المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب رفع الصوت بالنداء) - مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط

[إبراهيم بن علي النعماني]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الحَرْبَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى العَنَزَةِ)

- ‌(بَابُ السُّترَةِ بِمَكَّةَ وَغَيرِهَا)

- ‌(بابُ الصَّلاة إِلى الأُسْطُوَانَةِ)

- ‌(بابُ: الصَّلاة بَينَ السَّواري في غَيرِ جَماعَةٍ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الرَّاحِلَةِ وَالبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلَى السَّرِيْرِ)

- ‌(بَابٌ يَرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَينَ يَدَيِهِ)

- ‌(بَابُ إِثمِ المَارِّ بَينَ يَدَي المُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الصَّلاة خَلْفَ النَّائِمِ)

- ‌(بَابُ التَّطَوُّعِ خَلْفَ المَرْأَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلاة شَيْءٌ)

- ‌(بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ)

- ‌(بَابٌ هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتِهِ عِندَ السُّجود لِكَي يَسْجُدَ)

- ‌(بابٌ المرأَةُ تَطْرَحُ عَنِ المُصَلِّي شَيئًا مِنَ الأَذَى)

- ‌كتابُ مواقيتِ الصَّلاةِ

- ‌(بابُ {مُنِيْبِيْنَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلاة وَلَا تَكُوْنُوا مِنَ المُشْرِكِينَ}

- ‌(بَابُ البَيْعَةِ عَلَى إِقامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابٌ الصَّلاة كَفَّارَةٌ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ الصَّلاة لَوَقْتِهَا)

- ‌(بَابٌ الصَّلوات الخَمْسُ كَفَّارَةٌ

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بَابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَابُ وقت الظُّهر عِنْدَ الزَّوَالِ)

- ‌(بَابُ تَأْخِيْرِ الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوْبِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ المَغْرِبِ)

- ‌(بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلمَغْرِبِ: العِشَاءَ)

- ‌(بَابُ ذِكْرِ العِشَاءِ وَالعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاس أَوْ تَأَخَّرُوا)

- ‌(بَابُ فَضْلِ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بَاب وَقْتِ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ

- ‌(بَاب وَقْتِ الفَجْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الفَجْرِ رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ الصَّلاة بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بَابُ لَا يُتَحَرَّى الصَّلاة قَبْلَ غُرُوْبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بَابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاة إلَّا بَعْدَ العَصْرِ وَالفَجْرِ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الصَّلوات الأُوْلَى فَالأُوْلَى)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌كِتَابُ الأَذَانِ

- ‌(بَابُ الأَذَانِ مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بَابُ الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ إلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوت بالنِّدَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُحْقَنُ بِالأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ ما يَقولُ إِذا سَمِعَ المنادِيَ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِندَ النّداءِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ الكَلَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعدَ الفَجْرِ)

- ‌ بَابُ الأَذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ

- ‌ بَابٌ: كَمْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَمَنْ يَنْتَظِرُ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابُ مَنِ انْتَظَرَ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابٌ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ

- ‌ بَابٌ: مَتَى يَقُومُ النَّاسُ، إِذَا رَأَوُا الْإِمَامَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ

- ‌ بَابٌ: هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا

- ‌ بَابُ الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ

- ‌ بَابُ الكَلَامِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ

- ‌(بَابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌باب فضل صلاة الجماعة

- ‌ بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ

- ‌ باب احتساب الآثار

- ‌ باب فضل صلاة العشاء في الجماعة

- ‌ باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد

- ‌ باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

- ‌ باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(بابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ وَالعِلَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يُصَلِّي الإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ

- ‌(بَابٌ: إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا دُعِيَ الإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ

- ‌(بَابٌ: أَهْلُ العِلْمِ وَالفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بَابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ، فَجَاءَ الإِمَامُ الأَوَّلُ، فَتَأَخَّرَ الأَوَّلُ

- ‌(بَابٌ: إِذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ)

- ‌(بَابُ إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بَابٌ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابٌ: مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ العَبْدِ وَالمَوْلَى)

- ‌(بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ)

- ‌(بَابٌ: يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بَابُ تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِي القِيَامِ، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ)

- ‌(بَابُ مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ)

- ‌(بَابُ إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا)

- ‌(بَابُ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابٌ: الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ

- ‌(بَابُ إِقْبَالِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ، عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌(بَابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بَابٌ: إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بَابُ إِلْزَاقِ المَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالقَدَمِ بِالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ، خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بابُ مَيمَنَةِ المسجِدِ وَالإِمامِ)

