المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب فضل التهجير إلى الظهر - مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط

[إبراهيم بن علي النعماني]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الحَرْبَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى العَنَزَةِ)

- ‌(بَابُ السُّترَةِ بِمَكَّةَ وَغَيرِهَا)

- ‌(بابُ الصَّلاة إِلى الأُسْطُوَانَةِ)

- ‌(بابُ: الصَّلاة بَينَ السَّواري في غَيرِ جَماعَةٍ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الرَّاحِلَةِ وَالبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلَى السَّرِيْرِ)

- ‌(بَابٌ يَرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَينَ يَدَيِهِ)

- ‌(بَابُ إِثمِ المَارِّ بَينَ يَدَي المُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الصَّلاة خَلْفَ النَّائِمِ)

- ‌(بَابُ التَّطَوُّعِ خَلْفَ المَرْأَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلاة شَيْءٌ)

- ‌(بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ)

- ‌(بَابٌ هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتِهِ عِندَ السُّجود لِكَي يَسْجُدَ)

- ‌(بابٌ المرأَةُ تَطْرَحُ عَنِ المُصَلِّي شَيئًا مِنَ الأَذَى)

- ‌كتابُ مواقيتِ الصَّلاةِ

- ‌(بابُ {مُنِيْبِيْنَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلاة وَلَا تَكُوْنُوا مِنَ المُشْرِكِينَ}

- ‌(بَابُ البَيْعَةِ عَلَى إِقامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابٌ الصَّلاة كَفَّارَةٌ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ الصَّلاة لَوَقْتِهَا)

- ‌(بَابٌ الصَّلوات الخَمْسُ كَفَّارَةٌ

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بَابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَابُ وقت الظُّهر عِنْدَ الزَّوَالِ)

- ‌(بَابُ تَأْخِيْرِ الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوْبِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ المَغْرِبِ)

- ‌(بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلمَغْرِبِ: العِشَاءَ)

- ‌(بَابُ ذِكْرِ العِشَاءِ وَالعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاس أَوْ تَأَخَّرُوا)

- ‌(بَابُ فَضْلِ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بَاب وَقْتِ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ

- ‌(بَاب وَقْتِ الفَجْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الفَجْرِ رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ الصَّلاة بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بَابُ لَا يُتَحَرَّى الصَّلاة قَبْلَ غُرُوْبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بَابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاة إلَّا بَعْدَ العَصْرِ وَالفَجْرِ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الصَّلوات الأُوْلَى فَالأُوْلَى)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌كِتَابُ الأَذَانِ

- ‌(بَابُ الأَذَانِ مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بَابُ الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ إلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوت بالنِّدَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُحْقَنُ بِالأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ ما يَقولُ إِذا سَمِعَ المنادِيَ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِندَ النّداءِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ الكَلَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعدَ الفَجْرِ)

- ‌ بَابُ الأَذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ

- ‌ بَابٌ: كَمْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَمَنْ يَنْتَظِرُ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابُ مَنِ انْتَظَرَ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابٌ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ

- ‌ بَابٌ: مَتَى يَقُومُ النَّاسُ، إِذَا رَأَوُا الْإِمَامَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ

- ‌ بَابٌ: هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا

- ‌ بَابُ الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ

- ‌ بَابُ الكَلَامِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ

- ‌(بَابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌باب فضل صلاة الجماعة

- ‌ بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ

- ‌ باب احتساب الآثار

- ‌ باب فضل صلاة العشاء في الجماعة

- ‌ باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد

- ‌ باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

- ‌ باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(بابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ وَالعِلَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يُصَلِّي الإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ

- ‌(بَابٌ: إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا دُعِيَ الإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ

- ‌(بَابٌ: أَهْلُ العِلْمِ وَالفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بَابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ، فَجَاءَ الإِمَامُ الأَوَّلُ، فَتَأَخَّرَ الأَوَّلُ

- ‌(بَابٌ: إِذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ)

- ‌(بَابُ إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بَابٌ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابٌ: مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ العَبْدِ وَالمَوْلَى)

- ‌(بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ)

- ‌(بَابٌ: يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بَابُ تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِي القِيَامِ، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ)

