الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معي على حالتي التي أنا عليها)).
واستُدِلَّ به على أنَّ من أدرك الإمامَ راكعًا لم تحسب له تلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته، لأنه فاته الوقوفُ والقراءةُ فيه، وهو قولُ أبي هريرة وجماعةٍ بل حكاه البخاري في القراءة خلفَ الإمام عن كل من ذهب إلى وجوبِ القراءة خلفَ الإمام، واختارَهُ ابنُ خزيمة والضبعي وغيرُهما من محدثي الشافعية، وقواه الشيخ تقي الدين السُّبكي من المتأخرين. والله أعلم.
قال شيخنا أيضًا: وحجة الجمهور حديث أبي بكرة حيثُ ركع دونَ الصف فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((زادك الله حرصًا ولا تعُد))، ولم يأمره بإعادة تلك الركعة وسيأتي في أثناء صفة الصلاة إن شاء الله تعالى.
قال العيني: وروى أبو داود من حديث معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تبادروني بالركوع والسجود، فإنه مهما أسبِقُكُم به إذا ركعتُ تدركوني به إذا رفعتُ، وإني قد بدنت)). وهذا يدل أن المقتدي إذا لَحِق الإمامَ وهو في الركوع فلو شرع معه ما لم يرفع رأسَه يصيرُ مدركًا لتلك الركعة، فإذا شَرَعَ وقد رَفَعَ رأسَه لا يصيرُ مدركًا لتلك الركعة، ولو ركع المقتدي قبل الإمام فلحِقَهُ الإمامُ قبل قيامه يجوز عندنا خلافًا لزُفَر. انتهى.
(22)
بَابٌ: مَتَى يَقُومُ النَّاسُ، إِذَا رَأَوُا الْإِمَامَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ
أي هذا باب يُذكَر فيه متى يقوم الجماعةُ إذا رأوا الإمام عند إقامة الصلاة، وحديثُ الباب يبيِّنُ ذلك.
قيل: أوردَ الترجمة بلفظ الاستفهام لأن قولَه في الحديث: (لَا تَقُومُوا) نَهيٌ عن القيام، وقولَه:(حَتَّى تَرَوْنِي) تسويغٌ للقيام عند الرؤية، وهو مطلقٌ غيرُ مقيد بشيءٍ من ألفاظِ الإقامة، ومن ثَمَّ اختلف السلف في ذلك كما سيأتي.
637 -
قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) أي القصاب، ترجمته في باب زيادة الإيمان.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ) أي الدستوائي، ترجمته في الباب أيضًا.
قوله: (قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ) أي اليمامي الطائي، في باب كتابة العلم.
قوله: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ) أي السلمي، في باب النهي عن الاستنجاء باليمين.
قوله: (عَنْ أَبِيهِ) أي الحارث بن ربعي، ترجمته في الباب أيضًا.
في هذا الإسناد: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: الكتابة وهي طريقٌ من طرق الحديث، وهي أن يكتب بمسموعِه لغائب أو حاضر، إما أن تكون مقرونة بالإجازة أو لا، وذلك عندهم معدود في المسند الموصول.
وظاهر قوله: (كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى) أنه لم يسمعه منه، وقد رواه الإسماعيلي من طريق هشيم عن هشام وحجاج الصواف، وكلاهما عن يحيى، وهو من تدليس الصِّيَغ، وصرح أبو نعيم في «المستخرج» من وجه آخر عن هشام أن يحيى كتب إليه أن عبد الله بن أبي قتادة حدثه، فأُمِن من تدليس يحيى. وفيه: القول في أربعة مواضع.
قوله: (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي»).