- ‌ باب صلاة الليل

الفصل: ‌(باب رفع الصوت بالنداء)

من حديث كثير بن مرَّة الحضرمي مرفوعًا: ((أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى مِنْ حلَلِ الجنَّة بعد النَّبِيين، عليهم السلام، وَالشُّهَدَاء: بِلَال وَصَالح المؤذنين)) وفي كتاب «شعب الإيمان» للبيهقيِّ من حديث أبي معاوية عن أبي يعيش السكوني عن عبادة بن نسَى يرفعه: ((مَنْ حَافَظَ عَلى النِّدَاءِ بِالأَذَانِ سَنَةً أَوْجَبَ الجنَّةَ)) وعند أبي أحمد بن عدي من حديث عُمَر بن حَفْص العبدي وهو متروك عن ثابت عن أنس: ((يد الله تعالى على رأس المؤذِّن حتَّى يفرغ من أذانه، وإنَّه ليغفر له مَدَّ صوته وأين بلغ))، زاد أبو الشيخ من حديث النعمان:((فإذا فرغ قال الربُّ تعالى: صدقت عبدي وشهدت شهادة الحق فأبشر))، وعند أبي الفَرَج:((يُحْشرُ المؤَذِّنون عَلى نُوقٍ من نُوقِ الجنَّة يخَافُ النَّاس وَلَا يخَافُونَ ويحزنُ النَّاس وَلَا يَحْزَنُونَ))، وعند أبي الشيخ من حديث أبي موسى:((يُبْعَثُ يَوْمُ الجُمُعَة زاهرًا مُنيرًا وَأهلُ الجنَّة مَحفوفونَ بِهِ كالعروسِ تُهدى إِلَى بَيتِ زَوجِهَا، لَا يُخالطُهُم إلَّا المؤذِّنونَ المحتسِبونَ)) وحديث جابر رضي الله عنه: ((قِيلَ: يا رَسُولَ الله، مَنْ أوَّل النَّاس دُخُولًا الجَنَّةِ؟ قال: الأَنبِياءُ، ثمَّ الشُّهَداءُ، ثمَّ مُؤَذِّنُو الكَعبَةِ، ثمَّ مُؤَذِّنُو بَيتِ المَقدِسِ، ثمَّ مُؤَذِّنُو مَسجِدِي هَذا، ثمَّ سائِرُ المُؤَذِّنِينَ)) سندهما صالح، وحديث أُبي بن كعب رضي الله عنه:((دَخَلْتُ الجنَّة فَرَأَيْتُ فِيهَا جنابذَ اللُّؤْلُؤ، فَقلتُ: لِمَنْ هَذَا يَا جِبْرِيل؟ قَالَ: لِلْمُؤذِّنينَ وَالأَئِمَّة منْ أُمَتِّكَ))، وقال أبو حاتم الرازي: هذا حديث منكر، وعند عبد الرزَّاق: من حديث عبد الرحمن بن سعيد بن عمَّار بن سعد المؤذِّن عن صفوان بن سليم عن أَنَس رفعه: ((إِذَا أُذِّنَ فِي قَرْيَةٍ أَمَّنَهَا اللَّهُ مِنْ عَذَابِهِ ذَلِكَ اليَوْمَ))، وعند السرَّاج بسند صحيح:((الإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ))، قال العَيني: ومن هذا أخذ الشَّافعي رضي الله عنه أنَّ الأذان أفضل من الإمامة، وعندنا الإمامة أفضل لأنَّها وظيفة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. انتهى.

وفيه: أنَّ السَّهو الذي يحصل للمصلِّي في صلاته من وسوسة الشيطان.

تنبيهان: أحدهما: فهم بعض السلف من الأذان في هذا الحديث الإتيان بصورة الأذان وإن لم توجد فيه شرائط الأذان من وقوعه في الوقت وغير ذلك، ففي مسلم من رواية سهيل عن أبي صالح عن أبيه إنَّه قال:((إِذَا سَمِعْتَ صَوْتًا فَنَادِ بِالصَّلَاةِ)) واستدلَّ بهذا الحديث، وروى مالك عن زيد بن أسلم نحوه.

الثاني: وردت في فضل الأذان أحاديث كثيرة، ذكر المُصَنِّف بعضها في مواضع أخرى، واقتصر على هذا هنا، لأنَّ الخبر تضمَّن فضلًا لا ينال بغير الأذان، بخلاف غيره من الأخبار فإن الثواب المذكور فيها يُدرك بأنواع أخرى من العبادات، والله أعلم.

