المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الإبراد بالظهر في السفر) - مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط

[إبراهيم بن علي النعماني]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الحَرْبَةِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى العَنَزَةِ)

- ‌(بَابُ السُّترَةِ بِمَكَّةَ وَغَيرِهَا)

- ‌(بابُ الصَّلاة إِلى الأُسْطُوَانَةِ)

- ‌(بابُ: الصَّلاة بَينَ السَّواري في غَيرِ جَماعَةٍ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلى الرَّاحِلَةِ وَالبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ)

- ‌(بَابُ الصَّلاة إِلَى السَّرِيْرِ)

- ‌(بَابٌ يَرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَينَ يَدَيِهِ)

- ‌(بَابُ إِثمِ المَارِّ بَينَ يَدَي المُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الصَّلاة خَلْفَ النَّائِمِ)

- ‌(بَابُ التَّطَوُّعِ خَلْفَ المَرْأَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلاة شَيْءٌ)

- ‌(بَابٌ إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ)

- ‌(بَابٌ هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتِهِ عِندَ السُّجود لِكَي يَسْجُدَ)

- ‌(بابٌ المرأَةُ تَطْرَحُ عَنِ المُصَلِّي شَيئًا مِنَ الأَذَى)

- ‌كتابُ مواقيتِ الصَّلاةِ

- ‌(بابُ {مُنِيْبِيْنَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلاة وَلَا تَكُوْنُوا مِنَ المُشْرِكِينَ}

- ‌(بَابُ البَيْعَةِ عَلَى إِقامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابٌ الصَّلاة كَفَّارَةٌ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ الصَّلاة لَوَقْتِهَا)

- ‌(بَابٌ الصَّلوات الخَمْسُ كَفَّارَةٌ

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بَابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَابُ وقت الظُّهر عِنْدَ الزَّوَالِ)

- ‌(بَابُ تَأْخِيْرِ الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ العَصْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوْبِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ المَغْرِبِ)

- ‌(بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلمَغْرِبِ: العِشَاءَ)

- ‌(بَابُ ذِكْرِ العِشَاءِ وَالعَتَمَةِ وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا)

- ‌(بَابُ وَقْتِ العِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاس أَوْ تَأَخَّرُوا)

- ‌(بَابُ فَضْلِ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ النَّوم قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بَاب وَقْتِ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ

- ‌(بَاب وَقْتِ الفَجْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الفَجْرِ رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بَابُ الصَّلاة بَعْدَ الفَجْرِ حتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بَابُ لَا يُتَحَرَّى الصَّلاة قَبْلَ غُرُوْبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بَابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاة إلَّا بَعْدَ العَصْرِ وَالفَجْرِ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الصَّلوات الأُوْلَى فَالأُوْلَى)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بَابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌كِتَابُ الأَذَانِ

- ‌(بَابُ الأَذَانِ مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بَابُ الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ إلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوت بالنِّدَاءِ)

- ‌(بَابُ مَا يُحْقَنُ بِالأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ ما يَقولُ إِذا سَمِعَ المنادِيَ)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِندَ النّداءِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ الكَلَامِ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ بَعدَ الفَجْرِ)

- ‌ بَابُ الأَذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ

- ‌ بَابٌ: كَمْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَمَنْ يَنْتَظِرُ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابُ مَنِ انْتَظَرَ الإِقَامَةَ

- ‌ بَابٌ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ

- ‌ بَابٌ: مَتَى يَقُومُ النَّاسُ، إِذَا رَأَوُا الْإِمَامَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ

- ‌ بَابٌ: هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا

- ‌ بَابُ الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ

- ‌ بَابُ الكَلَامِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ

- ‌(بَابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌باب فضل صلاة الجماعة

- ‌ بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ

- ‌ باب احتساب الآثار

- ‌ باب فضل صلاة العشاء في الجماعة

- ‌ باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد

- ‌ باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

- ‌ باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(بابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ وَالعِلَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يُصَلِّي الإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ

- ‌(بَابٌ: إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا دُعِيَ الإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بَابٌ: مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ

- ‌(بَابٌ: أَهْلُ العِلْمِ وَالفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بَابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ، فَجَاءَ الإِمَامُ الأَوَّلُ، فَتَأَخَّرَ الأَوَّلُ

- ‌(بَابٌ: إِذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ)

- ‌(بَابُ إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بَابٌ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابٌ: مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ العَبْدِ وَالمَوْلَى)

- ‌(بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ)

- ‌(بَابٌ: يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بَابُ تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِي القِيَامِ، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ)

- ‌(بَابُ مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ)

- ‌(بَابُ مَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ)

- ‌(بَابُ إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا)

- ‌(بَابُ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ)

- ‌(بَابٌ: الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ)

