المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة) - مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط

[إبراهيم بن علي النعماني]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الحَرْبَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى العَنَزَةِ)

- ‌(بَابُ السُّترَةِ بِمَكَّةَ وَغَيرِهَا)

- ‌(بابُ الصَّلاة إِلى الأُسْطُوَانَةِ)

- ‌(بابُ: الصَّلاة بَينَ السَّواري في غَيرِ جَماعَةٍ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الرَّاحِلَةِ وَالبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلَى السَّرِيْرِ)

- ‌(بَابٌ يَرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَينَ يَدَيِهِ)

- ‌(بَابُ إِثمِ المَارِّ بَينَ يَدَي المُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الصَّلاة خَلْفَ النَّائِمِ)

- ‌(بَابُ التَّطَوُّعِ خَلْفَ المَرْأَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلاة شَيْءٌ)

- ‌(بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ)

- ‌(بَابٌ هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتِهِ عِندَ السُّجود لِكَي يَسْجُدَ)

- ‌(بابٌ المرأَةُ تَطْرَحُ عَنِ المُصَلِّي شَيئًا مِنَ الأَذَى)

- ‌كتابُ مواقيتِ الصَّلاةِ

- ‌(بابُ {مُنِيْبِيْنَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلاة وَلَا تَكُوْنُوا مِنَ المُشْرِكِينَ}

- ‌(بَابُ البَيْعَةِ عَلَى إِقامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابٌ الصَّلاة كَفَّارَةٌ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ الصَّلاة لَوَقْتِهَا)

- ‌(بَابٌ الصَّلوات الخَمْسُ كَفَّارَةٌ

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بَابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَابُ وقت الظُّهر عِنْدَ الزَّوَالِ)

- ‌(بَابُ تَأْخِيْرِ الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوْبِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ المَغْرِبِ)

- ‌(بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلمَغْرِبِ: العِشَاءَ)

- ‌(بَابُ ذِكْرِ العِشَاءِ وَالعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاس أَوْ تَأَخَّرُوا)

- ‌(بَابُ فَضْلِ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بَاب وَقْتِ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ

- ‌(بَاب وَقْتِ الفَجْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الفَجْرِ رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ الصَّلاة بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بَابُ لَا يُتَحَرَّى الصَّلاة قَبْلَ غُرُوْبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بَابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاة إلَّا بَعْدَ العَصْرِ وَالفَجْرِ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الصَّلوات الأُوْلَى فَالأُوْلَى)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌كِتَابُ الأَذَانِ

- ‌(بَابُ الأَذَانِ مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بَابُ الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ إلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوت بالنِّدَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُحْقَنُ بِالأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ ما يَقولُ إِذا سَمِعَ المنادِيَ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِندَ النّداءِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ الكَلَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعدَ الفَجْرِ)

- ‌ بَابُ الأَذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ

- ‌ بَابٌ: كَمْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَمَنْ يَنْتَظِرُ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابُ مَنِ انْتَظَرَ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابٌ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ

- ‌ بَابٌ: مَتَى يَقُومُ النَّاسُ، إِذَا رَأَوُا الْإِمَامَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ

- ‌ بَابٌ: هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا

- ‌ بَابُ الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ

- ‌ بَابُ الكَلَامِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ

- ‌(بَابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌باب فضل صلاة الجماعة

- ‌ بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ

- ‌ باب احتساب الآثار

- ‌ باب فضل صلاة العشاء في الجماعة

- ‌ باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد

- ‌ باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

- ‌ باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(بابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ وَالعِلَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يُصَلِّي الإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ

- ‌(بَابٌ: إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا دُعِيَ الإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ

- ‌(بَابٌ: أَهْلُ العِلْمِ وَالفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بَابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ، فَجَاءَ الإِمَامُ الأَوَّلُ، فَتَأَخَّرَ الأَوَّلُ

- ‌(بَابٌ: إِذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ)

- ‌(بَابُ إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بَابٌ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابٌ: مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ العَبْدِ وَالمَوْلَى)

- ‌(بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ)

- ‌(بَابٌ: يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بَابُ تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِي القِيَامِ، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ)

- ‌(بَابُ مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ)

- ‌(بَابُ إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا)