- ‌(بَابُ مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ)

- ‌(بَابُ إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا)

- ‌(بَابُ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابٌ: الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ

- ‌(بَابُ إِقْبَالِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ، عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌(بَابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بَابٌ: إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بَابُ إِلْزَاقِ المَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالقَدَمِ بِالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ، خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بابُ مَيمَنَةِ المسجِدِ وَالإِمامِ)

- ‌ باب صلاة الليل

الفصل: ‌ باب فضل التهجير إلى الظهر

مع الإمام بدون الانتظار، أي كما بُعْدُ المكان مؤثرٌ في زيادة الأجر كذلك طولُ الزمان، لأنهما يتضمنان لزيادة المشقة الواقعة مقدِّمَة للجماعة.

قال العيني: قد عُلِمَ من هذا أن السبب في تحصيل هذا الأجر العظيم انتظارُ الصلاة وإقامتُها مع الإمام، فإن وُجِد أحدُهُما دون الآخر فلا يحصل له ذلك، ويُعلَم من هذا أيضًا أن تأخير الصلاة عن وقت الاختيار لا يخلو عن أجر كما في تأخيرِ الظهر إلى أن يبرُد الوقتُ عند اشتداد الحر، وتأخيرِ العصر إلى ما قبلَ تغيُّرِ قرص الشمس، وتأخيرِ العشاء إلى ما قبل ثلُث الليل، وتأخيرِ الصبح إلى وقت الإسفار. فإن قلتَ: فما فائدة قوله: (ثُمَّ يَنَامُ)؟ قال الكِرماني: إشارةً إلى الاستراحة المقابِلة للمشقة التي في ضمن الانتظار. انتهى.

قال شيخنا: قيل: استُشكِل إيراد حديث أبي موسى في هذا الباب، لأنه ليس فيه لصلاة الفجر ذِكرٌ، بل آخره يُشعر بأنه في العشاء، وَوَجَّهَهُ ابنُ المنير وغيرُه بأنه دل على أن السببَ في زيادة الأجر وجودُ المشقة بالمشي إلى الصلاة، وإذا كان كذلك فالمشي إلى صلاة الفجر في جماعة أشقُّ من غيرِها، لأنها وإن شاركتها العشاء في المشي في الظُّلْمة فإنها تزيد عليها مفارقة أكثر المشتهاة طبعًا.

ولم أر أحدًا من الشُّرَّاح نبَّهَ على مناسبة حديث أبي الدرداء للترجمة إلا الزينُ ابن المنير فإنه قال: تدخل صلاة الفجر في قوله: يصلون جميعًا. وهي أخص بذلك من باقي الصلوات. وذكر بن رشيد نحوَه وزاد أن استشهاد أبي هريرة في الحديث الأول بقوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]، يشير إلى أن الإتمامَ لها آكد.

قال شيخنا: وأقول: تفنن المصنف بإيراد الأحاديث الثلاثة في الباب، إذْ تؤخذ المناسبة من حديث أبي هريرة بطريق الخصوص ومن حديث أبي الدرداء بطريق العموم ومن حديث أبي موسى بطريق الاستنباط، ويمكن أن يقال: لفظُ الترجمة يَحتمِل أن يُراد به فضل الفجر على غيرها من الصلوات وأن يراد به ثبوت الفضل لها في الجملة، فحديث أبي هريرة شاهدٌ للأول وحديث أبي الدرداء شاهدٌ للثاني وحديثُ أبي موسى شاهدٌ لهما والله أعلم. انتهى.

قال العيني: ومما يستفاد من حديث أبي موسى: الدلالةُ على فضل المسجد البعيد لأجل كثرة الخطأ، وسيأتي بيان ذلك في الباب الذي يلي الباب الذي يلي هذا الباب، إن شاء الله تعالى. انتهى

(32)

‌ بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ

أي هذا بابٌ في بيان فضل التهجير إلى صلاة الظهر.