مطابقته للترجمة من حيث إن معنى الحديث أن الجماعة لا يقومون عند الإقامة إلا حين يرون أنَّ الإمام قام، وقد اختلف العلماء في وقت قيام الناس على ما نُبَيِّنُهُ عن قريبٍ
إن شاء الله تعالى.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الصلاة عن أبي نُعيم عن شيبان عن يحيى به، وعن عمرو بن علي عن أبي قتيبة. وأخرجه مسلم فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن إسحاق بن إبراهيم وعن ابن أبي شيبة عن إسماعيل بن عُلَيَّة وعن محمد بن حاتم وعبيد الله بن سعيد. وأخرجه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل وعن إبراهيم بن موسى وعن أحمد بن صالح. وأخرجه الترمذي فيه عن أحمد بن محمد. وأخرجه النَّسائي فيه عن الحسين بن حريث وعن علي بن حجر.
قوله: (أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ) أي ذُكِرتْ ألفاظُ الإقامة ونودي بها.
قوله: (حَتَّى تَرَوْنِي) أي تبصروني خرجتُ، وصرَّحَ به عبد الرزاق وغيرُه عن معمر عن يحيى، أخرجه مسلم. ولابن حبان من طريق عبد الرزاق وحدَه:((حتى تروني خرجتُ إليكم)) وفيه مع ذلك حذفٌ تقديرُه: لا تقوموا حتى تروني خرجتُ فإذا رأيتموني خرجتُ فقوموا.
وقد اختلف السلف متى يقوم الناس إلى الصلاة؟ قال مالك في «الموطأ» : لم أسمع في قيام الناس حين تُقام الصلاة بحدٍّ محدود إلا أني أرى ذلك على طاقة الناس فإن منهم الثقيل والخفيف.
قال العيني: ذهب مالك وجمهور العلماء إلى أنه ليس لقيامهم حدٌّ، ولكن استَحبَّ عامَّتُهم القيامَ إذا أخذ المؤذن في الإقامة، وكان أنس رضي الله عنه، يقوم إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاةُ وكبَّرَ الإمامُ، وحكاه ابن أبي شيبة عن سويد بن غفلة، وكذا قيسُ بن أبي حازم وحماد. انتهى.
وكذا رواه سعيدُ بن منصور من طريق إسحاق عن أصحاب عبد الله وعن سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز: إذا قال المؤذن الله أكبر وجب القيام، وإذا قال حي على الصلاة عُدِّلت الصفوف، وإذا قال لا إله إلا الله كبَّرَ الإمام.
وذهب عامة العلماء إلى أنه لا يُكبِّرُ حتى يفرغَ المؤذن من الإقامة. وفي «المصنف» : كره هشامٌ - يعني: ابن عروة - أن يقوم حتى يقول المؤذن: قد قامت الصلاة. وعن يحيى بن وثاب: إذا فرغ المؤذن كَبَّرَ. وكان إبراهيم يقول: إذا قامت الصلاة كَبَّر، ومذهب الشافعي وطائفة أنه يستحب ألَّا يقوم حتى يفرغ المؤذن من الإقامة، وهو قول أبي يوسف.
وعن مالك رحمه الله: السنةُ في الشروع في الصلاة بعد الإقامة وبداية استواء الصف. وقال أحمد: إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، يقوم. وقال زفر: إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، مَرَّةً قاموا، وإذا قال ثانيًا افتتحوا.
قال العيني: وقال أبو حنيفة ومحمد: يقومون في الصف إذا قال: حي على الصلاة، فإذا قال: قد قامت الصلاة كبَّرَ الإمام، لأنه أمينُ الشرع وقد أخبر بقيامها فيجب تصديقُه، وإذا لم يكن الإمام في المسجد فذهب الجمهور إلى أنهم لا يقومون حتى يروه.
قال شيخنا: وخالف من ذكرنا على التفصيل الذي شرحْنا وحديثُ الباب حجةٌ عليهم. انتهى.
فإن قلتَ: روى مسلم من حديث أبي هريرة: ((أقيمت الصلاة فقمنا فعدَّلنا الصفوف قَبْلَ أن يخرُجَ إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وفي رواية: ((إن الصلاة كانت تقامُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأخذ الناسُ مصافَّهُم قبل أن يقوم النبيُّ صلى الله عليه وسلم