الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحدًا.
قوله: (مُضْطَجِعَةً) نصب على الحال؛ لأنَّ الرؤية ههنا من رؤية العين.
قوله: (أَنْ أَسْنَحَهُ) -بفتح النُّون والحاء المهملة- وقال الخطَّابيُّ: هو من قولك: سنح لي الشيء إذا عرض، تريد: إني أكره أن أستقبله ببدني في صلاته، ومن هذا: سوانح الظباء، وهو ما يعترض المسافرين فيجيء عن مياسرهم، ويجوز إلى ميامنهم، وقال ابن الجَوْزي وغيره: السَّانح عند العرب ما يمرُّ بين يديك عن يمينك وكانوا يتيمنون به، ومنهم من قال: عن يسارك إلى يمينك؛ لأنَّه أمكن للرَّمي، والبارح عكسه، والعرب تتطيَّر به، وقال صاحب «العين» : أسنحه، أي أظهر له، وكل ما عرض لك فهو سنح.
قوله: (فَأَنْسَلُّ) بصيغة المتكلِّم من المضارع عطفًا على (أَكْرَهُ) أي أخرج بخفية أو برفق.
قوله: (مِنْ قِبَلِ) -بكسر القاف- قوله: (رِجْلَيِ السَّرِيْرِ) بلفظ التثنية مضافًا إلى السَّرير.
في الحديث: جواز الصَّلاة على السَّرير، وفيه دلالة على أنَّ مرور المرأة بين يدي المصلِّي لا يقطع صلاته؛ لأنَّ انسلالها من لحافها كالمرور بين يدي المصلِّي، وقد استوفينا الكلام فيه فيما مضى.
(100)
(بَابٌ يَرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَينَ يَدَيِهِ)
أي هذا بابٌ ترجمتُه: يَرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مرَّ بين يديه، وسنبيِّن هل الرد إذا مرَّ بين يديه في موضع سجوده، أو يردُّه مطلقًا، أو له حدٌّ معلوم، وأنَّ الردَّ واجب أم سنَّة؟ - قال العَيني: أم مستحبٌّ؟ - وإنَّه مقيَّد بمكان مخصوص أو في جميع الأمكنة، على ما نذكره مفصَّلًا إن شاء الله تعالى.
قال شيخنا: يردُّ من مرَّ بين يديه، سواء كان آدميًا أم غيره.
قوله: (وَرَدَّ ابنُ عُمَرَ) أي عبد الله بن عُمَر بن الخطَّاب رضي الله عنهما، ترجمته في كتاب الإيمان.
قوله: (في التَّشَهُّدِ وفِي الكَعْبَةِ، وَقالَ: إِنْ أَبَى إلَّا أَنْ تُقَاتِلَهُ قَاتِلْهُ) الكلام فيه على أنواع:
الأوَّل: في وجه مطابقته للترجمة، وهي ظاهرة؛ لأنَّ ابن عُمَر ردَّ المارَّ بين يديه وهو في الصلاة.
الثاني: في معنى التركيب، فقوله:(وَرَدَّ ابنُ عُمَرَ) أي ردَّ عبد الله بن عُمَر المارَّ بين يديه حال كونه في التشهُّد، وكان هذا المارَّ هو عَمْرو بن دينار، نبَّه عليه عبد الرزَّاق وابن أبي شَيْبَة في «مصنَّفيهما» ، قوله:((وَفِي الكَعْبَةِ)) أي وردَّ أيضًا في الكعبة، وقال الكِرْماني: هو عطف على مقدَّر، أي ردَّ المارَّ بين يديه عند كونه في الصَّلاة وفي غير الكعبة وفي الكعبة أيضًا، ويحتمل أن يُراد به كونُ الردِّ في حالة واحدة جمعه بين كونه في التشهد وفي الكعبة، فلا حاجة إلى مقدَّر، وقال أبو محمَّد الإشبيلي في كتابه «الجمع بين الصحيحين» كذا وقع:((وفي الكعبةِ)) وقال ابن قرقول: ((وَرَدَّ ابنُ عُمَر فِي التَّشَهُّدِ وَفِي الكَعْبَةِ)). وقال القابسي: ((وَفِي الرَّكْعَةِ)) بدلًا من: (الكَعْبَةِ) أشبه، وكذا وَقَعَ في بعض الأصول:((الرَّكْعَةِ))، وقال صاحب «التلويح» : والظاهر أنَّه: ((وَفِي الكَعْبَةِ)) وهو الصَّواب؛ لما في كتاب «الصَّلاة» لأبي نُعَيم: حدَّثنا عبد العزيز بن الماجِشُون عن صالح بن كَيْسان قال: ((رَأيْتُ ابنَ عُمَر يصلِّي في الكعبةِ، فلا يدع أحدًا يمرُّ بين يديهِ
يبادِره. قال: يردُّه)).