التهجير: التبكير إلى كل شيء والمبادرةُ إليه، يقال: هجَّر يُهَجِّرُ تَهجيرًا فهو مُهَجِّر، وهي لغة حِجازيَّة، أراد المبادرة إلى أول وقت الصلاة، وإنما قال:(إِلَى الظُّهْرِ) مع أن لفظ التهجير يُغني عنه لزيادة التأكيد، وعامة نسخ البخاري:(بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ)، وعليه شَرْحُ ابنِ التين وغيرِه، وفي بعضها: <باب فضل التهجير إلى الصلاة>

(1)

، وعليه شرح ابن بطال، وهذه النسخة أعم وأشمل.

652 -

653 - 654 - قوله: (حَدَّثَني قُتَيْبَةُ بن سعيد) ترجمته في باب السلام من الإسلام.

قوله: (عَنْ مَالِكٍ) أي ابن أنس، ترجمته في كتاب الوحي.

قوله:

(1)

((وعليه شَرْحُ ابنِ التين وغيرِه، وفي بعضها: باب فضل التهجير إلى الصلاة)) ليست في (الأصل) والاستدراك من عمدة القاري.

ص: 195

(سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ) أي بضم السين المهملة وفتح الميم، ترجمته في باب الاستهام في الأذان.

قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ) أي ذكوان بالذال المعجمة، وكان يجلب السَّمْنَ والزيت إلى الكوفة، ترجمته في باب أمور الإيمان.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) أي عبد الرحمن، ترجمته في الباب أيضًا.

في هذا الإسناد: التحديث بصيغة الإفراد في موضع واحد، وفيه: العنعنة في أربعة مواضع. وفيه: أن رواته مدنيون ما خلا قتيبةَ فإنه بغلاني، بغلان بلخ من خراسان.

قوله: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَذَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ»

ثُمَّ قَالَ: «الشُّهَدَاءُ خَمْس: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل»

وَقَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ

وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ

(1)

وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا»)

مطابقته للترجمة في قوله: (وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ)، وتكلف الزينُ ابنُ المنير إبداء مناسبةٍ للأول من جهة أنه دال على أن الطاعة وإن قلَّتْ فلا ينبغي أن تُترك، واعترف بعدم مناسبة الثاني. انتهى.

قال شيخنا: في هذا المتن ثلاثة أحاديث: قصة الذي نحَّى غُصن الشوك، والشهداء، والترغيبُ في النداء وغيره ما ذُكِر، والمقصود منه ذِكرُ التهجير. وقد تقدم الحديث الثالثُ في باب الاستهام عن عبد الله بن يوسف عن مالك، ويأتي الثاني في الجهاد عنه أيضًا، والأولُ في المظالم كذلك، وكان قتيبةُ حدَّثَ به عن مالك هكذا مجموًعا فلم يتصرف فيه المصنفُ كعادته في الاختصار. انتهى.

وقال العيني: وهذا المتن الذي ذكره مشتملٌ على خمسة أحاديث: الأول: الذي أَخَّر الغصن. الثاني: الشهداء، الثالث: الاستهام. الرابع: التهجير. الخامس: الحبو. انتهى.

قلت: يظهر تحقيقُ ما قاله شيخُنا وما قاله العيني من مراجعة الأماكن التي قال شيخنا أنَّ الأحاديث الثلاثة فيه. انتهى.

قال العيني: أخرج البخاري قوله: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ

) إلى آخره في الصلاة عن عبد الله بن يوسف، وفي الشهادات عن إسماعيل، وأخرجه النَّسائي فيه عن عتبة بن عبد الله وقتيبة فرَّقَهما، وعن الحارث بن مسكين عن عبد الرحمن بن القاسم، سبعتهم عن مالك به، وأخرج قوله: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي في طَرِيقٍ

) الحديث. في الصلاة عن قتيبة. وأخرجه مسلم في الأدب وفي الجهاد عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك. وأخرجه الترمذي في البِرِّ عن قتيبة به، وقال: حسن صحيح.

قوله: (بَيْنَمَا رَجُلٌ)، قد ذكرنا غير مرةٍ أن أصل «بينما» :«بين» ، فأُشبِعت الفتحةُ فصارت ألِفًا، وزيدت فيه الميم فصارت «بينما» ، ويقال:«بينَا» بدون الميم أيضًا، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة، ويضافان إلى جملة من فعل وفاعل أو مبتدأ وخبر، ويحتاجان إلى جواب يتم

(2)

به المعنى.

