الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو! عَلَى أَيِّ حَالٍ قَاتَلْتَ أَوْ قُتِلْتَ، بَعَثَكَ اللَّهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2519].
3848 -
[62] وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَعَجَزْتُمْ إِذَا بَعَثْتُ رَجُلًا فَلَمْ يَمْضرِ لِأَمْرِي أَنْ تَجْعَلُوا مَكَانَةُ مَنْ يَمْضِي لِأَمْرِي؟ ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَذَكَرَ حَدِيثَ فَضَالَةَ:"وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ" فِي "كتَابِ الإِيمَانِ". [د: 2537].
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
3849 -
[63] عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ،
ــ
أي: تُغازي لتفاخر أني أكثرُ مالًا وجيشًا، أو يقال ذلك، كذا ذكروا، ويحتمل واللَّه أعلم أن يكون معناه طالبًا لكثرة المال، أي: تغازي للغنيمة.
3848 -
[62](عقبة بن مالك) قوله: (إذا بعثت رجلا) أي: أميرًا.
وقوله: (فلم يمض لأمري) أي: لم يذهب، أو لم يمتثِلْ لما أمرته.
الفصل الثالث
3849 -
[63](أبو أمامة) قوله: (في سرية) بفتح السين وتخفيف الراء المكسورة وتشديد الياء من خمسة أنفس إلى ثلاث مئة أو أربع مئة، كذا في (القاموس)(1)، وفي (الصراح) (2): سرية: باره از لشكر. ويقال: خيرُ السَّرايا أربعُ مئة، واصطلاحُ أرباب
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1190).
(2)
"الصراح"(ص: 565).
فَمَرَّ رَجُلٌ بِغَارٍ فِيهِ شَيْء مِنْ مَاءٍ وَبَقْلٍ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِأَنْ يُقِيمَ فِيهِ وَيَتَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ بِالْيَهُودِيَّةِ وَلَا بِالنَّصْرَانِيَّةِ، وَلَكَنِّي بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَمَقَامُ أَحَدِكُمْ فِي الصَّفِّ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهِ سِتِّينَ سَنَةً". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 5/ 266].
ــ
السير هو أن السرية ما لم يحضر فيه النبي صلى الله عليه وسلم، والذي حضر فيه فهو الغزوة.
وقوله: (إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية) أي: ما بُعِثتُ للرَّهبانية الشاقَّة (ولكني بعثت بالحنيفية) في (النهاية)(1): الحَنِيفُ: المائل إلى الإسلام الثابت عليه، والحنيف عند العرب مَن كان على دين إبراهيم، وأصل الحَنَف المَيلُ. قوله تعالى:{حَنِيفًا} [البقرة: 135] أي: مخلصًا في عبادته مائلًا عن كل الأديان إلى الإسلام. و (السمحة) أي: السَّهْلة، والمساهلة كالمسامحة، والتسميح السير السهل، وأسمحت قرونته: ذلَّت نفسه، والدابةُ: لانَتْ بعدَ استصعابٍ.
وقوله: (لغدوة أو روحة) الغدوة: السير في أول النهار، والروحة: السير في آخره، قيل: المراد بهما مطلق الزمان، أي: لمحة وساعة.
وقوله: (خير من الدنيا وما فيها) أي: لو ملكها وتصرف فيها مدتها لغايتها، وقيل: بل لو أنفقها في سبيل اللَّه لكثرة ثواب الجهاد.
وقوله: (ولمقام أحدكم في الصف) المراد صف القتال، والمراد بالصلاة
(1)"النهاية"(1/ 443).
3850 -
[64] وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يَنْوِ إِلَّا عِقَالًا فَلَهُ مَا نَوَى". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. [ن: 3138].
3851 -
[65] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "من رَضِي بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ" فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ: أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"وَأُخْرَى يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا الْعَبْدَ مِئَةَ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ" قَالَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الْجِهَادُ فِي سَبِيل اللَّهِ، الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1884].
