطة للطعام، وكانت من الأديم، و (الأقط) مثلثة ويحرك وككتف ورجل وإبل: شيء يتخذ من المخيض الغنمي، كذا في (القاموس)(1)، وهذه الثلاثة مجموعها في معنى الحيس كما في الحديث السابق.
3215 -
[6](صفية بنت شيبة) قوله: (على بعض نسائه) قال السيوطي: لعلها أم سلمة.
3216 -
[7](عبد اللَّه بن عمر) قوله: (فليأتها) قيل: إجابة الوليمة مستحبة، وقيل: واجبة، وقيل: فرض كفاية؛ لأنها إكرام موالاة أشبه رد السلام، وهذا إذا
(1)"القاموس المحيط"(ص: 606).
فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ.
3217 -
[8] وَعَنْ جَابِرٍ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجبْ، فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1430].
3218 -
[9] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ، وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ. . . . .
ــ
عيّن الداعي المدعوَّ بالدعوة، فلو لم يعينه كقوله: يا أيها الناس أجيبوا إلى الوليمة لم يجب الإجابة، بل لا يستحب؛ لأن الإجابة معلل بما فيها من كسر قلب الداعي؛ وإذا عمم فلا كسر، ويسقط وجوب الإجابة أو ندبها بأعذار، منها: أن يكون في الطعام شبهة، أو خص بها الأغنياء، أو يكون هناك من لا يليق به مجالسته، أو يدعوه لجاهه، أو لتعاونه على باطل، أو يكون هناك منكر، ولا يجب إجابة الذمي بل يكره.
وقوله: (أو نحوه) بأن كان عقيقة مثلًا، وكان المراد بالوليمة في هذه الرواية مطلق الطعام.
3217 -
[8](جابر) قوله: (فليجب) أي: فليحضر، إذ الواجب أو المندوب إنما هو الحضور لا الأكل، والأكل مستحب إن لم يكن صائمًا.
3218 -
[9](أبو هريرة) قوله: (يدعى لها الأغنياء) إما إشارةٌ إلى علة كونها شرًّا بناء على ما هو العادة فيكون مستأنفة، ويكون المراد بالوليمة جنسها، أو تقييدٌ فيكون صفة للوليمة، فلا يشكل بأنه قد أولم النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يكون شرًّا.
وقوله: (ومن ترك الدعوة) أي: إجابتها بغير عذر.
فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [خ: 5177، م: 1432].
3219 -
[10] وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ، كَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ، فَقَالَ: اصْنَعْ لِي طَعَامًا يَكْفِي خَمْسَةً، لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَصَنَعَ لَهُ طُعَيْمًا، ثمَّ أَتَاهُ فَدَعَاهُ فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا أَبَا شُعَيْبٍ! إِنَّ رَجُلًا تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ" قَالَ: لَا، بَلْ أَذِنْتُ لَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5461، م: 2036].
ــ
وقوله: (فقد عصى اللَّه) ظاهره الوجوب، أو هو محمول على تأكد الاستحباب، وعليه الجمهور.
3219 -
[10](أبو مسعود الأنصاري) قوله: (يكنى) بلفظ المجهول بالتخفيف والتشديد، و (اللحام) بصيغة المبالغة: بائع اللحم، وألفاظ المحترفة واقعة بصيغة المبالغة بناء على كثرة عملهم ومزاولتهم له.
وقوله: (خامس خمسة) بالنصب حال من النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (طعيمًا) بضم الطاء وفتح العين وكسر الياء المشددة للتصغير.
وقوله: (ثم أتاه) أي: أتى الرجلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فدعاه.
وقوله: (فإن شئت أذنت له) بلفظ الخطاب، فيه أنه لا يجوز لأحد أن يَدْخُلَ في ضيافة قوم بغير إذنهم، ولا يجوز أن يُدْخِلَ الضيف أحدًا بغير إذن المضيف، وقيل: إن كان الضيف رجلًا كبيرًا مقتدى قوم يجوز، وأن يستحب للمضيف إذنه، وفيه إكرام للضيف.