(5)

(بابُ رَفْعِ الصَّوت بالنِّدَاءِ)

أي هذا باب في بيان رفع الصَّوت بالنداء، أي رفع المؤذِّن صوته بالأذان، قال ابن المنيِّر: لم ينص على حكم رفع الصَّوت لأنَّه من صفة الأذان، وهو لم ينصَّ في أصل الأذان على حكم، قال العَيني: هو في الحقيقة صفة المؤذِّن لا صفة

ص: 137

الأذان، ولا يحتاج إلى نصِّ الحكم ظاهرًا، لأنَّ حديث الباب يدلُّ على أنَّ المراد ثواب رفع الصوت، فيكون تقدير كلامه: باب في بيان ثواب رفع المؤذِّن صوته عند الأذان، كما ترجم النَّسائي باب الثواب على رفع الصَّوت بالأذان.

قوله: (وَقَالَ عُمَر بنُ عَبْدِ العَزِيزِ) قلت: هو الإمام العادل الأموي القرشي، ترجمته في كتاب الإيمان رضي الله عنه.

قوله: (أَذِّنْ أذانًا سَمْحًا وإلاِّ فاعْتَزِلْنَا) مطابقة الأثر للترجمة، ما قاله الداودي: لعلَّ هذا المؤذِّن لم يكن يحسن مدَّ الصَّوت إذا رفع بالأذان فعلَّمه، وليس إنَّه نهاه عن رفع الصوت، قال العَيني: كأنَّه كان يطرَّب في صوته ويتنغم، ولا ينظر إلى مدِّ الصَّوت مجرَّدًا عن ذلك، فأمره عُمَر بن عبد العزيز بالسماحة وهي السهولة، وهي أن يسمح بترك التطريب، ويمدُّ صوته، ويدلُّ على ذلك ما رواه الدَّارَقُطْني، بسندٍ فيه لين، قال شيخنا: وفيه إِسْحاق بن أبي يحيى الكعبي، وهو ضعيف عند الدَّارَقُطْني، وابن عدي، وقال ابن حبَّان: لا تحلُّ الرواية عنه، ثمَّ غفل فذكره في الثقات من حديث ابن عبَّاس (أنه عليه السلام كان له مؤذِّن يطرب، فقال له عليه السلام: المؤَذِّنُ سَهْلٌ سَمْحٌ، فَإِنْ كَانَ أَذَانُكَ سَهْلًا سَمْحًا وَإِلا فَلا تُؤَذِّنْ) قال العَيني: ويحتمل أن هذا المؤذِّن لم يكن يفصح في كلامه ويغمغم، فأمره بالسماحة في أذانه، وهي ترك الغمغمة بإظهار الفصاحة، وهذا لا يكون إلَّا بمدِّ الصَّوت بحدَّة، وروى مجاشع عن هارون بن محمَّد عن نافع عن ابن عمر:(قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يُؤَذِّنُ لَكُمْ إلَّا فَصِيْحٌ) وقال ابن عدي: هارون هذا لا يعرف، قال شيخنا: هذا التعليق وصله ابن أبي شَيْبَة من طريق سعيد بن أبي حسن، أي عن وكيع عن سُفْيان عن عُمَر بن سعيد:(أنَّ مُؤَذِّنًا أذَّنَ فَطَرَّبَ في أذانِهِ، فقالَ لَهُ عُمَر بن عبد العزيز: أذِّن أذانًا سمحًا وإلَّا فاعتزْلنا)، ولم أقف على اسم هذا المؤذِّن، وأظنُّه من بني سعد القَرَظ، لأن ذاك وَقَعَ حيث كان عُمَر بن عبد العزيز أميرًا على المدينة، والظاهر إنَّه خاف عليه من التطريب الخروج عن الخشوع، لا إنَّه نهاه عن رفع الصوت. انتهى.

قوله: (أَذِّنْ) بلفظ الأمر من الفعل، وهو خطاب لمؤذِّنه.

قوله: (سَمْحًا) أي سهلًا بلا نغمات وتطريب.

قوله: (فاعْتَزِلْنَا) أي فاترك منصب الأذان.

609 -

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ) أي التِّنِّيسي، ترجمته في كتاب الوحي.

قوله: (قَالَ: أَنْبَأَنَا مَالِكٌ) أي ابن أَنَس ترجمته فيه أيضًا.