- ‌(بَابُ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابٌ: الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ

- ‌(بَابُ إِقْبَالِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ، عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌(بَابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بَابٌ: إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بَابُ إِلْزَاقِ المَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالقَدَمِ بِالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ، خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بابُ مَيمَنَةِ المسجِدِ وَالإِمامِ)

- ‌ باب صلاة الليل

الفصل: ‌(باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة)

في «الأم» : يقوم من السجدة الثانية، ولم يأمر بالجلوس. فقال بعض أصحابه: إن ذلك على اختلاف حالين إن كان كبيراً أو ضعيفاً جلس، وإلا لم يجلس. وقال بعض أصحابه: في المسألة قولان: أحدهما: لا يجلس، وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري وأحمد وإسحاق، وروي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وعمر وعلي وأبي الزناد والنخعي. وقال ابن قدامة: وعن أحمد قولٌ إنه يجلس، وهو اختيار الخلال، وقيل إنه فصَّل بين الضعيف وغيره. وقال أحمد: وترْكُ الجلوس عليه أكثر الأحاديث. وقال النعمان بن أبي عياش: أدركت غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس. قال الترمذي: وعليه العمل عند أهل العلم. وقال أبو الزياد

(1)

: تلك السنة، وأجابوا عن حديث مالك بن الحويرث بأنه: يحتمل ذلك أن يكون بسبب ضعف كان به عليه السلام. وقال السفاقسي: قال أبو عبد الملك: كيف ذهب هذا الذي أخذ به الشافعي على أهل المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم، يصلي بهم عشر سنين؟ وصلى بهم أبو بكر وعمر وعثمان والصحابة والتابعون، فأين كان يذهب عليهم هذا المذهب؟ قال الطحاوي: والنظر يوجب أنه ليس بين السجود والقيام جلوس، لأن من بيان الصلاة التكبير فيها والتحميد عند كل خفض ورفع وانتقال من حال إلى حال، فلو كان بينهما جلوس لاحتاج أن يكبِّر عند قيامه من ذلك الجلوس تكبيرة، كما يكبر عند قيامه من الجلوس في صلاته إذا أراد القيام إلى الركعة التي بعد الجلوس. انتهى.

قلتُ: لا يرجع إلى هذا ثبوتُ فعله عليه السلام، لذلك قال صاحب «التوضيح» : وجلسة الاستراحة ثابتة في حديث أبي حُميد الساعدي، لا كما نفاها الطحاوي، بل هي ثابتة في حديث المسيء في صلاته في البخاري. قال العيني: ما نفى الطحاوي إلا كونها سنة، وقد روى الترمذي من حديث أبي هريرة:((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهض في الصلاة معتمدا على صدور قدميه)). وقال الترمذي: هذا الحديث عليه العمل عند أهل العلم. فإن قلتَ: في مسنده خالد بن إياس، وقيل: إلياس ضعَّفَه البخاري والنسائي وأحمد وابن معين. قال العيني: قال الترمذي: مع ضعفه يكتب حديثه، ويقويه ما روي عن الصحابة في ذلك على ما ذكرناه. انتهى.

قلتُ: هذا الحديث لا يقاوم حديث مالك ولا حديث المسيء صلاته، وما نُقِل عن الصحابة لا يرقى في حديث أبي هريرة إلى رتبة الحديثين المذكورين، وحديث مالك اجتمع فيه القول والفعلُ، وما روي عن الصحابة فعلٌ وليس فيه قولٌ بنفي ما أثبتَه مالك بن الحويرث. انتهى. ونُقل عن ابن عمر أنه كان يعتمد عند قيامه، وفَعَلَه مسروق ومكحول وعطاء والحسن، وهو قول الشافعي وأحمد محتجَّيْنِ بهذا الحديث، وأجازه مالك في «العتبية» ثم كرهه

(1)

في (الأصل) : ((أبو الزياد)) والصواب ((أبو الزناد)).