حدَّثنا فطر بن خليفة حدَّثنا عَمْرو بن دينار قال: مررت بابن عُمَر بعدما جلس في آخر صلاة حتَّى أنظر ما يصنع، فارتفع من مكانه فدفع في صدري. وقال ابن أبي شَيْبَة: أخبرنا ابن فضيل عن فطر عن عَمْرو بن دينار قال: مررت بين يدي ابن عُمَر وهو في الصَّلاة، فارتفع من قعوده ثمَّ دفع في صدري. وفي كتاب «الصلاة» لأبي نُعَيم: فانتهزني بتسبيحة.
قال شيخنا: ورواية الجمهور متَّجهة، وتخصيص الكعبة بالذِّكر؛ لئلَّا يُتخيَّل أنَّه يُغْتَفَرُ فيها المرور لكونها محل المزاحمة. انتهى. قال العَيني: الواقع في نفس الأمر عن ابن عُمَر في الردِّ في غير الكعبة وفي الكعبة أيضًا، فلا يقال فيه: التخصيص والتعليل فيه بكون الكعبة محلَّ المزاحمة غير موجَّه؛ لأنَّ في غير الكعبة أيضًا توجد المزاحمة، سيَّما في أيَّام الجمع في الجوامع ونحو ذلك، قال شيخنا في «انتقاض الاعتراض» ما حاصله: إنَّ العَيني لا يزال يأخذ كلامه ويضعه في شرحه، فإذا عثر بما يظنُّه ساقطًا فيبالغ في التشنيع، وهذا مبلغ علمه، والسَّلام. انتهى.
قلت: لكن التخصيص على الردِّ في الكعبة لا بدَّ له من نكتة، والذي يظهر لي: أنَّ المصلِّي في الكعبة قد يصلِّي لبابها فيُظنُّ لهذا أنَّه لا يردُّ من أراد المرور بين يدي هذا المصلِّي للباب، للدُّخُول إليها أو الخروج منها، فذكرها لدفع هذا الظنّ، والله أعلم.
قوله: (وَإِنْ أَبَى) أي المارُّ إن امتنع بكلِّ وجه إلَّا بأن يُقاتل المصلِّي المارَّ قاتله.
قوله: (إِلَّا أَنْ يُقَاتِلَهُ) وقوله: (قَاتَلَهُ) على وجهين:
أحدهما: أن يكون لفظ (قَاتَلَهُ) بصيغة الفعل الماضي، وهذا عند كون لفظ:(إِلَّا أَنْ يُقَاتِلَهُ) بصيغة الفعل المضارع المعلوم، والضمير المرفوع فيه يرجع إلى المارِّ الذي هو فاعل لفظة (أَبَى)، والمنصوب يرجع إلى المصلِّي، والضمير المرفوع في (قَاتَلَهُ) يرجع إلى المصلِّي، والمنصوب يرجع إلى المارِّ.
والوجه الآخر: أن تكون لفظة (إلَّا أَنْ تُقَاتِلَهُ) بصيغة المخاطب، أي <إِلَّا أَنْ تُقَاتِلَ المارَّ فَقَاتِلْهُ>، بكسر التَّاء وسكون اللَّام على صيغة الأمر للحاضر، وهذه رواية الكُشْمِيهَني، والأوَّل رواية الأكثرين، قال شيخنا: وهذه الجملة الأخيرة من كلام ابن عُمَر، وقد وصلها عبد الرزاق، ولفظه عن ابن عُمَر قال:((لا تدعْ أحدًا يمرُّ بينَ يديكَ وأنتَ تُصلِّي، فإنْ أَبَى إلَّا أنْ تقاتلَهُ فقاتلْهُ)) وهذا أمر موافق لسياق الكُشْمِيْهَني. انتهى.
فإن قلت: لفظة (قَاتِلْهُ) في الوجه الثَّاني جملة أمريَّة، والجملة الأمريَّة إذا وقعت جزاء للشرطيَّة فلا بدَّ فيها من الفاء، قال العَيني: تقدير الكلام: فأنت قاتله، قال الكِرْماني: ويجوز حذف الفاء منها، نحو:
مَن يفعلِ الحسناتِ اللهُ يشكرُها، قال العَيني: حذف الفاء منها لضرورة الوزن فلا يُقاس عليه، ويروى:(فَقَاتِلْهُ) بالفاء على الأصل.
النوع الثالث: في أنَّ المروي عن ابن عُمَر ههنا على سبيل التعليق ثلاثة أشياء:
الأوَّل: ردُّه المارَّ في التشهُّد، وقد وصله أبو نُعَيم وابن أبي شَيْبَة كما ذكرناه عن قريب.
