الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو قول غريب للشافعي، وقال ابن المنذر: وبه أقول. قال: وقد رُوي معناه عن ابن عبَّاس وأبي هريرة. ومذهب البعض أنَّ كثيره ينقض بكلِّ حال، وقليله لا ينقض بكلِّ حال، وهو مذهب الزُّهْري وربيعة والأوزاعي ومالك وأحمد في رواية. ومذهب البعض إنَّه إذا نام على هيئة من هيئات المصلِّين كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينتقض وضوؤه سواء كان في الصَّلاة أو لم يكن، وإن نام مضطجعًا أو مستلقيًا على قفاه انتقض، وهو مذهب أبي حنيفة وداود وقول غريب للشافعي، ومذهب البعض أنَّه لا ينقض النَّوم إلَّا نوم الساجد، ورُوي هذا عن أحمد أيضًا، ومذهب البعض أنَّه لا ينقض النَّوم في الصَّلاة بكلِّ حال، وينقض خارج الصَّلاة، وهو قول ضعيف للشافعي، ومذهب البعض إنَّه إذا نام جالسًا مُمَكِّنًا مقعدته من الأرض لم ينقض، وإلا انتقض سواء قل أو كثر، وسواء كان في الصَّلاة أو خارجها، وهو مذهب الشَّافعي رحمه الله.
(25)
(بَاب وَقْتِ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)
أي هذا باب في بيان أنَّ وقت العشاء إلى نصف اللَّيل، وهذه الترجمة تدلُّ على أنَّ اختياره في آخر وقت العشاء إلى نصف اللَّيل، والدليل عليه حديث الباب، قال العَيني: وقد تكلَّمنا بما فيه الكفاية في باب وقت العصر فيما مضى. وقال الكِرْماني: ظاهر الترجمة تشعر بأن مذهب البخاري أنَّ وقت العشاء إلى النصف فقط، ولهذا لم يذكر حديثًا يدلُّ على امتداد وقته إلى الصبح. وقال العَيني: مُرَادُه من هذا وقت الاختيار لا وقت الجواز، وهو صرَّح به قبل كلامه هذا بأن المراد من الترجمة الوقت المختار من العشاء. وقال الكِرْماني أيضًا: فإن قلت: قد تقدَّم أنَّ الوقت المختار إلى الثلث، كما قال في الباب السابق: وكانوا يصلُّون فيما بين أن يغيب الشفق، إلى ثلث اللَّيل؟ قلت: لا منافاة بينهما إذ الثلث داخل في النصف. انتهى.
قال شيخنا: في هذه الترجمة حديث صريح أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عَمْرو بن العاص في بيان أوَّل الأوقات وآخرها وفيه: (فَإِذَا صَلَّيْتُمُ العِشَاءَ فَإِنَّهُ وَقَّتَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)، قال النَّوَوي: معناه وقَّت لأدائها اختيارًا، وأما وقت الجواز فيمتدُّ إلى طلوع الفجر، لحديث أبي قَتَادَة عند مسلم:(إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلاة حتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلاة الْأُخْرَى) وقال الإِصْطَخْري: إذا ذهب نصف اللَّيل صارت قضاء. قال: ودليل الجمهور حديث أبي قَتَادَة المذكور، قال شيخنا أيضًا: وعموم حديث أبي قَتَادَة مخصوص بالإجماع في الصبح، وعلى قول الشَّافعي الجديد في المغرب أن يقول أنَّه مخصوص بالحديث المذكور وغيره من الأحاديث في العشاء، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَحِبُّ تَأْخِيْرَهَا) هذا طرف من حديث أبي برزة الذي تقدَّم في باب وقت العصر، وهو الذي رواه عن محمَّد بن مُقَاتل، وفيه: وكان يستحبُّ أن يؤخِّر العشاء الَّتي تدعونها العتمة. فإن قلت: هذا لا يطابق
الترجمة لأنَّه لم يذكر فيه (إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)، قال العَيني: لما وردت أحاديث في هذا الباب بعضها مقيَّد بالثلث وبعضها بالنصف، كان النصف غاية التأخير، فدلَّ على الترجمة دلالةً لا تصريحًا، قال شيخنا: ولم أرَ في امتداد وقت العشاء إلى طلوع الفجر حديثًا صريحًا يثبت.
