المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب: متى يسجد من خلف الإمام - مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط

[إبراهيم بن علي النعماني]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الحَرْبَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى العَنَزَةِ)

- ‌(بَابُ السُّترَةِ بِمَكَّةَ وَغَيرِهَا)

- ‌(بابُ الصَّلاة إِلى الأُسْطُوَانَةِ)

- ‌(بابُ: الصَّلاة بَينَ السَّواري في غَيرِ جَماعَةٍ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الرَّاحِلَةِ وَالبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلَى السَّرِيْرِ)

- ‌(بَابٌ يَرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَينَ يَدَيِهِ)

- ‌(بَابُ إِثمِ المَارِّ بَينَ يَدَي المُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الصَّلاة خَلْفَ النَّائِمِ)

- ‌(بَابُ التَّطَوُّعِ خَلْفَ المَرْأَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلاة شَيْءٌ)

- ‌(بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ)

- ‌(بَابٌ هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتِهِ عِندَ السُّجود لِكَي يَسْجُدَ)

- ‌(بابٌ المرأَةُ تَطْرَحُ عَنِ المُصَلِّي شَيئًا مِنَ الأَذَى)

- ‌كتابُ مواقيتِ الصَّلاةِ

- ‌(بابُ {مُنِيْبِيْنَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلاة وَلَا تَكُوْنُوا مِنَ المُشْرِكِينَ}

- ‌(بَابُ البَيْعَةِ عَلَى إِقامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابٌ الصَّلاة كَفَّارَةٌ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ الصَّلاة لَوَقْتِهَا)

- ‌(بَابٌ الصَّلوات الخَمْسُ كَفَّارَةٌ

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بَابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَابُ وقت الظُّهر عِنْدَ الزَّوَالِ)

- ‌(بَابُ تَأْخِيْرِ الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوْبِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ المَغْرِبِ)

- ‌(بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلمَغْرِبِ: العِشَاءَ)

- ‌(بَابُ ذِكْرِ العِشَاءِ وَالعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاس أَوْ تَأَخَّرُوا)

- ‌(بَابُ فَضْلِ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بَاب وَقْتِ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ

- ‌(بَاب وَقْتِ الفَجْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الفَجْرِ رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ الصَّلاة بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بَابُ لَا يُتَحَرَّى الصَّلاة قَبْلَ غُرُوْبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بَابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاة إلَّا بَعْدَ العَصْرِ وَالفَجْرِ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الصَّلوات الأُوْلَى فَالأُوْلَى)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌كِتَابُ الأَذَانِ

- ‌(بَابُ الأَذَانِ مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بَابُ الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ إلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوت بالنِّدَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُحْقَنُ بِالأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ ما يَقولُ إِذا سَمِعَ المنادِيَ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِندَ النّداءِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ الكَلَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعدَ الفَجْرِ)

- ‌ بَابُ الأَذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ

- ‌ بَابٌ: كَمْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَمَنْ يَنْتَظِرُ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابُ مَنِ انْتَظَرَ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابٌ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ

- ‌ بَابٌ: مَتَى يَقُومُ النَّاسُ، إِذَا رَأَوُا الْإِمَامَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ

- ‌ بَابٌ: هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا

- ‌ بَابُ الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ

- ‌ بَابُ الكَلَامِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ

- ‌(بَابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌باب فضل صلاة الجماعة

- ‌ بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ

- ‌ باب احتساب الآثار

- ‌ باب فضل صلاة العشاء في الجماعة

- ‌ باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد

- ‌ باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

- ‌ باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(بابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ وَالعِلَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يُصَلِّي الإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ

- ‌(بَابٌ: إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا دُعِيَ الإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ

- ‌(بَابٌ: أَهْلُ العِلْمِ وَالفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بَابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ، فَجَاءَ الإِمَامُ الأَوَّلُ، فَتَأَخَّرَ الأَوَّلُ

