المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب: إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم) - مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط

[إبراهيم بن علي النعماني]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الحَرْبَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى العَنَزَةِ)

- ‌(بَابُ السُّترَةِ بِمَكَّةَ وَغَيرِهَا)

- ‌(بابُ الصَّلاة إِلى الأُسْطُوَانَةِ)

- ‌(بابُ: الصَّلاة بَينَ السَّواري في غَيرِ جَماعَةٍ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الرَّاحِلَةِ وَالبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلَى السَّرِيْرِ)

- ‌(بَابٌ يَرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَينَ يَدَيِهِ)

- ‌(بَابُ إِثمِ المَارِّ بَينَ يَدَي المُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الصَّلاة خَلْفَ النَّائِمِ)

- ‌(بَابُ التَّطَوُّعِ خَلْفَ المَرْأَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلاة شَيْءٌ)

- ‌(بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ)

- ‌(بَابٌ هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتِهِ عِندَ السُّجود لِكَي يَسْجُدَ)

- ‌(بابٌ المرأَةُ تَطْرَحُ عَنِ المُصَلِّي شَيئًا مِنَ الأَذَى)

- ‌كتابُ مواقيتِ الصَّلاةِ

- ‌(بابُ {مُنِيْبِيْنَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلاة وَلَا تَكُوْنُوا مِنَ المُشْرِكِينَ}

- ‌(بَابُ البَيْعَةِ عَلَى إِقامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابٌ الصَّلاة كَفَّارَةٌ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ الصَّلاة لَوَقْتِهَا)

- ‌(بَابٌ الصَّلوات الخَمْسُ كَفَّارَةٌ

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بَابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَابُ وقت الظُّهر عِنْدَ الزَّوَالِ)

- ‌(بَابُ تَأْخِيْرِ الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوْبِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ المَغْرِبِ)

- ‌(بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلمَغْرِبِ: العِشَاءَ)

- ‌(بَابُ ذِكْرِ العِشَاءِ وَالعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاس أَوْ تَأَخَّرُوا)

- ‌(بَابُ فَضْلِ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بَاب وَقْتِ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ

- ‌(بَاب وَقْتِ الفَجْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الفَجْرِ رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ الصَّلاة بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بَابُ لَا يُتَحَرَّى الصَّلاة قَبْلَ غُرُوْبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بَابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاة إلَّا بَعْدَ العَصْرِ وَالفَجْرِ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الصَّلوات الأُوْلَى فَالأُوْلَى)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌كِتَابُ الأَذَانِ

- ‌(بَابُ الأَذَانِ مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بَابُ الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ إلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوت بالنِّدَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُحْقَنُ بِالأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ ما يَقولُ إِذا سَمِعَ المنادِيَ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِندَ النّداءِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ الكَلَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعدَ الفَجْرِ)

- ‌ بَابُ الأَذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ

- ‌ بَابٌ: كَمْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَمَنْ يَنْتَظِرُ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابُ مَنِ انْتَظَرَ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابٌ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ

- ‌ بَابٌ: مَتَى يَقُومُ النَّاسُ، إِذَا رَأَوُا الْإِمَامَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ

- ‌ بَابٌ: هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا

- ‌ بَابُ الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ

- ‌ بَابُ الكَلَامِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ

- ‌(بَابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌باب فضل صلاة الجماعة

- ‌ بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ

- ‌ باب احتساب الآثار

- ‌ باب فضل صلاة العشاء في الجماعة

- ‌ باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد

- ‌ باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

- ‌ باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(بابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ وَالعِلَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يُصَلِّي الإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ

- ‌(بَابٌ: إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا دُعِيَ الإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ

- ‌(بَابٌ: أَهْلُ العِلْمِ وَالفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بَابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ، فَجَاءَ الإِمَامُ الأَوَّلُ، فَتَأَخَّرَ الأَوَّلُ

- ‌(بَابٌ: إِذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ)

- ‌(بَابُ إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بَابٌ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابٌ: مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ العَبْدِ وَالمَوْلَى)

- ‌(بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ)

- ‌(بَابٌ: يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بَابُ تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِي القِيَامِ، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ)

- ‌(بَابُ مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ)

- ‌(بَابُ إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا)

- ‌(بَابُ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابٌ: الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ

- ‌(بَابُ إِقْبَالِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ، عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌(بَابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بَابٌ: إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بَابُ إِلْزَاقِ المَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالقَدَمِ بِالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ، خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بابُ مَيمَنَةِ المسجِدِ وَالإِمامِ)

- ‌ باب صلاة الليل

الفصل: ‌(باب: إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم)

أول الوقت متقدم على انتظار الإمامِ الأفضلِ.

