الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم بعده ابن مهدي، وكان ورده كل ليلة نصف القرآن «1» .
وقال الذهلي «2» : ما رأيت في يد عبد الرحمن كتابا قط.
ومات في جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائة، وورثه بنوه، وأبوه مهدي- وكان عاميا-.
ومنهم:
72- أبو داود الطيالسي
«3» واسمه سليمان بن داود بن الجارود الفارسي الأصل البصري «4» ، من أهل الطلب الذين بلغوا الفضل، وتداولوه، ورجال (ص 159) فارس الذي لو كان
العلم في الثريا لتناولوه «1» . روى الحديث، ولقي أهله، وتروى منه، ولم يقنع بنهله «2» ، وعجل إليه تلقفه من الأفواه، وتلقمه فم القلم، وحلق الدواة، وإشفاقا أن يختانه «3» النسيان، أو يحتاله الضياع في الأحيان، على أنه ما خلا من تغليط، ولا خبا كوكبه، وقد أكثر عليه غبش «4» غلبه التخليط.
قال الفلاس «5» ، وابن المديني «6» : ما رأينا أحفظ منه.
وقال رفيقه ابن مهدي «7» : هو أصدق الناس.
قال أبو داود: كتبت عن ألف شيخ.
وقال وكيع «1» : ما بقي أحد أحفظ لحديث طويل من أبي داود، فبلغه ذلك، فقال: ولا قصير.
وقال عمر بن شبة «2» : كتبوا عن أبي داود من حفظه أربعين ألف حديث «3» .
قال الذهبي: كان يتكل على حفظه فغلط في أحاديث «4» .
مات سنة أربع ومائتين»
، وكان من أبناء الثمانين.
ومنهم:
73-
يحيى «1» بن يحيى
«2» أبو زكريا التميمي «3» النيسابوري «4» الحافظ شيخ خراسان «5» وموضع نطق كل لسان، نسب إلى نيسابور، وحسب أنه الطود «6» الصبور، وصدرت منه في خراسان ما ملأ كل صدر، وخبأ الخمول معه كل قدر، عجائب شيبت لمم جبالها، وشببت ديم «7» أنوائها رواشق «8» نبالها، كان تميمة لتميم، وضميمة إليه غولة «9» كل حميم «10» ، أنشز «11» من رفاتها كل رميم «12» ،
وأنشق «1» من عبق ريحها كل شميم، وأنسأ عهد كل سالف إلا أنه غير ذميم «2» .
قال الحاكم: هو إمام عصره بلا مدافعة، ولد سنة اثنتين وأربعين ومائة.
قال ابن راهويه «3» : ما رأيت مثل يحيى بن يحيى، ولا أظنه رأى مثل نفسه.
وقال أحمد بن حنبل: ما رأى يحيى بن يحيى مثل نفسه «4» . (ص 160) .
وقال الذهلي: ما رأيت أحدا أجل، ولا أخوف لربه من يحيى بن يحيى، ولو أشاء لقلت: هو رأس المحدثين في الصدق.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل «5» : سمعت أبي يثني على يحيى، ويقول: ما أخرجت خراسان مثله «6» ، كنا نسميه" يحيى الشكّاك" من كثرة ما كان يشك في الحديث- يعني- «7» أنه كلما توقف في كلمة أبطل سماعه لذلك الحديث، ولم يروه.
وقال ابن راهويه: ظهر ليحيى نيف وعشرون ألف حديث، ومات يوم مات، وهو إمام أهل الدنيا «1» .
ومات في صفر «2» سنة ست وعشرين ومائتين، وكان أسن من الشافعي بثمانية أعوام «3» .
ومنهم:
74-
علي بن عبد الله «4» بن جعفر بن نجيح «5» السعدي
«6» - مولاهم- المديني «7» ثم البصري، حافظ العصر، وقدوة أرباب هذا
الشأن، صاحب التصانيف الكثير عددها، الكبير مددها، النثير «1» كالنجوم بددها «2» ، الغزير معينها لا تدرك أقمارها داديها «3» ولا ددها «4» ، ولا يعادل وزنه الرجيح، ولا يوازي حبه وهو نجيح، حفظ المضاع»
، وحيز له الحديث كأنما تلقاه بولادته في سعد من الرضاع «6» .
ولد سنة إحدى وستين ومائة «7» .
