الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - باب إعتاق العبد المشترك وشراء القريب والعتق في المرض
*
الْفَصْلُ الأَوَّلَ:
3388 -
[1] عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأُعْطِيَ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2522، م: 1501].
ــ
1 -
باب إعتاق العبد المشترك وشراء القريب والعتق في المرض
قد تقرر الاختلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه في تجزؤ الإعتاق وعدمه، فهما يقولان: إنه لا يتجزأ لأن الإعتاق إثبات العتق، والعتق لا يتجزأ فكذا الإعتاق، وأبو حنيفة يقول: الإعتاق إزالة الملك، إذ ليس للمالك إلا إزالة حقه، وهو الملك الذي يتجزأ، وأما إثبات العتق أو إزالة الرق فهما حكمان شرعيان، لا يملكهما العبد، ويتفرع على هذا الاختلاف أحكام، سيجيء ذكرها في الأحاديث.
(وشراء القريب) يوجب العتق من غير أن يعتق مستأنفًا، لكن اختلفوا في القريب هل هو مختص بالولاء أو يعم ذوي الأرحام المحرمة كلهم؟ كما ستعرف، (والعتق في المرض) عبارة عن التدبير، وسيجيء حكمه.
الفصل الأول
3388 -
[1](ابن عمر) قوله: (من أعتق شركًا له) بالكسر، أي: نصيبًا وحصَّةً.
وقوله: (وإلا) أي: وإن لم يكن له مال يبلغ ذلك الثمن (فقد عتق منه) أي: من العبد (ما عتق) من نصيب المعتِق، ونصيبُ الشركاء رقيقٌ، هذا الحديث بظاهره
3389 -
[2] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا فِي (1) عَبْدٍ أُعْتِقَ كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2504، م: 1503].
3390 -
[3] وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، فَدَعَا بهم رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَزَّأَهُمْ. . . . .
ــ
يدل على أن المعتق إن كان موسرًا ضمن للشريك، وإن كان معسرًا لا يستسعى العبد، بل عتق ما عتق ورقَّ ما رقَّ، ومذهب أبي حنيفة رحمه الله أنه إن كان موسرًا ضمن، أو استسعى الشريكُ العبدَ، أو أعتق، وإن كان معسرًا لا يضمن، لكن الشريك إما أن يستسعيَ أو يعتقَ، والولاء لهما لأن الإعتاق يتجزأ، وقالا: له ضمانه غنيًا، والسعاية فقيرًا، والولاء للمعتق لعدم تجزؤ الإعتاق، ومعنى الاستسعاء أن العبد يكلَّف للاكتساب حتى يحصل قيمته للشريك، وقيل: هو أن يخدم الشريك بقدر الرقبة من الملك.
3389 -
[2](أبو هريرة) قوله: (من أعتق شقصًا) بالكسر بمعنى الحصة والنصيب.
وقوله: (أعتق كله) المشهور روايته بلفظ المجهول، أي: حُكِمَ بعتقه كلِّه عليه، وقد يروى بلفظ المعلوم، و (كلَّه) منصوب على أنه مفعول به.
وقوله: (غير مشقوق) أي: لا يكلف ما يشق عليه، أي لا يغلى عليه الثمن، أو لا يكلف بخدمة لا يطيقها (2).
3390 -
[3](عمران بن حصين) قوله: (فجزأهم) أي: قسمهم من التجزئة.
(1) في نسخة: "من".
(2)
قال شيخنا في "التقرير": الحديث يدل على أن من أعتق شقصًا أعتق كله وهو عدم التجزؤ =
أَثْلَاثًا، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْهُ وَذَكَرَ:"لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أُصَلِّيَ عَلَيْهِ" بَدَلَ: "وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا"، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: وَقَالَ: "لَوْ شَهِدْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ لَمْ يُدْفَنْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ". [م: 1668، ن: 1958، د: 3960].
3391 -
[4] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَريَهُ فَيُعْتِقَهُ". . . . .
ــ
وقوله: (وقال له قولًا شديدًا) كراهةً لفعله، وتغليظًا له لعتقه العبيدَ كلَّهم ولا مالَ له سواهم، وعدمِ رعايته جانبَ الورثة، ولذا أنفذه من الثلث شفقة على اليتامى، ودل الحديث على أن الإعتاق في مرض الموت ينفذ من الثلث لتعلق حق الورثة بماله، وكذا التبرع كالهبة ونحوها (1).
3391 -
[4](أبو هريرة) قوله: (فيشتريه فيعتقه) ليس المعنى على استئناف العتق وإنشائه فيه بعد الشراء، ويؤيده ما يأتي في الحديث الآتي في (الفصل الثاني):(مَن مَلَكَ ذا رَحِمٍ مَحرَمٍ منه فهو حرٌّ)، وأجمعوا على أنه يعتق على ابنه إذا ملكه في الحال، لكن لما كان شراؤه سببًا لعتقه أضيف إليه، وذهب أصحاب الظواهر إلى أنه لا يعتق لمجرد ملكه، وإلا لم يصح ترتيب الإعتاق على الشراء، والجمهور على أن يعتق عليه بمجرد التملك، وقيل: عليه الإجماع، ومعنى قوله:(فيعتقه) أي: بالشراء
= في العتق كما هو مذهب الصاحبين، والإمام قائل بالتجزؤ، وأجاب عنه ابن الهمام (4/ 357) بأن الحديث لا يوافقهم أيضًا لأن الحديث يدل على العتق في اليسر فقط، ومذهبهم في اليسر والعسر معًا، مع أنه يمكن أن يوجه عن الإمام بأن المراد بعتق الكل باعتبار المآل.
(1)
قال أبو حنيفة: يعتق من كل واحد قسطه ويسعى في الباقي، وبه قال الشعبي وشريح البصري. "مرقاة المفاتيح"(6/ 2221).
رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1510].
3392 -
[5] وَعَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ " فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِ مِئَةِ دِرْهَمٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6716، م: 997].
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ بِثَمَانَ مِئَةِ دِرْهَمٍ، فَجَاءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"ابْدَأْ بِنَفْسِكَ، فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا" فَيَقُولُ (1): فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ. . . . .
ــ
لا بالإنشاء.
3392 -
[5](جابر) قوله: (نعيم) بلفظ التصغير (ابن النحام) بفتح النون وتشديد الحاء المهملة، ودل الحديث على جواز بيع المدبر، وإليه ذهب الشافعي وأحمد، وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أنه لا يجوز، وأوَّلُوا الحديث بأن المراد بالمدبر فيه المدبر المقيد، بأن قال: إن مت من مرضي هذا أو من شهري هذا فأنت حر، وهذا المدبر لا يعتق بخلاف المطلق بدليل الأحاديث الأخر.
وقوله: (فهكذا وهكذا) وقع في النسخ مرتين، وقد يتوهم أن الظاهر أن يقول: ثلاثًا، ولكنه يمكن أن هكذا الأول لمن بين يديه، والثاني لليمين والشمال، ويجوز أن يكون هذا كناية عن التفريق أشتاتًا على من عن يمينه وشماله وأمامه.
(1) في نسخة: "ليقول".