وفيه: أن المؤذن هو الذي يقيم وهذا السنة، فإن أقام غيرُه كان خلاف السنة. قيل: يعتد بإذنه عند الجمهور. قال العيني: وبغير إذنه أيضا يُعتَدُّ به، وإذا أقام غير المؤذن أيضاً يُعتَدُّ عندنا، لقوله عليه السلام لعبد الله بن زيد حين رأى الأذان:((ألقها على بلال فإنه أمدُّ صوتاً منك، وأقم أنت)). وقولُه عليه السلام: ((مَن أذَّن فهو يقيمُ)) كان في حق زياد بن الحارث الصُّدائي، وكان حديث العهد بالإسلام، أمره به لئلا يدخلَه الوحشةُ.

وفيه: جواز التسبيح والحمد في الصلاة لأنه من ذكر الله، ولو كان مرادُ المسبِّحِ إعلامُ غيره بما صدر منه، وسيأتي في باب مفرد.

وفيه: رفع الأيدي في الصلاة عند الدعاء والثناء وسيأتي كذلك.

وفيه: استحبابُ حمد الله لمن تجددتْ له نعمةٌ ولو كان في الصلاة. وأما إذا قال: الحمد لله، وأراد الجواب اختلف المشايخ في فساد صلاته. وفي «المحيط» : لو حمد الله العاطسُ في نفسه ولا يحرك لسانه عن أبي حنيفة لا تفسد، فلو حرك يفسد. وفي «فتاوى العتَّابي» : لو قال السامع: الحمد لله على رجاء الثواب من غير إرادة الجواب لا تفسد، وإذا فتح على إمامه لا تفسد، وعلى غيره تفسد. وقال ابن قدامة: قال أبو حنيفة: إن فتح على إمامه بطلت صلاته قال العيني: هذا غير صحيح. انتهى. ومذهبُ مالك والشافعي: إذا سبح لأعمى خوفَ أن يقع في بئرٍ أو دابةٍ أو حيةٍ أنه جائز.

وفيه: جواز الالتفات للحاجة، وأن مخاطبة المصلي بالإشارة أَوْلَى من مخاطبته بالعِبارة، وأنها تقوم مَقام النطق لمعاتبة النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر على مخالفة إشارته، قاله ابن عبد البر

(1)

، وجمهور الفقهاء على أن الالتفات لا يفسد الصلاة إذا كان يسيراً. قال العيني: هذا إذا كان لحاجة، لما رَوَى سهلُ بن الحنظلية من حديث فيه: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشِّعبِ. وقال أبو داود: كان أَرسَلَ فارساً إلى الشِّعْبِ يحرس. وقال الحاكم: سنده صحيح، وأما إذا كان لا لحاجة فإنه يكره، لما رُوي عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال الله تعالى مقبلاً على العبد وهو في صلاتِه ما لم يلتفتْ، فإذا التفَتَ انصرفَ عنه)). وعند ابن خزيمة عن ابن عباس: كان عليه السلام يلتَفِتُ يميناً وشِمالًا ولا يَلوي عنقه خلفَ ظهرِه. وعند ابن خزيمة عن علي بن شيبان - وكان أحد الوفد - قال: صليتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلَمَحَ بمؤخَّر عينه إلى رجل لا يقيم صلبَه في الركوع ولا في السجود. فإن قلتَ: روى أبو داود: ((لا صلاة لملتفت)) قال العيني: ضعَّفَه ابن القطان وغيرُه.

وفيه: جواز شقِّ الصفوفِ والمشيِ بين المصلين لقصد الوصول إلى الصف الأول، لكنَّه مقصور على من يليق ذلك به كالإمام، أو من كان بصدد أن يحتاج الإمام إلى استخلافه، أو من أراد سد فُرجة في الصف الأول أو ما يليه مع ترْكِ من يليه سدَّها، ولا يكون ذلك معدوداً من الأذى. قال المهلب: ولا تعارض بين هذا وبين النهي عن التخطي لأن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

في (الأصل) : ((قال)) وبعده بياض، والمثبت من عمدة القاري.