ــ
النافلة، وقد يراد صف الجماعة، والمراد بيان فضل الصلاة بالجماعة على الصلاة منفردًا.
3850 -
[64](عبادة بن الصامت) قوله: (إلا عقالًا) أي: تحصيلَ عِقالٍ وهو بالكسر: الحبل الذي يُشَدُّ به رُكبةُ البعيرِ، والمقصود المبالغة في قطع الطمع عن الغنيمة.
3851 -
[65](أبو سعيد الخدري) قوله: (من رضي باللَّه ربًا. . . إلخ)، قد مر شرحه في أول الكتاب مفصلًا، فتذكر.
وقوله: (فعجب لها أبو سعيد) يريد نفسه من إقامة المظهر مقام المضمر.
وقوله: (وأخرى) أي: هناك خصلة أخرى، أو أبشرك ببشارة أخرى، وهذا تخصيص بعد التعميم؛ لأن الرضا المذكور يشمل كل خير.
3852 -
[66] وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ" فَقَامَ رَجُلٌ رَثُّ الْهَيْئَةِ فَقَالَ: يَا أَبَا (1) مُوسَى أَنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَذا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ، ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ، فَأَلْقَاهُ، ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ إِلَى الْعَدُوِّ فَضَرَبَ بِهِ حَتَّى قُتِلَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1902].
3853 -
[67] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَصْحَابِهِ: "إِنَّهُ لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ يَوْمَ أُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظلِّ العرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِم وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ قَالُوا: مَنْ يُبلِّغُ إِخْواننَا عَنَّا أَنَّنَا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجَنَّةِ، وَلَا يَنْكُلُوا. . . . . .
ــ
3852 -
[66](أبو موسى) قوله: (تحت ظلال السيوف) كناية عن حضور معركة القتال والقيام فيها. و (الرثّ) البالي والخلق.
وقوله: (أقرأ عليكم السلام) توديع. وجفن السيف: غمده بالفتح ويكسر.
3853 -
[67](ابن عباس) قوله: (جعل اللَّه أرواحهم في جوف طير خضر) مرّ شرحه في الفصل الأول في حديث مسروق.
وقوله: (مقيلهم) وهو المكان الذي يستريح فيه وقتَ نصف النهار من القيلولة، والقائلة نصف النهار.
وقوله: (ولا ينكلوا) نكل عن الأمر: امتنع، ومنه النكول عن اليمين.
(1) في نسخة: "يا با موسى".
3854 -
[68] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْمُؤْمِنُونَ فِي الدُّنْيَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ: الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالَّذِي يَأْمَنُهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ الَّذِي إِذَا أَشْرَفَ عَلَى طَمَعٍ تَرَكَهُ لِلَهِ عز وجل" رَوَاهُ أَحْمدُ. [حم: 3/ 8].
ــ
3854 -
[68](أبو سعيد الخدري) قوله: (على ثلاثة أجزاء) أي أقسام.
وقوله: (الذين آمنوا. . . إلخ)، اقتباس للآية القرآنية، وهؤلاء الذين نفعوا الخلائق، وهذا يوهم مع حصول كمال الإيمان أشرف وأعلى مرتبة.
وقوله: (والذي يأمنه الناس على أموالهم وأنفسهم) إشارة إلى أنهم وإن لم ينفعوا الناس بكمال خيرهم لم يضروهم بشرهم، ولم يخالطوهم ولم يطمعوا منهم وهم أدنى رتبة ممن قبلهم.
وقوله: (ثم الذي إذا أشرف على طمع. . . إلخ)، يعني أن هؤلاء وإن اختلطوا الناس وكادوا أن يطمعوا ويحرصوا في الدنيا، ولكن حفظهم اللَّه عن ذلك فلم يقعوا في ذلك، قال في (القاموس) (1): طمع فيه وبه كفرح طمعًا: حرص عليه. وقال شيخنا رحمه الله: الطمع سكون النفس إلى منفعة مشكوكة الوصول.
