الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سعيد بن غَزْوان عن أبيه: ((أنَّه نَزَلَ بِتَبُوكَ وَهُوَ حَاجٌّ فَإِذَا بِرَجُلٍ مُقْعَدٍ فَسَأَلَهُ عَنْ أَمْرِهِ فَقَالَ: سَأُحَدِّثُكَ بحَدِيثٍ فَلَا تُحَدِّثْ بِهِ مَا سَمِعْتَ أَنِّي حَيٌّ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ بِتَبُوكَ إِلَى نَخْلَةٍ فَقَالَ: هَذِهِ قِبْلَتُنَا، ثمَّ صلَّى إِلَيْهَا، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ وَأَنَا غُلَامٌ أَسْعَى حتَّى مررْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَقَالَ: قَطَعَ صَلَاتَنَا قَطَعَ اللهُ أَثَرَهُ فَمَا قُمْتُ عَلَيْهَا إِلَى يَوْمِي هَذَا)).
قوله: (عَلَيْهَا) أي على رجلي، وليس بإضمار قبل الذكر لوجود القرينة.
قال العَيني: أبو داود سكت عنه. وقال غيره: هذا حديث واهٍ، ولئن سلَّمنا صحَّته فهو منسوخ بحديث ابن عبَّاس؛ لأنَّ ذلك كان بتبوك وحديثه كان في حَجَّة الوداع بعدها والله أعلم. انتهى.
وفيه التماس البركة مما لامسه الصَّالحون، ووضع السترة للمصلِّي حيث يخشى المرور بين يديه والاكتفاء فيها بمثل غِلَظِ العَنَزَة، وإنَّ قصر الصَّلاة في السَّفر أفضل من الإتمام؛ لما يشعر به الخبر من مواظبته عليه السلام، وأنَّ ابتداء القصر من حين مفارقة البلد الذي يخرج منه.
وفيها استحباب تشمير الثياب لا سيَّما في السَّفر وفيه تعظيم الصحابة النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. قلت: واعتقاد حلول البركة في أبدانهم بحلول ما لمسه فيها. انتهى.
وفيه استصحاب العَنَزَة ونحوها في السَّفر ومشروعية الأذان في السَّفر كما سيأتي.
وجواز النَّظر إلى السَّاق وهو إجماع في الرجل حيث لا فتنة. وجواز لبس الثَّوب الأحمر قال شيخنا: وفيه خلاف يأتي في كتاب اللِّباس إن شاء الله تعالى.
قال العَيني: وفيه جواز قصر الصَّلاة الرُّباعيَّة بل هو أفضل من الإتمام، وهل هو رخصة أو عزيمة؟ فيه خلاف بيننا وبين الشَّافعي على ما يأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى.
(91)
(بَابُ قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ)
أي هذا باب في بيان قدر كم ذراع ينبغي أن يكون بين المصلِّي والسترة؟ وقد علم أنَّ لفظة (كَمْ) سواء كانت استفهاميَّة أو خبريَّة لها صدر الكلام، وإنَّما قدَّم لفظ القدر عليها؛ لأنَّ المضاف والمضاف إليه في حكم كلمة واحدة، ومميز (كَمْ) محذوف لأنَّ الفعل لا يقع مميزًا، والتقدير: كَمْ ذِراعٍ ونحوه كما ذكرنا، والمصلِّي -بكسر اللَّام-: اسم فاعل.
قال شيخنا: يحتمل أن يكون بفتح اللَّام من المصلَّى الذي يصلِّي فيه، قال العَيني: هذا احتمال أخذه قائله من كلام الكِرْماني حيث قال: فإن
قلت: الحديث دلَّ على القدر الذي بين المصلَّى بفتح اللَّام والسترة، والترجمة بكسر اللَّام قلت: معناهما متلازمان. انتهى.
قال العَيني: لا يلزم من تلازمهما عقلًا اعتبار المقدار، لأنَّ اعتبار المقدار بين المصلِّي وبين السترة لا بينها وبين المكان الذي يصلَّى فيه. انتهى.
496 -
قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرو بنُ زُرَارَةَ) أي بالواو في عَمْرو وضم الزاي ثمَّ بالراء قبل الألف وبعدها هاء أبو محمَّد النيسابوري مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ) ترجمته في باب نوم الرِّجال في المسجد.
قوله: (عَنْ أَبِيْهِ) أي أبو حازم -بالحاء المهملة وبالزاي- اسمه سَلَمَة بن دينار وقد تقدَّم في باب غسل المرأة أباها.
قوله: (عَنْ سَهْلِ) أي ابن سعد الساعدي رضي الله عنه ترجمته في الباب أيضًا.
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين وفيه العنعنة في موضعين، وفيه القول، وفيه عن أبيه، وفي رواية أبي داود والإسماعيلي أخبرني أبي، وفيه سهل غير منسوب، وفي رواية الأَصِيلي عن سهل بن سعد.
قوله: (قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُصلَّى رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الجِدَارِ مَمَرُّ الشَّاةِ) مطابقته للترجمة ظاهرة.
والحديث أخرجه مسلم في الصَّلاة عن يعقوب الدَّوْرَقي وأبو داود فيه عن النُّفَيلي والقَعْنَبي قوله: ((بَيْنَ مُصَلَّى)) -بفتح اللَّام- وهو المكان الذي يصلِّي فيه، والمراد به مقامُه عليه السلام في صلاته. وكذا هو في رواية أبي داود قال: حدَّثنا القَعنَبي والنُّفَيلي، قالا: حدَّثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال: أخبرني أبي عن سهل قال: ((كَانَ بَيْنَ مَقامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وبينَ القِبْلةِ ممرُّ عَنْزٍ)). وقال الكِرْماني: المراد بالمصلَّى موضع القدم. قال العَيني: يتناول ذلك موضع القدم وموضع السُّجود أيضًا.
قوله: (مَمَرُّ الشَّاةِ) وهو موضع مرورها وهو منصوب لأنَّه خبر كان، والاسم قدر المسافة أو الممرِّ، والسِّياق يدلُّ عليه. كذا قاله الكِرْماني ثمَّ قال: وفي بعضها بالرَّفع.
قال العَيني: وجه الرَّفع أن تكون (كَانَ) تامَّة ويكون (مَمَرُّ الشَّاةِ) اسمها، ولا يحتاج إلى خبر أو تكون ناقصة والخبر هو الظَّرف، وفي رواية أبي داود:((مَمَرُّ العَنَزِ)) كما ذكرنا والعَنَز هو الماعز. انتهى.
فيه ما قال القُرْطُبي: إنَّ بعض المشايخ حمل حديث مَمَرُّ الشَّاةِ على ما إذا كان قائمًا، وحديث بلال رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لما صلَّى في الكعبة جعل بينه وبين القبلة