الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي "شَرْحِ السُّنَّةِ" لَفْظُ "الْمَصَابِيحِ" وَقَالَ: رَفَعَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ عَائِشَةَ. [خ: 6663].
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
3418 -
[13] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ، وَلَا بِالأَنْدَادِ، وَلَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. [د: 3248، ن: 3769].
ــ
يمينًا، ولهذا يسمى يمين اللغو (1)، وقد يفسر يمين اللغو بما حلف ظانًا أنه حق وليس بحق ولا يؤاخذ به، واللَّغو واللَّغاءُ: السَّقطُ وما لا يُعتَدُّ به من كلام وغيره، كذا في (القاموس)(2).
وقوله: (وفي شرح السنة لفظ المصابيح)، وهو قوله:(وعن عائشة قالت: لغو اليمين قول الإنسان: لا واللَّه، وبلى واللَّه)، ورفعه بعضهم عن عائشة، أي: متجاوزًا عن عائشة غير موقوف عليها، والحديث مرفوع سواء يرفعونه أم لا؛ لأن تفسير الصحابي فيما يتعلق بسبب نزول آية في حكم المرفوع، كذا ذكر في أصول الحديث، ولهذا رواه البخاري في (صحيحه).
الفصل الثاني
3418 -
[13](أبو هريرة) قوله: (ولا بالأنداد) أي: الشُّركاءِ، وهي الأوثان.
(1) اللغو عند الشافعية أن يحلف على شيء ماض أو مستقبل سهوًا لا واللَّه، بلى واللَّه، وعند الحنفية أن يحلف على الماضي قصدًا، وعلم بعده أنه غلط.
(2)
"القاموس"(ص: 1222).
3419 -
[14] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 1535].
3420 -
[15] وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ بِالأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3253].
ــ
3419 -
[14](ابن عمر) قوله: (فقد أشرك) أي: المحلوف به مع اللَّه في التعظيم، وقد قيل: بالتكفير، وهو تغليظ، اللهم إلا أن يقصد حقيقة التعظيم والتشريك، واللَّه أعلم.
3420 -
[15](بريدة) قوله: (من حلف بالأمانة فليس منا) أي: ممَّن اقتدى بطريقتنا، بل من المتشبهين بغيرنا، فإنه من دَيدَن أهل الكتاب، ولعدم دخولها في أسماء اللَّه وصفاته، وقيل: أراد بالأمانة الفرائض، أي: لا تحلفوا بالصلاة والحج ونحوهما، وقال التُّورِبِشْتِي (1): إذا حلف بأمانة اللَّه، فقد اختلف فيه أقاويل العلماء، والمشهور عن أبي حنيفة رحمه الله أن يمينه تنعقد، فجعل أمانة اللَّه من الصفات؛ لأن من أسماء اللَّه الأمين، وأحلّها بمحل الإرادة من المريد، والقدرة من القدير، ويحتمل أن يقال: إنه في معنى كلمة اللَّه، على ما ذهب إليه غير واحد من علماء التفسير في تأويل قوله سبحانه:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} [الأحزاب: 72]، وقالوا: الأمانة كلمة التوحيد، وقد روي عن أبي يوسف خلافه، واختار الطحاوي أن اليمين لا تنعقد بأمانة اللَّه، سواء نوى اليمين أو لم ينو، انتهى.
وعند أحمد: إن حلف بأمانة اللَّه وعهده وميثاقه، إن أضافها إلى اللَّه، أو نوى بها صفة اللَّه، فهو يمين موجب للكفارة، وإن قال: والأمانة والعهد وأطلق، فروايتان،
(1)"كتاب الميسر"(3/ 804).
3421 -
[16] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنَ الإِسْلَامِ؛ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الإِسْلَامِ سَالِمًا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 3258، ن: 3772، جه: 2100].
3422 -
[17] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اجْتَهَدَ فِي الْيَمِينِ قَالَ: "لَا، وَالَّذِي نَفْسُ. . . . .
ــ
لكنه يكره اليمين بالأمانة لورود النهي عنه، والنهي إما للتحريم أو للكراهة، وظاهر كلام بعض أصحابه (1) أن ما عدا أسماء اللَّه وصفاته لا تنعقد اليمين به، وبهذا يظهر أن القول بكون اليمين بأمانة اللَّه منعقدًا لا ينافي ورود النهي عن ذلك؛ لما فيه من التشبه بأهل الكتاب، فتدبر.
3421 -
[16](عنه) قوله: (إني بريء من الإسلام) أي قال: إن فعلت كذا فإني بريء من الإسلام، يعني حلف ببراءته من الإسلام، كما مرّ في (الفصل الأول) من حديث ثابت بن الضحاك:(مَن حلفَ على ملَّةٍ غيرِ الإسلامِ)، فيكون معنى قوله:(فإن كان كاذبًا) أنه فعل كذا لأن اليمين للمنع.
وقوله: (وإن كان صادقًا) يعني لم يفعل وبرّ في يمينه، فحينئذ لا يكفر، ولكن لن يرجع إلى الإسلام سالمًا؛ فإن الحلف بشيء يحتمل الكفر على تقدير الحنث لا يليق بحال المسلم، ولا ينبغي أن يتجاسر عليه، وحاصله أنه يأثم بهذا الحلف، فافهم.
3422 -
[17](أبو سعيد الخدري) قوله: (إذا اجتهد في اليمين) الاجتهاد: بذل الوسع في طلب الأمر، يعني كان إذا بالغ في تقرير القسم وتأكيده أقسم بهذا
(1) انظر: "المغني" لابن قدامة (13/ 472 - 470).
أَبِي الْقَاسِم بِيَدِهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3264].
3423 -
[18] وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَتْ يَمِينُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا حَلَفَ: "لَا، وَأَستَغْفِرُ اللَّه". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَه. [د: 3265، جه: 2093].
3424 -
[19] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ،
ــ
النوع من الكلام، فإنه يدل على كمال قدرة الحق وتسخيره نفسه الكريمة العظيمة، وفي العدول عن اسمه الشريف كما هو الغالب في الأحاديث من قوله:(والذي نفس محمد بيده) إلى كنيته المباركة أيضًا نوع من مزيد الاجتهاد والاهتمام، وكلمة (لا) ظاهره نفيٌ وردٌّ للكلام السابق، ولكن جرت العادة بذكرها من غير أن يكون كلام سبق فرضًا وتقديرًا، واللَّه أعلم.
3423 -
[18](أبو هريرة) قوله: (لا وأستغفر اللَّه) قيل: تقديره: لا أقسم، يكون (لا) زائدة للإشارة إلى ظهور المقسم عليه، أو ردًا لكلام سابق، و (أقسم) إنشاء قسم، كما هو المشهور في توجيه هذا الكلام الواقع في الآيات القرآنية، وزيادة (أستغفر اللَّه) عقيبه تداركٌ لما جرى على لسانه من يمين اللغو من غير قصد، وإن كان معفوًا عنه، وقيل: سماه حلفًا مجازًا وتشبيهًا، ومعناه أستغفر اللَّه إن كان الأمر على خلاف ذلك، فهو يؤكد الكلام ويقرره، فلهذا سماه حلفًا مجازًا وتشبيهًا في معنى التقرير والتأكيد.
3424 -
[19](ابن عمر) قوله: (فقال: إن شاء اللَّه) يعني متصلًا، والعمل