ص: 227

ورأت طائفةٌ أنه لا يعتمد على يديه إلا أن يكونَ شيخاً أو مريضاً، وقال ابن بطال: روي ذلك عن علي والنخعي والثوري، وكره الاعتمادَ ابنُ سيرين وقال صاحب «الهداية» : وما رواه الشافعي - وهو حديث مالك بن الحويرث - محمولٌ على فعله عليه السلام بعدما كبر وأسن. قال العيني: فيه تأمل، لأن أنهى ما عُمِّر عليه السلام ثلاث وستون سنة، وفي هذا القدر لا يعجز الرجل عن النهوض، اللهم إلا إذا كان لِعذرِ مرضٍ أو جراحةٍ ونحوهما. وفي «التوضيح» : وحمْلُ مالكٍ هذا الحديثَ على حالة الضعف بعيدٌ، وكذا قول من قال: أن مالك بن الحويرث رجل من أهل البادية أقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين ليلة ولعله رآه فعل ذلك في صلاة واحدة لِعذر فظن أنه من سنة الصلاة أبعد وأبعد. انتهى.

وفي الحديث دليل على أنه يجوز للرجل أن يعلم غيره الصلاة والوضوء، عملاً وعياناً، كما فعل جبريل، عليه الصلاة والسلام، بالنبي صلى الله عليه وسلم. وفيه: أن التعليم بالفعل أوضح من القول.

(46)

(بَابٌ: أَهْلُ العِلْمِ وَالفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ)

أي هذا باب ترجمتُه: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة من غيرهم ممن ليس من أهل العلم، قال شيخنا: ومقتضاه أن الأعلم والأفضل أحق من العالم والفاضل، وسيأتي الكلام على ترتيب الأئمَّة بعد بابين. قال العيني: هذا التركيب لا يقتضي أصلاً هذا المعنى، بل مقتضاه أن العالم أحق من الجاهل، والفاضل أحق من غير الفاضل. انتهى. قلتُ: إنما استحق العالِم التقديمَ لأجل ما اتَّصفَ به من الزيادة في أوصافه الحميدة إذْ لا شكَّ أن الأعلمَ فيه زيادةُ وصفٍ جميلٍ على العالم، فمقتضى هذا أن يكون أحق بالإمامة، وقد قرر الفقهاءُ هذا الحكم في الفروع. انتهى. وقال شيخنا أيضاً: وذِكرُ الفضل بعد العلمِ من العام بعد الخاص. قال العيني: هذا إنما يتَمشى إذا أريد من لفظ الفضل معنى العموم، وأما إذا أريد منه معنى خاص لا يتمشى هذا على ما لا يخفى. انتهى.

678 -

قوله: (حَدَّثَني إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ) أي بفتح النون وسكون الصاد المهملة: وهو إسحاق بن إبراهيم بن نصر أبو إبراهيم، وروى عنه البخاري في غير موضع من كتابه، مرةً يقول: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر، ومرة يقول: حدثنا إسحاق بن نصر، فينسبه إلى جده، ترجمته في باب فضل من علم وعلَّم.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ) أي ابن علي بن الوليد الجعفي الكوفي، ترجمته

(1)

.

قوله: (عَنْ زَائِدَةَ) أي ابن قدامة، ترجمته في باب غسل المذي والوضوء منه.

قوله: (عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ) أي تصغير عمرو، ابن سويد الكوفي كان معروفاً بعبد الملك القبطي، لأنه كان له فرس سابق يعرف بالقبطي، فنسب إليه، وكان على قضاء الكوفة بعد الشعبي وهو أول مَن عَبَر نهر جيحون نهر بلخ على طريق سمرقند، مات

(1)

بياض في (الأصل) بعد قوله: ((ترجمته)).

ص: 227

سنة ست وثلاثين ومائة وعمره مائة سنة وثلاث سنين.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ) أي ابن أبي موسى، ووهِمَ مَن قال: إنه أخوه. واسمه: عامر، ترجمته في باب أيُّ الإسلام أفضل.

قوله: (عَنْ أَبِي مُوسَى) أي الأشعري، عبد الله بن قيس، ترجمته في الباب أيضاً.

في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في موضع، وبصيغة الإفراد في موضعين، وفيه: العنعنة في ثلاث مواضع. وفيه: القول في ثلاث مواضع، وفيه: نسبة الراوي إلى جده وهو شيخ البخاري، وفيه: رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي، وفيه: أن رواته كلهم كوفيون سوى شيخ البخاري. وفيه: أن شيخه من أفراده.

قال شيخنا: والظاهر أن حديث أبي موسى من مراسيل الصحابة، ويحتمل أن يكون تلقَّاه عن عائشة أو بلال.

