المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب من شكا إمامه إذا طول) - مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط

[إبراهيم بن علي النعماني]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الحَرْبَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى العَنَزَةِ)

- ‌(بَابُ السُّترَةِ بِمَكَّةَ وَغَيرِهَا)

- ‌(بابُ الصَّلاة إِلى الأُسْطُوَانَةِ)

- ‌(بابُ: الصَّلاة بَينَ السَّواري في غَيرِ جَماعَةٍ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الرَّاحِلَةِ وَالبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلَى السَّرِيْرِ)

- ‌(بَابٌ يَرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَينَ يَدَيِهِ)

- ‌(بَابُ إِثمِ المَارِّ بَينَ يَدَي المُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الصَّلاة خَلْفَ النَّائِمِ)

- ‌(بَابُ التَّطَوُّعِ خَلْفَ المَرْأَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلاة شَيْءٌ)

- ‌(بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ)

- ‌(بَابٌ هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتِهِ عِندَ السُّجود لِكَي يَسْجُدَ)

- ‌(بابٌ المرأَةُ تَطْرَحُ عَنِ المُصَلِّي شَيئًا مِنَ الأَذَى)

- ‌كتابُ مواقيتِ الصَّلاةِ

- ‌(بابُ {مُنِيْبِيْنَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلاة وَلَا تَكُوْنُوا مِنَ المُشْرِكِينَ}

- ‌(بَابُ البَيْعَةِ عَلَى إِقامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابٌ الصَّلاة كَفَّارَةٌ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ الصَّلاة لَوَقْتِهَا)

- ‌(بَابٌ الصَّلوات الخَمْسُ كَفَّارَةٌ

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بَابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَابُ وقت الظُّهر عِنْدَ الزَّوَالِ)

- ‌(بَابُ تَأْخِيْرِ الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوْبِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ المَغْرِبِ)

- ‌(بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلمَغْرِبِ: العِشَاءَ)

- ‌(بَابُ ذِكْرِ العِشَاءِ وَالعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاس أَوْ تَأَخَّرُوا)

- ‌(بَابُ فَضْلِ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بَاب وَقْتِ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ

- ‌(بَاب وَقْتِ الفَجْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الفَجْرِ رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ الصَّلاة بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بَابُ لَا يُتَحَرَّى الصَّلاة قَبْلَ غُرُوْبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بَابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاة إلَّا بَعْدَ العَصْرِ وَالفَجْرِ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الصَّلوات الأُوْلَى فَالأُوْلَى)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌كِتَابُ الأَذَانِ

- ‌(بَابُ الأَذَانِ مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بَابُ الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ إلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوت بالنِّدَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُحْقَنُ بِالأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ ما يَقولُ إِذا سَمِعَ المنادِيَ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِندَ النّداءِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ الكَلَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعدَ الفَجْرِ)

- ‌ بَابُ الأَذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ

- ‌ بَابٌ: كَمْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَمَنْ يَنْتَظِرُ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابُ مَنِ انْتَظَرَ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابٌ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ

- ‌ بَابٌ: مَتَى يَقُومُ النَّاسُ، إِذَا رَأَوُا الْإِمَامَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ

- ‌ بَابٌ: هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا

- ‌ بَابُ الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ

- ‌ بَابُ الكَلَامِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ

- ‌(بَابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌باب فضل صلاة الجماعة

- ‌ بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ

- ‌ باب احتساب الآثار

- ‌ باب فضل صلاة العشاء في الجماعة

- ‌ باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد

- ‌ باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

- ‌ باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(بابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ وَالعِلَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يُصَلِّي الإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ

- ‌(بَابٌ: إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا دُعِيَ الإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ

- ‌(بَابٌ: أَهْلُ العِلْمِ وَالفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بَابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ، فَجَاءَ الإِمَامُ الأَوَّلُ، فَتَأَخَّرَ الأَوَّلُ

- ‌(بَابٌ: إِذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ)

- ‌(بَابُ إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بَابٌ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابٌ: مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ العَبْدِ وَالمَوْلَى)

- ‌(بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ)

- ‌(بَابٌ: يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بَابُ تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِي القِيَامِ، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ)

- ‌(بَابُ مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ)

- ‌(بَابُ إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا)

- ‌(بَابُ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابٌ: الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ

- ‌(بَابُ إِقْبَالِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ، عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌(بَابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بَابٌ: إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بَابُ إِلْزَاقِ المَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالقَدَمِ بِالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ، خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بابُ مَيمَنَةِ المسجِدِ وَالإِمامِ)

- ‌ باب صلاة الليل

الفصل: ‌(باب من شكا إمامه إذا طول)

في قوله في حديث معاذ: ((أَفَتَّانٌ أنت؟)). قال شيخنا: ويُحتمل أن تكون قصة أُبَيَّ هذه

(1)

بعد قصة معاذ بهذا يتوجه الاحتمال الأول لابن دقيق العيد بالخطاب.

قوله: (فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى) أيْ فأيُّ واحد منكم، وكلمة:(مَا) زائدة، وزيادته معَ أي الشرطية كثير، وفائدتها التوكيد وزيادة التعميم. وفي رواية سفيان:(فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ)

قوله: (فَلْيَتَجَوَّزْ) جواب الشرط أي فليخفف. يقال: تجوز في صلاته أي: خفف، وأصل اللام فيه أن تكون مكسورة، وجاز فيها السكون. وقال ابن بطال: لما أمر الشارع بالتخفيف كان المطوِّل عاصياً، ومخالفة العاصي جائزة لأنه لا طاعة إلا في المعروف. وقال ابن دقيق العيد: التخفيفُ من الأمور الإضافية، فقد يكون الشيء خفيفاً بالنسبة إلى عادة قومٍ طويلاً بالنسبة لعادة آخرين. قال: وقولُ الفقهاء: لا يزيد الإمام في الركوع والسجود على ثلاث تسبيحات لا يخالف ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يزيد على ذلك، لأنَّ رغبة الصحابة في الخير تقتضي أنْ لا يكونَ ذلك تطويلاً. انتهى. قال شيخنا: التخفيف من الحديث الذي أخرجه أبو داود والنسائي عن عثمان بن العاصي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((أنتَ إمامُ قومِك، واقدِر القوم بأضعَفِهِم)) إسنادُه حسن. وأصلُه في مسلم.

قوله: (فَإِنَّ فِيهِمُ) في رواية سفيان: (فَإِنَّ خَلْفَهُ) وهو تعليل الأمر المذكور ومقتضاه أنه متى لم يكن فيهم متصفٌ بصفةٍ من المذكورات لم يَضُرَّ التطويل، وقد قدمتُ ما يَرُدُّ عليه في الباب الذي قبله مِن إمكان مَجيءِ متصفٍ بأحدها. وقال اليعمري

(2)

: الأحكام إنما تناط بالغالب لا بالصورة النادرة، فينبغي للأئمة التخفيف مطلقاً. قال: وهذا كما شرع القصر في كتاب

(3)

صلاة المسافر وعُلِّلَ بالمشقة وهي مع ذلك تشرع ولو لم يشق عملا بالغالب، لأنه لا يدري ما يطرأ عليه، وهنا كذلك. قال العيني: ويؤيد كلامه صيغة الأمر بالتخفيف، فإنه أَمَر بعدَ الغضب الشديد، وظاهرُه يقتضي الوجوب.

قوله: (فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ) كذا للأكثر ووقع في رواية سفيان في كتاب العلم في باب الغضب في الموعظة: (فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالضَّعِيفَ) وكأن المراد بالضعيف هنا: المريض، وهناك: من يكون الضَّعْفُ في خِلْقَته كالنحيف والمسن، وكل مريضٍ ضعيفٌ من غير عكس، وسيأتي في الباب الذي بعده مزيد.

(62)

(بَابٌ: إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ)

أي هذا باب في بيان حكم المصلي إذا صلى، وأشار بهذا إلى أن الأمر بالتخفيف على الإطلاق إنما هو في حق الأئمة لأن خلفه من لا يطيق التطويل، وأما إذا صلى وحده فلا حجر عليه إن شاء طوَّل، وإن شاء خفف، ولكن لا ينبغي التطويل إلى أن يخرج الوقت، أو يدخلَ في حد الكراهة.

703 -

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ))).

مطابقته للترجمة ظاهرة وهذا الإسناد بهؤلاء الرجال قد مرَّ غير مرة. وأبو الزناد بالزاي والنون عبدُ الله ابن ذكوان، والأعرج عبدُ الرحمن بن هرمز.

