الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التثنية والجمع، فيقول: الرجلان رسولك والرجال رسولك، قال الله تعالى:{إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ} [طه: 47] وقال في موضع آخر: {إِنَّا رَسُوْلُ رَبِّ العَالَمِينَ} [الشعراء: 16] ففي الأوَّل خرج الكلام على ظاهره، لأنَّه إخبار عن موسى وهارون عليهما السلام، وفي الثَّاني بمعنى الرسالة، كأنَّه قال: إنا رسالة ربِّ العالمين، قاله يُونُس، وقال أبو إِسْحاق الزَّجَّاجي: ليس ما ذكره ابن الأنباري في اشتقاق الرَّسُول صحيحًا، وإنَّما الرَّسُول المرسل: المبعَّد من أرسلت أي بعَّدت وبعثت، وإنَّما توهَّم في ذلك لأنَّه رآه على فعول، فتوهُّمه ما جاء على المبالغة، ولا يكون ذلك إلَّا لتكرار الفعل، نحو ضروب وشبهه وليس كذلك، وإنما هو اسم لغير تكثير الفعل، بمنزلة عمود وعنود، وقال ابن الأنباري: وفصحاء العرب أهل الحجاز ومن والاهم يقولون: أشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله، وجماعة من العرب يبدلون من الألف عينًا، فيقولون: أشهد عن. انتهى.
قوله: (حَيَّ عَلى الصَّلَاة) قال الفرَّاء: معناه هَلُمَّ، وفُتِحَت الياء من حيَّ لسكون الياء الَّتي قبلها، وقال ابن الأنباري: فيه ستِّ لغات: حيَّ هلا بالتنوين، وفتح اللَّام بغير تنوين، وتسكين الهاء وفتح اللَّام بغير تنوين، وفتح الهاء وسكون اللَّام، وحيَّ هلن، سر حيِّ هلن، قال الزَّجَّاجي: الوجه الخامس بالنُّون هو الأوَّل بعينه، لأنَّ التنوين والنون سواء، ومعنى الفلاح: الفوز، يقال: أفلح الرجل إذا فاز.
(2)
(بَابُ الأَذَانِ مَثْنَى مَثْنَى)
أي هذا باب يذكر فيه الأذان مثنى مثنى، و<مَثْنَى> هكذا مكرر رواية الكُشْمِيهَني، وفي رواية غيره: <مَثْنَى> مفردًا، ومثنى معدول من اثنين اثنين، وهو بغير تنوين، والعدل على قسمين: تحقيقي: وهذا منه، وعدل تقديري: كعُمَر وزُفَر، وقد عرف في موضعه، وفائدة التكرار للتوكيد، وإن كان التكرار يفهم من صيغة الثني لأنَّها معدولة عن اثنين اثنين كما ذكرنا، ويقال: الأوَّل لإفادة التفسير لألفاظ الأذان، والثاني لكلِّ أفراد الأذان، أي الأوَّل لبيان تثنية الأجزاء والثاني لبيان تثنية الجزئيات.
قال شيخنا: لفظ الترجمة في حديث لابن عُمَر مرفوع، أخرجه أبو داود الطَّيالِسي في «مسنده» قال فيه:(مثنى مثنى)، وهو عند أبي داود والنَّسائي، وصحَّحه ابن خُزَيمَة وغيره من هذا الوجه لكن بلفظ:((مرَّتين مرَّتين)). قال العَيني: ليس لفظ هذه الترجمة لفظ الحديث المذكور، وإنما هي معناه كما ذكرنا، قال شيخنا: أظنُّ النسخة الَّتي وقعت له من فتح الباري، سقط منها من أبي داود إلى أبي داود، أو ظنَّ أنهما واحد وخفي عليه أنَّ المحدِّث إذا أطلق لفظ أبي داود لا يريد إلَّا صاحب السُّنن، ولا سيَّما إن قرنه بأحد من أصحاب السُّنن كالتِّرْمِذي والنَّسائي، وإذا أراد غير صاحب السُّنن وصفه ليتميز، فجرى أي العَيني على مألوفه في إنكار ما لم يُحط به علمًا، والله المستعان. انتهى.
605 -
قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيمان بنُ حَرْبٍ) أي الواشِحي -بكسر الشين المعجمة والحاء المهملة- نسبة إلى واشح بطن من الأزد، ترجمته في باب من كره أن يعود في الكفر.
قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ) أي ابن درهم، ترجمته في باب {وَإِنْ
طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِيْنَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9].
قوله (عَنْ سِمَاكَ بنِ عَطِيَّةَ) أي بكسر السِّين المهملة وتخفيف الميم وبالكاف، بصري ثقة، روى عن أيُّوب وهو من أقرانه، وقد روى حمَّاد بن زيد عنهما جميعًا، وقال: مات سِماك قبل أيُّوب.
قوله: (عَنْ أَيُّوْبَ) أي السِّخْتياني، ترجمته في باب حلاوة الإيمان.
قوله: (عَنْ أَبِي قِلَابَة) أي المتقدِّم في بدء الأذان.
قوله: (عَنْ أَنَسٍ) أي ابن مالك، رجال إسناده كلُّهم بصريُّون.
قوله: (أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ، إلَّا الإِقَامَةَ) مطابقته للترجمة من حيث الإشارة لا من حيث التصريح، لأنَّ لفظ يشفع يدلُّ على التثنية لكن لا بطريق التصريح، وقد تقدَّم أنَّ هذه الترجمة في حديث أبي داود، وقد ذكر البخاري هذا الحديث في الباب الذي قبله، عن عِمْران بن مَيْسَرة عن عبد الوهَّاب عن خالد عن أبي قِلابة عبد الله بن زيد عن أَنَس، فاعتبر التفاوت بينهما.
قوله: (أَنْ يَشْفَعَ) -بفتح أوَّله وفتح الفاء- أي يأتي بألفاظه شفعًا، قال الزَّين بن المنيِّر: وصف الأذان بأنَّه شفع يفسِّره قوله: (مَثْنَى) أي مرَّتين مرَّتين، وذلك يقتضي أن تستوي جميع ألفاظه في ذلك، لكن لم يختلف في أنَّ كلمة التوحيد الَّتي في آخره مفردة، فيحمل قوله:(مَثْنَى) على ما سواها، قال شيخنا: وكأنَّه أراد بذلك تأكيد مذهبه في ترك تربيع التكبير في أوَّله، لكن لمن قال بالتربيع أن يدَّعي نظير ما ادعاه لثبوت الخبر بذلك، وسيأتي في الإقامة توجُّه يقتضي أن القائل به لا يحتاج إلى دعوى التخصيص. انتهى.
قوله: (وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ، إلَّا الإِقَامَةَ) المراد بالمنفي غير المراد بالمثبت، والمراد بالمثبت جميع الألفاظ المشروعة عند القيام إلى الصَّلاة، والمراد بالمنفي خصوص قوله:(قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ) كما سيأتي ذلك صريحًا، فحصل من ذلك جناس تامٌّ، وادَّعى ابن مَندَه أنَّ قوله:((الإِقَامَةَ)) من قول أيُّوب غير مسند كما في رواية إسماعيل بن إبراهيم، وأشار إلى أنَّ في رواية سِماك بن عطيَّة هذه إدراجًا، وكذا قال أبو محمَّد الأَصِيلي قوله: <الإِقَامَةَ> هو من قول أيُّوب وليس من الحديث، قال شيخنا: وفيما قالاه نظر، لأنَّ عبد الرزَّاق رواه عن معمر عن أيُّوب بسنده متَّصلًا بالخبر مفسَّرًا ولفظه:((كَانَ بِلَالٌ يُثَنِّي الْأَذَانَ وَيُوتِرُ الْإِقَامَةَ إلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ)) أخرجه أبو عَوانة في «صحيحه» والسرَّاج في «مسنده» وكذا هو في مصنَّف عبد الرزَّاق والإسماعيلي من هذا الوجه: ((وَيَقُولُ قَدْ قَامَتِ الصَّلاة مرتَيْنِ)) والأصل أن ما كان في الخبر فهو منه حتَّى يقوم دليل على خلافه، ولا دليل في رواية إسماعيل، لأنَّه إنَّما يتحصَّل منها أن خالدًا كان لا يذكر الزيادة وكان أيُّوب يذكرها، وكلٌّ منهما روى الحديث عن أبي قِلابة عن أَنَس، فكان في رواية أيُّوب زيادة من حافظ فيقبل، والله أعلم.
وقد استشكل عدم