الثاني: ردُّه في الكعبة، وقد وصله أبو نُعَيم أيضًا كما ذكرناه، وفي حديث يزيد الفقير: صلِّيتُ إلى جنب ابن عُمَر بمكَّة، فلم أرَ رجلًا أكره أن يمرَّ بين يديه منه.
الثالث: أمرُه بالمقاتلة عند عدم امتناع
المارِّ من المرور بين يدي المصلِّي، وقد وصله عبد الرزَّاق كما ذكرناه أيضًا.
509 -
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ) -أي بفتح الميم- واسمه: عبد الله بن عَمْرو بن أبي الحجَّاج المقعد البصري، مات بالبصرة سنة أربع وعشرين ومائتين، وقد تقدَّم في باب قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اللهمَّ علِّمه الكتاب.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا عَبدُ الوَارِثِ) أَي ابن سعيد، تقدَّم أيضًا في الباب.
قوله: (حَدَّثَنا يُوْنُسُ) أي ابن عُبَيْد بالتصغير، ابن دينار، أبو عبد الله البصري، مات سنة تسع وثلاثين ومائة.
قوله: (عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلَالٍ) أي -بضمِّ الحاء تصغير الحمد، وكسر الهاء وتخفيف اللَّام- ابن هلال العدوي، بفتح العين والدَّال المهملتين، التَّابعي الجليل.
قوله: (عَنْ أَبي صَالحٍ) أي ذكوان السَّمَّان، وقد تكرر ذكره، ترجمته في باب أمور الإيمان.
قوله: (أَنَّ أَبا سَعِيدٍ) أي الخدري.
قوله: (ح: وَحَدَّثَنا آدَمُ) أي ابن أبي إِياس، ترجمته في بابٍ يتلو باب أمور الإيمان.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ) أي ابن المغيرة القَيسي البصري، ترجمته في باب القراءة والعرض على العالم.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ هِلالٍ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالحٍ السَّمَّانُ، قَالَ: رَأيْتُ أَبَا سَعِيْدٍ الخُدْرِيَّ).
فيه التَّحديث بصيغة الجمع في سبع مواضع، وفيه العنعنة في موضعين، وفيه القول والرؤية، وفيه رواية التَّابعي عن التَّابعي عن الصحابي، وفيه أنَّ رواته كلَّهم بصريُّون إلَّا أبا صالح فإنَّه مدني، وآدم فإنه عسقلاني، وفيه أنَّ آدم من أفراد البخاري، وفيه أنّض البخاري لم يخرِّج لسُلَيمان بن المغيرة شيئًا موصولًا إلَّا هذا الحديث ذكره أبو مسعود وغيره، وفيه التحويل من إسناد إلى إسناد آخر قبل ذكر الحديث، وعلامته حرف الحاء المفردة، وفيه في الإسناد الأوَّل: حُمَيْد عن أبي صالح أنَّ أبا سعيد، وفي الثَّاني رأيت أبا سعيد والثَّاني أقوى، وفيه أنَّ في الثَّاني ذكر قصَّة ليست في الأوَّل.
وقد ساق البخاري هذا الحديث في كتاب بدء الخلق بالإسناد الذي ساقه هنا من رواية يُونُس بعينه، وههنا من لفظ سُلَيمان بن المغيرة لا من لفظ يُوُنس، قال شيخنا: وقد قرن البخاري رواية يُونُس برواية سُلَيمان بن المغيرة، وبَيِّنٌ من إيراده: أنَّ القصَّة المذكورة في رواية سُلَيمان لا في رواية يونس، ولفظ المتن الذي ساقه هنا هو لفظ سُلَيمان أيضًا لا لفظ يونس، وإنما ظهر لنا ذلك من المُصَنِّف حيث ساق الحديث في بدء الخلق بالإسناد الذي ساقه هنا من رواية يُونُس بعينه، ولفظ المتن مغاير للفظ الذي ساقه هنا من رواية يُونُس، وليس فيه تقييد الدفع بما إذا كان المصلِّي يصلِّي إلى سترة، وذكر الإسماعيلي: أنَّ سُلَيم بن حبَّان تابع يُونُس عن حُمَيْد على عدم التقييد، والمطلق في هذا محمول على المقيَّد؛ لأنَّ الذي يصلِّي إلى غير سترة مقصِّر بتركها، ولا سيَّما إن صلَّى في مشارع المشاة، وقد روى عبد الرزَّاق عن عُمَر التفرقةَ بين من يصلِّي إلى سترة أو إلى غير سترة، وفي «الرَّوضة» تبعًا لأصلها: ولو صلَّى إلى غير سترة، أو كانت وتباعد منها، فالأصحُّ: إنَّه
ليس له الدفع لتقصيره، ولا يحرُم المرور حينئذ بين يديه، ولكن الأَولى تركُه. انتهى.
