الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم:
99- أبو عبد الله الحاكم
«1» واسمه: محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم الضبي «2» الطهماني «3» النيسابوري الحافظ المعروف بابن البيّع «4» .
له التصانيف، والأمالي، والأسانيد عن العوالي، لو بذلت تصانيفه للعيون لسرح فيها الأمل، أو ضنّت «5» أماليه على الأسماع لما كانت إلا صمّا كالجبل، بل لو تقدمت كتبه المصنفة لضببت «6» عليها ضبة أبوابها،
وفضضت «1» بلجين قراطيسها (ص 199) البيض أحسابها، بل لو حملت معه في ذلك الأوان لقال قومه: نحن بنو ضبة أصحاب الجمل، وانتصروا بأقلامه إذ كتب، ولم يقولوا: نبغي ابن عفان بأطراف الأسل «2» ، بل لو تحاقت «3» البلاد، وتحاكمت في فضل الميلاد لقضت على ما سوى بلده نيسابور بأن تبور «4» ، وأذنت بأن كل بناء يحق له أن يهدم إلا ما شيّد بناءه سابور «5» ، بل لو تفاضلت الأوقات لأجمعت على وقته الفكر، وفضل بتصنيفه أمالي العشيات «6» سواد العشايا على بياض البكر «7» .
كان إمام الحديث في عصره، ألف فيه الكتب التي لم يسبق إلى مثلها، وتفقه على أبي سهل الصعلوكي الشافعي، ثم انتقل إلى العراق، وقرأ على أبي علي بن أبي هريرة الفقيه، ثم طلب الحديث، وسمعه سنة ثلاثين، وغلب عليه، فاشتهر به، وسمعه من جماعة لا يحصون كثرة، فإن معجم شيوخه يقرب من ألفي رجل، وصنف في علومه ما يبلغ ألفا وخمس مئة جزء «8» منها:
الصحيحان «1» ، والعلل، والأمالي، وفوائد الشيوخ، وأمالي العشيات «2» ، وأملى بما وراء النهر سنة خمس وخمسين، وبالعراق سنة سبع وستين، وأما ما تفرد بإخراجه «3» : فمعرفة علم الحديث «4» ، وتاريخ علماء نيسابور، والمدخل إلى علم الصحيح، والمستدرك على الصحيحين، وما تفرد به كل واحد من الإمامين، وفضائل الإمام الشافعي «5» .
وله إلى الحجاز، والعراق رحلتان، وكانت الرحلة الثانية سنة ستين وثلاثمائة، وناظر الحفاظ، وذاكر الشيوخ، وكتب عنهم أيضا، وباحث الدارقطني، فرضيه، وتقلد القضاء بنيسابور سنة تسع، وخمسين وثلاثمائة في أيام الدولة السامانية «6» ، ووزارة أبي نصر العتبي «7» ، وقلد بعد ذلك قضاء جرجان،
فامتنع، وكانوا ينفذونه في الرسائل إلى بني بويه «1» (ص 200) .
وقال عبد الغافر بن إسماعيل: أبو عبد الله الحاكم هو إمام أهل الحديث في عصره، العارف به حق معرفته، ولقد سمعت مشايخنا يذكرون أيامه، ويحكمون أن متقدمي عصره مثل الصعلوكي، وابن فورك «2» ، وسائر الأئمة يقدمونه على أنفسهم، ويراعون حق فضله، ويعرفون له الحرمة الأكيدة، وأطنب في تعظيمه.
وقال الخطيب: كان يميل إلى التشيع، جمع أحاديث، وزعم أنها صحاح على شرط البخاري، منها حديث الطير «3» ، وحديث" من كنت مولاه «4» ،
فأنكرها عليه أصحاب الحديث، ولم يلتفتوا إلى قوله، وقد أخرج حديث الطير في المستدرك، قال ابن طاهر «1» : كان شديد التعصب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنن في التقديم والخلافة، وكان منحرفا عن معاوية، وآله، ويتظاهر بذلك، ولا يعتذر منه، ومع هذا فهو معظم للشيخين بكل حال، فهو شيعي لا رافضي.
مولده في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين، وثلاثمائة بنيسابور، وتوفي بها يوم الثلاثاء ثالث صفر سنة خمس وأربع مائة.
وقال الخليلي «2» :- في كتابه الإرشاد- توفي سنة ثلاث، وأربع مائة، وكان دخل الحمام، واغتسل، وخرج، فقال: آه، وخرجت روحه، وهو متزر لم يلبس قميصه بعد.
ومنهم:
100-
أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق «1» بن موسى بن مهران المهراني «2» الأصبهاني الصوفي الأحول الحافظ.
صاحب كتاب" حلية الأولياء"، وراقي ذروة العلياء، محدث ضابط، ومؤرخ لا يفرط عليه فارط، مهر لأنه ابن مهران، ووطئ الجبال الصم لأنه سكن أصبهان، ضبط قلمه التاريخ، واقتصر به على أهل بلده، وأخذ الفوائد قبضا بيده، وأصبح به عراق العجم يهنئ أم ممالكه أصفهان بمولده، ولد سنة ست وثلاثين (ص 201) ، وثلاثمائة، وأجاز له مشايخ الدنيا سنة نيف، وأربعين، وثلاثمائة، وله ست سنين، وتهيأ له من لقي الكبار ما لم يقع لحافظ، وتفرد في الدنيا بالإجازات من جماعة، وبالسماع من آخرين، ورحلت الحفاظ إلى بابه لعلمه، وحفظه، وعلو أسانيده.
قال ابن مردويه «3» : كان أبو نعيم في وقته مرحولا إليه، لم يكن في أفق من
الآفاق أحد أحفظ، ولا أسند منه، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده، وكل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريده إلى قرب الظهر، فإذا قام إلى داره ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزء، وكان لا يضجر، لم يكن له غداء سوى التسميع، والتصنيف.
وقال حمزة بن العباس العلوي: بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير، لا يوجد شرقا ولا غربا أعلى إسنادا منه، ولا أحفظ منه، وكانوا يقولون- لما صنف كتاب الحلية-: حمل في حياته إلى نيسابور فاشتروه بأربع مئة دينار.
وله كتاب" تاريخ أصبهان"، و" دلائل النبوة"، و" المستخرج" على كل واحد من الصحيحين، و" فضائل الصحابة" وغير ذلك من تصانيف كبار، وصغار.
توفي في صفر، وقيل: في الحادي والعشرين من المحرم سنة ثلاثين، وأربعمائة بأصبهان.