قوله: (قَالَ: مَرِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ، فَقَالَ: ((مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ))، قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، قَالَ:((مُرِي أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ))، فَعَادَتْ، فَقَالَ:((مُرِي أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ))، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

مطابقته للترجمة ظاهرة، فإن أبا بكر أفضلُ الصحابة رضي الله عنهم.

وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضاً في أحاديث الأنبياء عليهم السلام، عن الربيع بن يحيى، وأخرجه مسلم في الصلاة عن أبي بكر بن أبي شيبة.

قد ذكرنا أكثر معاني هذا الحديث وما يتعلق به في باب حد المريض أن يشهد الجماعة، فإنه روَى هذا الحديث هناك من حديث الأسود عن عائشة، وبَيَّنَّا هناك ما ذُكِر فيه من اختلاف الروايات.

قوله: (رَقِيقٌ) أي رقيق القلب.

قوله: (لَمْ يَسْتَطِعْ) أي من البكاء لكثرة الحزن ورقة القلب.

قوله: (فَعَادَتْ) أي: عائشة إلى مقالتها الأولى.

قوله: (فَإِنَّكُنَّ)، الخطابُ لجنس عائشة، وإلا فالقياس أن يقال: إنكِ، بلفظ المفرد.

قوله: (فَأَتَاهُ الرَّسُولُ) أي فأتى أبا بكر رسولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بتبليغ الأمر بصلاته بالناس، وكان الرسولُ هو بلال.

قوله: (فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أي إلى أن مات، وكذا صرَّح به موسى بن عقبة في «المغازي» .

فيه: دلالة على فضل أبي بكر رضي الله عنه. وفيه: أن أبا بكر صلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت في هذه الإمامة - التي هي الصغرى - دلالة على الإمامة الكبرى.

وفيه: أن الأحق بالإمامة هو الأعلم، واختلف العلماء فيمن هو أولى بالإمامة، فقالت طائفةٌ: الأفقهُ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والجمهور. وقال أبو يوسف وأحمد وإسحاق: الأقرأُ، وهو قول ابن سيرين وبعضِ الشافعية، ولا شك في اجتماع هذين الوصفين في حق الصِّديق، ألا ترى إلى قول أبي سعيد:

ص: 228

وكان أبو بكر أعلمَنا، ومراجعة الشارع بأنه هو الذي يصلي يدل على ترجيحه على جميع الصحابة وتفضيله. فإن قلتَ: في حديث أبي مسعودٍ البدري الثابت في مسلم: ((يؤم

(1)

القوم أقرؤهم لكتاب الله)) يعارض هذا؟ قال العيني: لا، لأنه لا يكاد يوجد إذ ذاك قارئ إلا وهو فقيه. انتهى. وأجاب بعضهم: بأن تقديم الأقرأ كان في أول الإسلام حين كان حفاظ الإسلام قليلاً، وقد قُدِّمَ عمرو بن سلمة وهو صغير على الشيوخ لذلك، وكان سالم يؤم المهاجرين والأنصار في مسجد قباء حين أقبلوا من مكة لعدم الحُفَّاظِ حينئذ، وقال الحنفيةُ: أولى الناس بالإمامة أعلمهم بالسُّنَّة، أي بالفقه والأحكام الشرعية إذا كان يُحسِن من القراءة ما تجوز به الصلاة، وهو قول الجمهور، وإليه ذهب عطاء والأوزاعي ومالك والشافعي. وعن أبي يوسف: أقرأ الناس أولى بالإمامة، يعني: أعلمهم بالقراءة وكيفية أداء حروفها ووقوفها وما يتعلق بالقراءة، وهو أحد الوجوه عند الشافعية. وفي «االمبسوط» وغيرِه: إنما قدم الأقرأ في الحديث لأنهم كانوا في ذلك الوقت يتَلَقَّوْنَه

(2)

بأحكامه، حتى روي أن ابن عمر حفظ سورة البقرة في اثني عشرة سنة، فكان الأقرأ فيهم هو الأعلم بالسنة والأحكام. وعن ابن عمر أنه قال: ما كانت تنزل السورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ويُعلم أمرُها ونهيُها وزجرُها وحلالُها وحرامُها، والرجل اليوم يقرأ السورة ولا يعرف من أحكامها شيئاً.