قوله: (في يَوْمِ جُمُعَةٍ يُصَلِّي إِلى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاس، فَأَرادَ شَابٌّ مِنْ بَنِي أَبي مُعَيط أَنْ يَجتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَفَعَ أَبُو سَعِيْدٍ في صَدْرِهِ، فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَم يَجِد مَسَاغًا إلَّا بَينَ يَدَيهِ، فَعَادَ لِيَجْتَازَ فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيْدٍ أَشَدَّ مِنَ الأُوْلَى، فَنَالَ مِن أَبي سَعِيْدٍ، ثمَّ دَخَلَ عَلَى مَرَوَانَ، فَشَكَا إِلَيهِ مَا لَقِيَ مِن أَبي سَعِيْدٍ، وَدَخَلَ أَبُو سَعيْدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرَوَانَ، فَقَالَ: مَا لَكَ وَلِابنِ أَخِيْكَ يَا أَبا سَعيْدٍ؟ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاس، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجتَازَ بَينَ يَدَيهِ فَليَدفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَليُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ). مطابقته للترجمة ظاهرة.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا عن أبي مَعْمَر في صفة إبليس، وأخرجه مسلم في الصَّلاة أيضًا عن شَيْبان بن فرُّوخ، وأخرجه أبو داود فيه عن موسى بن إسماعيل.
قوله: (فَأَرادَ شَابٌّ مِنْ بَني أَبي مُعَيْطٍ) ووَقَعَ في كتاب «الصلاة» لأبي نُعيم الفَضْل بن دُكَين، قال: حدَّثنا عبد الله بن عامر عن زيد بن أسلم قال: بينما أبو سعيد قائم يصلِّي في المسجد، فأقبل الوليد بن عُقْبَة بن أبي مُعَيط، فأراد أن يمرَّ بين يديه فدرأه، فأبى إلَّا أن يمرَّ فدفعه ولَكَمَه. فهذا يدلُّ على أنَّ هذا الشاب هو الوليد بن عُقْبَة.
وفي «المصنَّف» لابن أبي شَيْبَة: حدَّثنا أبو معاوية عن عاصم عن ابن سيرين قال: كان أبو سعيد قائمًا يصلِّي، فجاء عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يمرُّ بين يديه فمنعه، فأبى إلَّا أن يجيء، فدفعه أبو سعيد فطرحه، فقيل له: تصنع هذا بعبد الرحمن؟! فقال: والله لو أبى إلَّا أن آخذ شعره لأخذت.
وروى عبد الرزَّاق حديث الباب عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه، فقال فيه: إذ جاء شابٌّ، ولم يسمِّه، وعن مَعْمَر عن زيد بن أسلم فقال فيه: فذهب ذو قرابة لمروان. ومن طريق أبي العلانية عن أبي سعيد فقال فيه: مرَّ رجل بين يديه من بني مروان، وللنَّسائي من وجه آخر: فمرَّ ابن لمروان، وسمَّاه عبد الرزَّاق من طريق سُلَيمان بن موسى: داود بن مروان، ولفظه: أراد داود بن مروان أن يمرَّ بين يدي أبي سعيد، ومروان يومئذ أمير بالمدينة، فذكر الحديث، وبه جزم ابن الجَوْزي.
قال العَيني: وهذا كما رأيت الاختلاف في تسمية المبهم الذي في الصحيح، والأحسنُ: أن يقال بتعدُّد الواقعة لأبي سعيد مع غير واحد؛ لأنَّ في تعيين واحد من هؤلاء مع كون اتَّحاد الواقعة نظر لا يخفى. انتهى.
قال شيخنا: وفي تفسير الذي وَقَعَ في «الصحيح» بأنَّه الوليد، نظرٌ؛ لأنَّ فيه: أنَّه دخل على مروان، زاد الإسماعيلي: ومروان يومئذ على المدينة. انتهى قول الإسماعيلي.
