الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوعيد الشديد في الترك. انتهى. قلتُ: ويُحتمل أن ضرب عمر وبلال ليس بتعزير وإنما هو ضربٌ خفيف يُشيرانِ به إلى تعليم الجاهل وتذكيرِ الناسي والله أعلم.
قوله: (أَنَّهُ قَدِمَ المَدِينَةَ) أي: من بَصْرَةَ.
قوله: (مَا أَنْكَرْتَ) أي: أَيُّ شيءٍ أنكرتَ (مِنَّا مُنْذُ يَوْمِ عَهِدْتَ)؟ وقد علمتَ أنَّ: منذَ ومُذْ حرفا جرٍّ وهو الصحيح، وقيل: اسمان مضافان، فبمعنى: مِن، يكون إن كان الزمان ماضياً، وبمعنى: في، إن كان حاضراً، وبمعنى: مِن وإلى جميعاً، إن كان معدوداً نحو: ما رأيتُه منذ يومِ الخميس أو منذ يومِنا أو عامِنا أو منذ ثلاثةِ أيام، والمعنى ههنا: ما أنكرتَ مِنَّا مِن يوم عهدتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ وقد وقع هكذا أي (مَا أَنْكَرْتَ مِنَّا) بزيادة لفظ: (مِنَّا) في رواية المستملي والكُشْمِيهَنِي، وفي رواية غيرهما: (مَا أَنْكَرْتَ مُنْذُ يَوْمِ
…
).
قوله: (مَا أَنْكَرْتُ شَيْئًا
…
) إلى آخره، يدل على أن إنكاره على ترك الواجب أو السنة المذكورة
(1)
، فلذلك بوب البخاري بالترجمة المذكورة. قاله العيني.
قوله: (وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عُبَيْدٍ) أي بضم العين المهملة وسكون القاف، أبو الرَّحَّال بفتح الراء وتشديد الحاء المهملة، أخو سعيد بن عبيد راوي الإسناد الذي قبلَه، وليس للبخاري عن عقبة هذا إلا هذا المعلَّق.
قوله: (عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ) أي بضم الموحدة وفتح الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف، ترجمته في باب من مضمضَ من السُّويق ولم يتوضأ.
قوله: (قَدِمَ عَلَيْنَا أَنَسٌ المَدِينَةَ بِهَذَا) قد وصل هذا المعلق أبو نعيم الحافظ عن أبي بكر بن مالك عن عبد الله بن أحمد عن أبيه قال: حدثنا أبو معاوية ويحيى بن سعيد، قالا: حدثنا عقبة بن عبيد الطائي فذكره، ووصله أحمد أيضاً في «مسنده» عن يحيى القطان عن عقبة بن عبيد الطائي، حدثني بشير بن يسار، قال: جاء أنس إلى المدينة فقلنا: ما أنكرتَ مِنَّا من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما أنكرتُ منكم شيئا غير أنكم لا تقيمون الصفوف.
تنبيه: هذه المقدمة غير المقدمة
(2)
التي تقدم ذكرها في باب وقت العصر، فإنَّ ظاهر الحديث فيها أنه أنكر تأخير الظهر إلى أول وقت العصر، وهذا الإنكارُ أيضاً غيرُ الإنكار الذي تقدم ذكره في باب تضييع الصلاة عن وقتها حيث قال: لا أعرف شيئاً مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا الصلاة وقد ضُيِّعَت، فإنَّ ذاك كان بالشام وهذا بالمدينة، وهذا يدل على أن أهل المدينة كانوا من ذلك الزمان أشدَّ من غيرهم في التمسك بالسنن.
فإن قلتَ: ما فائدة ذكر هذا المعلَّق وما الفرق بين الطريقين؟ فالجواب عن الأول: أن البخاري أراد بذكر الطريق الثاني بيان سماع بشير بن يسار عن أنس، وعن الثاني: أنه في الأول روى عن أنس، وفي الثاني ما روى عنه، بل شاهدَ بنفسه الحال.
(76)
(بَابُ إِلْزَاقِ المَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالقَدَمِ بِالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)
أي هذا بابٌ في بيان إلصاق المنكب بالمنكب
…
إلى آخره، وأشار بهذا إلى المبالغة في تعديل الصفوف وسدِّ الخلل فيه.
