المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌116- يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٥

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌منهجنا في خدمة الكتاب وتحقيقه

- ‌الفصل الأول: وهو الخطابي

- ‌[مقدمة المصنف]

- ‌[مشرق الأرض ومغربها]

- ‌[تشبيه بعض الحكماء للأرض]

- ‌[تفضيل المشرق على المغرب]

- ‌[الأنبياء والرسل]

- ‌[الجهات الشريفة]

- ‌[الحواريون والصحابة]

- ‌[جماهير الكرماء والعظماء في الجاهلية والإسلام]

- ‌[الأئمة والفقهاء]

- ‌[السادات الأولياء أئمة التحقيق]

- ‌[الفلاسفة والحكماء والأطباء ورجال الفلك والعلوم]

- ‌[أصحاب الموسيقى]

- ‌[حكم الشرع في السماع وآلاته]

- ‌[قول ابن بسام في خطبة كتاب الذخيرة]

- ‌[أصحاب الصنائع العملية (الكتابة) والفلاحة والسيوف، والرماح، والديباج]

- ‌[في الشرق رست قواعد الخلافة]

- ‌[المقايسة بين سلاطين المشرق والمغرب والخلافة]

- ‌[مسعود بن محمود بن سبكتكين]

- ‌[السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان]

- ‌[السلطان علاء الدين خوارزم شاه]

- ‌[الملك العادل، وجلال الدين محمد]

- ‌[فتنة البساسيري]

- ‌[الحيوان والنبات والمعادن]

- ‌[الجواهر والأحجار]

- ‌[العقاقير]

- ‌[بعض ما في المغرب مما سبق]

- ‌الفصل الثانى فى الإنصاف بين المشرق والمغرب على حكم التحقيق

- ‌[خطا الأطوال والعروض…الشرق والغرب أمر نسبي]

- ‌[المشرق أطول من المغرب]

- ‌[للمشرق الفخر]

- ‌[قول ابن سعيد.. المحاسن مقسمة.. الأغلب على البلاد المشرقية]

- ‌[رد ابن فضل الله العمري على ابن سعيد]

- ‌[ما فعله يوسف بن تاشفين مع بني عباد ملوك الأندلس]

- ‌[الموازنة بين المشرق والمغرب]

- ‌[الحيوان والنبات]

- ‌[المغرب والمشرق واللغة وبعض الشعراء]

- ‌[العلوم العقلية]

- ‌[المتنزهات.. والقلاع والمدن والأنهار]

- ‌[شعر في مدح المشرق والمغرب وغلمانهما]

- ‌[الإسكندر وبلاد فارس وأرسطو وصاحب الصين]

- ‌[تشبيه ابن سعيد الأرض بطائر]

- ‌[من أحكام المناظرة بين المشارقة والمغاربة]

- ‌[نشأة الخلافة]

- ‌[المناظرة بين الأشخاص: الخلفاء ونحوهم]

- ‌[من عظماء الأدارسة…الناصر علي بن حمود]

- ‌[بنو عبد المؤمن]

- ‌[الشبه بين المأمون بن المنصور الموحدي والمأمون العباسي]

- ‌[خراسان سلطنة عريضة]

- ‌[سجستان ودولة بني الصفار]

- ‌[كرمان وديلمان]

- ‌[مازندران (طبرستان) ]

- ‌[عراق العجم]

- ‌[فارس]

- ‌[خوزستان (الأهواز) ]

- ‌[العراق السلطنة العظمى]

- ‌[شهرزور]

- ‌[الجزيرة]

- ‌[الشام سلطنة جليلة]

- ‌[جزيرة العرب]

- ‌[وهجر سلطنة واليمامة]

- ‌[أذربيجان]

- ‌[أرمينية.. وبلاد الروم]

- ‌[سلطنات المغرب الديار المصرية]

- ‌[برقة وإفريقية]

- ‌[سلطنة المغرب الأقصى]

- ‌[بلاد السودان]

- ‌[أرض النوبة والكانم]

- ‌[جزيرة الأندلس ومن تولى عليها]

- ‌[سلطنات رومية والقسطنطينية]

- ‌[الجندية في المشرق والمغرب رجالها عتادها وما يتبع ذلك وعطاؤهم]

- ‌[الوزارة]

- ‌[الكتاب بالمشرق]

- ‌[جاء في المتأخرين من لم يرض طرق المتقدمين]

- ‌مشاهير قراء المشرق

- ‌[مقدمة]

- ‌1- أبيّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك ابن النجار أبو المنذر الأنصاري

