المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب: إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل) - مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط

[إبراهيم بن علي النعماني]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الحَرْبَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى العَنَزَةِ)

- ‌(بَابُ السُّترَةِ بِمَكَّةَ وَغَيرِهَا)

- ‌(بابُ الصَّلاة إِلى الأُسْطُوَانَةِ)

- ‌(بابُ: الصَّلاة بَينَ السَّواري في غَيرِ جَماعَةٍ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الرَّاحِلَةِ وَالبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلَى السَّرِيْرِ)

- ‌(بَابٌ يَرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَينَ يَدَيِهِ)

- ‌(بَابُ إِثمِ المَارِّ بَينَ يَدَي المُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الصَّلاة خَلْفَ النَّائِمِ)

- ‌(بَابُ التَّطَوُّعِ خَلْفَ المَرْأَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلاة شَيْءٌ)

- ‌(بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ)

- ‌(بَابٌ هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتِهِ عِندَ السُّجود لِكَي يَسْجُدَ)

- ‌(بابٌ المرأَةُ تَطْرَحُ عَنِ المُصَلِّي شَيئًا مِنَ الأَذَى)

- ‌كتابُ مواقيتِ الصَّلاةِ

- ‌(بابُ {مُنِيْبِيْنَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلاة وَلَا تَكُوْنُوا مِنَ المُشْرِكِينَ}

- ‌(بَابُ البَيْعَةِ عَلَى إِقامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابٌ الصَّلاة كَفَّارَةٌ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ الصَّلاة لَوَقْتِهَا)

- ‌(بَابٌ الصَّلوات الخَمْسُ كَفَّارَةٌ

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بَابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَابُ وقت الظُّهر عِنْدَ الزَّوَالِ)

- ‌(بَابُ تَأْخِيْرِ الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوْبِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ المَغْرِبِ)

- ‌(بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلمَغْرِبِ: العِشَاءَ)

- ‌(بَابُ ذِكْرِ العِشَاءِ وَالعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاس أَوْ تَأَخَّرُوا)

- ‌(بَابُ فَضْلِ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بَاب وَقْتِ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ

- ‌(بَاب وَقْتِ الفَجْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الفَجْرِ رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ الصَّلاة بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بَابُ لَا يُتَحَرَّى الصَّلاة قَبْلَ غُرُوْبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بَابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاة إلَّا بَعْدَ العَصْرِ وَالفَجْرِ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الصَّلوات الأُوْلَى فَالأُوْلَى)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌كِتَابُ الأَذَانِ

- ‌(بَابُ الأَذَانِ مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بَابُ الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ إلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوت بالنِّدَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُحْقَنُ بِالأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ ما يَقولُ إِذا سَمِعَ المنادِيَ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِندَ النّداءِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ الكَلَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعدَ الفَجْرِ)

- ‌ بَابُ الأَذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ

- ‌ بَابٌ: كَمْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَمَنْ يَنْتَظِرُ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابُ مَنِ انْتَظَرَ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابٌ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ

- ‌ بَابٌ: مَتَى يَقُومُ النَّاسُ، إِذَا رَأَوُا الْإِمَامَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ

- ‌ بَابٌ: هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا

- ‌ بَابُ الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ

- ‌ بَابُ الكَلَامِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ

- ‌(بَابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌باب فضل صلاة الجماعة

- ‌ بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ

- ‌ باب احتساب الآثار

- ‌ باب فضل صلاة العشاء في الجماعة

- ‌ باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد

- ‌ باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

- ‌ باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(بابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ وَالعِلَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يُصَلِّي الإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ

- ‌(بَابٌ: إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا دُعِيَ الإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ

- ‌(بَابٌ: أَهْلُ العِلْمِ وَالفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بَابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ، فَجَاءَ الإِمَامُ الأَوَّلُ، فَتَأَخَّرَ الأَوَّلُ

- ‌(بَابٌ: إِذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ)

- ‌(بَابُ إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بَابٌ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابٌ: مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ العَبْدِ وَالمَوْلَى)

- ‌(بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ)

- ‌(بَابٌ: يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بَابُ تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِي القِيَامِ، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ)