وقد وردَ أحاديث كثيرة في ذلك: منها: ما رواه أبو داود من حديث محمد بن مسلم بن السائب صاحب «المقصورة» قال: صليتُ إلى جنب أنس بن مالك يوماً فقال: هل تدري لم صُنِع هذا العودُ؟ فقال: لا والله. قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
كذا في (الأصل) : ((المذكورة)) ولعل الأقرب ((المؤكدة)) كما في عمدة القاري.
(2)
كلمة: ((غير المقدمة)) ساقطة في (الأصل) : والسياق يقتضيها والاستدراك من فتح الباري.
يضع يده عليه فيقول: ((استووا واعدِلوا صفوفكم)). ثم قال: حدثنا مسدد حدثنا حميد بن الأسود حدثنا مصعب بن ثابت عن محمد بن مسلم عن أنس بن مالك بهذا الحديث قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة أخذه بيمينه ثم التفت فقال: ((اعتدلوا سوُّوا صفوفكم)). وفي لفظٍ: ((رُصُّوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا الأعناق))، الحديث. وفي لفظٍ:((أتموا الصف المقدَّم ثم الذي يليه، فما كان من نقصٍ فليكُن في الصف المؤخر)).
ومنها: ما رواه ابن حبان في «صحيحه» : عن البراء بن عازب: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصفَّ مِن ناحية إلى ناحيةٍ يمسحُ صدورنا ومناكبَنا ويقول: ((لا تختلفوا فتختلفَ قلوبكم))، وفي لفظ: فيمسح عواتِقَنا وصدورَنا، وعند السراج: مناكبَنا أو صدورَنا، وفي لفظٍ: كان يأتي من ناحية الصف إلى ناحيته القصوى يُسَوِّي بين صدور القوم ومناكبِهم، وفي لفظ: يمسحُ عواتقنا - أو قال: مناكبَنا، أو قال: صدورَنا - ويقول: ((لا تختلفَ صدورُكم فتختلفَ قلوبُكم)).
ومنها: ما رواه مسلم من حديث أبي مسعود: كان يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: ((استووا ولا تختلفوا فتختلفَ قلوبُكم)) الحديث.
ومنها: ما رواه أبو داود حدثنا عيسى بن ابراهيم الغافقي حدثنا ابن وهب وحدثنا قتيبة حدثنا الليث، وحديثُ ابن وهب أتمُّ عن معاوية بن صالح عن أبى الزاهرِيَّة عن أبي شجرة لم يذكر ابنُ عمر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((أقيموا الصفوف وحاذُوا بين المناكب وسُدُّوا الخللَ، ولِينُوا بأيدي إخوانكم - لم يقل عيسى: بأيدي إخوانكم -، ولا تَذَرُوا الفُرُجَات للشيطان، ومَن وصل صفًّا وصله الله، ومن قطع صفًّا قطعه الله)). قال العيني: ابنُ وهبٍ هو عبد الله بن وهب وأبو الزَّاهِرية: حُدَيْر بن كُرَيب، بضم الحاء المهملة، وأبو شَجَرة: هو كَثير بن مُرَّة. انتهى.
قال شيخنا: أجمع الأحاديث في هذا حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند أبي داود وصححه ابن خزيمة والحاكم، ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسُدُّوا الخلل ولا تذروا فرجات للشيطان، ومَن وصل صفًّا وصله الله، ومَن قطع صفًّا قطعه الله)). انتهى.
قوله: ((ولينوا بأيدي إخوانكم)) قال أبو داود: معناه: إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخُل فيه فينبغي أن يُلين له كل رجل مَنكِبَه حتى يدخل في الصف.
قوله: ((ولا تذروا)) أي: لا تتركوا.
قوله: (وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ) أي ابن سعد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي أبو عبد الله المدني صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن صاحبه، وهو أول مولود وُلِد في الأنصار بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال يحيى بن معين: أهل المدينة يقولون: لم يَسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهلُ العراق يصححون سماعه منه، قتل بين دمشق وحِمص يوم راهط، وكان زُبيرِيًّا. وعن أبي مسهر: كان عاملاً على حمص لابن الزبير، فلما تَمَرْوَنَ أهلُ حِمص خرج هاربًا فاتبعه خالد بن خَلِيٍّ فقتله، وقيل: قتل في سنة ست وستين بسَلَمِيَّة رضي الله عنه. قلت: تقدمت ترجمته في كتابِ الإيمان في باب من استبرأ. وقد أعاد العيني من ترجمته هنا. انتهى.
قوله: (رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ) هذا التعليق طرف من حديث رواه أبو