572 -
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ المُحَارِبِيُّ) أي ابن عبد الرحمن بن محمَّد الكوفي، يكنَّى أبا زياد، وهو من قدماء شيوخ البخاري، مات سنة إحدى عشرة ومائتين، وليس للبخاري في الصحيح عنه غير هذا الحديث الواحد، والمحاربي: بضمِّ الميم وإهمال الحاء وكسر الرَّاء وبالباء الموحدة، نسبة إلى محارب بن عَمْرو بن وديعة بن لُكيز بن أفصى بن عبد القيس.
قوله: (قَالَ حدَّثنا زَائِدَةُ) أي ابن قُدامة بضمِّ القاف، ترجمته في باب غسل المذي والوضوء منه.
قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ) أي بضمِّ الحاء، ترجمته في باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر في كتاب الإيمان.
قوله: (عَنْ أَنَسِ) أي ابن مالك رضي الله عنه، ترجمته في باب من الإيمان أن يحبَّ.
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه العنعنة في موضعين، وفيه القول في موضعين، وفيه أنَّ شيخ البخاري ليس [له]
(1)
ههنا إلَّا هذا الحديث، وفيه أنَّ رواته ما بين كوفي وبصري، قال شيخنا: وفيه أنَّ في رواية أبي ذرٍّ: <حَدَّثَنا حُمَيْدٌ>، وفي رواية أبي الوقت وغيره:((حُمَيْد)) بغير صيغة ((حدَّثنا)).
قوله: (قَالَ أَخَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثمَّ صلَّى ثمَّ قَالَ: قَدْ صلَّى النَّاس وَنَامُوا أَمَا إِنَّكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا) مطابقته للترجمة ظاهرة صريحًا.
قوله: (صَلَاةَ الْعِشَاءِ) زاد مسلم: «لَيْلَةً» وفيه إشعار بأنه عليه السلام لم يكن يواظب على ذلك.
قوله: (قَدْ صلَّى النَّاسُ) أي المعهودون من المسلمين إذ ذاك.
قوله: (أَمَا إِنَّكُمْ) بتخفيف الميم حرف التنبيه.
قوله: (مَا انْتَظَرْتُمُوْهَا) أي مدَّة انتظاركم، والمعنى أنَّ الرجل إذا انتظر الصَّلاة فكأنَّه في نفس الصلاة.
قوله: (وَزَادَ ابنُ أَبِي مَرْيَمَ) أي سعيد بن الحكم المصري، ترجمته في باب البصاق والمخاط ونحوه في الثَّوب في كتاب الصلاة.
قوله: (أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ) أي المصري، ترجمته في الباب أيضًا.
قوله: (قَالَ: حدَّثني حُمَيْدٌ) أي الطويل.
قوله: (سَمِعَ أَنَسًا) أي ابن مالك.
قوله: (كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ لَيْلَتَئِذٍ) قال شيخنا: مراده بهذا التعليق بيان سماع حُمَيْد للحديث من أَنَس، وذكر هذا التعليق أيضًا في اللباس بلفظ: وقال يحيى بن أيُّوب عن حُمَيْد فذكره، وأخرجه مسلم. قال شيخنا: ووَقَعَ لنا هذا التعليق موصولًا عاليًا من طريق أبي طاهر المخلص في الجزء الأوَّل من فوائده، قال: حدَّثنا البَغَوي حدَّثنا أحمد بن مَنْصور حدَّثنا ابن أبي مريم بسنده، وأوَّله: سئل أَنَس، هل اتخذ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خاتمًا؟ قال: نعم، أخَّر العشاء فذكره وفي آخره: وكأني أنظر إلى وبيص خاتمه ليلتئذ. انتهى. والوَبِيص -بفتح الواو وكسر الباء الموحدة وبالصاد المهملة-:
(1)
(له) ليست في المخطوط، وأضيفت لتمام المعنى من عمدة القاري.