- ‌(بَابُ مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ)

- ‌(بَابُ إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا)

- ‌(بَابُ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابٌ: الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ

- ‌(بَابُ إِقْبَالِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ، عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌(بَابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بَابٌ: إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بَابُ إِلْزَاقِ المَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالقَدَمِ بِالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ، خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بابُ مَيمَنَةِ المسجِدِ وَالإِمامِ)

- ‌ باب صلاة الليل

الفصل: ‌(باب: إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل)

الحميدي في كتابه «الجمع بين الصحيحين» أن الشيخين خرجاه من حديث موسى بن عقبة غيرُ صواب، لأن البخاري علقه كما ترى. وأما مسلم فإنه خرجه في «صحيحه» عن محمد بن إسحاق عن أنس بن عياض عن موسى، وطريقُ زهير المذكورة وَصَلها أبو عوانة في «مستخرجه» . وأما رواية وهب بن عثمان فقد ذكر المصنف أن إبراهيم بن المنذر رواها عنه، وإبراهيم من شيوخ البخاري ومن أفراده، وقد وافق زهيراً ووهباً أبو ضمرة عند مسلم وأبو زيد عند أبي عوانة والدارَورْدي عند السراج كلهم عن موسى بن عقبة.

قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ الله) أي البخاريُّ نفسُه، ترجمته في مقدمة هذا الشرح.

قوله: (رَوَاهُ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عُثْمَانَ) قد قدمنا آنفاً أن البخاري ذكر ذلك.

قوله: (وَوَهْبٌ مَدِينِيٌّ) بكسر الدال، ويروى بفتحها، وكلاهما نسبة إلى مدينة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام. قلت: هنا ثلاثة اصطلاحات في المدني والمديني والمدائِني، وقد تقدم بيانُ ذلك. انتهى. قال العيني: القياسُ فتحُ الدال كما يقال في النسبة إلى ربيعة: ربعي، وإلى جذيمة: جذمي. فإن قلتَ: ما فائدة ذكر البخاري نسبة وهب بقوله مديني أو مدني؟ قال العيني: لم يظهر شيء يجدي إلا أنه أشار إلى أنه مدني، كما أن إبراهيم بن المنذر الذي روى عنه مدني أيضاً.

قد قدَّمْنا حكاية النووي في كراهة الصلاة بِحضرة الطعام إذا كان في الوقت سَعَةٌ، فإن ضاق صلى وترك الطعام محافَظةً على حُرمة الوقت. وحكى المتولي من الشافعية وجهاً أنه يبدا بالأكل وإن خرج الوقتُ، لأن مقصود الصلاة الخشوعُ فلا يُفوِّتْه. قال شيخنا: وهذا إنما يجيء على قول من يوجب الخشوع، ثم فيه نظرٌ لأن المفسدتين إذا تعارضتا يُقتَصر على أخفهما، وخروج الوقت أشدُّ من ترك الخشوع بدليل صلاة الخوف والغريقِ وغيرِ ذلك، وإذا صلى لمحافظة الوقت صحت مع الكراهة وتستحب الإعادة عند الجمهور، وادعى ابنُ حزم أنَّ في الحديث دليلاً على امتداد الوقت في حق من وُضِع له الطعام ولو خرج الوقت المحدود، وقال مثلَ ذلك في حق النائم والناسي.

واستدل النووي وغيره بحديث أنس على امتداد وقت المغرب، واعترضه ابن دقيق العيد بأنه إن أريد بذلك التوسعة إلى غروب الشفق ففيه نظر وإن أريد به مطلق التوسعة فمسلَّم، ولكن ليس محل الخلاف المشهور، فإن بعض من ذهب إلى ضيق وقتها جعله مقدَّراً بزمن يدخل فيه مقدارُ ما يتناولُ لقيماتٍ يكسر بها سَوْرة الجوع.

واستدل به القرطبي على أن شهود صلاة الجماعة ليس بواجب، لأنَّ ظاهره أن يشتغل بالأكل وإن فاتته الصلاة في الجماعة، وفيه نظر، لأن بعض من ذهب إلى الوجوب كابن حبان جعل حضور الطعام عذرا في ترك الجماعة، فلا دليل فيه حينئذ على إسقاط الوجوب مطلقا.

