الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن تومرت «1» ، وهو ينسب إلى بني إدريس الحسنيين، وقد أثبت نسبة الشريف الإدريسي صاحب كتاب أجّارو كتاب (الدوحة المايسة في أخبار الأدارسة)«2» ، ولم يسم بخليفة ولا أمير المؤمنين، بل خطب له بالمهدي المعلوم للإمام المعصوم وعهد بالخلافة لعبد (ص 51) المؤمن «3» . وهو- أعني عبد المؤمن- قيسي ليس بقرشي، فلا يصح له خلافة. ثم قال: فتوارثها بنوه وخطب لهم من برقة إلى البحر المحيط وبجميع الأندلس.
[المناظرة بين الأشخاص: الخلفاء ونحوهم]
وإذا تعرضنا للمناظرة في الأشخاص سلمنا جمهور الفخر أيضا للمشرق، إذ الخلفاء الأربعة فيه، وغيرهم من الخلفاء المرضيين إلا أنهم شبّهوا الناصر المرواني «4» في حزمه وجبره للدولة وصولته بالمعتضد «5» ، وشبهوه في طول المدّة
في الأمر بالناصر «1» لأنه ملك خمسين سنة ونصف، وشبهوه في كثرة البنيان وعظمة ما أنفق عليه بالمتوكل «2» ، وشبهوه بالحركات والغزوات بالمعتصم «3» ، وشبهوه في الجود بالرشيد «4» ، وشبهوا ابنه المستنصر «5» في العدل والزهادة وردّ المظالم، وتغيير المنكر بالمهتدي «6» ، وشبهوه في حب العلوم واقتناء كتبها
بالمأمون «1» . وشبهوا المستعين «2» في التجرد لطلب ما خاصمه فيه الزمان من الخلافة ومآل أمره إلى القتل بسميه المستعين «3» ، وشبهوه في الشعر بالرشيد، وأنشد صاحب الذخيرة قول المستعين:[الكامل]
عجبا يهاب الليث حدّ سناني
…
وأهاب سحر «4» فواتر الأجفان
وأقابل «1» الأهوال لا متهيبا
…
منها سوى الإعراض والهجران
وتملكت نفسي ثلاث كالدمى
…
زهر الوجوه نواعم الأبدان «2»
هذي الهلال وتلك شبه «3» المشتري
…
حسنا، وهذي أخت غصن البان
حاكمت فيهن السلوّ إلى الهوى «4»
…
فقضى بسلطان على سلطاني
وأبحن «6» من قلبي الحمى وتركنني
…
في عزّ ملكي كالأسير العاني «5»
إن لم أطع فيهن سلطان الهوى
…
كلفا بهنّ فلست من مروان
وقول الرشيد: [الكامل]
ملك الثلاث الآنسات عناني
…
وحللن من قلبي بكل مكاني
مالي تطاوعني البرية كلّها
…
وأطيعهنّ وهنّ في عصياني
ما ذاك إلّا أنّ سلطان الهوى
…
- وبه قوين- أعزّ من سلطاني «7»
وفضّل أبيات المستعين وزهزه لها وأطنب في الثناء عليها «1» . وكان في خلفاء العبيدين ممن ذكرت صولته وعظمت آثاره المنصور بن القائم عبيد الله المهدي»
، وهو مشبّه عندهم بالمنصور العباسي «3» ، لأن كلا منهما «4» اختلت عليه الدولة وأصفقت عليه الحروب «5» وكاد يسلّ من الخلافة، فهب له ريح النصر وتراجع له أمره حتى لم يبق مخالف، وأخبارهما في ذلك مذكورة مشهورة «6» والمعز بن المنصور طمحت همته إلى أن ترك إفريقية لبعض غلمانه وخدامه، وتجهز إلى مصر بعد ما أنهض لها مولاه جوهرا «7» ففتحها وبنى له
حضرة القاهرة، وسفرته من إفريقية إلى مصر وما ظهر منه من حسن التدبير، وهبوب النصر والحزم والاستيلاء، كسفرة المأمون «1» من خراسان إلى بغداد، وتسكينه ما اشتعل من نار الفتنة، وظهر من ابنه العزيز «2» من حسن المداراة والتسكين للناس ما ضرب من أجله المثل بأيامه في مصر، وصار يقال أحسن من أيام العزيز، وكان من عجائبهم المستنصر «3» فإنه جاوز في أمر الخلافة ستين سنة، ولم يبلغ هذه المدة خليفة في المشرق، وكانت له من خزائن الأموال وعظم الأسد ونفوذه، واتساع الخطبة وفيضها في أقطار المشرق والمغرب ما يطول ذكره، ثم انعكس عليه ذلك، فاقتنصت البلاد بالمشرق والمغرب منه (ص 53) واضطرمت الفتن بحضرته بالقاهرة، وافتقر وضعف أمره، وآل حاله إلى أن قال لشخص من خواصه طالبه بشيء: والله لقد أصبحت لا ينفذ لي أمر إلا من مكاني إلى باب قصري، ولا أملك مالا إلا ما تراه عليّ وتحتي «4» .
وعبيد الله المهدي أوّل خلفائهم «5» يشبّه بالسفاح أول خلفاء بني
العباس «1» ، فإنّ السفاح خرج من الحميمة «2» بالشام طالبا الخلافة والسيف يقطر دما، والطلب مراصد، وأبو سلمة الخلال «3» يؤسس له الأمر، ويثبت دعوته، وعبيد الله خرج من سلمية «4» في الشام وفي رأسه طلب الأمر، والعيون قد أزكيت عليه، وأبو عبيد الله الشيعي يسعى في تمهيد دولته، وكلاهما تم له الأمر وبايعه صاحب دعوته. وقتل عبيد الله أبا عبد الله الشيعي القائم بدولته «5» ، وأصبح- أو سلمه- مقتولا في حضرة السفاح، فينسب قتله إليه.
وأما أدارسة الغرب فإن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن رضي الله عنهم «1» فرّ من وقعة فخ «2» بظاهر مكة حين كانت الهزيمة على العلويين من قبل أصحاب الهادي «3» ، وقتل سليمان ابن عبد الله بن الحسن طالبا الخلافة «4» ، فتنكر إدريس وصار ملاحا في بحر جدة، وتنقل في بلاد المغرب إلى أن ثار