الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مالك. وفي «التلويح» : وكان جماعة من السلف يصلون في بيوتهم في الوقت ثم يَقْتدون معهم، وهو مذهب مالك، وعن بعض السلف: لا يُعيدون. وقال النخَعي: كان عبد الله يصلي معهم إذا أخَّروا عن الوقت قليلاً، وقيل لجعفر بن محمد: كان أبوك يصلي إذا رجع إلى البيت؟ فقال: لا والله ما كان يزيد على صلاة الأئمة. قال ابن المنذر: هذا الحديثُ يَرُدُّ على من زعم أن صلاة الإمام إذا فسَدت فسَدت صلاةُ من خلفه. انتهى.
قوله (وَإِنْ أَخْطَئُوا) أي ارتكبوا الخطيئة، قال الكِرماني: الخطأ عقابُه مرفوع عن المكلفين، فكيف يكون عليهم؟ وأجاب: بأن الإِخطاء ههنا في مقابلة الإصابة لا في مقابلة العَمد، وهذا الذي في مقابلة العمد هو المرفوعُ لا ذاك، وسَأل أيضاً: ما معنى كونِ غير الصواب لهم إذْ لا خير فيه حتى يكون لهم؟ فأجاب بقوله: معناه صلاتُكُم لكُم وكذا ثوابُ الجماعة لكُم. انتهى.
فيه: ما قاله المهلب: جوازُ الصلاة خلف البَرِّ والفاجر إذا خيف منه، يعني: إذا كان صاحب شوكة.
وقال البغوي في «شرح السنة» : فيه دليل على أنه إذا صلى بقوم محدِثاً أنه تصح صلاة المأمومين وعليه الإعادة. قال العيني: هذا على مذهب الشافعي كما ذكرنا أن المؤتم عندَه تَبَعٌ للإمام في مجرد الموافقة لا في الصحة والفساد، وبه قال مالك وأحمد، وعندنا تَبَعٌ له مطلقاً، يعني في الصحة والفساد، وثمرة الخلاف تظهر في مسائل، منها: أن الإمام إذا ظهر محدثاً أو جُنُباً لا يعيد المؤتمُّ صلاته عندهم. ومنها: أنه يجوز اقتداءُ القائِمِ بالمومِئِ. ومنها: قراءة الإمام لا تنوب عن قراءة المقتدي. ومنها: أنه يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل وبمن صلى فرضاً آخر. ومنها: أن المقتدي يقول: سمع الله لمن حمده. وعندنا الحكم بالعكس في كلِّها، ودليلُنا: ما رواه الحاكم مصححاً عن سهل بن سعد: ((الإمام ضامن))، يعني صلاتُهم في ضمن صلاتِه صحةً وفساداً.
قال شيخنا: واستدل به غيرُ المهلب على أعمَّ من ذلك وهو: صحة الائتمام بمن يُخِل بشيء من الصلاة ركناً كان أو غيره إذا أتم المأموم، وهو وجهٌ عند الشافعية بشرط أن يكون الإمامُ هو الخليفة أو نائبه، والأصح عندهم صحة الاقتداء إلا بمن عُلِم أنه ترك واجباً، ومنهم من استدل به على الجواز مطلقاً بناءً على أن المراد بالخطأ ما يقابل العمد. قال: ومحل الخلاف في الأمور الاجتهادية، كمن يصلي خلف من لا يرى قراءة البسملة ولا أنها من أركان
(1)
القراءة لأنها آية من الفاتحة بل يرى أن التَّالِي يجزئ بدونها. قال: فإن صلاة المأموم
(2)
تَصِحُّ إذا قرأ هو البسملة لأن غاية حكمِ الإمام من هذه المسألة أن يكون أخطأ، وقد دل الحديث على أن خطأ الإمام لا يؤثر
(3)
في صحة صلاة المأموم إذا أصاب. انتهى.
(56)
(بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ)
أي هذا بابٌ في بيان حُكم إمامة المفتون، وهو من فُتِن الرجل فهو مفتون إذا ذهب مالُه وعقلُه، والفاتن: المضِلُّ عن الحق، فالمفتونُ المضَلُّ بفتح الضاد، هكذا فسره الكِرماني. وقال شيخنا: أي الذي دخل في الفتنة فخرج على الإمام، ومنهم من فسره بما هو أعمُّ من ذلك. قال العيني: هذا التفسير لا ينطبق إلا على الفاتن، لأن الذي يدخل في الفتنة ويخرج على الإمام هو الفاعل. وكان ينبغي للبخاريِّ أن يقول: باب إمامة الفاتن. انتهى. قلت: هو باعتبار
(1)
في (الأصل) بياض بقدر كلمتين بعد: ((ولا أنها من)) ثم كلمة ((كان)) بدل ((أركان)) والتصويب من فتح الباري.