فإن قلتَ: لما كان أقرؤُهم أعلمَهم فما معنى قوله عليه السلام: ((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة))، وأقرؤهم هو: أعلمهم بالسنة في ذلك الوقت لا محالة على ما قالوا؟ قال العيني: المساواة في القراءة توجيهاً في العلم في ذلك الزمان ظاهراً لا قطعاً، فجاز تصور مساواة الإثنين في القراءة مع التفاوت في الأحكام، ألا ترى أن أُبَيَّ بن كعب رضي الله عنه كان أقرأ وابن مسعود كان أعلم وأفقه. وفي «االنهاية» : اشتغل بحفظ القرآن ستة: أبو بكر وعثمان وعلي وزيد و أُبَيَّ بن كعب وابن مسعود رضي الله عنهم، وعمر رضي الله عنه كان أعلم وأفقه من عثمان، ولكن كان يعسُر عليه حفظ القرآن، فجرى كلامه عليه السلام على الأعم الأغلب.

فإن قلتَ: الكلام في الأفضلية مع الاتفاق على الجواز على أي وجه كان، وقوله صلى الله عليه وسلم:((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)) بصيغته تدل على عدم جواز إمامة الثاني عند وجود الأول، لأن صيغته صيغة إخبار، وهو في اقتضاء الوجوب آكد من الأمر، وأيضاً فإنه ذَكَره بالشرط والجزاء فكان اعتبارُ الثاني إنما كان بعد وجود الأول لا قبله. قال العيني: صيغة الإخبار لبيان الشرعية لا أنه لا يجوز

(1)

في (الأصل) : ((يقوم)) والصواب ((يؤم)).

(2)

في (الأصل) : ((ينقلونه)) والصواب ((يتلقونه)).

ص: 228

غيره، لقوله: ((يمسحُ

(1)

المقيمُ يوماً وليلةً)). ولئن سلمنا أن صيغة الإخبار محمولة على معنى الأمر، ولكن الأمر يحمل على الاستحباب لوجود الجواز بدون الاقتداء بالإجماع.

فإن قلتَ: لو كان المراد في الحديث من قوله: ((يؤم القومَ أقرؤُهم)) هو الأعلم لكان يلزم تكرار الأعلم في الحديث، ويكون التقدير: يؤم القوم أعلمهم، فإن تساووا فأعلمهم؟ قال العيني: المراد من قوله: كان أقرؤهم أعلَمهم، يعني: أعلمهم بكتاب الله دون السنة. ومن قوله: ((أعلمهم بالسنة)) أعلمهم بأحكام الكتاب والسنة جميعاً. فكان الأعلمُ الثاني غير الأعلمِ الأول.

فإن قلتَ: حديثُ أبي مسعود الذي أخرجه البخاري ومسلم: ((يؤم القوم أقرؤهم

)) الحديث، يعارضه قوله عليه السلام:(مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ)، إذْ كان فيهم من هو أقرأ منه للقرآن مثل: أُبَيٍّ وغيرِه وهو أولى. قال العيني: حديثُ أبي مسعود كان في أول الهجرة وحديثُ أبي بكر في آخر الأمر، وقد تفقهوا في القرآن، وكان أبو بكر، رضي الله عنه، أعلمَهم وأفقهَهم في كلِّ أمرِه، قال أصحابنا - أي الحنفية -: فإن تساووا في العلم والقراءة فأولاهُم أورعُهم. وفي «البدرية» : الورعُ الاجتناب عن الشبهات، والتقوَى الاجتنابُ عن المحرمات، فإن تساووا في القراءة والعلم والورع فأَسَنُّهم أولى بالإمامة لقوله عليه السلام:((وليؤمكما أكبركما))، وفي «المحيط» : الأسنُّ أوْلى من الأورع وإن لم يكن فيه فسق ظاهر. وقال النووي: المراد بالسنِّ سنٌّ مضى في الإسلام، فلا يُقدَّم شيخٌ أسلم قريباً على شابٍّ نشأَ في الإسلام أو أسلم قبلَه. قال الحنفية: فإن تساوَوا في السن فأحسنُهم خُلُقَاً، وزاد بعضهم: فإن تساووا فأحسنُهم وجهاً. وفي «مختصر الجواهر» : يُرجَّح بالفضائل الشرعيةِ والخُلُقيةِ والمكانيةِ وكمالِ الصورة، كالشرف في النسبِ والسنِّ، ويُلحَقُ بذلك حسنُ اللباس. وقيل: وبصباحِيَّة الوجه وحُسْنِ الخَلْقِ وبملكِ رَقَبَةِ المكانِ أو منفعته. قال المرغيناني