وقال الطيبي (2): يراد بالطمع في الحديث انبعاثُ هوى النفس إلى ما تشتهيه، فتؤثره عن متابعة الحقِّ، فتركُه غايةُ المجاهدةِ، قال اللَّه تعالى:{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40 - 41]، انتهى. وشرح الحديث
(1)"القاموس المحيط"(ص: 687).
(2)
"شرح الطيبي"(7/ 309).
3855 -
[69] وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ نَفْسٍ مُسْلِمَةٍ يَقْبِضُهَا رَبُّهَا تُحِبُّ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْكُمْ وَأَنَّ لَهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا غَيْرَ الشَّهِيدِ" قَالَ ابْنُ عَمِيرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ أُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي أَهْلُ الْوَبَرِ وَالْمَدَرِ". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. [ن: 3153].
3856 -
[70] وَعَنْ حَسْنَاءَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ قَالَتْ: حَدَّثَنَا عَمِّي قَالَ: قَلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ فِي الْجَنَّةِ؟ . . . . .
ــ
على ما ذكر وفصل من مخيلات هذا الضعيف عفا اللَّه عنه، واللَّه أعلم.
3855 -
[69](عبد الرحمن بن أبي عميرة) قوله: (ابن أبي عميرة) على وزن كريمة.
وقوله: (وأن لها) الرواية بالفتح عطف على (أن ترجع).
وقوله: (غير الشهيد) بالرفع بدل من فاعل (تحبُّ)، ويروى بالنصب على الاستثناء.
وقوله: (أهل الوبر) محركة: صوف الأبل والأرانب ونحوها، والمراد بها الخيام، وأهل الوبر سكان البوادي؛ لأن خباءهم من الوبر. و (المدر) محركة: قِطَعُ الطينِ اليابسِ، وأهل المدر سكان القرى والأمصار؛ لأن بيوتهم من المدر، وهو كناية عن الدنيا وأهلها.
3856 -
[70](حسناء بنت معاوية) قوله: (حسناء) على وزن حمراء (بنت معاوية) بن سليم الصريمي.
قَالَ: "النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْوَئِيدُ فِي الْجَنَّةِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2521].
3857 -
[71] وَعَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ (1) كُلُّهُمْ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ أَرْسَلَ نَفَقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَقَامَ فِي بَيْتِهِ، فَلَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ سَبْعُ مِئَةِ دِرْهَمٍ،
ــ
وقوله: (النبي في الجنة) مبتدأ وخبر، وكذا قوله:(والمولود في الجنة) وقوله: (والوئيد في الجنة)، والمراد بالمولود الصغير أعم من أن يكون ولد مؤمن أو ولد كافر، وهذا هو المقرر عندهم، وأما ما سبق في (باب الإيمان بالقدر) فله تأويل سبق ذكره هناك، فتدبر. والمراد بالوئيد الموءودة وهو الذي يدفن حيًا كما كان من عادة الجاهلية من دفن البنات، والتذكير باعتبار أن فَعِيلًا إذا كان بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث.
وقال السيوطي: ومنهم من كان يئد البنين أيضًا عند المجاعة والضيق، ولعل التخصيص بهذه الأربعة باعتبار الفضل والشرف في الأولين، وأما في الآخرين من جهة دخولهما الجنة بغير عمل وكسب، واللَّه أعلم.
3857 -
[71](علي) قوله: (في وجهه) أي: في وجه اللَّه، أي: طلب رضاه، أو من الجهة التي أمر به ورضي عنه، والمآل واحد.
وقوله: (فله بكل درهم سبع مئة درهم) وفي بعض النسخ: (سبع مئة ألف)، ومنه
(1) سقطت الترضية.
وَمَنْ غَزَا بِنَفْسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْفَقَ فِي وَجْهِهِ ذَلِكَ، فَلَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ سَبْعُ مِئَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ"، ثُمَّ تَلَا هذهِ الآيةَ:{وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261]. رَوَاهُ ابنُ مَاجَهْ. [جه: 2761].
