الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأغسل للغماء من السرور غبّ الحزن، تفقه على الثوري «1» ومالك «2» وروى عنه الموطأ، وكان كثير الانقطاع محبّا للخلوة، شديد التورّع جامعا بين العلم والزهد، نقل أبو عبد الله الجبّائي «3» أن عبد الله بن المبارك سئل أيّما أفضل معاوية بن أبي سفيان «4» أم عمر بن عبد العزيز «5» ؟ فقال: والله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بألف مرة، صلّى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: سمع الله لمن حمده، فقال معاوية ربنا ولك الحمد، فما بعد هذا؟ ومن كلامه: تعلمنا العلم للدنيا فدلنا على ترك الدنيا. ومن شعره: [البسيط]
قد يفتح المرء حانوتا لمتجره
…
وقد فتحت لك الحانوت بالدّين
صيّرت دينك شاهينا تصيد به
…
وليس يفلح أصحاب الشواهين
توفي منصرفا من الغزو بهيت في رمضان سنة نيف وثمانين ومائة، ومولده بمرو سنة ثمان عشرة ومائة.
ومنهم
153- سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي
«6» قمر طلع من هلال، ودرّ تجسّد من زلال، من خير من تنقلت به الأصلاب،/ (ص 281)
ونفّلت له الأسلاب، ونقلت له خوص المطايا الأجلاب «1» ، وأقبلت إليه الطلبة في هيئة الأطلاب «2» ، وحطّت عليه بأملها الركايب الطلاح «3» ، وخطت إليه بفللها السحايب الدلاح «4» ، طالما شكم الموقف بالصخرات موقفه وحمد منه معرّف المعرفة، وأجمع جمع أنه ما رأى مثله بالعيان ولا بالصفة، ولد بالكوفة في منتصف شعبان سنة سبع ومائة، ونقله أبوه إلى مكة، وكان إماما عالما ثبتا زاهدا ورعا، مجمعا على صحة حديثه وروايته، وحج سبعين حجة، وروى عن جماعة من الأعيان، وروى عنه خلق كثير، قال ابن خلكان «5» رحمه الله: رأيت في بعض المجاميع أن سفيان خرج يوما إلى من جاءه يسمع منه وهو ضجر، فقال: أليس من الشقاء أن أكون جالست ضمرة بن سعيد «6» وجالس هو أبا سعيد الخدري «7»
وجالست عمرو بن دينار «1» وجالس هو عبد الله بن عمر «2» ، وجالست الزهري «3» ، وجالس هو أنس بن «4» مالك حتى عدّ جماعة ثم أنا أجالسكم، فقال له حدث في المجلس أتنصف يا أبا محمد، قال: إن شاء الله تعالى فقال:
والله لشقاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بك أشدّ من شقائك بنا. فأطرق وأنشد قول أبي نواس «5» : [مجزوء الرمل]
خلّ جنبيك أرام «6»
…
وامض عنه بسلام
مت بداء الصمت خير
…
لك من داء الكلام
وتفرق الناس وهم يتحدثون برجاحة الحدث، وكان ذلك الحدث يحيى بن أكثم «7» ، فقال سفيان: هذا الغلام يصلح لصحبة هؤلاء، يعني السلطان. وقال