ص: 235

ليس كغيره في أمر الصلاة ولا غيرِها، لأن له أن يتقدم بسبب ما ينزل عليه من الأحكام. وأطال في تقرير ذلك، وتُعُقِّبَ بأن هذا ليس من الخصائص، وقد أشار هو إلى المعتمد في ذلك فقال: ليس في ذلك شيء من الأذى والجفاء الذي يقع في التخطي، وليس كمن شق الصفوفَ والناسُ جلوسٌ لما فيه من تخطي رقابهم. انتهى.

وفيه: الحمد والشكر على الوجاهة في الدِّين، وأن من أُكرِم بكرامةُ يتخَيَّر بين الَقبول والترك إذا فَهم أن ذلك الأمر على غير جهة اللزوم، وكأنَّ القرينة التي بيَّنَت لأبي بكرٍ ذلك هي كونه صلى الله عليه وسلم شقَّ الصفوف إلى أن انتهى إليه فكأنه فهم من ذلك أن مراده أنَّ يؤمَّ الناسَ وأنَّ أمره إياه بالاستمرار في الإمامة من باب الإكرام له والتنويهِ بقدْره فسلك هو طريقَ الأدب والتواضع ورجَّح ذلك عنده احتمالُ نزول الوحي في حالة الصلاة لتغيير حكمٍ من أحكامها، وكان لأجل هذا لم يَتَعَقَّبْ عليه السلام اعتذارَه بِرَدٍّ عليه.

وفيه: جوازُ إمامة المفضولِ للفاضلِ. وفيه: سؤال الرئيس عن سببِ مخالفة أمرِه قبل الزجر عن ذلك. وفيه: إكرامُ

(1)

الكبير بمخاطبته بالكنية، و [اعتماد]

(2)

ذكر الرجل لنفسه بما يُشعر بالتواضع من جهة استعمال أبي بكر خطاب الغيبة مكان الحضور إذْ كان حَدُّ الكلام أن يقول أبو بكر: ما كان لي. فعَدَل عنه إلى قوله: ما كان لابن أبي قحافة، لأنه أَدَلُّ على التواضع من الأول.

وفيه: جواز العمل القليل في الصلاة، لتأخُّرِ أبي بكر عن مَقامه إلى الصف الذي يليه، وأَنَّ مَن احتاج إلى مثل ذلك يرجِع القَهقَرى ولا يستدبر

(3)

القبلة ولا ينحرف عنها، واستنبط ابن عبد البر منه جواز الفتح على الإمام لأن التسبيح إذا جاز جازت التلاوة من باب الأولى.

وفيه: أن المصلي إذا نابه شيء فليسبح، أي فليقل: سبحان الله. وعن مالك: المرأةُ تُسَبِّح كالرجل، لأن كلمة (مَنْ) في الحديث تقع على الذكور والإناث. قال: والتصفيقُ منسوخٌ بقوله: (مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيُسَبِّحْ)، وأنكره بعضهم وقال: أنه لا يُختَلَف أن أول الحديث لا يَنسخ آخره، ومذهب الشافعي والأوزاعي تخصيصُ النساء بالتصفيق، وهو ظاهرُ الحديث، وفي «سنن أبي داود» :((إذا نابَكُم شيءٌ في صلاة فلْيسبِّح الرجالُ ولْيصفح النساء)).

(49)

(بَابٌ: إِذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ)

أي هذا باب ترجمته: إذا استووا

إلى آخره، يعني إذا استوت الحاضرون للصلاة في القراءة فليؤمهم من كان أكبر السن منهم.

قال شيخنا: هذه الترجمة مع ما سأبيِّنُه من زيادةٍ في بعض طرق حديث الباب منتَزعة من حديثٍ أخرجه مسلم من رواية أبي مسعود الأنصاري مرفوعاً: ((يؤم القومَ أقرؤُهم لكتاب الله فإن كانت قراءَتُهم سواء فلْيؤمَّهم أقدمُهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فلْيؤمَّهم أكبرهم سنَّاً

)) الحديثُ ومداره على إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضَمْعَجٍ عنه وليسا جميعاً مِن

(1)

في (الأصل) : ((إلزام))، والصواب:((إكرام)).