قال أبو حاتم: كان ابن المديني علما في الناس في معرفة الحديث والعلل، وما سمعت أحمد بن حنبل سماه قط، إنما كان يكنيه تبجيلا له.
وقال ابن عيينة: تلومونني على حب ابن المديني، فو الله لما أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني. وكان ابن عيينة يسميه" حية الوادي".
وقال عبد الرحمن بن مهدي: أعلم الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن المديني، وخاصة بحديث سفيان «1» .
وقال النسائي «2» : كأنّ ابن المديني خلق لهذا الشأن.
وقال البخاري «3» : ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند (ص 161) علي بن المديني.
وقال أبو داود: علي بن المديني أعلم من أحمد باختلاف الحديث «4» ، ومناقبه جمة لولا ما كدرها بتعلقه بشيء من مسألة القرآن، وتردده إلى أحمد بن أبي دؤاد «5» إلا أنه تنصل، وندم، وكفّر من قال بخلق القرآن «6» ، فالله يرحمه.
ومات بسامراء في ذي القعدة «7» سنة أربع وثلاثين ومائتين.
قال العلامة أبو زكريا النووي «8» : لابن المديني نحو مائتي مصنف.
ومنهم:
75-
يحيى بن معين بن عون «1» بن زياد بن بسام البغدادي
«2» الحافظ المشهور، الحامل سحابة المشرق على الربى أنار ذيله المجرور، الذي تدفق منه ابن معين، وأشرق به على بغداد ليل طلع صباحه من كمين «3» ، وعلا نسبه إلى بسام وضحاك سرورا بما قدم، وحبورا بأنه على ما أسلف من عمل صالح تقدم، ويقينا بأنه سيقدم على الله تحت راية رواية حديث نبيه صلى الله عليه وسلم.
كان أبوه كاتبا لعبد الله بن ملك، وقيل: إنه كان على خراج الري، فمات، فخلف لابنه يحيى المذكور ألف ألف درهم، وخمسين ألف درهم، فأنفق المال جميعه على الحديث حتى لم يبق له نعل يلبسه، وسئل: كم كتبت من الحديث؟ فقال: كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث «4» .
وخلف من الكتب مائة قمطر «1» ، وأربع حباب «2» شرابية «3» مملوءة كتبا.
وهو صاحب الجرح والتعديل، وروى عنه الحديث كبار الأئمة كالبخاري، ومسلم، وأبي داود «4» ، وغيرهم من الحفاظ، وكان بينه وبين الإمام أحمد من الصحبة والألفة والاشتراك في الاشتغال بعلوم الحديث ما هو مشهور لا حاجة إلى الإطالة بذكره.
وقال أحمد بن حنبل: كل حديث لا (ص 162) يعرفه يحيى بن معين فليس هو بحديث.
وكان يقول: صاحبنا خلقه الله لهذا الشأن، ويظهر كذب الكذابين- يعني يحيى بن معين-.
وقال علي بن المديني: انتهى العلم بالبصرة إلى يحيى بن أبي كثير «1» ، وقتادة، وعلم الكوفة إلى أبي إسحاق «2» ، والأعمش، وعلم الحجاز إلى ابن شهاب، وعمرو بن دينار «3» ، وصار علم هؤلاء الستة بالبصرة إلى سعيد بن أبي عروبة «4» ، وشعبة «5» ، ومعمر «6» ، وحماد بن سلمة «7» ، وأبي عوانة «8» ، ومن أهل الكوفة سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، ومن أهل الحجاز إلى مالك بن
أنس، ومن أهل الشام إلى الأوزاعي «1» ، وانتهى علم هؤلاء إلى محمد ابن إسحاق «2» ، والهيثم «3» ، ويحيى بن سعيد «4» ، وابن أبي زائدة «5» ، ووكيع «6» ، وابن المبارك «7» ، وهو أوسع هؤلاء علما، وابن
مهدي «1» ، ويحيى بن آدم «2» ، وصار علم هؤلاء جميعا إلى يحيى بن معين «3» ، وكان يحج، فيذهب إلى مكة على المدينة، ويرجع على غير المدينة، فلما كان آخر حجة حجها، خرج على المدينة، ورجع على المدينة، فأقام بها ثلاثة أيام، ثم خرج حتى نزل المنزل مع رفاقه، فباتوا، فرأى في النوم هاتفا يهتف به: يا أبا زكريا، أترغب عن جواري؟ فلما أصبح، قال لرفاقه: امضوا، فإني راجع إلى