المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب النوم قبل العشاء لمن غلب) - مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط

[إبراهيم بن علي النعماني]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الحَرْبَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى العَنَزَةِ)

- ‌(بَابُ السُّترَةِ بِمَكَّةَ وَغَيرِهَا)

- ‌(بابُ الصَّلاة إِلى الأُسْطُوَانَةِ)

- ‌(بابُ: الصَّلاة بَينَ السَّواري في غَيرِ جَماعَةٍ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الرَّاحِلَةِ وَالبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلَى السَّرِيْرِ)

- ‌(بَابٌ يَرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَينَ يَدَيِهِ)

- ‌(بَابُ إِثمِ المَارِّ بَينَ يَدَي المُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الصَّلاة خَلْفَ النَّائِمِ)

- ‌(بَابُ التَّطَوُّعِ خَلْفَ المَرْأَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلاة شَيْءٌ)

- ‌(بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ)

- ‌(بَابٌ هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتِهِ عِندَ السُّجود لِكَي يَسْجُدَ)

- ‌(بابٌ المرأَةُ تَطْرَحُ عَنِ المُصَلِّي شَيئًا مِنَ الأَذَى)

- ‌كتابُ مواقيتِ الصَّلاةِ

- ‌(بابُ {مُنِيْبِيْنَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلاة وَلَا تَكُوْنُوا مِنَ المُشْرِكِينَ}

- ‌(بَابُ البَيْعَةِ عَلَى إِقامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابٌ الصَّلاة كَفَّارَةٌ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ الصَّلاة لَوَقْتِهَا)

- ‌(بَابٌ الصَّلوات الخَمْسُ كَفَّارَةٌ

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بَابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَابُ وقت الظُّهر عِنْدَ الزَّوَالِ)

- ‌(بَابُ تَأْخِيْرِ الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوْبِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ المَغْرِبِ)

- ‌(بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلمَغْرِبِ: العِشَاءَ)

- ‌(بَابُ ذِكْرِ العِشَاءِ وَالعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاس أَوْ تَأَخَّرُوا)

- ‌(بَابُ فَضْلِ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بَاب وَقْتِ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ

- ‌(بَاب وَقْتِ الفَجْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الفَجْرِ رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ الصَّلاة بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بَابُ لَا يُتَحَرَّى الصَّلاة قَبْلَ غُرُوْبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بَابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاة إلَّا بَعْدَ العَصْرِ وَالفَجْرِ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الصَّلوات الأُوْلَى فَالأُوْلَى)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌كِتَابُ الأَذَانِ

- ‌(بَابُ الأَذَانِ مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بَابُ الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ إلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوت بالنِّدَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُحْقَنُ بِالأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ ما يَقولُ إِذا سَمِعَ المنادِيَ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِندَ النّداءِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ الكَلَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعدَ الفَجْرِ)

- ‌ بَابُ الأَذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ

- ‌ بَابٌ: كَمْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَمَنْ يَنْتَظِرُ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابُ مَنِ انْتَظَرَ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابٌ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ

- ‌ بَابٌ: مَتَى يَقُومُ النَّاسُ، إِذَا رَأَوُا الْإِمَامَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ

- ‌ بَابٌ: هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا

- ‌ بَابُ الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ

- ‌ بَابُ الكَلَامِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ

- ‌(بَابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌باب فضل صلاة الجماعة

- ‌ بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ

- ‌ باب احتساب الآثار

- ‌ باب فضل صلاة العشاء في الجماعة

- ‌ باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد

- ‌ باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

- ‌ باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(بابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ وَالعِلَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يُصَلِّي الإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ

- ‌(بَابٌ: إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا دُعِيَ الإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ

- ‌(بَابٌ: أَهْلُ العِلْمِ وَالفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بَابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ، فَجَاءَ الإِمَامُ الأَوَّلُ، فَتَأَخَّرَ الأَوَّلُ

- ‌(بَابٌ: إِذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ)

- ‌(بَابُ إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بَابٌ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابٌ: مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ العَبْدِ وَالمَوْلَى)

- ‌(بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ)

- ‌(بَابٌ: يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بَابُ تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِي القِيَامِ، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ)

- ‌(بَابُ مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ)

- ‌(بَابُ إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا)

- ‌(بَابُ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابٌ: الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ

- ‌(بَابُ إِقْبَالِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ، عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌(بَابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بَابٌ: إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بَابُ إِلْزَاقِ المَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالقَدَمِ بِالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ، خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بابُ مَيمَنَةِ المسجِدِ وَالإِمامِ)

- ‌ باب صلاة الليل

الفصل: ‌(باب النوم قبل العشاء لمن غلب)

العَيني: قال أصحابنا ـ أي الحنفيَّة ـ: إن كان القوم كسالى يستحبُّ التعجيل، وإن كانوا راغبين يستحبُّ التأخير. انتهى. وفيه: أنَّ التأنِّي في الأمور مطلوب، وفيه: أنَّ التبشير لأحد بما يسره محبوب لأنَّ فيه إدخال السرور في قلب المؤمن، قلت: وفيه انتظار الإمام الراتب، وفيه التذكير بنعم الله على عباده وفيه أنَّ الانفراد بالعمل له فضيلة ولهذا وَقَعَ الترغيب في إحياء ما بين المغرب والعشاء لأنَّه وقت غفلة. انتهى.

(23)

(بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ)

أي هذا باب في بيان كراهة النَّوم قبل صلاة العشاء.

568 -

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَلَامٍ) ترجمته في باب قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم بالله.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ) أي ابن عبد الحميد بن الصَّلْت بن عُبَيْد الله بن الحكم بن أبي العاص، أبو محمَّد الحافظ أحد أشراف البصرة، روى عن أيُّوب ويُونُس وحُمَيْد وعنه أحمد وإِسْحاق وابن عَرَفَة، وثَّقه ابن معين وقال: اختلط بأخرة، ولد سنة (108) مات سنة (194).

قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ) أي ابن مِهْران، ترجمته في باب قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّهمَّ علِّمه الكتاب.

قوله: (عَنْ أَبِي المِنْهَالِ) -أي بكسر الميم- واسمه سيَّار بن سلامة الرِّياحي، بالياء آخر الحروف، ترجمته في باب وقت العصر.

قوله: (عَنْ أَبِي بَرْزَةَ) -أي بفتح الباء الموحَّدة وسكون الرَّاء وفتح الزاي المعجمة- اسمه نَضْلَة بن عُبَيْد الأَسْلَمي، ترجمته في باب أيُّ الإسلام أفضل؟

في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه: العنعنة في موضعين، وفيه: محمَّد بن سلَام كذا وَقَعَ بذكر أبيه في رواية أبي ذرٍّ ووافقه ابن السَّكَن أنَّه: ابن سلام، ووَقَعَ في أكثر الروايات:((حدَّثنا محمَّد)) غير منسوب، وقد تعيَّن من رواية أبي ذرٍّ وابن السَّكَن، وقال أبو نصر: إنَّ البخاري يروي في «الجامع» عن محمَّد بن سلَام ومحمَّد بن بشَّار ومحمَّد بن المثنَّى عن عبد الوهَّاب، قال العَيني: وسلام، هذا بتخفيف اللام. انتهى.

قوله: (أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكْرَهُ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ وَالحَدِيْثَ بَعْدَهَا) مطابقته للترجمة ظاهرة.

قوله: (قَبْلَ العِشَاءِ) أي قبل صلاة العشاء.

قوله: (وَالحَدِيْثَ) بالنَّصب عطف على قوله: (النَّوْمَ) أي وكان يكره الحديث، أي: المحادثة بعدها، أي بعد العشاء، وهذا محمول على المحادثة الَّتي لا مصلحة فيها والتي فيها المصلحة الدينية أو الدنيوية فلا كراهة فيه، وبهذا يندفع الاعتراض عليه بما ورد أنَّه عليه السلام:(كَانَ يُحدِّث بعدَ العشاءِ). وأما سبب كراهة النَّوم قبلها فلأنَّ فيه تعرُّضًا لفوات وقتها باستغراق النَّوم، ولئلَّا يتساهل النَّاس في ذلك فيناموا عن صلاتها جماعة. وأمَّا كراهة الحديث بعدها فلأنَّه يؤدِّي إلى السَّهر، ويخاف منه غلبة النَّوم عن قيام اللَّيل أو الذِّكر فيه، أو عن صلاة الصُّبح، ولأنَّ السَّهر سبب الكسل في النَّهار عمَّا يتوجَّه من حقوق الدِّين ومصالح الدنيا، وقال الترمذي: كره أكثر أهل العلم النَّوم قبل صلاة العشاء ورخَّص فيه بعضهم، ورخَّص بعضهم فيه في رمضان خاصَّة، وحمل الطَّحاوي الرُّخصة على ما قبل دخول وقت العشاء، والكراهة على ما بعد