قوله: (عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ أبي صَعْصَعَةَ الأنْصَارِيِّ ثمَّ المَازِنِيِّ) صعصعة بالمهملات المفتوحات، إلَّا العين الأولى فإنها ساكنة، والمازني بالزاي والنون، مات في خلافة أبي جعفر، ومنهم من ينسبه إلى جدِّه، واسم أبي صَعصَعة: عَمْرو بن زيد بن عَوْف بن مبذول بن عَمْرو بن غَنْم بن مازن بن النجَّار، مات أبو صَعصَعة في الجاهليَّة وابنه عبد الرحمن صحابي، روى ابن شاهين في «الصحابة» ، من طريق قَيْس بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صَعصَعة عن أبيه عن جدِّه حديثًا سمعه من النَّبِيِّ صلَّى الله عليه

ص: 137

وسلَّم، وفي سياقه أنَّ جدَّه كان بدريًّا، قال شيخنا: وفيه نظر لأنَ أصحاب المغازي لم يذكروه فيهم، وإنما ذكروا أخاه قَيْس بن أبي صَعصَعة. انتهى.

قوله: (عَنْ أَبِيهِ) أي عبد الله بن عبد الرحمن، زاد ابن عُيَيْنَة: وكان يتيمًا في حجر أبي سعيد، وكانت أمُّه عند أبي سعيد، أخرجه ابن خُزَيمَة من طريقه، لكن قلبه ابن عُيَيْنَة فقال: عن عبد الرحمن بن عبد الله، والصحيح قول مالك، ووافقه عبد العزيز بن الماجِشُون، وزَعَمَ ابن مسعود في «الأطراف» : أن البخاري أخرج روايته، لكن لم نجد ذلك، ولا ذكرها خلف قاله ابن عساكر.

قوله: (أنَّهُ أخْبَرَهُ أنَّ أَبَا سعِيدٍ الخُدْري رضي الله عنه قَالَ لَهُ) أي سعيد بن مالك، ترجمته في باب من الدين الفرار من الفتن.

في هذا الإسناد: التَّحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، والإخبار كذلك في موضع واحد، وبصيغة الإفراد في موضع واحد. وفيه العنعنة في موضعين. وفيه السماع. وفيه أنَّ عبد الرحمن من أفراد البخاري، وفيه أنَّ رواته مدنيُّون ما خلا شيخ البخاري.

قوله: (إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ -أَوْ بَادِيَتِكَ- فَأَذَّنْتَ للصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا أَنَس وَلَا شَيْءٌ إلَّا يَشهَدُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وقَالَ أبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ منْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم.

مطابقته للترجمة في قوله: (فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ). هذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في ذكر الجنِّ عن قُتَيْبَة، وفي التوحيد عن إسماعيل وعن أبي نُعَيم عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجِشُون عن عبد الرحمن بن أبي صَعصَعة عن أبيه به، ذكره خلف وحده، وقال أبو القاسم: لم أجده ولا ذكره أبو مسعود، وأخرجه النَّسائي في الصَّلاة عن محمَّد بن سلمة عن أبي القاسم عن مالك به، وأخرجه ابن ماجَهْ فيه عن محمَّد بن الصبَّاح عن سُفْيان بن عُيَيْنَة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صَعصَعة عن أبيه عن أبي سعيد به، كذا يقول سُفْيان.

قوله: (قَالَ لَهُ) أي قال أبو سعيد لعبد الله بن عبد الرحمن.

قوله: (تُحِبُّ الغَنَمَ والبَادِيَةَ) أي لأجل الغنم، لأن محبَّها يحتاج إلى إصلاحها بالمرعى، وهو في الغالب يكون في البادية، وهي الصحراء الَّتي لا عمارة فيها.

قوله: (فَإذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ) أي بين غنمك، وكلمة:(في)، تأتي بمعنى بين، كما في قوله:{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29]. وفي «المخصص» : الغنم جمع لا واحد له من لفظه. وقال أبو حاتم: وهي أنثى. وعن صاحب العين» : الجمع أغنام وأغانم وغنوم، وفي «المحكم» : ثنُّوه فقالوا: غنمان، وفي «الجامع» : هو اسم لجمع الضأن والمعز، وفي «الصحاح» : موضوع للجنس يقع على الذكور والإناث وعليهما جميعًا.

قوله: (أوْ بَادِيَتِكَ) كلمة: أو، هنا تحتمل أن تكون للشكِّ من الراوي، أو تكون للتنويع، لأنَّه قد يكون في غنم بلا بادية، وقد يكون في بادية بلا غنم، وقد يكون فيهما معًا. وقد لا يكون فيهما معًا، وعلى كلِّ حال لا يترك الأذان.