3858 -
[72] وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الشُّهَدَاءُ أَرْبَعَةٌ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَيِّدُ الإِيمَانِ، لَقِيَ الْعَدُوَّ فَصَدَّقَ اللَّهَ حَتَّى قُتِلَ، فَذَلِكَ الَّذِي يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ أَعْيُنَهُمْ. . . . .
ــ
يعلم أن المضاعفة لا ينحصر بالسبع مئة، بل يزيد كما سبقت الإشارة إليه في حديث خُرَيم بن فاتك في الفصل الثاني، فتدبر.
3858 -
[72](فضالة بن عبيد) قوله: (وعن فضالة) بفتح الفاء.
وقوله: (فصدق اللَّه) قيل: أي في وعده الأجرَ الجزيلَ والثوابَ العظيمَ للشهداء، وقال الطيبي (1): معناه أن اللَّه وصف المجاهدين بكونهم صابرين محتسبين، فأخبر بذلك، فصدقه هذا الرجل بفعله وشجاعته في هذا الوصف والإخبار، وهذا أوجه لأنه على المعنى الأول يكون كالتأكيد لمعنى الإيمان، ولأنه مشترك بين الأقسام كلها مع أنه لم يذكره في القسم الثاني، فالتصديق إنما يكون بالشجاعة والصبر والاحتساب، فافهم. فحاصل التقسيم أن المجاهد إما أن يكون متَّقيًا شجاعًا، وهو القسم الأول، أو متَّقيًا غير شجاع، وهو القسم الثاني، أو يكون شجاعًا غير متَّقٍ فإما أن يكون أعماله مخلوطًا بالصالح والسيئ غيرَ مسرفٍ، أو يكون فاسقًا مسرفًا، ففي الأقسام
(1)"شرح الطيبي"(7/ 311).
يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَكَذَا" وَرَفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى سَقَطَتْ قَلَنْسُوَتُهُ، فَمَا أَدْرِي أَقَلَنْسُوَةَ عُمَرَ أَرَادَ، أَمْ قَلَنْسُوَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: "وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَيِّدُ الإِيمَانِ لَقِيَ الْعَدُوَّ كَأَنَّمَا ضُرِبَ جِلْدُهُ بِشَوْكٍ طَلْحٍ مِنَ الْجُبْنِ، أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَقَتَلَهُ، فَهُوَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ خَلَطَ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا لَقِيَ الْعَدُوَّ فَصَدَّقَ اللَّهَ حَتَّى قُتِلَ، فَذَلِكَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ لَقِيَ الْعَدُوَّ فَصَدَّقَ اللَّهَ حَتَّى قُتِلَ، فَذَاكَ فِي الدَّرَجَةِ الرَّابِعَةِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. [ت: 1644].
ــ
يحصل تصديق اللَّه دون الثاني، فافهم.
وقوله: (هكذا) إشارة إلى ما رفع رأسه لإراءة الحاضرين صورةَ الرفع كما ذكر بقوله: (ورفع رأسه حتى سقطت قلنسوته) مبالغة في الرفع، والضمير في (قلنسوته) لعمر، وهو الصواب المفيد لحسن الأدب.
وقوله: (فما أدري) قول الراوي.
وقوله: (كما ضرب) بلفظ المجهول، و (الطلح) شجر عظام من شجر العِضَاهِ له شوك، وهذا كناية عن اقشعرار شعره من الفزع والخوف أو ارتعاد أعضائه.
وقوله: (أتاه سهم غرب) أي: أتاه من حيث لا يدري، وقد مرّ شرحه في الفصل الأول من حديث أنس رضي الله عنه.
وقوله: (فهو في الدرجة الثانية) لعدم شجاعته وتصديقه اللَّه تعالى بذلك مع كونه مشاركًا للأول في جودة الإيمان وصلاح العمل.