والمبتدأ هنا قوله: (رَجُلٌ) خُصِّصَ بالصفة وهي قوله: (يَمْشِي)، وخبرُه قولُه:(وَجَدَ).

قوله:

(1)

((وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ)) ليست في (الأصل) والاستدراك من صحيح البخاري.

(2)

في (الأصل) : ((يعم))، والصواب:((يتم)).

ص: 195

(فَأَخَذَهُ)، وفي رواية الكُشْمِيهَنِي: <فَأَخَّرَهُ> أي فأخَّره عن الطريق.

قوله (فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ) معناه: رضي فعله وتقبل منه وأثنى عليه، يقال: شكرتُه وشكرتُ له بمعنى واحد.

قوله: (الشُّهَدَاءُ) جمع: شهيد، سُمِّيَ به لأن الملائكة يشهدون موتَه، فكان مشهودًا. وقيل: مشهودٌ له بالجنة، فعلى هذا يكون الشهيد على وزن: فعيل، بمعنى: مفعول، وقيل: لأنه حيٌّ عند الله حاضرٌ ويشهد حضر القدس ويحضرها، وقيل: لأنه شهِدَ ما أعدَّ اللهُ له من الكرامة. وقيل: لأنه ممن يستشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على سائر الأمم المكذِّبين، فعلى هذه المعاني يكون الشهيد بمعنى: شاهد.

قوله: (خَمْسٌ) بدون التاء، هكذا في رواية أبي ذر عن الحموي، وفي رواية الباقين: <خمسة> بالتاء، وهذا هو الأصل. ولكن إذا كان المميَّز غير مذكور جاز الأمران، وفي رواية مالك في «الموطأ» :((الشهداء سبعة))، ونقص:(الشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّه)، وزاد:((صاحب ذات الجنب، والحريق، والمرأة تموت بجمع)) أي التي تموت وولدُها في بطنها. وفي رواية أبي داود والنسائي وابن حبان والحاكم من حديث جابر بن عتيك مرفوعًا: ((الشهادة سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون والغريق وصاحب الجنب والمبطون وصاحب الحريق والذي يموت تحت الهدم والمرأة تموت بجمع)).

وفي حديث ابن ماجه من حديث عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: ((موت الغريب شهادة))، وإسناده ضعيف.

وَرَوَى سُويد بن سعيد الحَدَثاني عن علي بن مُسهِر عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن عشِقَ فعفَّ وكتمه ثم مات، مات شهيدًا)). وقد أنكره علَى سُويد الأئمةُ، قاله ابن عدي في «كامله» ، وكذا أنكره البيهقي وابن طاهر، وقال ابن حبان: من روى مثل هذا عن علي بن مسهر تجب مجانبة روايته، وسويد بن سعيد هذا وإن كان مسلم أخرج له في «صحيحه» فقد اعتذر مسلم عن ذلك، وقال: إنه لم يأخذ عنه إلا ما كان عاليًا وتوبع عليه، ولأجل هذا أعرَضَ عن مثل هذا الحديث.

وذكر ابنُ عساكر عن ابن عباس في تعداد الشهداء: الشريقُ وما أكله السبع. فإن الشهداء في «الصحيح» : خمسة، وفي رواية مالك: سبعة، ومع رواية ابن ماجه عن ابن عباس تكون: ثمانية، ومع رواية سويد بن غفلة عن ابن عباس تكون: تسعة، وفي رواية ابن عساكر عن ابن عباس يكون أحد عشر؟ قال العيني: لا تناقض بينها لأن الاختلاف في العدد بحسب اختلاف الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: (المَطْعُونُ) هو الذي يموت في الطاعون

(1)

، أي الوباء، ولم يُرِد المطعونَ بالسِّنان، لأنه الشهيد في سبيل الله، والطاعون مرض عام يفسد له الهواء فتفسد الأمزجة والأبدان.

قوله: (وَالمَبْطُونُ) هو صاحب الإسهال، وقيل: هو الذي به الاستسقاء، وقيل: هو الذي يشتكي بطنَه. وقيل: من مات بداء بطنه مطلقًا.

قوله: (وَصَاحِبُ الهَدْمِ) هو الذي يموت تحت الهدم، وقال ابن الجوزي: بفتح الدال المهملة، وهو اسم ما يقع، وأما بتسكين الدال فهو الفعل

(1)

((في الطاعون)) ليست في (الأصل) والاستدراك من عمدة القاري.