قوله: (فَأَذَّنْتَ لِلصَّلَاةِ) أي لأجل الصَّلاة، وفي رواية للبخاري في بدء الخلق: بالصلاة، والباء للسببيَّة ومعناهما قريب، أي أعلمت

ص: 138

بوقتها.

قوله: (فارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ) أي الأذان، قال شيخنا: فيه إشعار بأن أذان من أراد الصَّلاة كان مقررًا عندهم لاقتصاره على الأمر بالرفع دون أصل التأذين.

قوله: (فإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤذِّنٌّ) أي لا يسمع غاية صوته. قال التُّوْرِبِشْتي: إنَّما ورد البيان على الغاية مع وصول الكفاية بقوله: (لا يسمع صوت المؤذِّن)، تنبيهًا على أن آخر من ينتهي إليه صوته يشهد له كما يشهد له الأولون. وقال القاضي البَيْضاوي: غاية الصَّوت يكون أخفى لا محالة، فإذا شهد له من بعد عنه ووصل إليه همس صوته، فلأنَّ يشهد له من هو أدنى وسمع مبادي صوته أولى.

قوله: (جِنٌّ ولَا أَنَس ولَا شَيْءٌ) ظاهره يشمل الحيوانات والجمادات، فهو من العامِّ بعد الخاصِّ، ويؤيِّده ما في رواية ابن خزيمة:((لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ شَجَرةٌ وَلَا مَدَرٌ وَلَا حَجَرٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ)) وله ولأبي داود والنَّسائي من طريق أبي يحيى عن أبي هريرة بلفظ: ((المُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ)) ونحوه للنسائيِّ، وغيره من حديث البراء، وصححه ابن السكن، فهذه الأحاديث تُبيِّن المراد من قوله في حديث الباب:(وَلَا شَيْءٌ) وقد تكلَّم بعض من لم يطلع عليها في تأويله على ما يقتضيه ظاهره، قال القُرْطُبي: قوله: (وَلَا شَيْءٌ) المراد به الملائكة. وتعقِّب بأنهم دخلوا في قوله: (جِنٌّ) لأنَّهم يستخفون عن الأبصار، وقال غيره: المراد كلُّ ما يسمع المؤذِّن من الحيوانات حتَّى ما لا يعقل دون الجمادات. ومنهم من حمله على ظاهره، وذلك غير ممتنع عقلًا ولا شرعًا. قال ابن بزيزة: تقرر في العادة أن السماع والشهادة والتسبيح لا يكون إلَّا من حيٍّ، فهل ذلك حكاية عن لسان الحال لأنَّ الموجودات ناطقة بلسان حالها بجلال بارئها، أو هو على ظاهره؟ وغير ممتنع عقلًا أن الله يخلق فيها الحياة والكلام. انتهى. وقد تقدَّم البحث في ذلك في قول النَّار:(أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا) وسيأتي في الحديث الذي فيه أن البقرة قالت: (إِنَّمَا خُلِقْنا لِلْحَرْثِ) وفي مسلم من حديث جابر بن سَمُرَة مرفوعًا: ((إِنّي لأَعْرِفُ حَجَرًا كَانَ يُسَلّمُ عَلَيّ)).

ونقل ابن التِّين عن أبي عبد الملك: إنَّ قوله هنا: ((وَلَا شَيْءٌ)) نظير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] وتعقَّبه بأن الآية مختلف فيها، قال شيخنا: وما عرفت وجه هذا التعقُّب، فإنهما سواء في الاحتمال ونقل الاختلاف، إلَّا أن يقول إنَّ الآية لم يختلف في كونها على عمومها، وإنما اختلف في تسبيح بعض الأشياء هل هو على الحقيقة أو المجاز بخلاف الحديث. والله أعلم. انتهى.

قوله: (إلَّا شَهِدَ لَهُ) وفي رواية الكُشْمِيهَني: <إلَّا يَشْهَدُ لَهُ>، أي بلفظ المضارع، وتوجيههما واضح.

قال شيخنا: السِّرُّ في هذه الشَّهادة مع إنَّها تقع عند عالم الغيب والشهادة، أن أحكام الآخرة جرت على نعت أحكام الخلق في الدُّنْيا من توجيه الدعوى والجواب والشهادة، قاله الزَّين بن المنيِّر: وقال التُّوْرِبِشْتي: المراد من هذه الشَّهادة اشتهار المشهود له يوم القيامة بالفضل وعلو الدرجة، كما أن الله يفضح بالشهادة قومًا فكذلك يكرِّم بالشهادة آخرين.

قوله: (وَقَالَ أبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ منْ رَسُولِ اللهِ

ص: 138