ص: 91

دخوله. وفي «التَّوضيح» : واختلف السَّلف في ذلك، فكان ابن عُمَر يسبُّ الذي ينام قبلها فيما حكاه ابن بطَّال، ولكن رُوي عنه إنَّه كان يرقد قبل، وذكر عنه إنَّه كان ينام ويوكِّل من يوقظه. روى مَعْمَر عن أيُّوب عن نافع عنه: إنَّه كان ربَّما ينام عن العشاء الآخرة ويأمر أن يوقظوه. وعن أَنَس رضي الله تعالى عنه: إنَّا نجتنب الفرش قبل العشاء. وكتب عُمَر رضي الله عنه: لا ينام قبل أن يصلِّيها، فمن نام لا نامت عينه. وكره ذلك أبو هريرة وابن عبَّاس وعطاء وابراهيم ومجاهد وطاوس ومالك والكوفيون، وروي عن علي رضي الله تعالى عنه إنَّه ربَّما أغفى قبل العشاء، وعن أبي موسى وعبيدة ينام ويوكل من يوقظه، وعن عُرْوَة وابن سيرين والحكم: أنَّهم كانوا ينامون نومة قبل الصَّلاة، وكان أصحاب عبد الله يفعلون ذلك، وبه قال بعض الكوفيين، واحتجَّ لهم بأنه إنَّما كره ذلك لمن خشي الفوات في الوقت والجماعة، أما من وكَّل به من يوقظه لوقتها فمباح، فدلَّ على أنَّ النَّهي ليس للتحريم لفعل الصحابة، لكن الأخذ بظاهر الحديث أحوط، قال شيخنا: وسيأتي بعد أبواب شيء يتعلَّق بهذا. انتهى.

(24)

(بَابُ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

أي هذا باب في بيان حكم النَّوم قبل صلاة العشاء، لمن غُلِب، على صيغة المجهول، أي لمن غلب عليه النَّوم، وتمام الكلام مقدَّر، يعني: لا بأس به، والحديث الثَّاني في هذا الباب يدلُّ على هذا، في الترجمة إشارة إلى أنَّ الكراهة مختصَّة بمن تعاطى ذلك مختارًا وقيل: ذلك مستفاد من ترك إنكاره عليه السلام على من رقد من الذين كانوا ينتظرون خروجه لصلاة العشاء، ولو قيل: بالفرق بين من غلبه النَّوم في مثل هذه الحالة وبين من غلبيه وهو في منزله مثلًا لكان متَّجهًا. انتهى.

569 -

قوله: (حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ بنُ سُلَيْمَان بنِ بِلَالٍ) أي مولى عبد الله بن أبي عَتيق، واسمه: محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، مات سنة أربع وعشرين ومائتين.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ) أي عبد الحميد بن أبي أُوَيس، واسمه: عبد الله أخو إسماعيل، شيخ البخاري، ويعرف بالأَعْشَى.

قوله: (عَنْ سُلَيمان هُوَ ابنُ بِلَالٍ) أي أبو أيُّوب، ويقال: أبو محمَّد القُرَشي التَّميمي، مولى عبد الله بن أبي عَتيق المذكور آنفًا، ترجمته في باب أمور الإيمان.

قوله: (قَالَ: أَبُو مُحَمَّدٍ) ويقال: الحارث الغفاري مولاهم، ترجمته في بدء الوحي.

قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنِي بنُ شِهَابٍ) أي محمَّد ين مسلم بن شهاب الزُّهْري، ترجمته في باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة.

قوله: (عَنْ عُرْوَةَ) أي ابن الزُّبَيْر، ترجمته في بدء الوحي.

قوله: (عَنْ عَائِشَةَ) أي أمُّ المؤمنين رضي الله عنها، ترجمتها في البدء أيضًا.

في هذا الإسناد: التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، وبصيغة الإفراد من الماضي في موضع، وبصيغة الإخبار المفردة من الماضي، وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه: شيخ البخاري من الأفراد، وفيه: رواية الرجل

ص: 91

عمَّن روى عن أبيه، وفيه: رواية التَّابعي عن التَّابعي عن الصحابيَّة، وفيه: القول في أربعة مواضع.

