الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا بالأندلس «1» ، و (بقيت)«2» بقية الغرب على ما هم عليه، ما تحلى لهم عاطل، ولا عرف منهم إنسان إلى المائة الرابعة، فدبّ فيهم ماء الإنسانية. وراقت فيهم بشاشة الأدب، وأضحت تعدّ مع المدن قراها، وتكلّم مع الناس أهلها إلى أيام المرابطين «3» ، ثم الموحدين «4» ، ثم ملوكها الآن من بني مرين «5» ، فإنهم مصّروا مدنها. ومدّنوا قراها، وأجلّوا جليلها، وكثروا قليلها، فصارت لا تقصّر في مضمار، ولا تردّ عن غاية.
[الفلاسفة والحكماء والأطباء ورجال الفلك والعلوم]
وهل في الغرب من الفلاسفة والحكماء مثل الشرق؟ فأما قبل الإسلام فالمرجع إلى حكماء اليونان والهند. ومن اليونان مثل فيثاغورس «6» ،
وأرسطيغوس «1» ، وديوجانس «2» ، وفورون «3»
وأفلاطون «1» ، وأرسطاطاليس «2» ، وسقراط «3» ، ومن الهند مثل
كنكه الهندي «1» ، وطمطم الهندي «2» وصاحب كتاب السند هند في الفلك «3» ، وصاحب كتاب باقر في الموسيقا «4» ، وصاحب كتاب العدد «5» ، وصاحب كتاب كليلة ودمنة وهل مثل هذا الكتاب في إصلاح الأخلاق وتهذيب النفوس؟ «6» وأما من كان في الإسلام فمثل عبد الله بن
المقفع «1» ، ومحمد بن إبراهيم الفزاري «2» ، والحسن بن الأدمي «3» ، وأبي جعفر محمد بن موسى الخوارزمي «4» ، ويحيى بن أبي منصور المنجم «5» ، وخالد بن عبد
الله المروزي، والعباس بن سعيد الجوهري «1» ، وأحمد بن مروان السّرخسي «2» ، ومحمد بن زكريا الرازي، طبيب المسلمين غير مدافع «3» ، وأبي نصر محمد بن نصر الفارابي «4» فيلسوف المسلمين، غير مدافع، ويعقوب بن
طارق «1» ، صاحب كتاب المثالات، وما شاء الله الهندي «2» وأبي محمد بن (ص 9) ذي الدمينة الهمداني «3» ، وعمر بن فرحان الطبري «4» ، وأبي سهل بن نوبخت «5» ، وأبي جعفر بن محمد البلخي منجم المسلمين غير مدافع «6» ، وطراز
الدهر الرئيس أبي علي بن سينا «1» ، والإمام الحجة فخر الدين محمد بن عمر بن خطيب الري الرازي «2» .
هل ولد الغرب أمثالهم، أم حدا في الأنموذج مثالهم؟ إن الدّهر بمثلهم لعقيم، ولا عصبية للعظم الرميم، بل هو منهج الحقّ القويم، ومبهج الصدق المستقيم.
فإن قلت أيها القائل لم خلطت بهؤلاء اليونان، ومدينتهم واقعة في الغرب بلا خلاف؟ قلنا: قد نسلّم إليك أن في الغرب مدينتهم، ومن أرضه طينتهم، ولكن من الشرق أصل مددهم، وحاصل ذات يدهم، فإنهم إنما أخذوا عن حكماء الهند غالب علومهم، وغامض معقولهم، ومنهم أوقدوا مصابيح أفهامهم. قال لي شيخنا الحجة فريد الدّهر، وارث العلم والحكمة، أبو الثناء محمود بن أبي القاسم الأصفهاني «1» - أطال الله بقاءه-: إن أرسطو استأثر بكتب الهند، لما غلب الإسكندر على أرضهم، واستعاد ما فيها، ثم أمر بها فحرقت «2» ، حتى لا تنسب حكمتها إلا إليه، ولا تعرف إلا به. فاعرف من أين الأصل، ولأيّ الأفقين الحكم الفصل. هذا إذا لم يرد عليك من يأتي بنيانك من القواعد، ويقول صحيح إن مدينة اليونان في الغرب، ولكن قد تدبّر الجانب الشرقيّ منهم أناس، وسكن شرقي الخليج القسطنطيني منهم فرق، وقد قرر ابن سعيد المتعصب لكم، والمنتصر لبلادكم أن الخليج القسطنطيني فاصل بين