- ‌(بَابٌ: إِذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ)

- ‌(بَابُ إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بَابٌ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابٌ: مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ العَبْدِ وَالمَوْلَى)

- ‌(بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ)

- ‌(بَابٌ: يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بَابُ تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِي القِيَامِ، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ)

- ‌(بَابُ مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ)

- ‌(بَابُ إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا)

- ‌(بَابُ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابٌ: الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ

- ‌(بَابُ إِقْبَالِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ، عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌(بَابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بَابٌ: إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بَابُ إِلْزَاقِ المَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالقَدَمِ بِالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ، خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بابُ مَيمَنَةِ المسجِدِ وَالإِمامِ)

- ‌ باب صلاة الليل

الفصل: ‌(باب: متى يسجد من خلف الإمام

عن الشعبي، وهو قوله عليه السلام:((لا يَؤُمَّنَّ أحدٌ بعدي جالساً))، وهذا لو صح إسناده لكان مرسلاً، والمرسل عندنا وما لم يُروَ سِيَّان، لأنَّا لو قبلنا إرسال تابعيٍّ وإن كان ثقة لَلَزِمَنا قَبول مثله عن أتْباع التابعين، ويؤدي ذلك إلى أن يُقبل من كل أحد إذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي هذا نقض

(1)

الشريعة، والعجب أن أبا حنيفة يجرح جابراً ويكذِّبه، ثم لما اضطره الأمر جعل يحتج بحديثه، وذلك كما أخبرنا به الحسين بن يزيد القطان بالرَّقة حدثنا أحمد بن أبي الحوراء سمعت أبا يحيى الجُمَّاني سمعت أبا حنيفة يقول: ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء، ولا لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي، ما أتيتُه بشيء إلا جاءني فيه بحديث.

قال العيني: أما إنكاره النسخ فليس له وجه لأنَّ الذي يجب به العمل هو ما استقرَّ عليه آخرُ الأمرين منه عليه السلام صلاتُه قاعداً والناس وراءَه قيامٌ دلَّ على أنَّ ما كان قبلَه من ذلك مرفوعُ الحكم.

وأما قوله: أفتى به من الصحابة جابر وغيره، فقد قال الشافعي: إنهم لم يبلغهم النسخ، وعلم الحاجة يوجد عند بعض ويعزب عن بعض، وأما قوله: والإجماع إجماع الصحابة، فغير مُسَلَّم، لأن الأدلة غير فارقة بين أهل عصر بل يتناول لكل أهل عصر كتناولها لأهل عصر الصحابة، إذْ لو كان خطاباً للموحِّدِين وقتَ النزول فقط يلزم أن لا ينعقد إجماع الصحابة بعد موت من كان موحِّداً وقت النزول، لأنه حينئذ لا يكون إجماعُهم أجماعَ جميع المخاطبين وقت النزول، ويلزم أن لا يُعتَدَّ بخلاف من أسلم أو وُلِد من الصحابة بعد النزول لكونهم خارجين عن الخطاب، وقد اتفقتم معنا على إجماع هؤلاء فلا يختص بالمخاطَبين، والخطاب لا يختص بالموجودين كالخطاب بسائر التكاليف، وهذا الذي قاله ابن حبان هو من مذهب داودَ وأتباعِه.

وأما قوله: والمرسل عندنا وما لم يُرْوَ سِيَّان

إلى آخره، فغير مسَلَّم أيضاً لأن إرسال العدل من الأئمة تعديلٌ له، إذْ لو كان غيرَ عدل لوجب عليه التنبيهُ على جرحه والإخبارُ عن حاله، فالسكوت بعد الرواية عنه يكون تلبيساً أو تحميلاً للناس على العمل مِمَّا ليس بحجة، والعدلُ لا يُتَّهَم بمثل ذلك، فيكون إرساله توثيقاً

(2)

