الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قراء مصر]
منهم:
62-
عثمان بن سعيد بن عبد الله بن سليمان «1» أبو سعيد المصري القبطي
«2» مولى آل الزبير بن العوام الملقب بورش، ويقال له الروّاس «3» لأنها كانت صناعته، ولأنه رأس ثقة، سكنت إليه النفوس، وخضعت أولا وآخرا له الرءوس، ما بلغ بلاغته ساكن المشان، ولا صحت فصاحته لذي شان، ولا تكلم إلا وسكت كل قائل، وقال في فنه ورش، أو غرد على فننه ورشان، بيانا يصدع العشاء، وقرب مستقى لم يحتج به أحد عند ورش يطيل الرشاء «4» .
ولد سنة عشر ومائة «5» ، وقرأ القرآن، وجوده على نافع «6» عدة ختمات في
حدود سنة خمس وخمسين ومائة، ونافع هو الذي لقبه" ورش" لشدة بياضه، والورش شيء يصنع من اللبن، ويقال: لقبه" ورشان"«1» وهو طائر معروف «2» ، فكان يقول: اقرأ يا ورشان، وهات يا ورشان، ثم خفف، وقيل: ورش. وكان لا يكرهه، ويعجبه، ويقول: أستاذي سماني به «3» ، وكان (ص 146) أول أمره رأآسا»
، ثم اشتغل بالقرآن، والعربية، ومهر فيها، وكان أشقر أزرق «5» ، سمينا مربوعا «6» ، يلبس مع ذلك ثيابا مقدرة «7» ، وإليه انتهت رئاسة الإقراء بالديار المصرية في زمانه، قال أبو يعقوب الأزرق «8» : لما تعمق ورش في النحو، وأحكمه اتخذ لنفسه مقرئا، يسمى مقرء ورش.
وقال ورش: خرجت من مصر لأقرأ على نافع، فلما وصلت إلى المدينة صرت إلى مسجد نافع، فإذا هو لا يطاق القراءة عليه من كثرتهم، وإنما يقرئ ثلثين،
فجلست خلف الحلقة، وقلت لإنسان: من أكبر الناس عند نافع؟ فقال لي:
كبير الجعفريين، فقلت: كيف به؟ قال: أنا أجيء معك إلى منزله، وجئنا إلى منزله، فخرج شيخ، فقلت: أنا من مصر، جئت لأقرأ على نافع، فلم أصل إليه، وأخبرت أنك من أصدق الناس له، وأنا أريد أن تكون الوسيلة إليه. فقال: نعم وكرامة، وأخذ طيلسانه، ومضى معنا إلى نافع، فقال له الجعفري: هذا وسيلتي إليك جاء من مصر ليس معه تجارة، ولا جاء يحج، إنما جاء للقرآن خاصّة. فقال:
ترى ما ألقى من أولاد المهاجرين والأنصار! فقال صديقه: تحتال له. فقال لي نافع: أيمكنك أن تبيت في المسجد؟ فقلت: نعم. فبت في المسجد، فلما أن كان الفجر جاء نافع، فقال: ما فعل الغريب؟ فقلت: ها أنا- رحمك الله- قال:
أنت أولى بالقراءة «1» . قال: وكنت مع ذلك حسن الصوت، مدّادا به، فاستفتحت، فملأ صوتي مسجد رسول الله فقرأت ثلاثين آية، فأشار بيده أن اسكت، فقام إليه شاب من الحلقة فقال: يا معلم، أعزك الله، نحن معك، وهذا رجل غريب، وإنما رحل للقراءة عليك، وقد جعلت له عشرا، وأقتصر على عشرين «2» ، فقال: نعم (ص 147) وكرامة، فقرأت عشرا، فقام فتى آخر فقال كقول صاحبه «3» ، فقرأت عشرا، وقعدت حتى لم يبق أحد ممن له قراءة، فقال لي: اقرأ، فأقرأني خمسين آية، فما زلت أقرأ خمسين آية حتى قرأت عليه قبل أن أخرج من المدينة ختمات.
وفي رواية: قال ورش: فكانوا يهبون لي أسباعهم حتى كنت أقرأ عليه كل
يوم سبعا، وختمت في سبعة أيام، فلم أزل حتى ختمت عليه أربع ختم في شهر، وخرجت من المدينة «1» . توفي ورش بمصر سنة سبع وتسعين ومائة.
ومنهم:
63-
عبد الله بن مالك «2» بن سيف أبو بكر التجيبي «3» المصري
شيخ الإقليم في الإقراء «4» في زمانه، وفي استحقاق البداءة به على أقرانه، طالت مدة إفادته، ودامت جدة «5» سعادته، وثبت بحره على الوفاء مع أخذه في زيادته، كأنما طبع من سيف جده زبرة «6» ذهنه، واستمد بحده قوة أمام وهنه فقوي من سلفه بما تجيب «13» ، ودعا من أبيه مالكا لو سمع بواعثه من وراء البحار لما عجزت أن تجيء وتجيب، قرأ القرآن على أبي يعقوب الأزرق «7» ، وعمّر دهرا طويلا،