قال شيخنا: ومروان إنَّما كان أميرًا على المدينة في خلافة معاوية، ولم يكن الوليد حينئذ بالمدينة؛ لأنَّه لما قُتِلَ عُثْمان تحوَّل إلى الجزيرة فسكنها حتَّى مات في خلافة معاوية، ولم يحضر شيئًا من الحروب الَّتي كانت بين علي ومن خالفه، وأيضًا فلم يكن الوليد يومئذ شابًّا، بل كان في عشر الخمسين، فلعلَّه كان فيه
فأقبل ابن الوليد بن عُقْبَة فيُتَّجَهُ، وجزم ابن الجَوْزي ومن تبعه: بأنَّه داود بن مروان، وفيه نظر؛ لأنَّ فيه: إنَّه من بني أبي معيط، وليس مروان من بنيه، بل أبو مُعَيط ابن عم والد مروان؛ لأنَّه أبو مُعَيط بن أبي عَمْرو بن أميَّة، ووالد مروان هو الحكم بن أبي العاص بن أميَّة، وليست أمُّ داود ولا أمُّ مروان ولا أمُّ الحكم من ولد أبي مُعَيط، فيحتمل أن يكون داود نسب إلى أبي مُعَيط من جهة الرضاعة، أو لكون جدِّه لأمِّه عُثْمان بن عفَّان كان أخًا للوليد بن عُقْبَة بن أبي مُعَيط لأمِّه فنُسب داود إليه مجازًا، وفيه والأقرب الواقعة تعدَّدت، وأيضًا فعبد الرحمن مخزومي ما له من أبي مُعَيط نسبةٌ، والله أعلم. انتهى.
قوله: (مُعَيْطٍ) -بضمِّ الميم وفتح العين المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخره طاء مهملة- تصغير أمعط، وهو الذي لا شعر عليه، فالأمعط والأمرط سواء، وأبو مُعَيط في قُرَيش، واسمه: أبان بن أبي عمر، وذكوان بن أميَّة الأكبر هو والد عُقْبَة بن أبي مُعَيط الذي قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم صبرًا.
قوله: (أَن يَجْتَازَ) بالجيم من الجواز.
قوله: (فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا) -بفتح الميم وبالغين المعجمة- أي طريقًا عليه المرور منها، يقال: ساغ الشراب في الحلق إذا نزل من غير الضَّرر، وساغ الشيء طابَ.
قوله: (مِنَ الأُوْلَى) أي من المرَّة الأولى، أو الدفعة الأولى.
قوله: (فَنَالَ مِنْ أَبي سَعِيدٍ) بالنُّون، أي أصاب من عِرضه بالشَّتم، وهو من النَّيل وهو الإصابة.
قوله: (ثُمَّ دَخَلَ عَلى مَرْوَانَ) وهو مروان بن الحكم -بفتح الكاف- الأموي أبو عبد الملك، يقال: إنَّه رأى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قاله الواقدي، ولم يحفظ عنه شيئًا، وتوفِّي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان سنين، مات بدمشق لثلاث خلون من رمضان سنة خمس وستين وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقد تقدَّم ذكره في باب البصاق والمخاط ونحوه في الثَّوب.
قوله: (فَقَالَ مَا لَكَ وَلِابنِ أَخِيْكَ) أي فقال مروان، فكلمة (مَا) مبتدأ، و (لَكَ) خبره، (وَلِابنِ أَخِيْكَ) عطف عليه بإعادة الخافض، وأطلق الأخوَّة باعتبار أنَّ المؤمنين إخوة، وفيه تأييد لقول من قال: إنَّ المارَّ بين يدي أبي سعيد الذي دفعه غير الوليد؛ لأنَّ أباه عُقْبَة قُتل كافرًا، واستدلَّ الرافعيُّ بهذه القصَّة على مشروعيَّة الدفع ولو لم يكن هناك مسلك غيره خلافًا لإمام الحرمين، ولابن الرِّفعة فيه بحث سنشير إليه في الحديث الذي بعده إن شاء الله تعالى، فإن قلت: لم يقل: ولأخيك، بحذف الابن. قال العَيني: نظرًا إلى إنَّه كان شابًّا أصغر منه.
قوله: (فَليَدْفَعْهُ) وفي رواية مسلم: ((فليدفع في نحره)). قال القُرْطُبي: أي بالإشارة ولطيف المنع.
قوله: (فَليُقاتِلْهُ) بكسر اللام الجازمة وبسكونها.
قوله: (فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ) هذا من باب التشبيه حُذف منه أداة التشبيه للمبالغة، أي إنَّما هو كشيطان، أو يُراد به شيطان الإنس، وإطلاق الشَّيطان على المارد من الإنس سائغ شائع، وقد جاء في القرآن قوله تعالى:{شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنَّ} [الأنعام: 211] وقال الخطَّابيُّ: معناه أنَّ الشَّيطان يحمله على ذلك ويحرِّكه إليه، وقد يكون أراد بالشَّيطان المارُّ بين يديه نفسه، وذلك أنَّ الشَّيطان هو المارد الخبيث من الجنِّ والإنس. وقال القُرْطُبي: ويحتمل أن يكون معناه الحامل له على ذلك الشيطانُ، يؤيِّده حديث ابن عُمَر عند مسلم: ((لا يدعْ أحدًا يمرُّ بينَ يدَيهِ، فإنْ
أَبى فليُقاتِلْهُ؛ فإنَّ مَعَهُ القَرِيْنَ))، وعند ابن ماجه:((فإنَّ مَعَهُ القَرِيْنَ))، وقال المُنْكَدِري:((فإنَّ مَعَهُ العُزَّى))، وقيل: معناه: إنَّما هو فعل الشَّيطان؛ لشغل قلب المصلِّي كما يخطر الشَّيطان بين المرء ونفسه.