قوله: (قَالَتْ: أَعْتَمَ الرَّسُوْلُ صلى الله عليه وسلم بِالعِشَاءِ حتَّى نَادَاهُ عُمَر رضي الله عنه: الصَّلاة، نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ فَقَالَ: مَا يَنْتَظِرُهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ، قَالَ: وَلَا تُصَلَّى يَوْمَئِذٍ إلَّا بِالمَدِيْنَةِ، قَالَ: وَكَانُوا يُصَلُّوْنَ فِيْمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيْبَ الشَّفق إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ).

مطابقته للترجمة في قوله نام النِّساء والصِّبيان فإنَّه عليه السلام لم ينكر على من نام من الذين كانوا ينتظرون صلاة العشاء، ولم يكن نومهم إلَّا حين غلب النَّوم عليهم.

قوله: (أَعْتَمَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قد مرَّ معناه في باب فضل العشاء لأنَّ الحديث قد تقدَّم فيه، رواه عن يحيى بن بكير عن اللَّيث عن عقيل عن ابن شهاب.

قوله: (الصَّلَاةَ) نصب على الإغراء.

قوله: (نَامَ النِّسَاءُ) من تتمَّة كلام عُمَر رضي الله عنه.

قوله: (وَلَا تُصَلَّى) على صيغة المجهول، أي: بالتاء المُثَنَّاة الفوقانيَّة المشدَّدة، ومعناه لا تصلَّى الصَّلاة بالهيئة المخصوصة بالجماعة إلَّا بالمدينة، وبه صرَّح الدَّاُودي، لأنَّ من كان بمكَّة من المستضعفين لم يكونوا يصلُّون إلَّا سرًّا، وأما غير مكَّة والمدينة من البلاد فلم يكن الإسلام دخلها.

قوله: (قَالَ) أي الرَّاوي، ولم يقل: قالت، نظرًا إلى الرَّاوي سواء كان القائل به عائشة أو غيرها.

قوله: (وَكَانُوا) أي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

قوله: (بَيْنَ أَنْ يَغِيْبَ الشَّفَقُ) لا بدَّ من تقدير أجزاء المغيب حتَّى يصحَّ دخول: بين عليه، و (الشَّفَقُ) البياض دون الحمرة عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمَّد والشافعي هو: الحمرة.

قوله: (الأَوَّلِ) بالجرِّ صفة الثلث، وفي رواية مسلم عن يُونُس عن ابن شِهاب زيادة في هذا الحديث، وهي: قال ابن شِهاب: (وذكرَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: وما كانَ لكُمْ أنْ تنزرُوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم للصلاةِ، وذلكَ حينَ صاحَ عُمَرُ).

قوله: (تَنْزُرُوا) -بفتح التَّاء المُثَنَّاة من فوق وسكون النُّون وضمِّ الزاي بعدها راء- أي: تلحُّوا عليه، وروي بضمِّ أوَّله بعدها باء موحَّدة ثمَّ راء مكسورة ثمَّ زاي أي: تحرجوا.

في هذا الحديث ما ذكرنا في الحديث الأوَّل في باب فضل العشاء، قال شيخنا: وفي هذا بيان الوقت المختار لصلاة العشاء لما يشعر به السِّياق من المواظبة على ذلك.

وقد ورد بصيغة الأمر في هذا الحديث عند النَّسائي من رواية إبراهيم بن أبي عبلة عن الزُّهْري ولفظه: ثمَّ قال: صلُّوها فيما بين أن يغيب الشَّفق إلى ثلث اللَّيل، وليس بين هذا وبين قوله في حديث أَنَس إنَّه أخَّر الصَّلاة إلى نصف اللَّيل معارضة لأنَّ حديث عائشة محمول على الأغلب من عادته صلى الله عليه وسلم. انتهى.

قال العَيني: فيه تذكير الإمام، وفيه إنَّه إذا تأخَّر عن أصحابه أو جرى منه ما يظنُّ إنَّه يشقُّ عليهم، يعتذر إليهم ويقول لهم: لكم فيه مصلحة من جهة كذا، وكان لي عذر ونحوه. انتهى. قلت: ليس في هذا الحديث ما يدلُّ على أنَّه اعتذر لتأخُّره. انتهى.