- ‌2- ومن أعلام القراء أبو عبد الرحمن السلمي مقرئ الكوفة

- ‌3- مجاهد بن جبر الإمام

- ‌4- عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة

- ‌5- عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان أبو معبد الكناني الداري المكي

- ‌6- يزيد بن القعقاع أبو فرج القاري أحد العشرة

- ‌7- عاصم بن أبي النجود بهدلة الأسدي

- ‌8- حمزة بن حبيب الزيات

- ‌9- أبو عمرو بن العلاء المازني المقرئ النحوي البصري

- ‌10- نافع بن عبد الرحمن الليثي أبو رويم المقرئ

- ‌11- إسماعيل بن عبد الله المخزومي قارئ أهل مكة

- ‌12- حفص بن سليمان أبو عمر الأسدي

- ‌13- سليم بن عيسى بن سليم بن عامر

- ‌14- علي بن حمزة الكسائي

- ‌15- أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي

- ‌16- يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي

- ‌17- يعقوب بن إسحاق بن يزيد بن عبد الله

- ‌18- يحيى بن آدم بن سليمان أبو زكريا القرشي

- ‌19- حسين بن علي الجعفي مولاهم الكوفي

- ‌20- قالون أبو موسى

- ‌21- أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة

- ‌22- خلاد بن خالد

- ‌23- خلف بن هشام بن تغلب أبو محمد البغدادي المقرئ البزار

- ‌24- الليث بن خالد أبو الحارث البغدادي المقرئ

- ‌25- عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان

- ‌26- هشام بن عمار بن نصير

- ‌27- أبو عمر الدوري

- ‌28- أبو شعيب السوسي

- ‌29- قنبل مقرئ أهل مكة

- ‌30- أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد شيخ العصر أبو بكر البغدادي

- ‌32- محمد بن النضر بن مرّ بن الحر الربعي الإمام أبو الحسن ابن الأخرم الدمشقي

- ‌34- محمد بن الحسن بن محمد بن زياد أبو بكر النقاش الموصلي ثم البغدادي

- ‌[قراء الجانب الغربي]

- ‌[قراء مصر]

- ‌64- محمد بن علي بن أحمد

- ‌66- محمد بن أحمد بن عبد الخالق بن علي بن سالم بن مكي (الشروطي)

- ‌[المحدّثون من أهل المشرق]

- ‌67- أبو هريرة الدوسي اليماني

- ‌69- قتادة بن دعامة بن قتادة الحافظ

- ‌70- شعبة بن الحجاج بن الورد

- ‌71- عبد الرحمن بن مهدي

- ‌72- أبو داود الطيالسي

- ‌76- عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي

- ‌77- عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل

- ‌78- الإمام العلم أبو عبد الله البخاري

- ‌79- محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس

- ‌86- أبو عيسى الترمذي

- ‌93- أحمد بن محمد بن سعيد أبو العباس الكوفي

- ‌98- محمد بن إسحاق بن محمد بن أبي زكريا يحيى بن منده

- ‌99- أبو عبد الله الحاكم

- ‌101- أبو ذر الهروي

- ‌103- الخطيب أبو بكر بن أحمد بن علي بن ثايت بن أحمد البغدادي، خطيب بغداد

- ‌104- أبو نصر بن ماكولا

- ‌105- أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي

- ‌108- أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين بن عساكر

- ‌112- محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن البغدادي، المعروف بابن النجار

- ‌113- القاسم محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف بن محمد بن أبي يدّاش البرزاليّ

- ‌114- يوسف بن الزّكي عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك القضاعي

- ‌115- محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز ابن الذهبي أبو عبد الله شمس الدين

- ‌فأما الحفاظ بالجانب الغربي

- ‌116- يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس

- ‌117- بقيّ بن مخلد

- ‌118- محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الأزدي الحميدي الأندلسي الميورقي

- ‌119- خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال أبو القاسم الأنصاري الأندلسي

- ‌120- عبد الحق بن عبد الرحمن بن الحسين بن سعيد الحافظ أبو محمد الأزدي الإشبيلي

- ‌121- محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيّد الناس اليعمري الأندلسي الإشبيلي

- ‌122- يزيد بن أبي حبيب الإمام الكبير أبو رجاء الأزدي

- ‌123- عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشر بن مروان، الحافظ النّسابة أبو محمد الأزدي المصري

- ‌124- أبو طاهر الأصبهاني واسمه أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن سلفة الأصبهاني

