الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفسي بذلك، وكتب بخطه، فمتى خالفت ذلك، أو بان مني غيره، فأمير المؤمنين في حل من دمي وسعة، وذلك يوم الأحد لسبع خلون من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، في مجلس الوزير أبي علي بن مقلة أدام الله توفيقه.
وكلم أبو موسى السمسار «1» الوزير أبي علي في أمره، وسأله إطلاقه، وعرفه أنه إن صار إلى منزله قتلته العامة، وسأله أن ينفذه في الليل سرا إلى المدائن «2» .
وتوفي ابن شنبوذ يوم الاثنين لثلاث خلون من صفر سنة ثمان وعشرين، وثلاثمائة «3» . وفيها هلك ابن مقلة.
ومنهم:
32- محمد بن النضر بن مرّ بن الحر الربعي الإمام أبو الحسن ابن الأخرم الدمشقي
«4» .
سيد ربيعة «5» ، وسند أهل الشريعة، وابن الحر الذي ما مسه رق الصنيعة،
والفاخرة دمشق بطلوع نيّره «1» المحمدي في أفقها، والرابية جناتها المزخرفة من أبيه النضر أينع من ورقها، والمتصدر والناس دونه، والإمام وسهيل «2» قائم، وصفوف النجوم وراءه تتمنى أن تكونه (ص 115) .
قرأ على هارون بن موسى بن شريك «3» ، وجعفر بن أحمد بن كزاز «4» ، وأحمد بن نصر بن شاكر «5» .، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالشام، وكانت له حلقة عظيمة، وتلامذة جلة.
قال أبو عمرو الداني: روى القراءة عنه عرضا جماعة لا يحصى عددهم «6» . قال علي بن داود «7» : لما قدم ابن الأخرم بغداد حضر مجلس ابن مجاهد، فقال لأصحابه: هذا صاحب الأخفش الدمشقي فاقرؤوا عليه.
قال الشنبوذي «1» : قرأت على أبي الحسن ابن الأخرم، فما رأيت «2» أحسن معرفة منه بالقرآن، ولا أحفظ، وكان مع ذلك يحفظ تفسيرا كثيرا، ومعاني، قال لي: إن الأخفش لقنه «3» القرآن.
وقال عبد الباقي بن الحسن «4» : قال لي ابن الأخرم: قرأت على الأخفش، وكان يأخذ علي في منزلي.
قال عبد الباقي: كان أبوه يخلّص «5» للأخفش رزقه من السلطان في كل سنة. وحكى الأهوازي «6» عن ابن الأخرم قال: قدمت بغداد سنة عشرين وثلاثمائة في وفد الدمشقيين، فأتيت مسجد ابن مجاهد فحزرت «7» أن فيه ثلاثمائة متصدر، ولم أجد فيه موضعا، فجلست في أقصاه، فسمعت رجلا يقرأ على واحد منهم لابن عامر «8» ، ويغلط فيه، فرددت عليه، فانتهرني، وصاحوا علي فخرجت، فإذا بخياط، فجلست إليه ليخيط خرقا في درّاعتي «9» ، فقال:
من أين أنت؟ فقلت: من الشام، جئت إلى ابن مجاهد، فلم أصل إليه. قال: له امرأة شامية، فامض وسل عنها.
فمضيت، وسألت عنها، فخرجت جارية، فقالت: من أي موضع أنت بدمشق؟ قلت: من قينية «1» - وكانت قائمة وراء الباب تسمع- فقالت:- هي بنفسها-: كيف مولاي أبو الحسن ابن الأخرم، وأخوه؟ قلت: أنا هو، ففرحت بي فرحا كادت أن تظهر لي، وأخذت تسألني عن (ص 116) أهلي، وجيراني، وقالت: ألك حاجة؟ قلت: أريد أن أقرأ على الشيخ. قالت: إذا كان من الغد، فاذهب إلى المسجد، فإنك تصل إلى ما تريده.
فلما أصبحت وقفت على باب المسجد، فإذا الشيخ قد أومأ إلي بالدخول، وإذا جماعة من أصحابه قد تبادروا إلي، ووسعوا لي، فلما جلست، قال: أنت ابن الأخرم؟ قلت: نعم. فأخذ يسألني عن الحروف، وأنا أجيبه عن الغريب، وعن الشواذ، وعن معاني ذلك، فجذبني إلى عنده، وأقعدني بجنبه، ثم قال لأصحابه: هذا صاحب الأخفش.
فلما قام ابن مجاهد، اجتمع إليّ جميع أصحابه، وقرأوا علي، وأدخلني ابن مجاهد على الوزير ابن عيسى «2» ، فقضى حوائجنا «3» ، وألزمني الوزير بالمقام
عنده، فلم أزل ببغداد سبع سنين، وبالجهد حتى أذن لي وقت وفاة أخي بالرجوع إلى دمشق قال أبو القاسم بن عساكر «1» : طال عمر ابن الأخرم، وارتحل الناس إليه، وكان عارفا بعلل القراءات، بصيرا بالتفسير والعربية، متواضعا، حسن الأخلاق، كبير الشأن. «2»
قال محمد بن علي السلمي: قمت ليلة المؤذن الكبير «3» لأخذ النوبة على ابن الأخرم، فوجدت قد سبقني ثلاثون قارئا، فلم أدرك النوبة إلى العصر.
وتوفي ابن الأخرم سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وقيل سنة اثنتين.
وقال عبد الباقي بن الحس؟؟؟: توفي بعد سنة أربعين، وصليت عليه في المصلى بعد الظهر، وكان يوما صائفا وصعدت غمامة على جنازته من المصلى إلى قبره، فكانت شبه الآية له «4» . رحمه الله، ومولده سنة ستين ومائتين «5» .
ومنهم:
33-
عبد الواحد بن عمر بن محمد «1» بن أبي هاشم «2» أبو طاهر (ص 117) البغدادي المقرئ.
أحد الأعلام ومصنف كتاب البيان،، ومن انتهى إليه الحذق بأداء القرآن، تنصت لتلاوته، وينصف إذا قيل الزخرف من بدائعه، وجنى النحل من حلاوته، ذو فضل لو تمثل لتهدلت أفنانه بالثمر، وفعل ماذا يقال عنه إلا ما يحدث عن ابن عمر.
قرأ القرآن على أحمد بن سهل الأشناني «3» ، وجماعة. وقرأ القرآن على ابن مجاهد. وأطنب أبو عمرو الداني في وصفه، وقال: لم يكن بعد ابن مجاهد مثله في علمه وفهمه مع صدق لهجته واستقامة طريقته، قرأ عليه خلق كثير، وكان ينتحل في النحو مذهب الكوفيين، وكان بارعا فيه.
قال القفطي في تاريخ النحاة «4» : قرأ كتاب سيبويه «5» على ابن
درستويه «1» الفارسي، ولم ير بعد ابن مجاهد في القراءة مثله.
قال الداني: سمعت عبد العزيز الفارسي «2» يقول: لما توفي ابن مجاهد «3» يوم موته أجمعوا على أن يقدموا شيخنا أبا طاهر، فتصدر للإقراء في مجلسه، وقصده الأكابر، فتحلقوا عنده، وكان قد خالف أصحابه في إمالة الناس لأبي عمرو «4» ، وكانوا ينكرون ذلك عليه.
قال الخطيب «5» : كان ثقة أمينا. ومات في شوال سنة تسع وأربعين وثلاثمائة.
وقال غيره: عاش سبعين سنة.