(1)

في (الأصل) : ((هريرة))، والصواب:((هذه)).

(2)

في (الأصل) : ((الزهري))، والصواب:((اليعمري)) كما في نفح الشذى لابن سيد الناس وهو اليعمري.

(3)

كذا في (الأصل) : ((كتاب))، وليس لهذه الكلمة وجه، وليست في نفح الشذى.

ص: 264

والحديث أخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك، وأخرجه ابن ماجه عن قتيبة عن مالك.

قوله: (لِلنَّاسِ) أي إذا صلى إماماً للناس، أو لأجل ثوابِ الناس أو خيرِهم الحاصلِ في الجماعة.

قوله: (فَإِنَّ فِيهِمُ) هكذا رواية الأكثرين، وفي رواية الكُشْمِيهَني:(فَإِنَّ مِنْهُمُ).

قوله: (الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ) المراد بالضعيف هنا: ضعيف الخلقة، والسقيم: من به مرض. زاد مسلم من وجه آخر عن أبي الزناد: ((والصغير والكبير)). وزاد الطبراني في حديث عثمان بن أبي العاص: ((والحامل والمرضع))، وله من حديث عَدي بن حاتم:((والعابرُ السبيل)). وقوله في حديث أبي مسعود الماضي: (وَذَا الحَاجَةِ) هي أشمل الأوصاف المذكورة.

قوله: (فليطول ما شاء) ولمسلم: ((فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ)) أي مخففِّاً أو مطوِّلاً، واستُدِل به على جواز إطالة القراءة ولو خرج الوقت، وهو المصحح عند بعض أصحابنا - أي الشافعية -، قال شيخُنا: وفيه نظر، لأنه يعارضهُ عمومُ قوله في حديث أبي قتادة:((إنما التفريطُ أن يؤخِّر الصلاة حتى يدخل وقتُ الأخرى)). أخرجه مسلم. وإذا تعارضت مصلحة الكمال بالتطويل ومفسدة إيقاع الصلاة في غير وقتها كانت مراعاةُ ترك المفسدة أولى.

واستُدِل بعموم الحديث أيضاً على: جوازِ تطويل الاعتدال والجلوسِ بين السجدتين.

وإنما جُعِل أمرُ المصلي في التطويلِ وغيرِه راجعاً إليه لأنه يعلم من نفسه ما لا يعلم من غيره، وقد ذكر الرب جل جلاله الأعذار التي من أجلها أسقط فرض قيام الليل عن عباده فقال:{عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} [المزمل: 20] الآية، فينبغي للإمام التخفيفُ مع الكمال في الأركان، ألا ترى أنه عليه السلام قال للذي لم يتم ركوعه ولا سجوده:((ارجع فصل فإنك لم تصل))، وقال عليه السلام:((لا تجزِئ صلاة من لا يُقيم ظهرَه في الركوع والسجود)).

وممن كان يخفف الصلاة من السلف أنس بن مالك، قال ثابت: صليت معه العتمة فتَجَوَّز ما شاء الله. وكان سعد إذا صلى في المسجد خفف الركوع والسجود وتجَوَّزَ، وإذا صلى في بيته أطال الركوع والسجود والصلاة، فقيل له؟ فقال: إِنَّا أئمةٌ يُقتدَى بنا، وصلى الزبير بن العوام صلاةً خفيفةً فقيل له: أنتم أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أخفُّ الناس صلاةً؟ فقال: إنَّا نبادر هذا الَوسواس. وقال عمار: احذِفُوا

(1)

هذه الصلاة قبل وسوسة الشيطان. وكان أبو هريرة يتم الركوع والسجود ويتَجَوَّز، فقيل له: هكذا كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم وأجوزُ. وقال عمرو بن ميمون: لما طُعِنَ عُمر رضي الله عنه تقدم عبدُ الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، فقرأ بأخصر سورتين في القرآن:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] و {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]. وكان إبراهيم يخفف الصلاة ويتم الركوع والسجود، وقال أبو مِجلَز: كانوا يتمون ويتجوزون ويبادرون الوسوسة. ذكر هذه الآثارَ ابن أبي شيبة في «مصنفه» .

(63)

(بَابُ مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ)

أي هذا باب ترجمته: من شكا إمامه إذا طول عليهم الصلاة.

قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ) أي بضم الهمزة وفتح السين وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره دال مهملة، ووقع

(1)

في (الأصل) : ((أجدوا))، والصواب:((احذفوا)).

ص: 264

في رواية المستملي: (أَبُو أَسِيد)، بفتح الهمزة. قال شيخنا: والصواب بالضم كما للباقين. انتهى. قال العيني: وفي «التوضيح» : وأُسيد، بضم الهمزة، كذا بخط الدمياطي. وقال الجياني: في نسخة أبي ذر من رواية المستملي وحده: (أَبُو أَسِيد)، بفتح الهمزة. وقال أبو عبد الله: قال عبد الرزاق ووكيع: أبو أُسيد، وهو الصواب. واسمه: مالك بن ربيعة الأنصاري الساعدي المدني، شهد المشاهد كلها، وهو مشهور بكنيته، مات سنة ثلاثين، وقيل: سنة ستين، وفيه اختلاف كثير، وهو آخر من مات من البدريين.

قوله: (طَوَّلْتَ بِنَا يَا بُنَيَّ)

مطابقته للترجمة ظاهرة.

وهذا التعليق رواه ابن أبي شيبة عن وكيع حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل، قال حدثني المنذر بن أبي أُسيد الأنصاري قال: فإنَّ أبي ليصلي خلفي، فربما قال لي: يا بني طولت بنا اليوم بالصافات. واستُفيد منه تسمية الابن المذكور أنه المنذر.

وقوله: (يَا بُنَيَّ) بالتصغير لأجل الشفقة دون التحقير. وفي «التلويح» : قال البخاري: وكره عطاء أن يؤم الرجلُ أباه. قال العيني: هذا التعليق مذكور في بعض النسخ، فلئن صح فقد رواه ابن أبي شيبة عن وكيع حدثنا إبراهيم بن يزيد المكي عن عطاء قال: لا يؤم الرجل أباه. قال شيخنا: في قصة أبي أُسيد حجة على من كره للرجل أن يؤم أباه. انتهى.

704 -

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلَانٌ فِيهَا، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ))).

مطابقته للترجمة ظاهرة، والحديث قد مضى في الباب الذي سبق قبل الباب الذي قبله، وهناك: عن أحمد بن يونس عن زهير عن إسماعيل، وهنا: عن محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان الثوري، وقيل: محمد بن يوسف أبو أحمد البخاري البيكندي عن سفيان بن عيينة، والأول أصح، نص عليه أبو نُعيم. وأبو مسعود: هو عقبة بن عمرو البدري.

قوله: (فِي مَوْعِظَةٍ) ويروى: (فِي مَوْضِعٍ).

قوله: (مُنَفِّرِينَ)، ويروى:(لَمُنَفِّرِينَ) بلام التأكيد.

ورُوي في هذا الباب عن أبي

(1)

واقد الليثي وابن مسعود وابن عمر وعثمان بن أبي العاص وأنس رضي الله عنهم.

أما حديث أبي واقد فأخرجه الشافعي في «مسنده» من حديث عبد الله بن عثمان بن خثيم

(2)

عن نافع بن سرجس قال: عُدنا أبا واقد الليثي فسمعته يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخفَّ الناس صلاة على الناس، وأطول الناس صلاةً لنفسه. وأما حديث ابن مسعود فأخرجه الطبراني في «الأوسط» من حديث إبراهيم التيمي عن أبيه سمعت ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أيُّكُم أَمَّ الناس فليخفف، فإنَّ فيهم الضعيفَ والكبيرَ وذا الحاجة)). وأما حديث ابن عمر فأخرجه النَّسائي بسند صحيح عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمُّنا. وأما حديث عثمان فأخرجه مسلم عنه يرفعه: ((من أَمَّ الناس

(1)

كلمة: ((أبي)) ساقطة في (الأصل).

(2)

في (الأصل) : ((هشيم))، والصواب:((خثيم)).

ص: 265

فليخفف فإن فيهم الكبيرَ، وإن فيهم الضعيفَ، وإن فيهم ذا الحاجة، فإذا صلى أحدكم وحده

(1)

فليصل كيف شاء)). وأما حديث أنس فأخرجه البخاري في هذا الباب، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

705 -

قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ) أي أبو الحسن، ترجمته في باب يتلو باب أمور الإيمان.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي ابن الحجاج، ترجمته في الباب أيضاً.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ) أي بضم الميم وكسر الراء، ودِثار بكسر الدال خلافُ الشِّعار، ترجمته في باب الصلاة إذا قدم من سفر.