وقال ابن بطَّال: في هذا الحديث جواز إطلاق لفظ الشَّيطان على من يفتن في الدِّين، وأنَّ الحكم للمعاني دون الأسماء؛ لاستحالة أن يصير المارُّ شيطانًا بمجرَّد مروره. قال شيخنا: وهذا مبنيٌّ على لفظ الشَّيطان، يُطلق حقيقة على الجنِّي ومجازًا على الإنسي، وفيه بحث واستنبط ابن أبي جمرة من قوله:(فإنَّما هو شَيْطَانٌ) أنَّ المراد بقوله: (فَلْيُقَاتِلْهُ) المدافعةُ اللطيفة، لا حقيقة القتال، قال: لأنَّ مقاتلة الشَّيطان إنَّما هي بالاستعاذة والتستر عنه بالتسمية ونحوها، وإنما جاز الفعل اليسير في الصَّلاة للضرورة، فلو قاتله حقيقة المقاتلة لكان أشدّ على صلاته من المارِّ، قال: وهل المقاتلة لخلل يقع في صلاة المصلِّي من المرور، أو لدفع الإثم عن المارِّ؟ الظَّاهر الثاني. انتهى. وقال غيره: بل الأوَّل أظهر؛ لأنَّ إقبال المصلِّي على صلاته أولى له من اشتغاله بدفع الإثم عن غيره، وقد روى ابن أبي شَيْبَة عن ابن مسعود:((أنَّ المرورَ بينَ يَدَي المصلِّي يَقطَع نِصفَ صَلاتِه))، وروى أبو نُعَيم عن عمر:((لَو يعلمُ المصلِّي ما ينقُصُ مِنْ صلاتِه بالمرورِ بينَ يَدَيهِ ما صلَّى إلَّا إلى شَيءٍ يَستُرهُ مِنَ الناسِ))، فهذان الأثران يقتضيان أن الدفع لخلل يتعلَّق بصلاة المصلِّي ولا يختص بالمارِّ، وهما وإن كانا موقوفين لفظًا فحكمهما حكم الرفع؛ لأنَّ مثلهما لا يقال بالرأي. انتهى.
قلت: وما المانع من أن يكون الدفع لخلل يقع في صلاته ولدفع الإثم عن المارِّ؟ لأنَّه ورد أنَّ عليه إثم كما ورد أنَّ المرور يقطع نصف الصَّلاة. انتهى.
فيه اتِّخاذ السترة للمصلِّي وزَعَمَ ابن العربيِّ أنَّ النَّاس اختلفوا في وجوب وضع السترة بين يدي المصلِّي على ثلاثة أقوال:
الأوَّل: إنَّه واجب، فإن لم يجد وضع خطًّا، وبه قال أحمد، كأنَّه اعتمد حديث ابن عُمَر الذي صححه الحاكم:((لا تصلُّوا إلَّا إلى سترةٍ، ولا تدعْ أحدًا يمرُّ بينَ يديكَ))، وعند أبي نُعَيم في كتاب «الصَّلاة» : حدَّثنا سُلَيمان - أظنُّه عن حُمَيْد بن هلال - قال عُمَر بن الخطَّاب: ((لو يعلمُ المصلِّي ما ينقصُ)) الحديثَ المتقدِّم.
الثاني: إنَّها مستحبَّة، ذهب إليه أبو حنيفة ومالك والشافعي.
والثالث: جواز تركها، روي ذلك عن مالك، قال العَيني: قال أصحابنا - أي الحنفيَّة -: الأصل في السترة إنَّها مستحبَّة، وقال إبراهيم النخعيُّ: كانوا يستحبُّون إذا صلَّوا في الفضاء أن يكون بين أيديهم ما يسترهم، وقال عطاء: لا بأس بترك السترة، وصلَّى القاسم وسالم في الصَّحراء إلى غير سترة، ذكر ذلك كلَّه ابن أبي شَيْبَة في «مصنَّفه» ، واعلم أنَّ الكلام في هذا على عشرة أنواع:
الأوَّل: أنَّ السترة واجبة أو لا، وقد مرَّ الكلام فيها الآن.