وقوله: (ورجل مؤمن خلط عملًا صالحًا. . . إلخ)، هذا الرجل والرجل الرابع مقابلان للأول والثاني في جودة الإيمان، ولكن هذا جامع في العمل الصالح والسيِّئ
3859 -
[73] وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْقَتْلَى ثَلَاثَةٌ: مُؤْمِنٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ"، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ: "فَذَلِكَ الشَّهِيدُ الْمُمْتَحَنُ فِي خَيْمَةِ اللَّهِ تَحْتَ عَرْشِهِ لَا يَفْضُلُهُ النَّبِيُّونَ إِلَّا بِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ،
ــ
سواء، والرابع عاصٍ فاسق سيِّئُ العمل غالبًا، فالحاصل أن الرجل له أجر وثواب الشهادة على أيّ وجه كان في الإيمان والعمل في الكمال أو النقصان.
3859 -
[73](عتبة بن عبد السلمي) قوله: (وعن عتبة) بضم العين وسكون التاء، و (السلمي) بضم السين وفتح اللام المخففة.
وقوله: (مؤمن جاهد بنفسه وماله في سبيل اللَّه) لا بد أن يقيد بما يميزه عن قسيمه وهو مؤمن خلط عملا صالحًا وآخر سيئًا، أي: مؤمن صالح متَّقٍ لم يخلط.
وقوله: (فيه) أي: في حقه متعلق لـ (قال)، وكذا في الثاني.
وقوله: (فذلك الشهيد الممتحن) أي: المجرَّبُ الصابرُ على الجهاد القويُّ على احتمال المشاقِّ، وفي (النهاية) (1): هو المصفى المهذب، يقول: محَنتُ الفضَّةَ: إذا صفَّيتَها وخلَّصتَها بالنار، وقال البيضاوي (2) في قوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} [الحجرات: 3]: جرَّبها للتقوى ومرَّنها عليها، أو عرفها كائنة للتقوى خالصة لها، فإن الامتحان سبب المعرفة.
وقوله: (في خيمة اللَّه) خبر بعد خبر، أو هو خبر والباقي صفات، والمراد بخيمة اللَّه حضرتُه ومحلُّ قُربِه كما وقع في حديث الشفاعة: (فأَستأذِنُ على ربِّي في
(1)"النهاية"(4/ 304).
(2)
"تفسير البيضاوي"(2/ 415).
وَمُؤْمِنٌ خَلَطَ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ"، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ: "مُمَصْمِصَةٌ مَحَتْ ذُنُوبَهُ وَخَطَايَاهُ إِنَّ السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلْخَطَايَا، وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ، وَمُنَافِقٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَإِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ فَذَاكَ (1) فِي النَّارِ، إِنَّ السَّيْفَ لَا يَمْحُو النِّفَاقَ". رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ. [دي: 2/ 272].
3860 -
[74] وَعَنِ ابْنِ عَايِذٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ فَلَمَّا وُضِعَ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا تُصَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَإِنَّهُ رَجُلٌ فَاجِرٌ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّاسِ فَقَالَ:"هَلْ رَآهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلِ الإِسْلَامِ؟ ". . . . .
ــ
دارِه فيُؤذَنُ لي عليه).
وقوله: (ممصمصة) على وزن اسم الفاعل من مَصمَصَ، أي: مطهِّرة، روي بالمهملة وبالمعجمة وكلاهما بمعنًى، وقيل: بالمهملة بطرف اللسان وبالمعجمة بالفم كله كما في الوضوء، وفي (القاموس) (2): المصمصة: المضمضة بطرف اللسان، ومُمَصْمِصَةُ الذنوب: مُمَحِّصَتُها، والمضمضة: تحريك الماء في الفم وغسل الإناء وغيره.
3860 -
[74](ابن عايذ) قوله: (وعن ابن عايذ) بالياء التحتانية والذال المعجمة (3).
(1) في نسخة: فذلك.
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 582، 603).
(3)
قال القاري: (6/ 2497): اسم فاعل من العَوْذ.