(2)

كلمة غير واضحة في (الأصل) : ((اعتماد)).

(3)

في (الأصل) : ((يستدير))، والصواب:((يستدبر)).

ص: 235

شرط كتاب البخاري، وقد نقل ابنُ أبي حاتم في «العلل» عن أبيه أن شعبة كان يتوقف في صحة هذا الحديث، ولكن هو في الجملة يصلح للاحتجاج به عند البخاري فقد علَّق منه طرفاً بصيغة الجمع

(1)

كما سيأتي، واستعملَه هنا في الترجمة وأَوْرَد في الباب ما يؤدي معناه، وهو حديث مالك بن الحويرث، لكن ليس فيه التصريح باستواء المخاطَبِينَ في القراءة، وأجاب الزين بن المنير وغيره بما حاصلُه: أن تساويَ هجرتِهم وإقامتهم وعَرَضِهم بها مع ما في الشباب غالباً من الفهم، ثم توجه الخِطَاب إليهم بأنْ يُعلِّمُوا مَن وراءَهم مِن غير تخصيص بعضِهم دون بعضٍ دالٌّ على استوائهم في القراءة والتفقُّه في الدين. قال شيخنا: وقد وقع التصريحُ بذلك فيما رواه أبو داود من طريق مَسلمة بن محمد عن خالد الحَذَّاء عن أبي قلابة في هذا الحديث قال: وكنا يومئذ متقاربين في العلم. انتهى. قال: وأظن في هذه الرواية إدراجاً، فإن ابن خزيمة رواه من طريق إسماعيل بن عُليَّة عن خالد قال: قلت لأبي قِلابة: فأين القُرآن؟ قال: إنهما كانا متقاربَيْن.

وأخرجه مسلم من طريق حفص بن غياث عن خالد الحَذَّاء وقال فيه: قال الحَذَّاء: وكانا متقاربيْنِ في القراءة، ويحتمل أن يكون مستند أبي قِلابة في ذلك هو إخبار مالك بن الحويرث، كما أن مستند الحَذَّاء هو إخبار أبي قلابة، فينبغي

(2)

الإدراج عن الإسناد والله أعلم.

تنبيه: ضَمْعَج والدُ أوس بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم وفتح العين المهملة بعدها جيم، معناه: الغليظ.

685 -

قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ) ترجمته في باب من كره أن يعود في الكفر.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) ترجمته في باب وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا.

قوله: (عَنْ أَيُّوبَ) أي السختياني، ترجمته في باب حلاوة الإيمان.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ) أي عبد الله بن زيد الجرمي، ترجمته في البا أيضاً.

قوله: (عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ) ترجمته

(3)

في باب تحريض النبي وفد عبد القيس في كتاب الإيمان.

في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في موضعين، وفيه: العنعنة في ثلاث مواضع، وفيه: القول في موضعين.

قوله: (قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ شَبَبَةٌ، فَلَبِثْنَا عِنْدَهُ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَحِيمًا فَقَالَ: ((لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى بِلَادِكُمْ، فَعَلَّمْتُمُوهُمْ مُرُوهُمْ، فَلْيُصَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ))).

مطابقته للترجمة ظاهرة، وإن لم يُذكر في الحديث صريحاً استواؤُهم في القراءة من حيثُ اقتضاءِ القصة هذا القيد، لأنهم أسلموا وهاجروا معاً، وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازموه عشرين ليلة واستووا في الأخْذِ عنه، فلم يبق مما يُقدَّم به إلا السنُّ. وقد تقدَّم حديث مالك بن الحويرث هذا في (بَابُ مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ)، أخرجه عن معلى بن أسد عن وهيب عن أيوب عن أبي قِلابة عن مالك بن الحويرث قال: (أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي

) الحديثُ، وقد ذكرنا هناك جميع متعلقات الحديث

(1)

كذا في (الأصل) : ((الجمع))، ولعل الصواب:((الجزم)).

(2)

كذا في (الأصل) : ((فينبغي))، ولعل الصواب:((فينتفي)).

(3)

كلمة ((ترجمته)) ساقطة من (الأصل).

ص: 236

مستوفىً.

قوله: (وَنَحْنُ شَبَبَةٌ) بفتح الشين المعجمة والموحدتين، جملةٌ إسمية وقعت حالاً، زاد في الأدب من طريق ابن عُلَيَّة:(شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ) والمراد تقاربهم في السن، لأن ذلك كان في حال قدومهم. والشَّبَبَة جمع شاب.