ص: 92

570 -

قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ) أي ابن غَيْلان -بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف- الحافظ المَرْوَزي، قلت: أبو أحمد الهروي مولاهم سمع أبا أسامة وأبا أحمد الزُّبَيْري وسعيد بن عامر وشَبَابَة عند البخاري، وأبا النَّصر هاشم والنَّضر بن سُهَيل والفضل بن موسى وبشر بن السَّرِي عند مسلم، وعبد الرزَّاق عندهما، قال الذَّهَبي: روى عن الفضل الشَّيباني وابن عُيَيْنَة، وعند ابن خُزَيمَة والبَغَوي: مات في رمضان سنة تسع وثلاثين ومائتين. انتهى.

قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ) أي اليماني بن همَّام، تقدَّم أي في باب حسن إسلام المرء.

قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ) أي عبد الملك، ترجمته في باب غسل المرأة رأس زوجها وترجيله.

قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ) أي مولى ابن عُمَر، ترجمته في باب العلم والفتيا في المسجد.

قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ) أي ابن الخطَّاب، ترجمته في كتاب الإيمان.

في هذا الإسناد: التَّحديث بصيغة الجمع في ثلاث مواضع، وفيه الإخبار بصيغة الجمع في موضع، وبصيغة الإفراد من الماضي في موضع، وفيه القول في أربع مواضع، وفيه: أنَّ رواته ما بين مروزي ويماني ومكِّي ومدني.

قوله: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً، فَأَخَّرَهَا حتَّى رَقَدْنَا فِي المَسْجِدِ، ثمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثمَّ رَقَدْنَا، ثمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قَالَ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ يَنْتَظِرُ الصَّلاة غَيْرُكُمْ). وكان ابنُ عُمَر لَا يُبَالِي أَقَدَّمَهَا أَمْ أَخَّرَهَا، إِذَا كَانَ لَا يَخْشَى أَنْ يَغْلِبَهُ النَّوم عَنْ وَقْتِهَا، وَقَدْ كَانَ يَرْقُدُ قَبْلَهَا. قَالَ ابنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: يُقَالَ: سَمِعْتُ ابنَ عبَّاس يَقُولُ: (أَعْتَمَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً بِالعِشَاءِ حتَّى رَقَدَ النَّاس وَاسْتَيْقَظُوا، فَقَامَ عُمَر بنُ الخَطَّابِ، فَقَالَ: الصَّلَاةَ. قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَخَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ الآنَ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا هَكَذَا. فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً: كَيْفَ وَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَأْسِهِ يَدَهُ كَمَا أَنْبَأَهُ ابنُ عَبَّاسٍ؟ فَبَدَّدَ لِي عَطَاءٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ تَبْدِيدٍ، ثمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ، ثمَّ ضَمَّهَا يُمِرُّهَا كَذَلِكَ عَلَى الرَّأْسِ، حتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الأُذُنِ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ عَلَى الصُّدْغِ وَنَاحِيَةِ اللِّحْيَةِ، لَا يُقَصِّرُ وَلَا يَبْطُشُ إلَّا لِذَلِكَ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوها هَكَذَا)

مطابقته للترجمة في قوله: (حَتَّى رَقَدْنَا فِي المَسْجِدِ) وفي قوله: (رَقَدَ النَّاسُ) وفي قوله: (وَكَانَ يَرْقُدُ قَبْلَهَا) أي كان ابن عُمَر يرقد قبل العشاء، وحمله البخاري على ما إذا غلبه النوم، وهو اللائق بحال ابن عُمَر رضي الله عنهما.

هذا الحديث أخرجه مسلم أيضًا في الصَّلاة عن محمَّد بن رافع، وأخرجه أبو داود في الطهارة عن أحمد بن حنبل إلى قوله:(لَيْسَ أَحَدٌ يَنْتَظِرُ الصَّلاة غَيْرُكُمْ) وأخرجه مسلم عن عطاء مفردًا مفصولًا من حديث نافع بلفظ: ((قلت لعطاء: أي حين أحبُّ إليك أن أصلِّي العشاء؟ فقال: سمعت ابن عبَّاس

)) الحديث. قلت

ص: 92

لعطاء: كم ذكر لك أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أخَّرها ليلتئذ؟ قال: لا أدري. قال عطاء: وأحبُّ إليَّ أن تُصلِّيها إمامًا وخِلْوًا مؤخرة، كما صلَّاها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ليلتئذ، فإن شقَّ ذلك عليك خلوا، أو على النَّاس في الجماعة وأنت إمامهم فصلِّها وسطًا لا معجَّلة ولا مؤخرة. وعند النَّسائي: عن عطاء عن ابن عبَّاس وعن ابن جُرَيج عن عطاء عن ابن عباس: (أخَّر النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم العشاء ذات ليلة حتَّى ذهب من الليل، فقام عُمَر رضي الله عنه فنادى: الصَّلاة يا رسول الله، رقد النِّساء والولدان. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والماء يقطر من رأسه، فقال: إنَّه للَوَقْتُ، لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَصَلَّيْتُ بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ).

