الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الأدب كتب متعددة «1» ، وكان فاضلا متقنا زاهدا ورعا، توفي في ثامن عشر شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وخمسمائة، وقيل في ثاني الشهر بالمهدية، وعمره ثلاث وثمانون سنة «2» .
ومنهم
165- القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي
«3» السبتي أبو الفضل، الفقيه الحافظ جمال الأعلام «4» ، وقدوة أئمة الإسلام، شغف بخير الخلق حبّا، وكلف بنبي الله حبّا «5» ، وهام بسكان العقيق «6» حتى
أجراه دمعا، وبنزال الأبيرق «1» حتى كاد يفنيه جزعا وولع بأهيل الحيّ حتى ظلّ دمعه بالحمى صبّا «2» ، وبات (ص 309) كراه «3» لا يلائم مضجعه من الجفون جنبا، وتشوّق ديارا كان يودّ لو طاف بربوعها، وطاح مرطه في مسارح ربيعها، وأسف لزمان أخّره عن زمان تلك الأقمار الطّلع، والسمّار ومقل الكواكب مفضية لا تجسر أن تتطلّع وغشيان نادي النبوة والقرآن ينزل عليه، وجبريل يؤدي ما اؤتمن على إبلاغه إليه، وسيّد الكونين محمد خاتم الأنبياء، وإمام الأتقياء حيّ يأتلق قمره في ذلك النادي، ويتدفق مطره في ذلك الوادي، وطيبة «4» به تأرج «5» جنبات أرجائها نشرا.
وتخلّق أردان فنائها بشرا، وتلك المعالم مأهولة بأهلتها، وتلك المعاهد معهودة لا تستسقي السحب لغلتها، فلما فاته سالف تلك الأيام أن يكون من بينها، وبعدت عليه شقة تلك المنازل أن يكون فيها، جعل فيها غرر تأليفه، ودرر تصنيفه، وصنف كتاب الشفا في شرف المصطفى «6» ، وأوقد مصباحه مذ
كان فما انطفى، ينطق بغرام برسول الله صلى الله عليه وسلم أسكنه شغاف قلبه، وأنزله سعاف حبه، وذكر في في تعظيمه أوصاف ربّه، وأخلص فيه النية، فما جاء بعده كتاب ألّف في بابه ثم كان له مدانيا، ولا منه دانيا، بل عليه المعتمد دون بقيّة تلك الكتب على كثرتها، والمخصوص بالأثرة عليها على أثرتها، وجرّب أنه لم يكن عند رجل فنكب، ولا في رحل فأخذ، ولا في بيت فخرب، ولقد كان مصنفه رحمه الله أنفع لمدينته سبتة «1» من بحرها، وأجمع لقطريها مما تخنقه جوانبها الثلاث من برها.
وقد ذكره الفتح فقال: جاء على قدر، وسبق إلى نيل المعالي وابتدر، فاستيقظ لها والناس نيام، وورد حياضها وهم حيام «2» ، فتحلت به للعلوم نحور، وتجلّت له منها حور، كأنهن الياقوت/ (ص 310) والمرجان، لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان، وقد ألحفته الأصالة رداءها، وسقته الجلالة أنداءها، وأزرت محاسنه بالبدر اللياح «3» ، وسرت فضائله سرى الرياح، فتشوفت لعلاه الأقطار، ووكفت «4» تحكي نداها الأمطار، وهو على اعتناء بعلوم الشريعة، واختصاصه بهذه الرتبة الرفيعة، يعني بإقامة أود الأدب، وتنسلّ إليه أربابه من كل حدب، إلى سكون ووقار كما رسا الطود، وجمال مجلس كما حلّيت الخود «5» ،
وعفاف وصون ما علما فسادا بعد الكور «1» ، ورواء لو رأته الشمس ما تاهت بأضواء الخضر، أو كان الصبح ما لاح ولا أسفر، قال ابن بشكوال: دخل الأندلس طالبا للعلم فأخذ بقرطبة عن جماعة «2» ، وجمع من الحديث وكان له عناية كبيرة به، وبالاهتمام بجمعه وتقييده، وهو من أهل التفنن في العلم، واستقضي بسبتة مدة طويلة، فحمدت سيرته فيها ثم نقل عنها إلى قضاء غرناطة «3» ، فلم يطل أمده فيها، صنف التصانيف المفيدة منها: كتاب الإكمال في شرح مسلم كمّل به كتاب المعلم لأبي عبد الله المازري «4» ، وله كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى «5» ، لم يسبق إلى مثله، وله مشارق الأنوار في غريب الحديث، المختص بالموطإ والبخاري ومسلم «6» ، وله كتب أخر «7» ، وكان إمام وقته في الحديث
وعلومه، والنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم.
ومن نظمه قوله في خامات زرع بينها شقائق نعمان هبت عليه ريح: [السريع]
انظر إلى الزرع وخاماته
…
تحكي وقد ماست أمام الرياح
كتيبة خضراء مهزومة
…
شقائق النعمان فيها جراح «1»
(ص 311) ومنه قوله: [البسيط]
الله يعلم أني منذ لم أركم
…
كطائر خانه ريش الجناحين
فلو قدرت ركبت البحر نحوكم
…
فإن بعدكم عني جنى حيني «2»
وأورد له العماد في الخريدة في لزوم ما لا يلزم: [المتقارب]
إذا [ما] نشرت بساط انبساط
…
فعنه فديتك فاطو المزاحا
فإن المزاح كما قد حكى
…
ألو العلم قبلي عن العلم زاحا
ومدحه أبو الحسن المالقي الفقيه بقوله: [الكامل]
ظلموا عياضا وهو يحلم عنهم
…
والظلم بين العالمين قديم
جعلوا مكان الراء عينا في اسمه
…
كي يكتموه وإنه معلوم
لو لاه ما فاحت أباطح سبتة
…
والروض حول فنائها معدوم «3»
مولده بسبتة في نصف شعبان سنة ست وسبعين وأربعمائة وتوفي بمراكش