- ‌125- عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن التوني الدمياطي الشافعي شرف الدين أبو محمد

- ‌[فقهاء المحدثين: الجانب الشرقى]

- ‌126- علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك

- ‌127- القاضي شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي

- ‌128- سعيد بن المسيّب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم القرشي المدني

- ‌129- عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى القرشي الأسدي

- ‌130- أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي

- ‌131- سعيد بن جبير الوائلي مولاهم الكوفي

- ‌132- إبراهيم بن يزيد بن الأسود الفقيه الكوفي النخعي

- ‌133- عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي

- ‌134- خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان أبو زيد الأنصاري

- ‌135- عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار الشعبي الكوفي

- ‌136- طاووس بن كيسان الخولاني الهمداني اليماني أبو عبد الرحمن

- ‌137- سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي

- ‌138- القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي

- ‌139- سليمان بن يسار

- ‌140- الحسن بن أبي الحسن يسار البصري أبو سعيد

- ‌141- مكحول بن عبد الله الشامي

- ‌142- عطاء بن أبي رباح

- ‌143- أبو الزناد عبد الله بن ذكوان المدني القرشي

- ‌144- ربيعة بن أبي عبد الرحمن فرّوخ مولى آل المنكدر

- ‌145- يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الحافظ

- ‌146- سليمان بن مهران

- ‌147- محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عبد الرحمن

- ‌148- عبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج الرومي

- ‌149- عبد الرحمن بن عمرو بن محمد الأوزاعي

- ‌150- سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة أبو عبد الله الثوري الكوفي الفقيه الإمام

- ‌151- حماد بن سلمة بن دينار

- ‌152- عبد الله بن المبارك

- ‌153- سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي

- ‌154- إسحاق بن أبي الحسن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن عبد الله الحنظلي المروزي المعروف بابن راهويه أبو يعقوب

- ‌155- إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي الفقيه البغدادي أبو ثور

- ‌156- محمد بن نصر الإمام أبو عبد الله المروزي

- ‌157- محمد بن إبراهيم بن المنذر أبو بكر النيسابوري

- ‌158- أبو سليمان الخطابي حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب القرشي العدوي البستي من ولد زيد بن الخطاب ابن نفيل

- ‌159- الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر بن علي أبو الفضائل القرشي العدوي العمري عرف بالصغّاني الحنفي

- ‌160- أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر الكردي الشهرزوري، عرف بابن الصلاح

- ‌161- يحيى بن شرف بن مزي بن الحسن بن الحسين الحزامي النووي

- ‌162- أحمد بن عبد الحليم (ابن تيمية)

- ‌فأما من نذكر من مشاهير الجانب الغربي فمنهم:

- ‌163- أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي

- ‌164- أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري

- ‌165- القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي

- ‌166- أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد المعروف ب (ابن العربي) المعافري

- ‌ومن متقدميهم بالديار المصرية:

- ‌ومن متأخريهم:

- ‌171- علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌فهرس الكتاب

الفصل: ‌116- يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس

‌فأما الحفاظ بالجانب الغربي

فلولا مصر ما نهضت قوادمهم «1» المحصوصة «2» ، وسدّت خصاصتهم «3» المعروفة بهم فواقرها «4» المخصوصة، وسأذكر من لاح نجمه مصوّبا في غربهم، وسقي صيّبا من «5» سحّهم:

فمنهم

‌116- يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس

«6» الليثي الأندلسي، راوي كتاب الموطأ وعاقل الأندلس، وعاقد أزمّتها الشمس، والمقدّم في حفّاظها، والميمّم بقصد ألحاظها، والمعدود في معارف أعلامها، وثانيا في عوارف أيامها، وثالثا لدافق بحرها وساكب غمامها، ورابعا لنجوم سمائها وشموس ضيائها وبدور ظلامها، وخامسا إلى ما لا نهاية له من العدد من المحاسن المؤذنة بتمامها، مشدّد في دين، ومسدّد لا يلين، ومشيّد

ص: 572

لأركان الشريعة فرد ماله خدين «1» .

سمع من مالك المؤطأ غير أبواب في الاعتكاف، شكّ في سماعها، فأثبت روايته فيها عن زياد بن عبد الرحمن اللخمي «2» عن مالك.

وسمع بمكة من ابن عيينة «3» وبمصر من الليث بن سعد «4» وعبد الله بن

ص: 573

وهب «1» وعبد الرحمن بن القاسم «2» .

