الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا ستة دنانير، فضلت من عطائه، وكان قد كتب في ديوان الساحل، وكانت وفاته يوم الأحد لليلتين بقيتا من صفر، وقيل في ربيع الأول سنة سبع وخمسين ومائة ببيروت، وقبره في قرية على باب بيروت يقال لها: حنتوش «1» ، وأهلها مسلمون، وهو مدفون في قبلة المسجد، وأهل القرية لا يعرفونه، بل يقولون:
ههنا رجل صالح ينزل عليه النور ولا يعرفه إلا الخواص من الناس.
والأوزاعي منسوب إلى أوزاع بطن من ذي كلاع وقيل بطن [من همدان]«2» .
ومنهم
150- سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة أبو عبد الله الثوري الكوفي الفقيه الإمام
«3» سيد الحفاظ، ومرتمى الألفاظ، ومرتمق الألحاظ، ذو المذهب الواضح، الذي لا يضل سالكه، ولا يظلم به إن دجى الليل حالكه، تمذهب به جماعة، وكاد الزمان يعقد عليه إجماعه، والآن هو إنما محي رسمه، وبقي حكمه، هذا وقد فرّقت أوصاله الدود، ومزقت أعضاءه اللحود، وأبلى جدته التراب، وأطال مدّته
الذهاب، لكن هو العلم/ (ص 278) الذي يورث صاحبه الخلود، ويحييه وقد بليت محاسن أوجه وخدود، قال سفيان بن عيينة «1» : ما رأيت رجلا أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري، وقال عبد الله بن المبارك «2» : كتبت عن ألف ومائة شيخ ما فيهم أفضل من سفيان الثوري، ولا أعلم على وجه الأرض أفضل من سفيان. وقال الأوزاعي «3» : لم يبق من تجمع عليه الأمة بالرضا والصحة إلا سفيان، وقال يحيى القطان «4» : سفيان فوق مالك في كل شئ، وقال أبو أسامة «5» : من أخبرك أنه رأى مثل سفيان فلا تصدقه، وقال ابن أبي ذئب «6» : ما رأيت بالعراق أحدا يشبه ثوريّكم، وقال سفيان: العالم طبيب الدّين، والدرهم داء الدّين، فإذا اجترّ الطبيب الداء إليه متى يداوي غيره، وقال القعقاع بن حكم «7» :
كنت عند المهدي «1» وأتى سفيان الثوري، فلما دخل سلّم عليه تسليم العامّة، ولم يسلّم بالخلافة، والربيع «2» قائم على رأسه متكئا على سيفه، يرقب أمره، فأقبل المهدي عليه بوجه طلق، وقال له: يا سفيان تفرّ مناههنا وههنا، وتظن أنا لو أردناك بسوء لم نقدر عليك؟ فقد قدرنا عليك الآن، أفما تخشى أن نحكم فيك بهوانا؟ قال سفيان: إن تحكم فيّ يحكم فيك ملك قادر يفرق بين الحق والباطل. فقال له الربيع: يا أمير المؤمنين ألهذا الجاهل أن يستقبلك بمثل هذا؟
ائذن لي أن أضرب عنقه، فقال له المهدي: اسكت ويلك، وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم؟ اكتبوا عهده على قضاء الكوفة، على أن لا يعترض عليه، فكتب عهده ودفع إليه، فأخذه وخرج فرمى به في دجلة وهرب، فطلب في كل بلد فلم يوجد، ولما امتنع من قضاء الكوفة وتولّاه شريك «3» بن عبد الله النخعي، قال الشاعر/ (ص 279) :[الطويل]
تحرر سفيان وفرّ بدينه
…
وأمسى شريك مرصدا للدراهم
وحكي عن أبي صالح المدائني «4» أنه قال: إني لأحسب سفيان الثوري يوم