الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم
9- أبو عمرو بن العلاء المازني المقرئ النحوي البصري
«1» أحد السبعة، ومقرئ أهل البصرة، ومؤوي أهلها إلى جناح النصرة، ما فتحت على مثله البصرة بصرها، ولا منحت شبيهه ممن نصرها، عدّلت به مازن «2» ميزانها، (ص 85) وسوّت بالقبائل الرجّح أوزانها، كان شرفا مذ ترقى على أطمها «3» ، وشرفا مذ ساقه القدر في أممها، وشنفا «4» إلا أنه مع زينته أسمع آذانها من صممها، وصلاحا لها لم تشك بعده مسّ «5» سقمها، وصباحا ما تفرّى «6» عن مثل وجهه المنير من ظلّ النخيل المتراكم سدف «7» ظلمها، ناهيك
رجلا ما بلّت الأبلّة «1» بمثله ريق نهرها «2» ، ولا حييت حدائق نهر معقل «3» شبيهه بيانع زهرها، ولا سلّمت سلامان «4» أنه دار على نظيره نطاق بحرها، ولا فساح البيد أنها ضمت برّا عديله إلى صدرها.
وقد اختلفوا في اسمه على تسعة عشر قولا «5» ، أصحها زبّان بالزاي والباء الموحدة «6» . ولد سنة ثمان وستين، وقيل سنة سبعين «7» ، وعرض بمكة على مجاهد وابن جبير وعطاء وعكرمة وابن كثير «8» . وقيل: إنه قرأ على أبي العالية الرياحي. ولم يصح مع أنه أدرك من حياته نيفا وعشرين سنة «9» ، وقيل إنه عرض بالمدينة على أبي جعفر ويزيد بن رومان وشيبة، وعرض بالبصرة على يحيى بن
يعمر ونصر بن عاصم والحسن وغيرهم «1» .
وقرأ عليه خلق منهم اليزيدي، وعبد الوارث الثوري، وشجاع البلخي وعبد الله بن المبارك. وأخذ عنه القراءة والحديث والأدب أبو عبيدة والأصمعي وخلق «2» . وانتهت إليه الإمامة بالبصرة.
قال أبو عمرو: كنت رأسا والحسن حيّ «3» .
وقال اليزيدي: كان أبو عمرو قد عرف القراءات، فقرأ من كل قراءة بأحسنها، وبما يختار العرب وبما بلغه من لغة النبي صلى الله عليه وسلم وجاء تصديقه في كتاب الله «4» .
وقال شجاع بن أبي نصر: رأيت النبي (في المنام، فعرضت عليه أشياء من قراءة أبي عمرو، فما ردّ عليّ إلا حرفين، أحدهما (وأرنا مناسكنا) والآخر قوله (ما ننسخ من آية، أو ننسوها)«5» فإن أبا عمرو كانت قراءته (ص 86) أو (ننساها) . «6»
وقال سفيان بن عيينة: رأيت النبي (في المنام فقلت: يا رسول الله، قد اختلفت عليّ القراءات، فبقراءة من تأمرني أن أقرأ؟ فقال: بقراءة أبي عمرو بن العلاء «1» ) .
وقال أبو عبيدة: كان أبو عمرو أعلم الناس بالقرآن والعربية. وأيام العرب والشعر وأيام الناس «2» .
وقال الأصمعي (قال لي أبو عمرو بن العلاء)«3» : لو تهيأ لي أن أفرغ ما في صدري من العلم في صدرك لفعلت، لقد حفظت في علم القرآن أشياء لو كتبت ما قدر الأعمش على حملها، ولولا أن ليس لي أن أقرأ إلا بما قرئ لقرأت كذا وكذا وذكر حروفا «4» .
قال أبو عبيدة: كانت دفاتر أبي عمرو «5» ملء بيت إلى السقف، ثم تنسك فأحرقها، وكان من أشراف العرب ووجوههم «6» .
وقال الأصمعي: قال أبو عمرو: إنما نحن فيمن مضى كبقل في أصول نخل طوال، وقال: سمعت أبا عمرو يقول: ما رأيت أحدا قبلي أعلم مني. قال الأصمعي: وأنا ما رأيت بعد أبي عمرو أعلم منه، وكان إذا دخل رمضان لم يتمّ
فيه بيت شعر، وسمعته يقول: أشهد أن الله يضلّ ويهدي، ولله مع هذا الحجة على عباده «1» .
وقال أبو عمرو: نظرت في هذا العلم قبل أن أختن ولي أربع وثمانون سنة «2» ، وكان أبو عمرو متواريا، فدخل عليه الفرزدق فأنشده:[البسيط]
ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها
…
حتى أتيت أبا عمرو بن عمار
حتى أتيت فتى ضخما دسيعته
…
مر المريرة حر وابن أحرار
تنميهم مازن في فرع نبعتها
…
جدّ كريم وعود غير خوّار
وقال أبو عمرو: وأنا زدت هذا البيت في أول قصيدة الأعشى وأستغفر الله منه «3» . [البسيط]
وأنكرتني وما كان الذي نكرت
…
من الحوادث إلا الشيب والصلعا
وكان لأبي عمرو كل يوم بفلس كوز وبفلس ريحان، فيشرب في الكوز يوما، ثم يهبه، ويأمر (ص 87) فتدق الريحان مع الأشنان «4» .
قال الأصمعي وغيره: توفي سنة أربع وخمسين ومائة «5» .