(2)

: المستأجِر أولى من المالك، وفي «الخلاصة» : فإن تساووا في هذه الخصال يُقرَع، أو الخيار إلى القوم. وقيل: إمامة المقيم أولى من العكس، وقال أبو الفضل الكِرماني: هما سواء، وللشافعي قولان: في القديم يُقدَّمُ الأشرف ثم الأقدم هجرة ثم الأسن، وهو الأصح. والقول الثاني: تقديمُ الأسنِّ ثم الأشرف ثم الأقدم هجرةً، وفي «التتمة» : ثم بعد الكِبَرِ والشرَف تقدم نظافة الثوب، والمراد به النظافة عن الوسخ لا عن النجاسات، لأن الصلاة مع النجاسات لا تصح، ثم بعد ذلك حسن الصوت، لأنَّ به تميل الناس إلى الصلاة خلفه فتكثر الجماعة، ثم حُسْنُ الصُّورة.

679 -

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها،

(1)

في (الأصل) : ((مسح)) والصواب ((يمسح)).

(2)

في (الأصل) : ((المرغياني)) والصواب ((المرغيناني)).

ص: 229

ترجمة هؤلاء الرواة في بدء الوحي.

وفي هذا السندِ: التحديثُ بصيغة الجمع في موضع، وفيه: العنعنة في ثلاثِ مواضع، وفيه: الإخبار بصيغة الجمع في موضع، وفيه: القول في موضعين.

قوله: (قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَرَضِهِ: ((مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ)). قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((مَهْ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بالنَّاسِ)) فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا)

مطابقته للترجمة ظاهرة.

هذا الحديث رواه جماعةٌ عن مالك موصولا، وهو في أكثر نسخ «الموطَّأ» مرسلاً ليس فيه عائشة. وأخرجه البخاري أيضاً في الاعتصام. وأخرجه الترمذي في المناقب عن إسحاق بن موسى عن معن. وأخرجه النسائي في التفسير عن محمد بن سلمة

(1)

عن ابن القاسم.

قوله: (فَلْيُصَلِّ بالنَّاسِ)، ويروى (لِلنَّاسِ)، وهي رواية الكُشْمِيهَني، ويروى (فَلْيُصَلِّي)، بالياء.

قوله: (مَهْ) كلمةُ بُنِيت على السكون، وهو اسم سُمِّي به الفعلُ، ومعناه: اكفف، لأنه زجرٌ فإن وَصلتَ نوَّنْتَ وقلتَ: مهٍ مهْ.

قوله: (إِنَّكُنَّ) ويروى (فَإِنَّكُنَّ) أي إن هذا الجنس هن اللاتي شوَّشْن يوسفَ وكدَّرْنَه وأوقعنه في الْمَلامة. فجُمِع باعتبار الجنس، أو لأن أقل الجمع عند طائفةٍ اثنان.

وهذين الحديثين تقدم الكلامُ على فوائدهما في باب حد المريض أن يشهد الجماعة.

680 -

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) أي الحكم بن نافع الحمصي، ترجمته في بدء الوحي.

قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) أي ابن أبي حمزة، ترجمته في بدء الوحي أيضاً.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ) أي محمد بن مسلم بن شهاب، ترجمته في باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة.

قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ وَكَانَ تَبِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَخَدَمَهُ وَصَحِبَهُ) ترجمته مِن الإيمان أن يحب لأخيه.

في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في موضع، وفيه: الإخبارُ بصيغة الجمع في موضع وبصيغة الإفراد في موضع، وفيه: العنعنةُ في موضع، وفيه: القولُ في موضعين.

قوله: (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ فِي وَجَعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلَاةِ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سِتْرَ الحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَهَمَمْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ مِنَ الفَرَحِ بِرُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَارِجٌ إِلَى الصَّلَاةِ، ((فَأَشَارَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ وَأَرْخَى السِّتْرَ فَتُوُفِّيَ مِنْ يَوْمِهِ))).