قوله: (نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً)، وفي رواية ابن عُلَيَّة المذكورة الجزمُ به، ولفظه:(فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً) والمراد بأيامها، ووقع التصريح بذلك في روايته في خبر الواحد من طريق عبد الوهاب عن أيوب.

قوله: (رَحِيمًا فَقَالَ: لَوْ رَجَعْتُمْ) وفي رواية ابن عُلَيَّة وعبد الوهاب: (رَحِيمًا رَفِيقَاً فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا إِلَى أَهْلِنَا وَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ. فَقَالَ: ارْجِعُوا). قال العيني: جواب: (لَوْ

(1)

) قولُه: (مُرُوهُمْ)، وقولُه:(فَعَلَّمْتُمُوهُمْ)، عطْفٌ على قولِه:(رَجَعْتُمْ)، ويجوز أن يكون جواب:(لَوْ) محذوفاً تقديرُه: لو رجعتُم لكان خيراً لكم. إنما قال عليه السلام ذلك لأنه علم مِنهم أنَّهم اشتاقوا إلى أهلِهم وأولادِهم، والدليل على هذا رواية عبد الوهاب: (فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا إِلَى أَهْلِنَا

) الحديثُ. فقال ذلك على طريق الإيناس، لأن في الأمر بالرجوع بغير هذا الوجه تنفيراً، والنبي صلى الله عليه وسلم يتحاشى عن ذلك، ثم على تقدير أن يكون جواب:(لَوْ) محذوفاً يكون قوله: (مُرُوهُمْ) استئنافاً، كأنَّ سائلاً سأل: ماذا نعلمهم؟ فقال: مروهم بالطاعات كذا وكذا، والأمرُ بها مستلزِمٌ للتعليم. انتهى.

قال شيخنا: ويمكن الجمع بين الحديثين أي في قولِه: (لَوْ رَجَعْتُمْ)، وقولِه:(ارْجِعُوا) بأن يكون عرض ذلك عليهم على طريق الإيناس بقولِه: (لَوْ رَجَعْتُمْ) فأجابوه بِنَعم فأمرهم حينئذٍ بقولِه: (ارْجِعُوا) واقتصارُ الصحابي على ذكر سبب الأمر برجوعهم بأنه الشوق إلى أهليهم دون قَصْدِ التعليم هو لِمَا قام عنده من القرينة الدالة على ذلك، ويمكن أن يكون عَرَفَ ذلك بصرائح القول منه صلى الله عليه وسلم وإن كان سببُ تعليمِهم قومَهم أشرفُ في حقهم، لكنه أخبر بالواقع ولم يتزين بما ليس فيهم، وَلَمَّا كانت نيتُهم صادقةً صادفَ

(2)

شوقُهم إلى أهلهم الحظَّ الكامل في الدين وهو: أهليةُ التعليم، كما قال الإمام أحمد في الحرص على طلب الحديثِ: حظٌّ وافَقَ حقاً.

قوله: (وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ) قال العيني: يعني بالسن عند التساوي في شروط الإمامة، وإلا فالأسنُّ إذا وُجِدَ وكان فيهم من هو أصغر منه ولكنه أقرأ قدم الأقرأ، كما في حديث عمرو بن سلمة، وكان قَدَّ أَمَّ قومَه في مسجد عشيرتِه وهو صغير، وفيهم الشيوخ والكهول، ولكن قالوا: إنما كان تقديم الأقرأ في ذلك الزمان لأن كان في أول الإسلام حين كان الحفاظ قليلَا، وتقديم عمرو كان لذلك، أو نقول: لا يكاد يوجد قارئ إذ ذاك إلا وهو فقيه، وقد بسطنا القول فيه في باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة. انتهى.

قال شيخنا: ظاهر قولِه: (أَكْبَرُكُمْ) تقديم الأكبر بكثيرِ السِّن وقليله، وأمَّا مَن جوَّزَ أن يكون مراده بالكِبَر ما هو أعمُّ من السن أو القدْر كالتقدم في الفقه والقراءة والدِّين فبعيد لِمَا

(1)

في (الأصل) : ((لم))، والصواب:((لو)).

(2)

في (الأصل) : ((صادق))، والصواب:((صادفَ)).

ص: 236