(2)
في (الأصل) : ((الإمام)) والصواب ((المأموم)).
(3)
في (الأصل) : ((يوتر)) والصواب ((يؤثر)).
إسناد الفعل إليه فاتنٌ وباعتبار إسناد الفعل إلى الفاعل الحقيقيِّ مفتونٌ وبالاعتبار الثاني ركَّبَ المصنف. انتهى.
قوله: (وَالمُبْتَدِعِ) وهو الذي يرتكب البدعة، والبدعةُ لغةً: كل شيء عُمل على غير مثالٍ سابقٍ، وشرعاً: إحداث ما لم يكن له أصلٌ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي على قسمين: بدعةٌ ضلالةٌ وهي: التي ذكرنا، وبدعةٌ حسنةٌ وهي: ما رآه المؤمنون حسناً ولا يكون مخالفاً للكتاب أو السنة أو الأثر أو الإجماع. قال شيخنا: المبتدع من اعتقد شيئاً مما يخالف أهل السنة والجماعة، والمرادُ هنا: البدعة الضلالة.
قوله: (وَقَالَ الحَسَنُ) أي البصري، ترجمته في باب وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا في كتاب الإيمان.
قوله: (صَلِّ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ) أي إثم بدعته، هذا التعليق وصله سعيد بن منصور عن ابن المبارك عن هشام بن حسان: أن الحسن سُئل عن الصلاة خلف صاحب بدعةٍ فقال: صل خلفَه وعليه بدعتُه.
695 -
قوله: (وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) أي الفِريابي، ترجمته في باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة في الأيام كي لا ينفروا.
قوله: (قَاْلَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ) أي عبد الرحمن بن عمرو، ترجمته في باب الخروج في طلب العلم.
قوله: (قَاْلَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ) أي محمد بن مسلم بن شهاب، ترجمته في باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة.
قوله: (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) أي ابن عوف، مرَّ في أوائل كتاب الإيمان، قلت: في باب تطوع صيام رمضان من الإيمان.
قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الخِيَارِ) أي بتصغير العبد وفتح العين وكسر الدال المهملتين وتشديد الياء آخر الحروف من عَدِي، وكسر الخاء المعجمة وخفة الياء آخر الحروف وبالراء من الخِيَار، من بني نوفل بن عبد مناف المدني التابعي، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم تثبُت رؤيته، وكان من فقهاء قريش وثقاتهم، مات زمن الوليد بن عبد الملك. قال شيخنا: عبيد الله المذكور تابعيٌّ كبيرٌ معدودٌ في الصحابة لكونه وُلد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عثمان من أقارب أمه كما سيأتي في موضعه في هذا الإسناد أولاً.
قوله: (وَقَالَ
(1)
لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) قال صاحب «التلويح» : كأنه أخذ هذا الحديث عنه مذاكرةً فلهذا لم يقل فيه: حدثنا. وقيل: إنه مما تحمله بالإجازة أو المناولة أو العرض. وقيل: هو متصلٌ من حيث اللفظ منقطعٌ من حيث المعنى. قال شيخنا: والذي ظهر لي بالاستقراء خلافُ ذلك وهو: أنه متصلٌ لأنه لا يعبِّر بهذه الصيغة إلا إذا كان المتن موقوفاً أو كان فيه راوٍ ليس على شرطه والذي هنا من قَبيل الأول.
وفيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في موضعين. وفيه: رواية ثلاثة من التابعين بعضُهم عن بعضٍ وهم: الزُّهري عن حميد عن عبيد الله. وفيه: الزهري عن حميد وفي رواية الإسماعيلي: أخبرني حميد. وفيه: حدثنا الأوزاعي وفي رواية ابن المبارك عن الأوزاعي. وفيه: عن حميد عن عبيد الله وفي رواية أبي نعيم والإسماعيلي حدثني عبيد الله بن عدي.
قوله: (أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فَقَالَ: إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى، وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ، وَنَتَحَرَّجُ؟ فَقَالَ: الصَّلَاةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ، فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ)
مطابقته
(1)
في (الأصل) : ((قال)) والصواب ((وقال)).