له، لأنه يُحتمل أنه كان مشهوراً عنده فروى عنه بناءً على ظاهر حاله، وفوَّض تعريف حالِه إلى السامع حيث ذَكَرَ اسمَه. وقد استدل بعضُ أصحابنا لقَبول المرسل باتفاق الصحابة، فإنهم اتفقوا على قبول روايات ابن عباس مع أنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أربعَ أحاديث لصغر سنه كما ذكره الغزالي، أو بضعَ عشر حديثاً كما ذكره شمس الأئمة السرَخْسي. وقال ابن سيرين: ما كنا نسند الحديث إلى أن وقعت الفتنة، وقال بعضهم: رد المراسيل بدعة حادثة

(1)

في (الأصل) : ((بعض))، والصواب:((نقض)).

(2)

في (الأصل) : ((توقيفاً))، والصواب:((توثيقاً)).

ص: 245

بعد المائتين، والشعبي والنخعي من أهل الكوفة، وأبو العالية والحسن من أهل البصرة، ومكحول من أهل الشام كانوا يرسلون، ولا يُظن بهم إلا الصدق، فدلَّ على كون المرسل حجةً. نعم، الاختلافُ في مراسيل من دونَ القرن الثاني والثالث، فعند أبي الحسن الكرخي: يُقبَل إرسالُ كلِّ عدل في كل عصر، لأن العلة الموجبة لقَبول المراسيل في القرون الثلاثة وهي: العدالة والضبط، تشمل سائر القرون، فبهذا التقدير انتقض قوله: وفي هذا نقض الشريعة.

وأما قوله: والعجب من أبي حنيفة

إلى آخره، كلامٌ فيه إساءة أدب ومجردُ تشنيع بدون دليل جلي: فإن أبا حنيفة في أين احتجَّ بحديث جابر الجعفي في كونه ناسخا؟ ومن نقل هذا من الثقات عن أبي حنيفة حتى يكون متناقضا في قوله وفعله؟ بل احتج أبو حنيفة في نسخ هذا الباب مثلَ ما احتج به غيره كالثوري والشافعي وأبو ثور وجمهور السلف، كما مر مستوفى. انتهى.

(52)

‌(بابٌ: مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ

؟)

أي هذا باب ترجمته: متى يسجد من خلف الإمام، يعني إذا اعتدل أو جلس بين السجدتين. وقوله:(مَنْ) فاعلُ قولِه: (يَسْجُدُ).

قوله: (وَقَالَ أَنَسٌ) أي ابن مالك.

قوله: (عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ((فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا)) وقال صاحب «التلويح» : وفي بعض النسخ: (قَالَ أَنَسٌ: فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا) يعني: من غير ذكرِه صلى الله عليه وسلم.

مطابقته للترجمة من حيث إنه يبين معنى متى يسجد مَن خلف الإمام، وهو أنه إذا سجد الإمام، بناء على تقدم الشرط على الجزاء، وحديث الباب يفسره.

وهذا التعليق أخرجه موصولاً في: باب إيجاب التكبير، فإن فيه:(فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا). قال العيني: قال شيخنا: وهو طرف من حديثه الماضي في الباب الذي قبله. قال العيني: ليست هذه اللفظة في الحديث الماضي، وإنما هي في باب إيجاب التكبير، كما ذكرنا. انتهى. قلتُ: فكأنَّ العيني رحمه الله لَمَّا لم ير هذه اللفظة مذكورة في الباب الماضي نفى أن تكون منه، وهذا لا يلزم، لأنها قد تكون منه لكن لم يذكرها في الباب على عادته في تقطيع الحديث، أو تكون مذكورةً في بعض النسخ دون بعض لأن هذا قَدرٌ يبعُد أن يغفل شيخنا عنه. انتهى.

690 -

قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) أي ابن مُسرهَد، ترجمته في باب من الإيمان أن يحب لأخيه.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) أي القطان، ترجمته في الباب أيضاً.