وتفقه بالمدنيين والمصريين من أكابر أصحاب مالك بعد انتفاعه بمالك وملازمته له، وكان مالك يسميه عاقل الأندلس، وكان سبب ذلك فيما روي:

أنه كان في مجلس مالك مع جماعة من أصحابه فقال قائل: قد حضر الفيل، فخرج أصحاب مالك كلهم لينظروا إليه ولم يخرج يحيى، فقال له مالك: ما لك لا تخرج تراه، لأنه لا يكون بالأندلس؟ فقال: أنا جئت من بلدي لأنظر إليك، وأتعلم منك هديك وعلمك، ولم أجئ لأنظر إلى الفيل. فأعجب به مالك وسماه/ (ص 234) عاقل الأندلس. ثم إن يحيى عاد إلى الأندلس وانتهت إليه الرئاسة بها، وبه انتشر مذهب مالك في تلك البلاد، وتفقه به جماعة لا يحصون عددا، وروى عنه خلق كثير، وأشهر روايات الموطأ وأحسنها روايته، وكان مع إمامته ودينه معظما عند الأمراء، مكينا عفيفا عن الولايات، متنزها، جلّت رتبته عن القضاء، فكان أعلى قدرا من القضاة عند ولاة الأمر هنالك لزهده في القضاء،

ص: 574

وامتناعه منه، قال ابن حزم «1» : مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرياسة والسلطان مذهب أبي حنيفة، فإنه لما ولّى قضاء القضاة أبو يوسف «2» ، كانت القضاة من قبله فكان لا يولي قضاء البلدان من أقصى المشرق إلى أقصى إفريقية إلا أصحابه ومن انتمى إلى مذهبه، ومذهب مالك بن أنس عندنا في بلاد الأندلس، فإن يحيى بن يحيى كان مكينا عند السلطان مقبول القول في القضاة، وكان لا يلي قاض في أقطار بلاد الأندلس إلا بمشورته واختياره، ولا يشير إلا بأصحابه، ومن كان على مذهبه، والناس سراع إلى الدنيا، فأقبلوا على ما يرجون به بلوغ أغراضهم به على أن يحيى بن يحيى لم يل القضاء قط ولا أجاب، وكان ذلك زايدا في جلالته عندهم، وداعيا إلى قبول رأيه لديهم.

وقال أحمد بن أبي الفياض «3» : كتب الأمير عبد الرحمن بن الحكم «4»

ص: 575

المرتضى صاحب الأندلس إلى الفقهاء يستدعيهم إليه، فأتوا إلى القصر، وكان عبد الرحمن المذكور قد نظر في شهر رمضان إلى جارية له كان يحبها حبا شديدا فعبث بها ولم يملك نفسه أن وقع عليها، ثم ندم شديدا، فسأل الفقهاء عن توبته من ذلك وكفارته، فقال يحيى بن يحيى: يكفّر ذلك يصوم شهرين متتابعين، فلما بدّر يحيى إلى هذه الفتيا سكت بقية الفقهاء/ (ص 235) حتى خرجوا من عنده، فقال بعضهم لبعض، وقالوا ليحيى مالك لم تفته بمذهب مالك؟ فعنده أنه مخير بين العتق والطعام والصيام، فقال: لو فتحنا له هذا الباب سهل عليه أن يطأ كل يوم ويعتق رقبة ولكن حملته على أصعب الأمور لئلا يعود.

وقال محمد بن عمر بن لبابة «1» : فقيه الأندلس عيسى بن دينار «2» ، وعالمها عبد الملك ابن حبيب «3» ، وعاقلها يحيى بن يحيى، وكان أحمد بن

ص: 576

خالد «1» يقول: لم يعط أحد من أهل العلم بالأندلس منذ دخلها الإسلام من الحظوة وعظم القدر وجلالة الذكر ما أعطيه يحيى بن يحيى، وقال ابن بشكوال «2» : كان يحيى بن يحيى مجاب الدعوة، وكان قد أخذ في نفسه وهيئته ومقعده هيئة مالك. وحكي عنه أنه قال: أخذت ركاب الليث بن سعد «3» فأراد غلامه أن يمنعني، فقال: دعه، ثم قال لي الليث: خدمك العلم فلم تزل بي الأيام حتى رأيت ذلك. ثم قال ابن بشكوال: توفي يحيى في رجب سنة أربع وثلاثين ومائتين، وقبره بظاهر قرطبة بمقبرة ابن عيّاش يستسقى «4» به.

وزاد الحميدي «5» أن وفاته كانت لثمان بقين من الشهر المذكور.

ص: 577