ص: 196

والذي يقع هو الذي يقتل ويجوز أن يُنْسب القتل إلى الفعل.

قوله: (والشَّهيْد في سَبيْل الله) هذا هو الخامس من الشهداء، قال الطيبي: فإنْ قلت خمسة خبر المبتدأ والمعدود هذا بيان له فكيف يصح في الخامس فإنَّه حمل الشيء على نفسه فكأنَّه قال الشهيد هو الشهيد؟ قلت هو من باب:

أنا أبو النَّجْم وشِعْري شِعْرِي

وقال الكرماني: الأولى أن يُقال المراد القتيل، فكأنَّه قال الشهيد كذا وكذا والقتيل في سبيل الله.

قلت: أما السرُّ في خصوصية هؤلاء المذكورين بهذه الكرامة مع أنَّ كثيراً من الأمراض أشدُّ ألماً من أمراضهم، فلعلنا نذكره في كتاب الجهاد إنْ شاء الله تعالى.

قوله: (إلا أنْ يَسْتَهِمُوا) أي إلا أن يقترعوا، وتقدم الكلام فيه في باب الاستهام في الأذان.

قوله: (ولو حَبْواً) الحبو: حبو الصغير على يديه ورجليه، وقال ابن الأثير: الحيوان يمشي على يديه وركبتيه أو استه، وحبا البعير إذا برك ثم زحف من الإعياء، وحبا الصغير إذا زحف على استه. فإنْ قلت بمَ انتصب حبواً؟ قال العيني: على أنَّه صفة لمصدر محذوف، أي لأتوهما ولو كان إتياناً حبواً، ويجوز أنْ يكون خبر كان المقدر والتقدير ولو كان إتيانكم حبواً. انتهى.

ذكر ما يستفاد من الحديث وهو على وجوه:

الأول: فيه إماطة الأذى عن الطريق وهي أدنى شعب الإيمان، فإذا كان الله يشكر عبده ويغفر له على إزالة غصن شوك من الطريق فلا يدري ماله من الفضل والثواب إذا فعل ما فوق ذلك.

الثاني: فيه بيان الشهداء؛ الشهيد عند الحنفية من قَتله المشركون، أو وجد في المعركة وبه أثر الجراحة، أو قتله المسلمون ظلماً ولم يجب بقتله دية قاله العيني. وعند مالك والشافعي وأحمد: الشَّهيد هو الذي قتله العدو غازياً في المعركة ثم الشهيد يكفن بلا خلاف، ولا يغسَّل.

وفي «المغني» : إذا مات في المعْتَرك فإنه لا يغسل رواية واحدة، وهو قول أكثر أهل العلم.

قال العيني: ولا نعلم فيه خلافاً إلا عن الحسن وابن المسيب فإنهما قالا: يغسل الشهيد ولا يعمل به. ويصلى به عند الحنفية، وهو قول ابن عباس وابن الزبير وعقبة بن عامر وعكرمة وسعيد بن المسيب والحسن البصري ومكحول والثوري والأوزاعي والمزني وأحمد في رواية واختارها الخلَّال، وقال مالك والشافعي وإسحاق: لا يُصلَّى عليه وهو قول أهل المدينة، وقال النووي في «شرح المهذب» : المذهب الجزم بتحريم الصلاة عليه، وقال ابن حزم: إنْ شاؤوا صلوا عليه وإن شاؤوا تركوها. وقال الكَرْمَاني: فإنْ قلت الشهيد حكمه أنْ لا يغسل ولا يصلى عليه وهذا الحكم غير ثابت في الأربعة الأُوَل باتفاق، قلت معناه أنه يكون لهم في الآخرة مثل ثواب الشَّهداء.

قالوا الش ((في الطاعون)) ليست في (الأصل) والاستدراك من عمدة القاري. هداء على ثلاثة أقسام: شهيد الدنيا والآخرة وهو من مات في قتال الكفار بسببه، وشهيد الآخرة دون أحكام الدنيا، وهم هؤلاء المذكورين، وشهيد الدنيا دون الآخرة وهو من قتل مدبراً أو غلَّ في الغنيمة،

ص: 196