الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أكلَه ولا ألقى السكين في الحديث الذي يأتي في الباب، ولا قام إلى الصلاة. فإن قلتَ: العلة في تقديم العَشاء إخلاُء القلب عن الشواغل التي أكثرُها ميلُ النفس إلى الطعام الذي حضر، والنبي صلى الله عليه وسلم كان قوياً على مدافعة قوة الشهوة، وأَيُّكُم يملِك أَرَبَه، قال الزينُ ابنُ المنير: لعله عليه السلام أخذ في خاصة نفسه بالعزيمة فقدَّم الصلاة على الطعام، وأمر غيرَه بالرُّخصة. قال شيخنا: ويعكِّر على من استدل به على أن الأمر للندب احتمالُ أن يكون اتَّفَقَ في تلك الحالة أنه قضى حاجته في الأكل فلا تتم الدلالة به.
فإن قلتَ: ما فائدة تقييد الترجمة بالإمام؟ قال أيضاً: تقييده به يحتمل أنه يرى التفصيل بين ما إذا أقيمت الصلاة قبل الشروع في الأكل أو بعده، كما ذهب إليه قوم كما ذكرنا، ثم إنه يرى بأن يكون الإمام مخصوصاً به، وغيره من المأمومين يكون الأمر متوجها إليهم على الإطلاق. قال شيخنا: ويؤيده قوله فيما سبق (إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ).
675 -
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّه) أي ابن يحيى بن عمرو أبو القاسم الأُويسي المدني، ترجمته في باب الحرص على الحديث.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ) أي ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي المدني، ترجمته في باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال.
قوله: (عَنْ صَالِحٍ) أي ابن كيسان أبو محمد، مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز، ترجمته في بدء الوحي.
قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) أي محمد بن مسلم الزهري، ترجمته في باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة.
قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ) أي الضَّمْري، ترجمته في باب المسح على الخفين.
قوله: (أَنَّ أَبَاهُ) أي عمرو بن أمية بن خويلد، أبو أمية الضَّمْري، شهد بدراً وأُحُداً مشركاً، وأسلم بعدُ وعُمِّر. قال الواقدي: بقي إلى دهرِ معاوية بالمدينة ومات بها. وقد مر في باب المسح على الخفين.
في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: الإخبار بصيغة الإفراد في موضع واحد. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في ثلاث مواضع. وفيه: أن شيخ البخاري من أفراده. وفيه: أن رواته كلهم مدنيون.
قوله: (قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ ذِرَاعًا يَحْتَزُّ مِنْهَا، فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَامَ، فَطَرَحَ السِّكِّينَ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)
مطابقته للترجمة من حيث ما يتضمنه معنى الحديث وهو ظاهر.
وقد مر هذا الحديث في باب من لم يتوضأ من لحم الشاة، وتكلمنا هناك على جميع ما يتعلق به من الأشياء.
(44)
(بَابٌ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)
أي هذا بابٌ في بيان شأن من كان
…
إلى آخره، وأشار بهذا الباب إلى أن حكم هذا خلافُ الباب السابق، إذْ لو قيس عليه كلُّ أمر تَتَشَوَّفُ النفس إليه لم يبق للصلاة وقت، وإنما حُكْمُ هذا أن من كان في حاجة
بيته فأقيمت الصلاة يخرج إليها ويترك الحاجة، بخلاف ما إذا حضر العَشاء، وأقيمت الصلاة، فإنه يقدم العَشاء على الصلاة إلا إذا خاف فوْتها.
قال شيخنا: وأيضاً فوَضْعُ الطعامٍ بين يدي الآكلِ فيه زيادة تشوُّفٍ، وكلما تأخر تناولُه ازداد بخلاف باقي الأمور، ومحل النص إذا اشتمل على وصف يمكن اعتباره بُتَعَيُّنِ عدم إلغائه.
676 -
قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ) أي ابن إياس، ترجمته في بابٍ يتلو بابَ أمور الإيمان.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي ابن الحجاج، ترجمته في الباب أيضاً.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ) أي بفتح الحاء المهملة والكاف، ابن عتَيْبة، ترجمته في باب السَّمَرِ بالعلم.
قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) أي النَّخَعِي، ترجمته في باب ظلم دون ظلم في كتاب الإيمان.
قوله: (عَنِ الأَسْوَدِ) أي ابن يزيد النخعي، ترجمته في باب من ترك بعض الاختيار في كتاب العلم.
قوله: (قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ) أي أم المؤمنين رضي الله عنها، ترجمتها في بدء الوحي.
في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في ثلاث مواضع، وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: السؤال. يروي عن خاله الأسود
(1)
.
قوله: (مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ
(2)
: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ)
مطابقته للترجمة ظاهرة.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضاً في الأدب عن حفص بن عمر، وفي النفقات عن محمد بن عرعرة. وأخرجه الترمذي في «الزهد» عن هناد عن وكيع، وقال: صحيح.
قوله: (مَا كَانَ) كلمة: (مَا) للاستفهام.
قوله: (كَانَ يَكُونُ) فائدة تكرير الكونِ: الاستمرارُ وبيانُ أنه عليه السلام كان يداوم عليه. واسم كان ضميرُ الشأن.
قوله: (فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ)، بفتح الميم وكسرها وسكون الهاء فيهما، وقد فسرها في الحديث بالخدمة، وهي من تفسير آدمَ بن أبي إياس شيخِ المصنف لأنه أخرجه في الأدب عن حفص بن عمر وفي النفقات عن محمد بن عرعرة، وأخرجه أحمد عن يحيى القطان وغندر وإسماعيل من طريق ابن مهدي، ورواه أبو داود الطيالسي كلهم عن شعبة بدونها. وفي «الصحاح» : الْمَهنة بالفتح الخدمة. وهذا موافق لما قاله، لكن فسرها صاحب «المحكم» بأخص من ذلك فقال: المهنة الحذق بالخدمة والعمل، وقال: بفتح الميم وكسرها وبفتح الهاء أيضاً، وأنكر الأصمعي الكسر فقال: مَهَنَهُم يَمْهُنُهم مَهْناً ومَهَنَةً مِن نصَر ينصُر، والماهِنُ الخادمُ وجمعُهُ مُهَّان ومَهَنَةٌ بفتح الميم والهاء. ووقع في رواية المستملي وحده:(فِي مِهْنَةِ بَيتِ أَهْلِهِ) وهي موجهةٌ مع شذوذها، والمراد بالأهل نفسُه أو ما هو أعم من ذلك. وقال الكِرماني: البيت تارة يضاف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وتارة إلى أهله، وهو في الواقع إما له أو لهم. ثم أجاب بقوله: فيما يُثبِتُ الملكية فالإضافيَّة حقيقيَّة، وفيما لم يُثبت بالإضافة فيه بأدنى ملابسة، وهو نحو كونه مسكناً له. وقد وقع المهنة مفسرة في «الشمائل» للترمذي، من طريق عمرة عن عائشة
(1)
في (الأصل) : ((خالد الأسود)) ولعل صواب العبارة كما في عمدة القاري: ((وفيه: رواية الرجل عن خاله، وهو إبراهيم يروي عن خاله الأسود)).
(2)
في (الأصل) : ((قال)) والصواب ((قالت)).