والثاني: مقدار موضع يكره المرور فيه قيل موضع سجوده، وهو اختيار شمس الأئمَّة السرخسي وشيخ الإسلام وقاضي خان، وقيل: مقدار صفَّين أو ثلاثة، وقيل: بثلاثة أذرع، وقيل: بخمسة أذرع، وقيل: بأربعين ذراعًا، وقدَّر الشَّافعي وأحمد بثلاثة أذرع، ولم يحدَّ مالك في ذلك حدًّا، إلَّا أنَّ ذلك بقدر ما يركع فيه ويسجد
ويتمكَّن من دفع من يمرُّ بين يديه.
والثالث: إنَّه يستحبُّ لمن يصلِّي في الصحراء أن يتخذ أمامه سترة، وروى أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إذا صلَّى أحدُكم فليجعلْ تلقاءَ وجهِهِ شيئًا، فإنْ لمْ يجدْ فلينصبْ عصًا، فإنْ لمْ يكنْ معهُ عصًا فليخطَّ خطًّا، ولا يضرُّه ما مرَّ أمامَه))، وخرَّجه ابن حبَّان في «صحيحه» ، وذكر عبد الحقِّ: أنَّ ابن المديني وأحمد بن حنبل صحَّحاه، وقال عياض: هذا الحديث ضعيف وإن كان قد أخذ به أحمد، وقال سُفْيان بن عيينة: لم نجد شيئًا نَشُدُّ به هذا الحديث. وكان إسماعيل بن أميَّة إذا حدَّث بهذا الحديث يقول: عندكم شيء تشدُّون به، وأشار الشَّافعي إلى ضعفه، وقال النَّوَوي: فيه ضعف واضطراب، وقال البَيْهَقي: ولا بأس به في مثل هذا الحكم.
الرابع: مقدار السترة قدر ذراع، وقد ذكرنا الكلام فيه مستوفى فيما مضى عن قريب.
الخامس: ينبغي أن تكون في غلظ الإصبع؛ لأنَّ ما دونه لا يبدو للناظر من بعيد.
السادس: يقرب من السترة، وقد مرَّ الكلام فيه مستوفى في باب سترة الإمام سترة لمن خلفه.
السابع: أن يجعل السترة على حاجبه الأيمن أو على الأيسر، وأخرج أبو داود من حديث المقداد بن الأسود قال:((ما رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يصلِّي إلى عودٍ ولا عمودٍ ولا شجرةٍ إلَّا جعلَهُ على حاجبِهِ الأيمنَ أو الأيسرَ ولا يصمدُ لهُ صمدًا)) يعني: لم يقصده قصدًا بالمواجهة، والصَّمْد: القصد في اللغة.
الثامن: أنَّ سترة الإمام سترة للقوم، وقد مرَّ الكلام فيه.
التاسع: ذكر أصحابنا - أي الحنفيَّة - أنَّ المعتبر الغرز دون الإلقاء والخطِّ؛ لأنَّ المقصود هو الدرء، فلا يحصل بالإلقاء ولا بالخطِّ، وفي «مبسوط» شيخ الإسلام: إنَّما يغرز إذا كانت الأرض رخوة، فأما إذا كانت صلبة لا يمكنه فيضع وضعًا؛ لأنَّ الوضع قد روي كما روي الغرز، لكن يضع طولًا لا عرضًا، وروى أبو عصمة عن محمَّد: إذا لم يجد سترة قال: لا يخطُّ بين يديه؛ فإنَّ الخطَّ وتركه سواء؛ لأنَّه لا يبدو للناظر من بعيد، وقال الشَّافعي بالعراق - أي في القول القديم-: إن لم يجد ما يغرز يخطُّ خطًّا طولًا، وبه أخذ بعض المتأخِّرين، وفي «المحيط» للحنفيَّة: الخطُّ ليس بشيء، وفي «الذخيرة» للقرافيِّ من المالكيَّة: الخطُّ باطل، وهو قول الجمهور، وجوَّزه أَشْهَب في «العتبية» وهو قول سعيد بن جُبَير والأوزاعيُّ والشافعيُّ بالعراق، ثمَّ قال بمصر - أي في القول الجديد -: لا يخطُّ، والمانعون أجابوا عن حديث أبي هريرة المذكور: إنَّه ضعيف، وقال عبد الحقِّ: ضعَّفه جماعة، وقال ابن حزم في «المحلَّى» : لم يصحَّ في الخطِّ شيء، ولا يجوز القول به.
العاشر: أنَّ السترة إذا كانت مغصوبة فهي معتبرة عندنا - أي الحنفيَّة - وعن أحمد: تبطل صلاته، ومثله الصَّلاة في الثَّوب المغصوب عنده. انتهى. قلت: وعند الشَّافعي تصحُّ الصَّلاة في الثَّوب والدَّار المغصوبين. انتهى.