قوله: (شُغِلَ) بلفظ المجهول، قال الجوهري: يقال: شغلت عنك بكذا، على ما لم يسمَّ فاعله.

قوله: (عَنْها) أي عن وقتها، أي متجاوزًا عنه.

قوله: (لَيْلَةً فَأَخَّرَهَا) قال شيخنا: هذا التأخير متغاير للتأخير المذكور في حديث جابر وغيره، المقيَّد بتأخير اجتماع المصلِّين، وسياقه يُشعر بأنَّ ذلك لم يكن من عادته.

قوله: (حَتَّى رَقَدْنَا فِي المَسْجِدِ) قلت: سيأتي في فقه الحديث الكلام على هذا.

قوله: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ) أي عبد الله.

قوله: (لَا يُبَالِي) أي لا يكترث.

قوله: (أَقَدَّمَ العِشَاءَ أَمْ أَخَّرَهَا) عند عدم خوفه من غلبة النَّوم عن وقت العشاء، (وَقَدْ كَانَ يَرْقُدُ قَبْلَهَا) أي قبل العشاء، قلت: وقد تقدَّم تفصيل الكلام على هذا.

571 -

قوله: (قَالَ ابنُ جُرَيْجٍ) أي عبد الملك بن جُرَيج بالإسناد الذي قبله، وهو محمود بن غيلان عن عبد الرزَّاق عن ابن جُرَيج، وليس هو بتعليق، قال شيخنا: ووهم من زَعَمَ إنَّه معلَّق، وقد أخرجه عبد الرزَّاق في «مصنَّفه» بالإسنادين، وأخرجه من طريقه الطبراني، وعند أبو نُعَيم في «مستخرجه» .

قوله: (فَقَامَ عُمَر فَقَالَ: الصَّلَاةَ) وفي رواية للبخاري زاد: ((رَقدَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ)) كما في حديث عائشة الماضي، قال العَيني: والصلاةَ منصوبة على الإغراء.

قوله: (يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً) جملة فعليَّة مضارعة وقعت حالًا بدون الواو، والمعنى: يقطر ماء رأسه، لأنَّ التمييز في حكم الفاعل.

قوله: (وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ) أيضًا حال، كذا للأكثر وللكُشْمِيهَني: <عَلَى رَأْسي>، وهو وهم لما ذكر بعده من هيئة عصره صلى الله عليه وسلم شعره من الماء، وكأنَّه كان اغتسل قبل أن يخرج.

قوله: (فَاسْتَثْبَتُّ) مقول ابن جُرَيج بلفظ المتكلِّم، والاستثبات: طلب التثبُّت، وهو التأكيد في سؤاله.

قوله: (عَطَاءً) منصوب بقوله: (فَاسْتَثْبَتُّ) وقد تردَّد الكِرْماني فيه بين عطاء بن يسار وعطاء بن أبي رباح، والحامل له عليه كون كلٍّ منهما يروي عن ابن عبَّاس. قال شيخنا: هو ابن أبي رباح، ووهم من زَعَمَ إنَّه ابن يسار. قال العَيني: أراد به الكِرْماني، ولكنَّه ما جزم إنَّه ابن يسار، بل قال: الظَّاهر أنَّه عطاء بن يسار، ويحتمل عطاء بن أبي رباح. قال شيخنا: انظر وتعجَّب من أين للعينيِّ الاطلاع على الإرادة مع توجيه احتمال أن يكون بعض من تكلَّم على البخاري أنَّه عطاء بن يسار على أنَّ ــ زَعَمَ ــ يشمل من يجزم ومن يتردَّد. انتهى.

قوله: (كَمَا أَنْبَأَهُ ابنُ عَبَّاسٍ) أي مثل ما أخبره ابن عبَّاس.