- ‌(بَابٌ: هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ

- ‌(بَابُ إِقْبَالِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ، عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌(بَابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بَابٌ: إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بَابُ إِلْزَاقِ المَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالقَدَمِ بِالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ، خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ

- ‌(بابُ مَيمَنَةِ المسجِدِ وَالإِمامِ)

- ‌ باب صلاة الليل

الفصل: ‌(باب الإبراد بالظهر في السفر)

عنه، وقد أخرجه السرَّاج من طريق محمَّد بن عُبَيْد، والبَيْهَقي عن وكيع كلاهما عن الأَعْمَش أيضًا بلفظ:(الظهر). انتهى. قال العَيني: وأراد بمتابعة سُفْيان الثَّوْري ويحيى القطَّان وأبي عَوانة لحفص بن غياث في روايتهم عن الأَعْمَش في لفظ: (أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ). انتهى.

قال شيخنا: فائدةٌ: رتبَّ المصنِّف أحاديث الباب ترتيبًا حسنًا، فبدأ بالحديث المطلق، وثنَّى بالحديث الذي فيه الإرشاد إلى غاية الوقت الَّتي ينتهي إليها الإبراد، وهو ظهور فيء التلول، وثلَّث بالحديث الذي فيه بيان العلَّة في كون ذلك المطلق محمولًا على المقيد، وربَّع بالحديث المفصح بالتقييد، والله الموفق.

(10)

(بَابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي السَّفَرِ)

أي هذا باب في بيان الإبراد بصلاة الظُّهر في حالة السَّفر، وأشار بهذا إلى أنَّ الإبراد بالظهر لا يختصُّ بالحضر، قال شيخنا: لكن محلَّ ذلك ما إذا كان المسافر نازلًا، أما إذا كان سائرًا أو على سير ففيه جمع التقديم أو التأخير كما سيأتي في بابه. انتهى.

539 -

قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ) أي ابن أبي إِيَاس، وهو من أفراد البخاري.

قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ).

قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا مُهاجِرٌ أَبو الحَسَنِ مَولَىً لِبَني تَيمِ اللهِ).

قوله: (قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بنَ وَهْبٍ).

قوله: (عَنْ أَبي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فَأَرَادَ المُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلْظُّهْرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَبْرِدْ، ثمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقالَ لَهُ: أَبرِدْ، حتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُوْلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذا اشتَدَّ الحَرَّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ).

هذا الحديث مضى في الباب الذي قبله، غير أنَّ هناك أخرجه عن محمَّد بن بشَّار عن غُنْدَر عن شُعْبَة، وههنا عن آدم عن شُعْبَة، وفي هذا من الزِّيادة ما ليست هناك فاعتبرها، وهذا مقيَّد بالسَّفر، وذلك مطلق، وأشار بذلك إلى أنَّ المطلق محمول على المقيَّد؛ لأنَّ المراد من الإبراد التسهيل ودفع المشقَّة، فلا تفاوت بين السَّفر والحضر. انتهى. قلت: بل السَّفر من باب أولى لأنَّ فيه مشقَّة أيضًا. انتهى.

قوله: (فَأَرَادَ المؤَذِّنُ) في رواية أبي بكر بن أبي شَيْبَة عن شَبَابَة ومُسَدَّد عن أميَّة بن خالد، والتِّرْمِذي من طريق أبي داود الطَّيالِسي، وأبو عَوانة من طريق حَفْص بن عُمَر ووَهْب بن جرير، والطَّحاوي والجَوْزَقي من طريق وَهْب أيضًا، كلُّهم عن شُعْبَة التصريحُ بأنَّه بلال.

قوله: (ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ) وفي رواية أبي داود عن أبي الوليد عن شعبة: مرَّتين أو ثلاثًا، وفي رواية البخاري عن مسلم بن إبراهيم في باب الأذان للمسافرين في هذا الحديث:((فَأَرَادَ المُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ، ثمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ، ثمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ، حتَّى سَاوَى الظِّلُّ التُّلُوْلَ)).

قال شيخنا: فإن قيل: الإبراد للصلاة، فكيف أمر المؤذِّن به للأذان؟ فالجواب: أنَّ ذلك يبنى على أنَّ الأذان هل هو للوقت أو للصلاة؟ وفيه خلاف مشهور، والأمر المذكور يقوِّي القول بأنَّه للصلاة.

وقال الكِرْماني: فإن قلت: الإبراد إنَّما هو في الصَّلاة لا في الأذان، قلت: كانت عادتهم أنَّهم لا يتخلَّفون عند سماع الأذان عن الحضور إلى الجماعة، فالإبراد بالأذان إنَّما هو لغرض الإبراد بالصلاة، أو المراد بالتأذين الإقامة. انتهى.