مطابقته للترجمة في قوله (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ).

قوله (تَبِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ما ذُكِر المتبوعُ فيه ليُشعِرَ بالعموم، أي تبعه في

(1)

في (الأصل) : ((مسلمة)) والصواب ((سلمة)).

ص: 229

العقائد والأقوال والأفعال والأخلاق.

قوله: (وَخَدَمَهُ) أي وخدم النبي صلى الله عليه وسلم، إنما ذَكَر خدمته لبيان زيادة شرفه، وهو كان خادماً له عشر سنين ليلاً ونهاراً. وذَكَر صحبته معه عليه السلام لأن الصحبة معه أفضلُ أحوال المؤمنين وأعلا مكاناتهم.

قوله: (يَوْمُ الِاثْنَيْنِ) بالنصب أي كان الزمان يوم الإثنين، ويجوز أن تكون كان تامةً ويكونَ (يَوْمُ الِاثْنَيْنِ) مرفوعاً.

قوله: (وَهُمْ صُفُوفٌ) جملةٌ اسمية وقعت حالاً.

وكذا قوله: (يَنْظُرُ) وقعت حالاً، ويروى (فَنَظَرَ).

قوله: (كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ) الورقة بفتح الراء والمصحف مثلثة الميم، ووجهُ التشبيه عبارةٌ عن الجمال البارع وحُسْنِ الوجه وصفاء البشرة.

قوله: (يَضْحَكُ

(1)

) جملةٌ وقعت حالاً تقديره

(2)

: فتبسم ضاحكاً، وسبب تبسمِه فرحُه بما رأى من اجتماعهم على الصلاة واتفاق كلمتهم وإقامتهم شريعته ولهذا استنار وجهه. ويروى:(فَضَحِكَ) بفاء العطف.

قوله: (فَهَمَمْنَا) أي قصدنا.

قوله: (فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ) أي رجع.

قوله: (لِيَصِلَ الصَّفَّ) مِنَ الوُصول لا من الوَصْل. قوله (الصَّفَّ) منصوب بنزع الخافض أي إلى الصفِّ.

قوله: (فَتُوُفِّيَ مِنْ يَوْمِهِ) ويروى: (وَتُوُفِّيَ) بالواو.

681 -

قوله (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ) أي بفتح الميم، عبد الله بن عمرو، ترجمته في باب قول النبي اللهم علمه الكتاب.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) أي ابن سعيد، ترجمته في الباب أيضاً.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ) أي ابن صهيب، ترجمته في باب حب الرسول من الإيمان.

قوله: (عَنْ أَنَسٍ) أي ابْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، ترجمته في باب من الإيمان أن يحب.

في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في ثلاث مواضع، وفيه: العنعنة في موضعٍ واحد، وفيه القول في ثلاث مواضع، وفيه أن رواته كلهم بصريون.

قوله: (قَالَ: لَمْ يَخْرُجِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ فَتَقَدَّمُ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ عليه السلام: بِالحِجَابِ فَرَفَعَهُ، فَلَمَّا وَضَحَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مَا رَأَيْنَا مَنْظَرًا كَانَ أَعْجَبَ إِلَيْنَا مِنْ وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَضَحَ لَنَا، فَأَوْمَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه أَنْ يَتَقَدَّمَ، وَأَرْخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الحِجَابَ، فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ)

مطابقته للترجمة في قوله: (فَأَوْمَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ) لأن إشارته إليه بالتقدم أمر له بالصلاة للقوم على سبيل الخلافة، ولم يُومِ إلا إليه لكونه أعلمهم وأفضلهم.

وهذا الحديث أخرجه مسلم أيضاً في الصلاة عن أبي موسى وهارون الجمال، كلاهما عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه به.

قوله: (ثَلَاثًا) أي: ثلاثة أيام، وقد قلنا غير مرة: إن المميَّز إذا لم يكن مذكوراً جاز في لفظ العددِ التاءُ وعدمُه. وكان ابتداءُ الثلاث من حين خرج فصلى بهم قاعداً عليه السلام.

قوله: (فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ فَتَقَدَّمُ) ويروى (يَتَقَدَّمُ) بياءِ المضارَعة، وموقعُها حالٌ، أي فذهب متقدماً.