للترجمة في قوله (وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ
…
) إلى آخره. هذا الأثر وصله الإسماعيلي، قال: حدثنا عبد الله بن يحيى السرخسي حدثنا محمد بن يحيى حدثنا محمد بن يوسف حدثنا الأوزاعي حدثنا الزهري فذكره، وقال أيضاً: أخبرنا إبراهيم بن هانئ حدثنا الزيادي حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة حدثنا يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عبيد الله بن عدي به، ومن طريق هِقْلِ بن زياد سمعت الأوزاعي عن الزهري حدثني حميد، ومن طريق عيسى عن الأوزاعي عن الزهري عن حميد حدثني عبيد الله بن عدي، ورواه أبو نعيم الأصبهاني من طريق الحسن بن سفيان عن حبان عن عبد الله بن المبارك أخبرنا الأوزاعي فذكره. قال شيخنا: وأخرجه الإسماعيلي من طرق عن الأوزاعي وخالفه يونس بن يزيد فقال عن الزهري عن عروة أخرجه الإسماعيلي أيضاً، وكذلك رواه معمر عن الزهري أخرجه عمر بن شَبَّة في كتاب «مقتل عثمان» عن غندر عنه ويحتمل أن يكون للزهري فيه شيخان. انتهى.
قوله: (وَهُوَ مَحْصُورٌ) جملةٌ اسمية وقعت حالاً على الأصل بالواو، أي محبوسٌ في الدار ممنوع عن الأمور.
قوله: (إِمَامُ عَامَّةٍ) بالإضافة، أي إمامُ جماعةٍ، وفي رواية يونس: وأنت الإمام، أي الإمام الأعظم.
قوله: (وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى) بنون المتكلم ويروى: (مَا تَرَى)، بتاء المخاطب، أي من الحصار وخروج الخوارج عليك.
قوله: (وَيُصَلِّي لَنَا) أي يؤمُّنا.
قوله: (إِمَامُ فِتْنَةٍ) أي رئيسُ فتنة، واختُلِف في المشار إليه بذلك فقيل: هو عبد الرحمن بن عُدَيْس البَلَوِي أحد رؤوس المصريين الذين حصروا عثمان، وهو الذي جلب على عثمان أهل مصر. قاله ابن وضاح فيما نقله عنه ابن عبد البر وغيرُه، وقاله ابن الجوزي وزاد: أن كِنانة بن بِشر أحد رؤوسهم صلى بالناس أيضاً. قال شيخنا: وهو المراد هنا، فإن سيف بن عمر روى حديث الباب في كتاب «الفتوح» من طريق أخرى عن الزهري بسنده فقال فيه: دخلتُ على عثمان وهو محصور وكِنانة يصلي بالناس، فقلت: كيف ترى
…
الحديث. انتهى.
وكان هؤلاء لما هجَموا على المدينة كان عثمانُ يخرج فيصلي بالناس شهراً، ثم خرج يوماً فحصبوه حتى وقع على المنبر ولم يستطع الصلاة يومئذ فصلى بهم أبو أمامة بن سهل بن حنيف الأنصاري لكن بإذن عثمان، رواه عمر بن شَبَّة بسند صحيح، ورواه المدائني من طريق أبي هريرة: فمنعوه فصلى بهم عبد الرحمن بن عُدَيس تارة وابن بشر تارة فبقيَا على ذلك عشرة أيام. قال شيخنا: وكذلك صلى بهم علي بن أبي طالب فيما رواه إسماعيل الخطبي في «تاريخ بغداد» من رواية ثعلبة بن يزيد الحماني قال: فلمَّا كان يومُ عيد الأضحى جاء عليٌّ فصلى بالناس. وقال ابنُ المبارك فيما رواه الحسن الحلواني: لم يصلِّ بهم غيرَها، وفعل ذلك عليٌّ لئلا تُضاع السنة، وقال غيره: صلى بهم عدة صلوات، وصلى بهم أيضاً سهل بن حنيف. رواه عمر بن شَبَّة بإسناد قوي. وقيل: صلى بهم أيضاً أبو أيوب الأنصاري وطلحة بن عبيد الله.
فإن قلتَ: فكيف يقال في حق هؤلاء: (إِمَامُ فِتْنَةٍ)؟ أجيب: ليس واحدٌ من هؤلاء مراداً بقوله: (إِمَامُ فِتْنَةٍ)، دل على ذلك تفسير الداودي، فإنه قال: معنى قوله: (إِمَامُ فِتْنَةٍ) أي إمامٌ وقتَ فتنة، وعلى هذا لا اختصاص له بالخارجي، قال: ويدل على صحة ذلك أن عثمان لم يَذكُر الذي أَمَّهُم بمكروه، بل ذكر أن فِعْلَه أحسنُ الأعمال. انتهى. قال شيخنا: وهذا مغاير لمراد المصنف في ترجمته، ولو كان كما قال لم يكن قوله:(وَنَتَحَرَّجُ) مناسباً.