ويشهَّد للجواب الثَّاني

ص: 54

رواية التِّرْمِذي حيث قال: حدَّثنا محمود بن غيلان قال: حدَّثنا أبو داود قال: أنبأنا شُعْبَة عن مهاجر أبي الحسن عن زيد بن وَهْب عن أبي ذرٍّ: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ في سفرٍ ومعَه بلالٌ فأرادَ أنْ يقيمَ فقالَ: أبردْ، ثمَّ أرادَ أنْ يقيمَ فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أبردْ في الظُّهرِ، قال: حتَّى رأينا فيء التُّلُولِ، ثمَّ أقامَ فصلَّى فقالَ رسول ُاللهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ شدَّة الحرِّ منْ فيحِ جهنَّم فأبردُوا عنِ الصَّلاة)) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

فإن قلت: في «صحيح أبي عوانة» من طريق حَفْص بن عُمَر عن شُعْبَة: ((فأرادَ بلالٌ أنْ يؤذِّنَ بالظهرِ)) وفيه بعد قوله: فيء التُّلُول ((ثمَّ أمرَه فأذَّنَ وأقامَ)) فيجمع بينهما بأن إقامته ما كانت تتخلف عن الأذان، فرواية التِّرْمِذي:((فأرادَ أنْ يقيمَ)) يعني بعد الأذان، ورواية أبي عَوانَة:((فأرادَ بلالٌ أنْ يؤذِّنَ)) يعني أن يؤذِّن ثمَّ يقيم.

قوله: (حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُوْلِ) قال شيخنا: هذه الغاية متعلِّقة بقوله: (فَقاَلَ لَهُ: أَبْرِدْ) أي كان يقول له في الزَّمان الذي قبل الرؤية أبرد، أو متعلِّقة بأبرد، أي قال له: أبرد إلى أن ترى أو متعلِّقة بمقدار، أي قال له: أبرد إلى أن رأينا.

والفيء: -بفتح الفاء وسكون الياء بعدها همزة- وهو ما بعد الزَّوال من الظلِّ، والتُّلُول: جمع تلٍّ -بفتح المُثَنَّاة وتشديد اللام-كلُّ ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل أو نحو ذلك، وهي في الغالب مسطحة غير شاخصة، فلا يظهر لها ظلٌّ إلَّا إذا ذهب أكثر وقت الظُّهر.

وقد اختلف العلماء في غاية الإبراد، فقيل: حتَّى يصير الظلُّ ذراعًا بعد ظلِّ الزوال، وقيل: ربع قامة، وقيل: ثلثها، وقيل: نصفها، وقيل غير ذلك، ونزَّلها المَاوَرْدي على اختلاف الأوقات، والجاري على القواعد إنَّه يختلف باختلاف الأحوال بشرط ألَّا يمتدَّ إلى آخر الوقت، وأمَّا ما وَقَعَ عند المصنِّف في الأذان عن مسلم بن إبراهيم عن شُعْبَة بلفظ:((حَتَّى سَاوَى الظِّلُّ التُّلُوْلَ)) فظاهره يقتضي إنَّه أخَّرها إلى أن صار ظلُّ كلِّ شيء مثله، ويحتمل أن يُراد بهذه المساواة ظهور الظلِّ بجنب التَّلِّ بعد أن لم يكن ظاهرًا فساواه في الظهور لا في المقدار، أو يقال: قد كان ذلك في السَّفر، فلعله أخَّر الظهر حتَّى يجمعها مع العصر. انتهى.

قال العَيني: وقال التِّرْمِذي في «جامعه» : وقد اختار قوم من أهل العلم تأخير صلاة الظُّهر في شدَّة الحرِّ، وهو قول ابن المبارك وأحمد وإسحاق، وقال الشافعي: إنَّما الإبراد بصلاة الظُّهر إذا كان مسجدًا ينتاب أهله من البعد، فأمَّا المصلِّي وحدَه والذي يصلِّي في مسجد قومه فالذي أحبُّ له ألَّا يؤخِّر الصَّلاة في شدَّة الحرِّ. قال أبو عيسى: ومعنى من ذهب إلى تأخير الظُّهر في شدَّة الحرَّ هو أولى وأشبه بالاتباع، وأمَّا ما ذهب إليه الشَّافعي أنَّ الرخصة لمن انتاب من البعد والمشقَّة على النَّاس؛ فإنَّ في حديث أبي ذرٍّ ما يدلُّ على خلاف ما قال الشافعي: قال أبو ذرٍّ: ((كنَّا معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في سفرِ، فأذَّنَ بلال بصلاةِ الظُّهر فقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يا بلال أبردْ)) فلو كان الأمر على ما ذهب إليه الشَّافعي لم يكن للإبراد في ذلك الوقت معنى؛ لاجتماعهم في السَّفر وكانوا لا يحتاجون أن ينتابوا

ص: 54