قوله: (فَبَدَّدَ) أي فرَّق، والتبديد: التفريق.

قوله: (عَلَى

ص: 93

قَرْنِ الرَّأْسِ) القرن -بسكون الرَّاء المهملة- جانب الرأس.

قوله: (ثُمَّ ضَمَّهَا) أي ضمَّ أصابعه، كذا للبخاري بالضاد المعجمة والميم، ولمسلم: وصبَّها -بالمهملة والموحدة-، وصوَّبه عياض، قال: لأنَّه يصف عصر الماء من الشعر باليد، قال شيخنا: ورواية البخاري موجهة لأن ضمَّ اليد صفة العاصر. انتهى.

قوله: (حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الأُذُنِ) فإبهامه مرفوع بالفاعليَّة، وطرف الأذن منصوب على المفعوليَّة. وهكذا وَقَعَ في رواية الكُشْمِيْهَني بإفراد الإبهام، وفي رواية غيره إبهاميه بالتثنية والنصب، ووجهها أن يكون قوله: إبهاميه منصوبًا على المفعوليَّة، وطرف الأذن مرفوعًا بالفاعليَّة، قال شيخنا: ويؤيِّد رواية الأكثرين رواية حجَّاج عن ابن جُرَيج عن النَّسائي وأبي نُعَيم: حتَّى مسَّت إبهاماه طرف الأذن. انتهى. فإن قلت: في رواية الأكثرين كيف أُنِّث الفعل المسند إلى الظرف وهو مذكَّر؟ قال العَيني: لأن المضاف اكتسب التأنيث من المضاف إليه لشدَّة الاتصال بينهما، فأُنِّث لذلك.

قوله: (لَا يُقَصِّرُ) بالقاف من التقصير، ومعناه لا يبطئ. وفي رواية الكُشْمِيهَني: <لا يعصر> بالعين، قال شيخنا: والأوَّل أصوب.

قوله: (وَلَا يَبْطُشُ) أي لا يستعجل.

قوله: (لأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا هَكَذَا) أي انتفاء الأمر لوجود المشقَّة، بُيِّن ذلك في كتاب التمنِّي عند المصنِّف من رواية سُفْيان بن عُيَيْنَة عن ابن جُرَيج وغيره في هذا الحديث، وقال:(إِنَّهُ لَلْوَقْتُ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي).

فائدة: وَقَعَ في الطَّبَرَاني من طريق طاوس عن ابن عبَّاس في هذا الحديث بمعناه، قال: وذهب النَّاس إلَّا عُثْمان بن مظعون في ستة عشر رجلًا فخرج النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال:(مَا صَلَّى هَذِهِ الصَّلاة أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ).

فيه إباحة النَّوم قبل العشاء لمن يغلب عليه النوم، ولمن تعرض له ضرورة لازمة، وفي الدلالة على فضيلة صلاة العشاء، وفيه تذكير الإمام والإعلام بالصلاة، وفيه استحباب حضور النساء والصبيان الصَّلاة بالجماعة، وفيه أنَّ النَّوم من القاعد لا ينقض الوضوء إذا كان مقعده مُمَكَّنًا، قال العَيني: وهذا هو محمل الحديث، وهو مذهب الأكثرين، والصحيح من مذهب الشافعي، والدليل عليه إنَّه لم يذكر أحد من الرُّواة أنَّهم توضَّؤوا من ذلك النوم، ولا يدلُّ لفظ:(ثُمَّ وَاسْتَيْقَظُوا) على النَّوم المستغرق الذي يزيل العقل، لأن العرب تقول: استيقظ من سنته وغفلته، وفيه ردٌّ على المزني حيث يقول: قليل النَّوم وكثيره حَدَثٌ ينقض الوضوء، لأنَّه محال أن يذهب على أصحابه أنَّ النَّوم حدث فيصلُّون به، ثمَّ اعلم أنَّ العلماء اختلفوا في النَّوم، فمذهب البعض أنَّ النَّوم لا ينقض الوضوء على أي حال كان، وهذا محكي عن أبي موسى الأشعري وسعيد بن المُسَيَّب وأبي مِجْلَز وحُمَيْد الأعرج والشيعة، ومذهب البعض إنَّه ينقض بكل حال، وهو مذهب الحسن البصري والمزني وأبي عُبَيْد القاسم بن سلَّام وإسحاق بن راهويه،

ص: 93