الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجماد، وإذا قرر علما استنبط الثّماد «1» ، وإذا قدّر شيئا لا يخطئه ولو بعدت به الآماد.
ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحق الجاهلية «2» وسمع من عمر وعثمان وعليّ وابن مسعود وأبي الدرداء.
وجوّد القرآن على ابن مسعود وتفقّه به، فكان أنبل أصحابه، حتى قال ابن مسعود: ما أقرأ شيئا وما أعلم شيئا إلا علقمة يقرؤه ويعلمه، وقال قابوس بن ظبيان «3» : قلت لأبي: لأي شئ كنت تدع الصحابة وتأتي علقمة؟ قال:
أدركت ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يسألون علقمة، ويستفتونه.
وكان فقيها إماما بارعا، طيّب الصوت بالقرآن، ثبتا فيما ينقل، صاحب خير وورع، كان يشبّه بابن مسعود في هديه وسمته ودلّه وفضله وكان أعرج، أخذ عنه طائفة، ومات سنة اثنتين وستين.
ومنهم
127- القاضي شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي
«4» هو الذي إلى الآن يضرب به المثل، ويحدّث عنه العجب، بحر لجيّ لا يمشى
فيه إلا مساحله، وبرّ فسيح لا يسلك إلا مساهله، وربّ فضل لا تعدّ فواضله، وفعل يرضيك/ (ص 247) جدّه ويلهيك باطله، لا يسأم معه في مراح «13» ، ولا يسأم له حقّ يحببه مزاح.
أرضى مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضاؤه، ومات على الرضى عنه «1» وحسبك من مثل ذلك الشديد في دين الله إرضاؤه.
كان من كبار التابعين، وأدرك الجاهلية، واستقضاه عمر بن الخطاب على الكوفة، فأقام قاضيا خمسا وستين سنة، لم يتعطل فيها إلا ثلاث سنين امتنع من القضاء فيها، في فتنة ابن الزبير «2» ، واستعفى الحجاج بن يوسف «3» ، من القضاء فأعفاه، ولم يقض بين اثنين حتى مات، وكان أعلم الناس بالقضاء، ذا ذكاء وفطنة ومعرفة وعقل وإصابة.
قال ابن عبد البر «1» : كان شاعرا محسنا، وهو أحد السادات الطلس «2» وهم أربعة: عبد الله بن الزبير، وقيس بن سعد بن عبادة «3» ، والأحنف بن قيس «4» - الذي يضرب به المثل في الحلم- والقاضي شريح المذكور.- والأطلس الذي لا شعر في وجهه- وكان مزّاحا، دخل عليه عديّ بن أرطأة «5» فقال له: أين أنت- أصلحك الله-؟ قال: بينك وبين الحائط، قال: اسمع مني. قال: قل أسمع، قال: إني رجل من أهل الشام، قال: مكان سحيق، قال: وتزوجت عندكم، قال:
بالرفاه والبنين. قال: وأردت أن أرحلها «1» ، قال: الرجل أحق بأهله، قال:
وشرطت لها دارها. قال: الشرط لها. قال: فاحكم الآن بيننا، قال: قد فعلت، قال: فعلى من حكمت؟. قال: على ابن أمك، قال: بشهادة من؟ قال: بشهادة ابن اخت خالتك.
وروي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه دخل مع خصم ذميّ على القاضي شريح فقام له، فقال: هذا أوّل جورك، ثم أسند ظهره إلى الجدار، فقال:
أما إن خصمي لو كان مسلما لجلست بجنبه.
وتزوج شريح امرأة من بني تميم تسمى زينب، فنقم عليها شيئا فضربها، ثم ندم وقال:[الطويل]
رأيت رجالا يضربون نساءهم
…
فشلّت يميني يوم أضرب زينبا/ (ص 244)
أأضربها من غير ذنب أتت به
…
فما العدل مني ضرب من ليس مذنبا
فزينب شمس والنساء كواكب
…
إذا طلعت لم تر منهن كوكبا
وروي أن عليا رضي الله عنه قال: اجمعوا لي القراء، فاجتمعوا في رحبة المسجد، فقال: أوشك أن أفارقكم، فجعل يسائلهم- يقولون في كذا ما تقولون في كذا- وشريح ساكت، فلما فرغ منهم، قال: اذهب فأنت من أفضل الناس، أو من أفضل العرب.
ويروى أن زياد بن أبيه «1» كتب إلى معاوية «2» : يا أمير المؤمنين، قد ضبطت لك العراق بشمالي، وفرّغت يميني لطاعتك، فولّني الحجاز، فبلغ ذلك عبد الله بن عمر «3» ، وكان مقيما بمكة، فقال: اللهم اشغل عنا يمين زياد، فأصابه الطاعون في يمينه، فجمع الأطباء، واستشارهم فأشاروا عليه بقطعها، فاستدعى القاضي شريحا، وعرض عليه ما أشار به الأطباء، فقال له: لك رزق معلوم وأجل مقسوم، وإني أكره إن كانت لك مدّة أن تعيش في الدنيا بلا يمين، وإن كان قد دنا أجلك، أن تلقى ربك مقطوع اليد، فإذا سألك لم قطعتها؟ قلت: بغضا في