وفيه: أنَّ الدرء، وهو دفع المارِّ بين يدي المصلِّي، هل هو واجبٌ أم نَدْبٌ؟ فقال النَّوَوي: هذا الأمر أعني قوله: (فَلْيَدْفَعْهُ) أمرُ نَدْبٍ
متأكّد، ولا أعلم أحدًا من الفقهاء أوجبه. قال العَيني: قال أهل الظَّاهر بوجوبه لظاهر الأمر، فكأن النَّوَوي ما اطلع على هذا، أو ما اعتدَّ بخلافهم.
وقال ابن بطَّال: اتفقوا على دفع المارِّ إذا صلَّى إلى سترة، فأمَّا إذا صلَّى إلى غير السترة فليس له؛ لأنَّ التصرف والمشي مباح لغيره في ذلك الموضع الذي يصلِّي فيه، فلم يستحق أن يمنعه إلَّا ما قام الدليل عليه، وهي السترة الَّتي وردت السنَّة بمنعها.
وفيه: إنَّه لا يجوز له المشي إليه من موضعه ليردَّه، وإنَّما يدافعه ويردُّه من موضعه؛ لأنَّ مفسدة المشي في الصَّلاة أعظم من مروره بين يديه، وإنَّما أبيح له قدر ما يناله من موقفه، وإنَّما يردُّه إذا كان بعيدًا منه بالإشارة والتَّسبيح ولا يجمع بينهما، وقال إمام الحرمين: لا ينتهي دفع المارِّ إلى منع محقق، بل يُومئ ويشير برفق في صدر من يمرُّ به. وفي «الكافي» للرُّويانيِّ: يدفعه ويصبر على ذلك وإن أدَّى إلى قتله، وقيل: يدفعه دفعًا شديدًا أشدّ من الدرء، ولا ينتهي إلى ما يفسد صلاته، وهذا هو المشهور عند مالك وأحمد، وقال أشهب في «المجموعة» : إن قرب منه درأه ولا ينازعه، فإن مشى له ونازعه لم تبطل صلاته، وإن تجاوزه لا يردُّه؛ لأنَّه مرور ثانٍ. وكذا رواه ابن القاسم من أصحاب مالك، وبه قال الشَّافعي وأحمد، وقال ابن مسعود وسالم: يردُّه من حيث جاء، وإذا مرَّ بين يديه ما لا تؤثر فيه الإشارة كالهرَّة قالت المالكية: دفعه برجله أو ألصقه إلى السُّترة.
وفيه: فإن أبى فليقاتله، قال عياض: أجمعوا على أنَّه لا يلزمه مقاتلته بالسلاح ولا بما يؤدِّي إلى هلاكه، فإن دفعه بما يجوز فهلك من ذلك فلا قَوَد عليه باتِّفاق العلماء، وهل تجب ديَّته أم يكون هدرًا؟ فيه مذهبان للعلماء، وهما قولان في مذهب مالك، قال ابن سُفْيان: عليه الدية في ماله كاملة، وقيل: هي على عاقلته، وقيل: هدر. ذكره ابن التِّين.
واختلفوا في معنى: (فَلْيُقَاتِلْهُ) والجمهور على أنَّ معناه: الدفع بالقهر، لا جواز القتل، والمقصود: المبالغة في كراهة المرور، وأطلق جماعة من الشافعيَّة: أنَّ له أن يقاتله حقيقةً، وردَّ ابن العربيِّ ذلك وقال: المراد بالمقاتلة المدافعة، وقال بعضهم: معنى (فَلْيُقَاتِلْهُ) : فليلعنه، قال الله تعالى:{قُتِلَ الخَرَّاصُوْنَ} [الذاريات: 10] أي لعنوا، وأنكره بعضهم، وقال ابن المنذر: يدفع في نحره أوَّل مرَّة، ويقاتله في الثانية وهي المدافعة وقيل: المقاتلة بعد الثالثة، وقيل: يؤاخذه على ذلك بعد إتمام الصَّلاة ويؤنِّبه، وقيل: يدفعه دفعًا أشدّ من الردِّ مُنْكِرًا عليه، وفي «التَّمهيد» : العمل القليل في الصَّلاة جائز، نحوَ قتل البرغوث، وحكِّ الجسد، وقتل العقرب بأخفِّ من الضرب، ما لم تكن المتابعة والطول والمشي إلى الفُرَج إذا كان ذلك قريبًا، ودرء المصلِّي، وهذا كلُّه ما لم يكثر، فإن كثر فسد، قلت: إذا قتل برغوثًا في صلاته بطلت إذا كان قتله على شيء من جسده أو ثيابه. انتهى.
وفيه: أنَّ المارَّ كالشَّيطان في إنَّه شغل قلبه عن مناجاة ربِّه.
وفيه: إنَّه يجوز أن يقال للرجل إذا