قوله: (عَنْ سُفْيَانَ) أي الثوري، ترجمته في باب علامات المنافق.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ) واسمه: عمرو بن عبد الله السَّبِيعي، بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة، نسبةً إلى سَبِيع بطنٍ من همدان، ترجمته في باب الصلاة من الإيمان.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ) أي من الزيادة، الخطمي كذا وقع منسوباً عند الإسماعيلي في روايةٍ لشعبة عن أبي إسحاق،

ص: 245

وهو منسوب إلى خَطْمي، بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء: بطن من الأوس. وقال الذهبي: عبد الله بن يزيد بن زيد بن حصين بن

(1)

عمرو الأوسي الخطمي أبو موسى، شهد الحديبية ومات قبل ابن الزبير رضي الله عنهم. قلتُ: عبد الله هذا تقدمت ترجمته في باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحِسبة. انتهى.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي البَرَاءُ -وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ-) أي ابن عازب، ترجمته في باب الصلاة من الإيمان.

في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في موضعين وبصيغة الإفراد في ثلاث مواضع. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: القول في أربع مواضع. وفيه: عبد الله بن يزيد الصحابي من أفراد البخاري. وفيه: رواية الصحابي ابنِ الصحابي عن الصحابي ابن الصحابي، كلاهُما من الأنصار ثم من الأوس وكلاهمُا سكن الكوفة، وذكر الذهبي في «تجريد الصحابة» والدَ عبد الله ووالد البراء كليهما في الصحابة، فقال: يزيد بن زيد بن حصين الأنصاري الخطمي، والد عبد الله وجد عدي بن ثابت لأمه. وقال أيضاً: عازب بن الحارث والدُ البراء، قال البراء: اشترى أبو بكر من عازب رجلاً.

وفيه: أن أبا إسحاق كان معروفاً بالرواية عن البراء بن عازب لكنه روى الحديث المذكور ههنا بواسطة وهو: عبد الله بن يزيد.

وفيه: أن أحد الرواة كان أميراً وهو: عبد الله بن يزيد، وكان أميراً على الكوفة في زمن عبد الله بن الزبير، وفي رواية البخاري في باب رفع البصر في الصلاة: أن أبا إسحاق قال: سمعت عبد الله بن يزيد يخطب.

وفيه: قوله: (غَيْرُ كَذُوبٍ) على وزن: فعول، وهو صيغة مبالغة: كصبور وشكور، واختلفوا في هذا قيل: في حق من؟ فقال يحيى بن معين والحميدي وابن الجوزي: إن الإشارة في قول أبي إسحاق: غير كذوب، إلى عبد الله بن يزيد

(2)

، لا إلى البراء، لأن الصحابة عدول فلا يحتاج أحدٌ منهم إلى تزكيةٍ وتعديل. وقال الخطيب: إن كان هذا القول من أبي إسحاق فهو في عبد الله بن يزيد، وإن كان من عبد الله فهو في البراء. وقال الخطابي: هذا القول لا يوجب تهمةً في الراوي، إنما يوجب حقيقةَ الصدق له لأن هذه عادتُهم إذا أرادوا تأكيد العلم بالراوي والعمل بما رَوَى، وكان أبو هريرة يقول: سمعت خليلي الصادقَ المصدوقَ، وقال ابن مسعود: حدثني الصادق المصدوق، وسلك عياض أيضا هذا المسلك وقال: لم يُرِد به التعديل وإنما أراد به تقوية الحديث إذْ حدَّث به البراء، وهو غير متهم، ومثل هذا قول أبي مسلم الخولاني: حدثني الحبيب الأمين. وقال النووي: معنى الكلام: حدثني البراء وهو غير متهم، كما علمتم فثقوا بما أخبركم به عنه.

قال شيخنا: وقد اعترض بعض المتأخرين على التنظير المذكور فقال: كأنه لم يُلِمَّ بشيء من علم البيان، للفرق الواضح بين قولنا: فلان صدوق وفلان غير كذوب، لأن في الأول إثبات الصفة للموصوف، وفي الثاني نفي ضدها عنه فهما مفترقان قال:

(1)

في (الأصل) : ((أبو))، والصواب:((بن)).