وفيه دليل على تقديم فضيلة الخشوع في الصلاة على فضيلة

ص: 224

أول الوقت، واستدل بعض الشافعية والحنابلة بقوله (فَابْدَؤُوا) على تخصيص ذلك بمن لم يشرع في الأكل، فأما من شرع ثم أقيمت الصلاة فلا يتمادى، وقلنا إن صنيع ابن عمر يبطل ذلك، وتُعُقِّبَ بأن صنيع ابن عمر اختيارٌ له وإلا فالنظر إلى المعنى يقتضي ما ذكروه، لأنه يكون قد أخذ من الطعام ما وقع شغلُ البال به، ويؤيد ذلك حديث عمرو بن أمية المذكور في الباب بعدَه، ولعل ذلك هو السرُّ في إيراد المصنف له عَقِبَه. وروى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة بإسنادٍ حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه وابن عباس رضي الله عنهما: أنهما كانا يأكلان طعاماً وفي التنور شِواءٌ فأراد المؤذن أن يقيم فقال له ابن عباس لا تعجل لِئلَاّ نقوم وفي أنفسنا منه شيء. وفي رواية بن أبي شيبة: لئلا يعرِض لنا في صلاتنا. وله عن الحسن بن علي قال: العَشاء قبل الصلاة يُذهِب النفس اللوَّامة. قلتُ: أوصاف النفس ثلاث: الأولى: أمَّارَة، الثاني: لوَّامة، الثالث: مطمئنَّة. فاللَّوَّامة

(1)

.

قال شيخُنا: وفي هذا كله إشارة إلى أن العلة في ذلك تَشَوَّقُ النفس إلى الطعام فينبغي أن يدار الحكم مع علته وجودا وعدما ولا يُقيَّد بكلٍّ ولا بعضٍ، ويستثنى من ذلك الصائم فلا تكره صلاته بحضرة الطعام إذْ الممتنعُ بالشرع لا يشغل العاقلُ نفسَه به، لكن إن غُلِبَ استُحِبَّ له التحول من ذلك المكان، وهذا مثلُ من حضر طعامُ غيرِه وأقيمت الصلاة.

فائدة: وقع في بعض كتب الفقه: ((إذا حضر العِشاء والعَشاء فابدؤوا بالعَشاء))، لا أصل له في كتب الحديث بهذا اللفظ، كذا في شرح الترمذي لأبي الفضل، قال شيخُنا: لكن رأيتُ بخط الحافظ قطب الدين أنَّ ابن أبي شيبة أخرج عن إسماعيل وهو ابنُ علية عن ابن إسحاق حدثني عبد الله بن رافع عن أم سلمة مرفوعاً: ((إذا حضر العَشاء وحضرت العِشاء فابدؤوا بالعَشاء))، فإن كان ضَبَطَه فذاك وإلا فقد رواه أحمد في «مسنده» عن إسماعيل بلفظ:((وحضرت الصلاة)) ثم راجعتُ مصنف ابن أبي شيبة فرأيت الحديث فيه كما أخرجه أحمد والله أعلم.

(43)

(بَابٌ: إِذَا دُعِيَ الإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)

أي هذا باب ترجمته إذا دُعِيَ الإمام

إلى آخره، والواو في (وَبِيَدِهِ) للحال.

وقوله: (مَا) موصولةٌ، و (يَأْكُلُ) صلتها، والعائد محذوف تقديرُه: ما يأكله، ومحلها مرفوع بالابتداء، وخبره هو قوله:(بِيَدِهِ)، ويجوز أن تكون ما مصدريةً والتقدير: وبيده الأكل، أي: المأكول.

وإنما ذَكَر هذا الباب عقيب الباب السابق تنبيهاً على أن الأمر فيه للندب لا للإيجاب، إذْ لو كان تقديمُ العَشاء على الصلاة التي أقيمت واجباً، لكان النبي صلى الله عليه وسلم كَمَّلَ

(1)

كذا في (الأصل)، وبعد قوله:((فاللَّوَّامة)) فراغ.

ص: 224