الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن متقدميهم بالديار المصرية:
169-
الحافظ الفقيه «1» أبو جعفر بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي «2» الحنفي
. الذي جمع بفقهه بين المذهبين، وطلع بتصنيفه في المذهبين «3» ، تاهت به طحا، وباهت به الشمس في الضحى، وأصبحت تضاهي النجوم بقعتها، وتظاهر صفيح (ص 316) الغيوم نقعتها «4» ، وتشرق سنى، وتغدق منى، ويعرج عليها ساري كل ركاب، وسائر كل طلاب «5» ، ويقف بها مغبّطا لبلده الذي فتنت بفوائده، وكلفت «6» بعوائده، يهيم بغرر «7» فوائده الحسان، وقلائده المقلدة
للإحسان، وقالت:[الطويل]
صحا بك نوء للإحسان سكوب
…
وطحا بك قلب للحسان طروب
طحا بك بغل نوائب الزمان
…
فهل نون مخلب كاسر أو نوب
ولد سنة تسع وثلاثين ومائتين، وتفقه بمصر على أبي جعفر أحمد بن أبي عمران «1» ، وبدمشق على القاضي أبي خازم «2» ، وتفقه عليه أحمد بن محمد بن منصور الدامغاني «3» ، وغيره، وحدث عن خلائق سمع منهم، وصنف التصانيف المطولة الدالة على تبحره، وتفقه أولا على مذهب الشافعي، ثم انتقل إلى مذهب أبي حنيفة، وسبب انتقاله أن خاله أبا إبراهيم المزني «4» - صاحب
الشافعي- قال له يوما في أثناء مذاكرة-: والله لا جاء منك شيء. فغضب أبو جعفر من ذلك، وأنف «1» لنفسه، وانتقل إلى ابن أبي عمران، فأول ما صنف من الكتب" مختصره" في الفقه، وهو على ترتيب كتاب المزني، فلما فرغ منه قال: رحم الله أبا إبراهيم، لو كان حيا لكفّر عن يمينه «2» ، وذكر أبو يعلى الخليلي «3» في كتاب الإرشاد «4» أن إبراهيم بن محمد الشروطي قال: قلت للطحاوي: لم خالفت خالك، واخترت مذهب أبي حنيفة، قال: لأني كنت أرى خالي يديم النظر في كتب أبي حنيفة، فانتقلت إلى مذهبه لذلك.
وذكره الحافظ أبو محمد بن خلف في كتابه" الدر المنظّم فيمن دفن بسفح المقطّم" فقال: فريد دهره، ووحيد عصره، له التصانيف المفيدة، والآثار الحميدة، صاحب فقه، ورواية، ونظر، ومن تصانيفه الفقهيات المعروفات الكبار، والمختصرات/ الخالية من الإكثار، وكتبه في الوراقة مشهورة- أيضا-، وفضائله أكثر من أن تعد، ومناقبه أوفر من دخولها تحت الحصر والعد، وروى عنه القضاة المحققون، والعلماء المبرزون، وبلغ من العمر ثمانين سنة، وكان السواد أغلب على لحيته من البياض.
توفي في ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة بمصر، ودفن بالقرافة، وقبره مشهور.