(2)

في (الأصل) : ((زيد))، والصواب:((يزيد)).

ص: 246

والسرُّ فيه أن نفي الضد كأنه يقع جواباً لمن أثبته بخلافِ إثبات الصفة. انتهى كلامه المعترِض. والذي يظهر لي أن الفرق بينهما أنه يقع في الإثبات بالمطابقة وفي النفي بالالتزام، لكن التنظير صحيح بالنسبة إلى المعنى المراد باللفظين لأن كلاً منهما يرِد عليه أنه تزكية في حقِّ مقطوعٍ بتزكيتِه فيكون من تحصيل الحاصل، ويحصل الانفصال عن ذلك بما تقدم من أن المراد بكل منهما تفخيم الأمر وتقويته في نفس السامع.

قال العيني: قد ظهر من كلام الخطابي وعياض والنووي أن هذا القول في البراءِ، وتَرَجَّحَ هذا بوجهين:

الأول: أنه روي عن أبي إسحاق في بعض طرقه: سمعت عبد الله بن يزيد وهو يخطب يقول: حدثني البراء، وكان غير كَذوب. قال ابن دقيق العيد: استدل به بعضُهم على أنه كلام عبد الله بن يزيد. قال العيني: إذا كان هذا كلامَ عبد الله فيكون ذلك في البراء، وأوضَحُ من هذا وأبْيَنُ ما رواه ابن خزيمة في «صحيحه» من طريق محارب بن دثار، قال: سمعت عبد الله بن يزيد على المنبر يقول: حدثني البراء وكان غير كذوب.

الثاني: أن الضمير أعني قوله: (وَهُوَ) يرجع إلى أقرب المذكورَيْن وهو البراء، فإن قلت: كيف نزَّه يحيى بن معين البراء عن التعديل لأجل صحبته ولم ينزه عبد الله بن يزيد وهو أيضاً صحابي؟ أجيب: يحيى بن معين لا يُثبِتُ صحبتَه فلذلك تنسب هذه اللفظة إليه، ووافقه على ذلك مصعب الزبيري، وتوقف في صحبته أحمد وأبو حاتم وأبو داود، وأثبتها ابن البَرقي والدارقطني وآخرون. فإن قلت: نفي الكَذُوبية لا يستلزِم نفي الكاذبية، مع أنه يجب نفي مطلق الكذب عنهما. أجيب: معناه غيرُ ذي كذب، كما قيل في قوله تعالى:{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]. أي: وما ربك بذي ظلم. فإن قلتَ: ما سبب رواية عبد الله بن يزيد هذا الحديث؟ قال العيني: روى الطبراني من طريقه أنه كان يصلي بالناس بالكوفة، فكان الناس يضعون رؤوسهم قبل أن يضع رأسه، ويرفعون قبل أن يرفع رأسه، فذكر الحديث في إنكاره عليهم.

قوله: (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ، حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ)

مطابقته للترجمة في قوله: (ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ)، فإنه يقتضي أن يكون سجودُ من خلف الإمام إذا شرَع الإمام في السجدة.

هذا الحديث أخرجه البخاري أيضاً عن أبي نعيم وعن حجاج عن شعبة وعن آدم عن إسرائيل. وأخرجه مسلم فيه عن أحمد بن يونس ويحيى بن يحيى كلاهما عن زهير وعن أبي بكر بن خلاد. وأخرجه أبو داود فيه عن حفص بن عمر عن شعبة به. وأخرجه الترمذي فيه عن بندار عن ابن مهدي عن سفيان به. وأخرجه النسائي عن يعقوب بن إبراهيم عن إسماعيل بن عُليَّة وعن علي بن الحسين الدرهمي عن أمية بن خالد، كلاهما عن شعبة به.

قوله: (إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) وفي رواية شعبة: (إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكَوعِ). ولمسلم من رواية محارب بن دثار: ((فإذا رفع رأسه من الركوع

ص: 246