الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم
140- الحسن بن أبي الحسن يسار البصري أبو سعيد
«1» السيد المذكور، والفرد الموصوف، والندرة في الدهر، والواحد في الزمان، والعديم النظير على كثرة الأقران، ما كشفت البصرة عن مثله سجوف «2» مشارقها، ولا أبصرت شبهه أحداق حدائقها، ولا سقت نظير نضرة أبلّتها «3» . ولا شفيت بمثل رواء أريه غلّتها، ولا جال بين جنبي برها وبحرها أفضل منه بعد السلف الأوّل رجلا، ولا أرجى منه في الخلف الصالح عملا، ولا أسير في الآفاق وأعلق بالأسماع إذا ذكر مثلا.
ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر بالمدينة، ويقال: إنه ولد على الرق، فإن أباه مولى زيد بن ثابت «4» ، ويقال: مولى جميل «5» بن قطبة، وأمه
خيرة «1» مولاة أم سلمة «2» زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت أمه ربما غابت في حاجة فيبكي فتعطيه أم سلمة رضي الله عنها ثديها، تعلّله به إلى/ (ص 264) أن تجيء أمه، فيدرّ ثديها عليه فيشربه، فيرون أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة ذلك، ثم نشأ بوادي القرى وحفظ كتاب الله في خلافة عثمان وسمعه يخطب مرات، وكان يوم الدار «3» ابن أربع عشرة سنة، ثم كبر ولازم الجهاد والعلم والعمل وكان أحد الشجعان الموصوفين، يذكر مع قطري بن الفجاءة «4» ، وصار كاتبا في دولة معاوية لوالي خراسان، الربيع بن زياد «5» . قال ابن سعد: كان عالما رفيعا ثقة مأمونا عابدا ناسكا كثير العلم فصيحا جميلا وسيما، وما أرسله فليس
بحجة. وقال أبو عمرو بن العلاء «1» : ما رأيت أفصح من الحسن البصري ومن الحجاج بن يوسف، وكان عرض زند الحسن شبرا.
ومن كلامه: ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه إلا الموت.
ولما ولي عمر بن هبيرة «2» الفزاري العراق، وأضيفت إليه خراسان في أيام يزيد بن عبد الملك «3» استدعى الحسن البصري ومحمد بن «4» سيرين والشعبي «5» ، وذلك سنة ثلاث ومائة، فقال لهم: إن يزيد خليفة الله استخلفه على عباده، وأخذ عليهم الميثاق بطاعته، وأخذ عهدنا بالسمع والطاعة، وقد ولّاني ما ترون، فقال ابن سيرين والشعبي قولا فيه بقيّة «6» . فقال ابن هبيرة: ما تقول يا حسن؟ فقال: يا ابن هبيرة، خف الله في يزيد ولا تخف يزيد في الله، إن الله يمنعك من يزيد، وإن يزيد لا يمنعك من الله، وأوشك أن يبعث إليك