قوله: (قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ) ترجمته في باب بدء الوحي.

في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في ثلاث مواضع. وفيه: السماع. وفيه: القول في أربع مواضع.

قوله: (قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ، فَوَافَقَ مُعَاذًا يُصَلِّي، فَتَرَكَ نَاضِحَيْهِ وَأَقْبَلَ إِلَى مُعَاذٍ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ البَقَرَةِ - أَوِ النِّسَاءِ - فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ وَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَالَ مِنْهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَشَكَا إِلَيْهِ مُعَاذًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ)) - أَوْ ((فَاتِنٌ)) - ثَلَاثَ مِرَارٍ: ((فَلَوْلَا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الحَاجَة)) أَحْسِبُ هَذَا فِي الحَدِيثِ).

مطابقته للترجمة ظاهرة، لأن فيه شكوى صاحب الناضحين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من معاذ حين طوَّلَ الصلاة وهو إمام.

هذا الحديث أخرجه النسائي.

قوله: (بِنَاضِحَيْنِ) الناضح بالنون والضاد المعجمة والحاء المهملة: ما استعمل من الإبل في سقي النخل والزرع، وهو البعير الذي يُسقَى عليه.

قوله: (وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ) أي أقبل بظلمته، وهو بفتح النون من باب فَتَح يفتَح. وهو يؤيد أن الصلاةَ المذكورة كانت العشاء كما تقدَّم.

قوله: (فَقَرَأَ بِسُورَةِ البَقَرَةِ) يقال: قرأها وقرأ بها، لغتان.

قوله: (أَوِ النِّسَاءِ) الشك من محارب، دلت عليه رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة: شك محارب. وبهذا يُرَدُّ على من زعم أن الشك من جابر.

قوله: (وَبَلَغَهُ) أي بلغ الرجلَ، وهو صاحب الناضح.

قوله: (إِلَيْهِ) أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: (أَفَتَّانٌ أَنْتَ) فتَّان

(2)

صفة واقعة بعد ألف الاستفهام رافعةٌ لِظاهر، ويجوز أن يكون مبتدأ و (أَنْتَ) سادٌّ مَسَدَّ الخبر، ويجوز أيضا أن تكون (أَنْتَ) مبتدأً و: هو، خبرَه، و: فتان صيغةُ مبالغةِ فاتن.

وقوله: (أَوْ

(3)

فَاتِنٌ) على وزن فاعل، شكٌّ من الراوي.

قوله: (فَلَوْلَا صَلَّيْتَ) وقال الخطابي: فهلا قرأت. وقد عُلِم أنَّ لولا تأتي على أربعة أوجه: منها: أن يكون للتحضيضِ والعرض فتُخَصَّ بالمضارع أو ما في تأويله. ومنها: أن تكون للتوبيخ والتنديم فتُخَصَّ بالماضي. ومنها: أن تكون لربط امتناع الثانية بوجود الأولى نحو: لولا زيد لأكرمتك. ومنها: أن تكون للاستفهام نحو: {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} [المنافقون: 10]. وفيه خلاف، وههنا بمعنى القِسْمِ الثالث. قاله العيني وهو الظاهر.

قوله: (بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى

) إلى آخره، فيه دليل على أن أوساط المفصل إلى: والضحى، لأن هذه الصلاة صلاة العشاء، والسنة فيها القراءة من أوساط المفصل لا من قصاره، ثم ذِكْرُ هذه السور الثلاث ليس للتخصيص بعينها، لأن المراد هذه الثلاث أو نحوها من القصار، كما في بعض الروايات لفظ:(وَنَحْوِهَا).

قوله: (فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ) تقدَّم شرحه في الباب الذي قبله، وكان هذا هو الحامل لمن وحَّد

(4)

بين القصتين.

قوله:

(1)

كلمة ((وحده)) موضعها بياض في (الأصل) والاستدراك من صحيح مسلم.

(2)

في (الأصل) : ((فبان))، والصواب:((فتان)).

(3)

في (الأصل) : ((إذ))، والصواب:((أو)).

(4)

في (الأصل) : ((وجد))، والصواب:((وحَّد)).

ص: 265