انتهى. قلت: قد تقدم آنفاً أن عَدِي بن الخِيَار سأل عثمان حال صلاة كنانة بن بشر بالناس، فهذا يحُمل أن سؤاله خاصٌ بالخارجي، ويحتمل أن يكون سؤاله عاماً ليعلمَ الحالَ في ذلك. انتهى. قال العيني: أو نقول: إنهم استأذنوه في الصلاة فأذِن لهم لعلمه أن المصريين لا يَصِلون إليهم بِشَرٍّ.
قوله: (وَنَتَحَرَّجُ) بالحاء المهملة وبالجيم، من التَّحَرُّج، أي نخاف الوقوع في الإثم، وأصل الحرجِ الضيقُ ثم استُعمِل للإثم لأنه يُضيِّق على صاحبه، وفي رواية ابن المبارك: وإنَّا لنتحرج من الصلاة معهم. وهذا القول ينصرف إلى صلاة من صلى من رؤساء الخوارج في وقت الفتنة، ولا يدخل فيه مَن ذكرناهم من الصحابة.
قوله: (فَقَالَ: الصَّلَاةُ أَحْسَنُ) أي فقال عثمان: (الصَّلَاةُ أَحْسَنُ). فقوله: (الصَّلَاةُ) مبتدأ. وقوله: (أَحْسَنُ) مضافٌ إلى ما بعدَه خبرُهُ. وفي رواية ابن المبارك: إن الصلاة أحسن. وفي رواية هِقْل بن زياد عن الأوزاعي عند الإسماعيلي: الصلاةُ مِن أحسن ما يعمل الناس. فإن قلتَ: هذا يدل على أن عثمان لم يَذكر الذي أَمَّهُم من رؤساء الخوارج بمكروهٍ وتفسيرُ الداودي على هذا لا اختصاص له بالخوارج كما ذكرنا هذا عن قريب. قال العيني: لا يلزم من كون الصلاة أحسنُ ما يعملُ الناسُ أو مِن أحسنِ ما يعمل الناس أنْ لا يستحقَّ فاعلُها ذَمَّاً عند وجود ما يقتضيه.
قوله: (فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ، فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ) ظاهرُه أن عثمان رخَّص له في الصلاة معهم كأنه يقول: لا يضرك كونه مفتوناً بل إذا أحسن فوافقه على إحسانه واترك ما افتُتِن به، وبهذا توجد المطابقة بينه وبين الترجمة.
وقال ابن المنير: يحتمل أن يكون رأى أن الصلاة خلفه لا تصحُّ فحاد عن الجوابِ بقوله: (الصَّلَاةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ) لأن التي هي أحسن هي الصلاة الصحيحةُ وصلاة الخارجي غير صحيحة، لأنه إما كافرٌ أو فاسق. انتهى. قال شيخنا: وهذا قاله نُصرَةً لمذهبه في عدم صحة الصلاة خلف الفاسق، وفيه نظرٌ، لأن سيف بن عمر روى في «الفتوح» عن سهل بن يوسف الأنصاري عن أبيه قال: كَرِهَ الناسُ الصلاةَ خلف الذين حصروا عثمان إلا عثمان فإنه قال: من دعا إلى الصلاة فأجيبوه. وهذا صريحٌ مِن أن المقصود بقوله: (الصَّلَاةُ أَحْسَنُ) الإشارةُ إلى الإذن بالصلاة خلفَه. وفيه تأييد لما فهمه البخاري من قوله: (إِمَامُ فِتْنَةٍ). وروى سعيد بن منصور من طريق مكحول قال: قالوا لعثمان: إنا لَنَتَحرَّج أن نصليَ خلف هؤلاء الذين حصروك، فذكر نحو رواية الزهري وهذا منقطع إلا أنه اعتضَد.
قوله: (وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ) فيه تحذيرٌ من الفتنة والدخولِ فيها ومِن جميع ما يُنكَر من قولٍ أو فعلٍ أو اعتقادٍ. وفيه: أن الصلاة خلف من تُكره الصلاة خلفه أولى من تعطيل الجماعة. قال شيخنا: وفيه ردٌّ على من زعم أن الجمعة لا تجزئ أن تقام بغير إذن الإمام. قال العيني: ليس فيه ردٌّ بل دعوى الردِّ على ذلك مردودةٌ، لأن علياً صلى يوم عيد الأضحى الذي شرطها أن تصلى في مصلى الجمعة، فمن أين ثبت أنه صلى بغير إذن عثمان. ولذلك روي عنه أنه صلى عدة صلوات وفيها الجمعة. فمَن ادَّعى أنه صلى بغير استئذان فعليه البيان، ولئن سَلَّمنا أنه صلى بغير استئذان ولكن كان ذلك بسبب تخلف الإمام