الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البحر أمضى من صوارمه، وجلا في ذلك الثغر أضوأ من مباسمه، وأطال الحافظ ابن عساكر «1» في ترجمته التي ذكرها، وقالها على رؤوس العلماء فما فيهم من أنكرها. قال الزهري: العلماء أربعة: سعيد بن المسيب بالمدينة والشعبي بالكوفة والحسن البصري بالبصرة ومكحول «2» بالشام.
ولم يكن في زمنه أبصر منه بالفتيا، وكان لا يفتي حتى يقول:
/ (ص 266) لا حول ولا قوة إلا بالله، هذا رأي، والرأي يخطئ ويصيب، وكان سنديا لا يفصح وفي لسانه عجمة ظاهرة ويبدل بعض الحروف ببعض، وكان مقامه بدمشق، توفي سنة ثلاث عشرة ومائة.
ومنهم
142- عطاء بن أبي رباح
«3» القرشي مولاهم مفتي أهل مكة ومحدثهم، القدوة العلم أبو محمد، لقد عرّف به فضله حيث لا أنساب، وأعطي الزمان منه عطاء بلا حساب، لقد عبقت أرادنه «4» بمسكها، وفتّت كافور الصباح في مسكها «5» ، ووقفت عليه الركائب بمكة لتمام نسكها، لا يردّ عليه إذا أفتى، ولا يعدّ معه أكرم يدا منه ولا أفتى، ولقد كانت بقايا الصحابة تشير إليه بالتعظيم، وتشير منه بالتعليم، وتثير منه
لأهل المطالب كنزا لا يردّ منه عديم، ولد في خلافة عثمان وقيل في خلافة عمر وهو أشبه، وسمع عائشة وأبا هريرة وابن عباس وطائفة، وروى عنه جماعة من الأئمة كابن إسحاق «1» والأوزاعي «2» وأبي حنيفة «3» ، وخلق كثير، وكان أسود مفلفلا فصيحا كثير العلم من مولّدي الجند، قال أبو حنيفة: ما رأيت أفضل من عطاء، وقال ابن جريج «4» : كان في المسجد فراشه عشرين سنة، وكان أحسن الناس صلاة، وقال الأوزاعي: مات عطاء يوم مات وهو أرضى أهل الأرض عند الناس. وقال إسماعيل بن أمية «5» : كان عطاء يطيل الصمت، فإذا تكلم خيّل إلينا أنه يؤيّد «6» ، وقال عبد الله بن عباس «7» : يا أهل مكة تجتمعون إلي وعندكم عطاء، وقدم ابن عمر مكة فسألوه، فقال: تجمعون لي المسائل وفيكم عطاء، وقال جعفر «8» الباقر: ما بقي على وجه الأرض أحد أعلم بمناسك الحج من عطاء.