قوله: (فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ عليه السلام: بِالحِجَابِ فَرَفَعَهُ) أي: أخذ الحجاب فرفعه. وإجراءُ لفظِ: قال بمعنى: فَعَلَ شائعٌ في كلام العرب.

قوله: (فَلَمَّا وَضَحَ) أي: فلما ظهر وجهُ النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن التين:

(1)

في (الأصل) : ((فضحك)) والصواب ((يضحك)).

(2)

كلمة غير واضحة في (الأصل) : ولعلها ((تقديره)).

ص: 230

أي ظهر لنا بياضُه وحُسنه، لأن الوضَّاحَ عند العرب هو الأبيضُ اللونِ الحَسَنُهُ.

قوله: (مَا رَأَيْنَا) وفي رواية الكُشْمِيهَني: (مَا نَظَرْنَا).

قوله: (فَأَوْمَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ) كلمةُ (أَنْ) مصدريةٌ، أي فأومأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكرٍ بِالتَّقَدُّم إلى الصلاة ليصلي بهم. قال شيخنا: قوله (فَأَوْمَأَ

) إلى آخره ليس مخالفاً لقوله في أول الحديث (فَتَقَدَّمُ أَبُو بَكْرٍ

(1)

) بل في السياق حذف يظهر من رواية الزهري حيث قال فيها: (فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ)، والحاصلُ أنه تَقدَّمَ ثم ظَنَّ أن النبي صلى الله عليه وسلم يخرُجُ فتأخر فأشار إليه حينئذ أن يرجع إلى مكانه.

فائدة: وقع في حديث بن عباس في نحو هذه القصة أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم في تلك الحالة ألا وإني نُهيت أن أقرأ راكعاً أو ساجداً الحديث أخرجه مسلم من رواية عبد الله بن معبد عنه. انتهى.

قوله: (فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ) أي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويُقدَر بضم الياء وفتح الدال بلفظ المتكلم المفرد الغائب

(2)

على صيغة المجهول، ويروى (فَلَمْ نَقْدِرْ) بفتح النون وكسر الدال بلفظ المتكلم، قاله الكِرماني.

قال العيني: ومما يستفاد منه: أن أبا بكر رضي الله عنه كان خليفةً في الصلاة إلى موت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعزله عنها كما زعمت الشيعة أنه عُزِلَ بخروج النبي صلى الله عليه وسلم وتخلُّفِه وتقدُّمِ النبي صلى الله عليه وسلم. وأن الإشارة باليد تقوم مقام الأمر في مثل هذا الموضع.

682 -

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ) أي ابن يحيى أبو سعيد الجُعفي الكوفي، سكن مصر ومات بها سنة ثمان، ويقال: سبع وثلاثين ومائتين، ترجمته في باب كتابة العلم.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَني ابْنُ وَهْبٍ) أي عبد الله المصري، ترجمته في باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ) أي ابن يزيد الأَيْلي، ترجمته في بدء الوحي.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) أي محمد بن مسلم الزهري، ترجمته في باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة.

قوله: (عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) أي ابن عمر بن الخطاب، أبو عمارة أخو سالم. أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ، أبوه عبد الله بن عمر. قال شيخنا: في كلام ابن بطَّال ما يوهِمُ أنه حمزة بن عمرو الأسلمي، وهو خطأ. انتهى. ترجمته في كتاب الإيمان.

في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في موضع وبصيغة الإفراد في موضعين، وفيه: الإخبار بصيغة الإفراد في موضع، وفيه: العنعنة في ثلاث مواضع، وفيه: القول في ثلاث مواضع، وفيه: أن شيخ البخاري من أفراده، وفيه: أن رواته ما بين كوفي وأيلي ومصري ومدني.

قوله: (قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ قِيلَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: ((مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ)) قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَرَأَ غَلَبَهُ البُكَاءُ، قَالَ:((مُرُوهُ فَلْيُصَلِّ)) فَعَاوَدَتْهُ، قَالَ:((مُرُوهُ فَلْيُصَلِّ، إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ))).

مطابقته

(1)

لفظ الحديث: ((فذهب أبو بكر فتقدم)).

(2)

كذا في (الأصل) : ((المتكلم المفرد الغائب)) و لعل الصواب بدون لفظ ((المتكلم)).

ص: 230